كلام الشيخ عن مفهوم التوحيد .
A-
A=
A+
الشيخ : ... علما أن هذه الدعوة الوهابية ليس فيها إلا الدعوة إلى توحيد الله عز وجل بالمعنى الجامع لكلمة التوحيد، وهذا في الواقع مما يمتاز به النجديون على كل الجماعات والطوائف والفرق الإسلامية في كل بلاد الدنيا، منذ أن جاء محمد بن عبد الوهاب حتى هذه الساعة ذلك، لأنهم يفهمون التوحيد بالمعنى الأعم والأشمل والصحيح، بينما كثير من المسلمين الآخرين، يفهمونه بمعنى ضيق جدا، ذلك أن التوحيد الذي أنزل الله عز وجل به الكتب وبعث به الرسل، يعني أمورا ثلاثة " وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته " الأمر الأول إنما هو توحيد الربوبية، ومعنى ذلك أنه لا رب إلا الله وأن الله هو الذي تفرد بخلق السماوات والأرض كما هو معروف بإجماع كل من يؤمن بالله على اختلاف كل الملل، لكن الفرق بين الدعوة الإسلامية الحقة، والتى جاءت بهذا التوحيد الذي أحيا معناه الصحيح محمد بن عبد الوهاب هنا تختلف الدعوة الإسلامية هذه الحقة، عن اليهودية والنصرانية فهي بالإضافة إلى أنها توجب على كل مسلم أن يعتقد بأنه لا خالق إلا الله فهي توجب عليه في الوقت نفسه أن لا تعبد مع هذا الخالق سواه، ولذلك فعلماء المسلمين متقفون جميعا، أن معنى لا إله إلا الله لا يساوي لا رب إلا الله، وإنما هذه الكلمة الطيبة، لا إله إلا الله تعني معنى أوسع من معنى لا رب إلا الله، ذلك أنها تعني لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى فهذه الكلمة الطيبة، التي هي مفتاح الجنة، كما جاء في بعض الآثار، وبها ينجو المسلم من الخلود في النار، كما تواترت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمعت بين التوحدين، توحيد الربوبية، أي لا خالق مع الله لا رب مع الله سواه ، وتوحيد الألوهية ويعبر عن هذا التوحيد أحيانا بتوحيد العبادة ، أي أن يعبد الله وحده لا شريك له، فإذا فسر مفسر ما هذه الكلمة الطيبة، لا إله إلا الله ، بمعنى لا رب إلا الله، لم يكن موحدا، هذه نقطة الفصل بين المسلمين حقا، وبين الآخرين، المسلم يوحد الله عز وجل في ذاته، ويوحده في عبادته، بينما الآخرون من اليهود والنصارى يوحدونه في ذاته إلا من ضل منهم ضلالا بعيدا، ولكنهم يعبدون معه سواه، لهذا يجب على المسلمين جميعا، أن يعرفوا أولا هذا المعنى الحقيقي لكلمة لا إله إلا الله وأنها لا تعني لا رب إلا الله فقط، وإنما تعني إضافة على ذلك أنه لا معبود مع الله أيضا بحق وكلمة بحق هي احتراز من إنكار أن هناك معبودات، في الأرض قديما وحديثا، تعبد من دون الله تبارك وتعالى ، فلا يجوز أن يقال لا معبود إلا الله، لأن المعبودات كثيرة وكثيرة جدا، لكن إنما يصح التفسير بقيد بحق لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى و إلا قد عبدت اللات والعزى وعبدت الطواغيت، حتى الآن فكيف يستطيع المسلم أن يقول لا معبود إلا الله لا المعبودات موجودات بكثرة، ولكنها بالباطل، والمعبود بحق إنما هو الله تبارك وتعالى ، كذلك بالإضافة إلى هذين النوعين من التوحيدين توحيد الربوبية وتوحيد العبادة أو الألوهية هناك توحيد ثالث به يتم التوحيد وبه تقبل شهادة الموحد لا إله إلا الله، وإلا فهي مردودة عليه، ما هو هذا التوحيد الثالث؟ توحيد الله في صفاته فكما أنه عز وجل واحد في ذاته وواحد في ألوهيته فهو واحد أيضا في صفاته لذلك قال الله تعالى (( يس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ، هذه الدعوة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم وعرفها السلف الصالح والأئمة جميعا، ولكن خلف من بعدهم خلف ليسوا فقط أضاعوا الصلاة، بل وأضاعوا التوحيد لأنهم فهمو هذه الكلمة الطيبة بالمعنى الأول الضيق لا إله إلا الله، لا رب إلا الله ونحن رأينا رسائل في العصر الحاضر، مؤلفة ومطبوعة وفسرت هذه الكلمة الطيبة بهذا التوحيد الوحيد فقط وهو لا إله إلا الله أي لا رب إلا الله ، هذا