كيف نوفِّق بين الآيات والأحاديث الناهية عن غضِّ البصر وعن الاختلاط وبين ما ورد أن عائشة كانت تشاهد الحبشة وهم يلعبون وقصة الخثعميَّة سفعاء الخدَّين في قصة الفضل ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف نوفِّق بين الآيات والأحاديث الناهية عن غضِّ البصر وعن الاختلاط وبين ما ورد أن عائشة كانت تشاهد الحبشة وهم يلعبون وقصة الخثعميَّة سفعاء الخدَّين في قصة الفضل ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخ ، جزاك الله خير ، كيف نوفِّق بين الآيات والأحاديث التي تنهى عن غضِّ البصر وبين مشاهدة عائشة - رضي الله عنها - للحبشة وهم يلعبون .

الشيخ : تنهى عن غضِّ البصر ؟ صحِّح لفظك ، تأمر مش تنهى !

السائل : تأمر بغضِّ البصر .

الشيخ : إي .

سائل آخر : السلام عليكم .

الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

الشيخ : نعم .

السائل : وبين السماح للرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها - بمشاهدة رقص الحبشة وبين حديث اللي عندما كان في جمع الصدقات عندما رأى امرأة سفعاء الخدَّين ؛ فكيف نوفِّق بين الآيات التي تأمر بغضِّ البصر وبين .

سائل آخر : السلام عليكم .

الحاضرون : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

الأمر واضح - إن شاء الله - المقصود بغضِّ البصر الذي يُؤمر بغضِّه هو البصر الذي ليس فيه حاجة مشروعة في تمكينه من النظر ، وبعبارة أخرى : إنما أُمِرنا بصرف النظر الذي يُخشى أن يترتَّب منه فتنة ؛ يعني أن تجرَّ النظرة الثانية إلى النظرة الثالثة يترتَّب من وراء ذلك فتنة ، فإذا لاحظنا هذا القيد زال الإشكال وحصل التوفيق ، فلا شك أو ... أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لما سمحَ للسيدة عائشة بأن تنظر إلى الحبشة فهنا لا يرد احتمال افتتان السيدة عائشة بنظرتها الثانية والثالثة وإلى ما شاء الله للحبشة ؛ هذا غير وارد ، فمن هنا جاء السماح .

وكذلك لما الإنسان يقع في قضية مكالمة مع امرأة أجنبية ، وتكون هي مترخِّصة بالكشف عن وجهها ، فهو بلا شك يغضُّ الطرف ، لكن أحيانًا يرفع البصر للمرة الثانية والثالثة وربما أكثر ، فالمهم أن الحديث اللي يقول : ( اصرِفْ بصرَك ) اللي يفسِّر الآية : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ )) ، والحديث يؤكد ذلك بقوله : ( اصرِفْ بصرَك ) ؛ أي : بصرك الذي لا حاجة لك به ويُخشى أن يترتَّب منه فتنة ، أما النظرة التي فيها حاجة فليست داخلة في الأمر القرآني ولا الأمر النبوي .

ومما يؤكد لنا هذ المعنى حديث البخاري أن امرأةً جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مع أصحابه ، وقالت له : إنها تريد أن تهبَ نفسها للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، قال : فنظر الرسول إليها وخفض بصره ورفعه ينظر لهذه المرأة ، ثم صرفَ نظره عنها مما أشعَرَها بأنه لا حاجة له بها ، حتى قام ذاك الرجل قال : يا رسول الله ، أنكِحنيها ؟ فقال له : ( أنكحتُكَها بما معك من القرآن ) ، بعد أن طلب منه مهرًا لها ولو خاتمًا من حديد ؛ لقوله - عليه السلام - : ( التمِسْ ولو خاتمًا من حديد ) . قال : والله يا رسول الله ... فقال - عليه السلام - : ( قد زوَّجتكها بما معك من القرآن ) .

ومن هذا القبيل - أيضًا - الحديث الصحيح المعروف : ( إذا ألقى الله في قلب أحدكم نكاح امرأة فلينظُرْ إليها ؛ فإنه أحرى أن يُؤدَمَ بينكما ) . وبناءً على هذا الحديث وما فيه معناه رُئِي أحد الصحابة وهو يتعقَّب ببصره امرأةً في أجَّار لها . تعرفون الأجَّار عندكم ولَّا مش معروف ؟ السطح المحجَّر من فوق تصعد المرأة - مثلًا - تنشر غسيلها ، هذا التحجير هو الأجَّار ، فرُئِي ذلك الصحابي وهو يتتبَّع ببصره تلك المرأة ، فقال له بعض مَن يراه - لعله من التابعين - قال له : كيف تفعل هذا وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فروى له الحديث أنه في نفسه يتزوَّجها ، والرسول أمره أن ينظر إليها . فإذًا النظرة الممنوعة شيء والنظرة المسموحة شيء آخر ، وبذلك يزول الإشكال إن شاء الله .

السائل : جزاك الله خير .

الشيخ : وإياك .

مواضيع متعلقة