لا يكفي للمسلم أن يفهم هذه الكلمة الطيبة بهذا المعنى الضيق، لذلك كان من آثار ذلك لما أخلوا جماهير المسلمين وبخاصة عامتهم، لما أخلوا بفهم هذه الكلمة الطيبة، أخلوا عمليا في تطبيقها فهم يعبدون مع الله آلهة أخرى وهم لا يشعرون ، وهذه من أكبر المصائب التي أحلت بالمسلمين، والسبب في ذلك، يعود إلى أمرين اثنين ذكرنا آنفا أحدهما وهو أنهم لم يفهمون من كلمة التوحيد توحيد الله في العبادة، والأمر الآخر أنهم لم يفهموا ما معنى العبادة فإذا قلت لإنسان أنت تعبد مع الله آلهة أخرى قال لك لا أنا لا أعبد إلا الله أنا لا أصلي إلا لله عز وجل ، نقول إلى هنا نحن معك، أنت لا تصلي إلا لله عز وجل ، ولكن ألست تدعوا غير الله عند الشدة، فتقول يا سيدي أحمد يا سيدي بدوي يا سيدي شعيب، يا كذا يا كذا، هذا هو عبادة الله، أو هذا من عبادة الله تبارك وتعالى ، والله عز وجل قد أنزل علينا كتابا كريما، وافتتحه بسورة الفاتحة، وفيها يقول المسلم مخاطبا ربه عز وجل في كل ركعة من صلاته (( إياك نعبد وإياك نستعين )) فأنت تعبد الله وحده لا شريك له، لكنك تستعين بغيره، هذه الاستعانة سواء علينا، سميناها استعانة، وهي تسمية صحيحة أو سميناها استغاثة، وهي أيضا تسمية صحيحة أو سميناها توسلا، وهي تسمية خاطئة، هذه الأسماء تدل على مسمى واحد، بعض هذه الأسماء صحيح كالاستغاثة والاستعانة، وبعضها توسل هذا تسمية الاستعانة بغير الله، والتوسل بغير الله، توسلا من باب قوله عليه السلام في غير هذه المناسبة (( يسمونها بغير اسمها )) فقول القائل يا رسول الله أغثني زعموا أن هذا توسل، لا هذا دعاء لغير الله وهذا استعانة بغير الله، وهذا إشراك بشرك بتوحيد العبودية، لأن الذي ينادي غير الله خاصة في الشدائد فقد عبده من دون الله عز وجل ومن الدليل على ذلك وهو مذكور في القرآن وفي السنة قول الله عز وجل: (( إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم )) تدعون ما قال تعبدون لكن الحقيقة أن هذه الآية تعني تدعون أي تعبدون، فسواء قلت يعبدون غير الله أو يدعون غير الله، فكلا التعبيرين يؤدي إلى حقيقة واحدة وهي أنهم يستعينون بغير الله عز وجل ، وهذا إخلال بتوحيد الألوهية، وليس إخلالا بتوحيد الربوبية ولذلك المشركون قد من لا يعرف هذا التفصيل الذي جاء في الكتاب والسنة، وجرى على ذلك سلف الأمة ، إلى ما قبل قرون قليلة، ثم انحرف الخط على بعض المسلمين، ففهموا لا إله إلا الله بمعنى لا رب إلا الله، وهذا المعنى ما كفر به المشركون بل كانوا يؤمنون به، لكنهم كفروا بهذا المعنى الصحيح، الذي جهله كثير من المسلمين، ألا وهو توحيد الألوهية أو توحيد العبودية أو العبادة، في صريح القرآن (( ولئن سئلتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله )) إذا المشركون يؤمنون بتوحيد الربوبية ، لا يعتقدون بأن هناك كما هو دين المجوس، بأن هناك خالقا للخير وخالقا للشر مثلا، وإنما يعتقدون بأن الخالق هو الله وحده لا شريك له، إذا من أين جاء شركهم، ولماذا قاتلوا نبيهم إذا دعاهم إلى لا إله إلا الله مع ذلك يستكبرون كما قال في القرآن الكريم (( وإذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون )) ، وقالوا (( اجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب )) ، إذا مفهوم لفظة الإله، عند العرب الأولين في الجاهلية غير مفهوم الرب لأنهم كانوا يؤمنون بأنه لا رب إلا الله أي لا خالق ولا مربي ولا رازق إلا الله، أما الإله فهو الذي لا يخضع إلا له تبارك وتعالى وهم كانوا يخضعون لغير الله، من الأوثان والأصنام المعروفة في التاريخ، ولذلك كان من غرائب شرك المشركين، قبيل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا يطوفون حول الكعبة ويقولون في تلبيتهم لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكا تملكه وما ملك، شريك تملكه وما ملك لماذا ؟ لأنهم يعتقدون انه لا خالق مع الله، لكن جعلوا لله شركاء أي يعبدونهم من دون الله تبارك وتعالى ، كما في الآية التي كان في مطلع كلمة الأخ محمد (( والذين إتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى )) فهذه الآية صريحة بأن الهدف الأساسي عند المشركين هو الله ، ومع ذلك فهم يعبدون معه سواه، لكن إذا سئلوا لماذا تعبدون هؤلاء قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فهذه حقيقة مؤسفة جدا أنهم يؤمنون بأن الله واحد لا شريك له، ومع ذلك جعلوا له شركاء في ماذا ؟ جعلوا له شركاء في العبادة، ولذلك يجب أن نتنبه لأمر في ظني أن كثيرا من الناس غفلوا عنه، (( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون )) إيش معنى أندادا ؟ أندادا في الخلق أندادا في الرزق، أندادا في الإحياء و الإماتة لا ، وإنما أندادا في العبادة، وهذا هو كان شرك المشركين في الجاهلية، وهذا بحث طويل والغرض منه التنبيه إلى أن النجديين هؤلاء الذين ينبزون بلقب الوهابية، هذه النسبة كما ذكرنا خطأ وإنما هم أرادوا، أن ينسبوهم إلى محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يأت بشيء جديد مطلقا، وإنما هو من المجددين الذين ذكرهم الرسول عليه الصلاة والسلام ، في الحديث الصحيح (( إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها على رأس كل مئة سنة )) المجددون كما يذكر الإمام السيوطي وغيره، لا ينبغي أن نتصور أن المجدد يكون واحدا في كل عصر، وإنما يمكن أن يكون هناك مجددون في كل عصر، مجددون كثيرون، ولكن لكل منهم اختصاصه في التجديد فمجدد في التوحيد، ومجدد في الحديث، ومجدد في التفسير ومجدد في اللغة، وفي كل شيء يتعلق بإحياء الفرض الكفائي لفهم الإسلام فهما صحيحا، والغرض أن محمد بن عبد الوهاب جدد التوحيد الذي لا تزال آثار الإخلال به مع الأسف الشديد في كل البلاد الإسلامية، إلا هذه البلاد النجدية بفضل دعوة محمد بن عبد الوهاب، ولا أقول بفضل الدعوة الوهابية، علما أن تلك البلاد قبل محمد بن عبد الوهاب كان شأنها شأن البلاد الأخرى وأظن أنه لا يخفى على الحاضرين جميعا، ما يوجد في مصر من مقام الحسين مثلا أو السيدة زينب وما يقع في ذلك، في تلك الأمكنة من الوثنيات والشركيات التي تنافي لا إله إلا الله من الطواف حول القبور، هؤلاء الأولياء والصالحين، من أهل البيت وغيرهم، والاستغاثة بهم وطلب المدد منهم مثل هذا يوجد في هذه البلاد وفي سوريا وفي أكثر البلاد الإسلامية، ما هو السبب ؟ السبب تقصير علماء المسلمين ببيان دعوة التوحيد دعوة الحق التي جاءت في الكتاب والسنة، وماتت هذه الدعوة في كثير البلاد الإسلامية ثم جددها محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فمحمد بن عبد الوهاب ليس له جهد بارز سوى هذه الناحية وكفى له بذلك فضلا، لأن البلاد النجدية كانت كالبلاد المصرية والسورية ونحو ذلك، من حيث انتشار الآثار الوثنية وعبادة القبور والاستغاثة بها من دون الله عز وجل ، أما البلاد حتى الآن وأقول مع الأسف، مع أنه بدأت الحركة الإسلامية الصحيحة في هديك البلاد، تضعف رويدا رويدا، لكن لن تجد هناك يعني وثنية تذكر حتى ولا رفع قبر من على وجه الأرض لا يوجد هذا الشيء إطلاقا، بينما إذا طفت البلاد الإسلامية كلها، فأنت واجد فيها من المخالفات الشرعية الشيء الكثير، أرونا بلدا لا يوجد فيها مسجد فيه قبر، مع شدة تحذير الرسول عليه السلام للمسلمين أن يتخذوا المساجد على القبور كما قال عليه السلام: ( لعنة الله على اليهود والنصارى، أو لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد ) ، والأحاديث في هذا كثيرة أكثر من عشرة أحاديث، ومنها ما يتعلق بالأمة الإسلامية ، قوله عليه السلام: ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون قبور أنبياءهم مساجد ) فعندكم مثلا بالمقام المعروف بسيدي شعيب وهناك مسجد يقصد الصلاة فيه، من أجل ماذا ؟ سيدي شعيب، وعندنا مقام آخر أظنه اسمه يوشع .
سائل آخر : أبو عبيدة .
الشيخ : يوشع غير أبو عبيدة يلي في الأغور إلى آخره، كل هذه المقامات بنيت على قبور مزعومة ، إن كانت هذه القبور حقيقة لمن نسبت إليه من الصحابة أو الأنبياء ، فالأمر أشكل لأنه مخالفة صريحة، لمثل هذه الأحاديث التي تنهى على بناء القبور المساجد على القبور، لماذا هذا النهي و لماذا هذا اللعن الشديد، في سبيل المحافظة على التوحيد، ذلك لأن وجود القبر في المسجد مدعاة إلى أن يدعى من دون الله تبارك وتعالى ، كم وكم من أناس نراهم يقفون خاشعين متبتلين يدعون هم صحيح يدعون الله عز وجل ولكن يتوسلون بهذا الميت ، فمحمد بن عبد الوهاب خلاصة القول بناء على سؤال الأستاد الأخ علي هنا هو مجدد لدعوة التوحيد، وهذا أمر لا يمكن إنكاره أبدا لأنه كما قيل " هذه آثارنا تدل علينا *** فانظروا بعدنا إلى الآثار" .
النجديون كانوا قديما بدو من هالبدو يلي بتعرفوهم في كل الصحاري، وكان ... مما يخل بتوحيد العبودية هذه الأشياء قضي عليه، حتى هذه الساعة لا تجد لها ذكرا، بينما البلاد الأخرى عامرة مع الأسف بهذه الشركيات وبهذه الوثنيات ، تفضل .
سائل آخر : أبو عبيدة .
الشيخ : يوشع غير أبو عبيدة يلي في الأغور إلى آخره، كل هذه المقامات بنيت على قبور مزعومة ، إن كانت هذه القبور حقيقة لمن نسبت إليه من الصحابة أو الأنبياء ، فالأمر أشكل لأنه مخالفة صريحة، لمثل هذه الأحاديث التي تنهى على بناء القبور المساجد على القبور، لماذا هذا النهي و لماذا هذا اللعن الشديد، في سبيل المحافظة على التوحيد، ذلك لأن وجود القبر في المسجد مدعاة إلى أن يدعى من دون الله تبارك وتعالى ، كم وكم من أناس نراهم يقفون خاشعين متبتلين يدعون هم صحيح يدعون الله عز وجل ولكن يتوسلون بهذا الميت ، فمحمد بن عبد الوهاب خلاصة القول بناء على سؤال الأستاد الأخ علي هنا هو مجدد لدعوة التوحيد، وهذا أمر لا يمكن إنكاره أبدا لأنه كما قيل " هذه آثارنا تدل علينا *** فانظروا بعدنا إلى الآثار" .
النجديون كانوا قديما بدو من هالبدو يلي بتعرفوهم في كل الصحاري، وكان ... مما يخل بتوحيد العبودية هذه الأشياء قضي عليه، حتى هذه الساعة لا تجد لها ذكرا، بينما البلاد الأخرى عامرة مع الأسف بهذه الشركيات وبهذه الوثنيات ، تفضل .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 195
- توقيت الفهرسة : 00:25:52
- نسخة مدققة إملائيًّا