هل يجوز لأب يريد بعض الأشخاص أن يخطب منه أن يمنع ذلك لسبب من الأسباب ؟
A-
A=
A+
السائل : هل يجوز لأب يريد أحد الأشخاص أن يخطب منه أن يمنع أو أن تصل للخطبة أو يشغل فيها الفتاة يعني ؟
الشيخ : سؤالك مغمغم ، بدك تذكر السبب .
السائل : يا أستاذ ، شخص يريد خطبة فتاة ؛ هل يجوز لأب هذه الفتاة أن يمنع وصول هذه الخطبة أن يسألها أنُّو في فلان يخطب ؟
الشيخ : كيف لا يجوز ؟
السائل : كيف ؟
الشيخ : كيف لا يجوز ؟
السائل : يعني يجوز ولَّا ما يجوز ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني شخص لنفترض مثال شخص إجا خطب فهو ... .
الشيخ : خطب بنتي أنا .
السائل : نعم ، جيت أنا خطبت بنتك ؛ يعني إذا كان هناك أنُّو الرجل هذا يصلح ولكن فيه أمور أخرى ما بدنا يقول للفتاة الأمر ، بدها تخلص دراسة أو ما أشبه ؟
الشيخ : مين اللي بدو ما يقول ؟ الأب يعني ؟
السائل : الأب نعم .
الشيخ : إيوا .
إذا كان الأب يمتنع لتحقيق مصلحة الفتاة الشرعية الدينية فهذا ليس فقط يجوز ، بل هو واجبٌ عليه ، أما إذا كان الوالد يريد أن لا يحقِّق هذه المصلحة وهي أهلٌ للزواج أوَّلًا ، والخاطب أهلٌ - أيضًا - إلى أن يُزوَّج وليس هناك مانع أو عذر شرعي على الأقل يحول بين الولي ... يحسن التنبيه له بمناسبة هذا السؤال ، وإن كان ربما السَّائل ما يُدندن حوله .
السائل : توضيح .
الشيخ : التوضيح ، وربما يكون هناك في كشف يعني ، وإن كنا نحن لا نؤمن به .
السائل : نعم ، ممكن هذا ؟
الشيخ : آ ؟
السائل : ممكن ؟
الشيخ : ممكن ؛ فكثير من الناس يظنُّون أن وليَّ البنت إذا امتنع لسببٍ ما أنُّو هذا السبب غير شرعي وقد يكون شرعيًّا ، مثلًا أضرب مثلًا منقولًا ؛ سيد البشر - عليه الصلاة والسلام - جاء إليه جاء إليه سيد الأصحاب وهو أبو بكر الصديق يخطب منه ابنته فاطمة ، فأبى ، ماذا نقول في هذا الإباء ؟ في عذر شرعي ولَّا ما فيه عذر شرعي ؟ هذا اللي صاحبه في الغار وفي أضيق الأماكن يخطب منه ابنته فيأبى عليه ، ولكن لكي لا تتحرَّك النفس الأمَّارة بالسوء ولو أنُّو هو أبو بكر الصديق ؛ لأن النفس أمارة بالسوء يذكر - عليه السلام - له السبب فيقول : ( إنها صغيرة ) .
فلو جاءني أنا - مثلًا - رجل كبير السِّنِّ ، لو جاءني شخص يخطب منِّي ابنتي ، ومثل ما بيقولوا البنت عمرها أربعة عشر ، والخاطب عمره أربعين - مثلًا - ، بأقيس الأمر بلاقي ما في تجانس بين هذه الفتاة الغرِّيرة وبين هذا الرجل الفحل ، فأعتذر ، قد يقول : ها ، الشَّيخ خالف الشرع ؛ ليه ؟ لأنُّو ما طبَّق قوله - عليه السلام - : ( إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض ) . نقول : لا ؛ لأن هناك أسباب أخرى يراعيها الشارع الحكيم وهو ربُّ العالمين ، ويبلِّغنا إياها رسولنا الكريم إما قولًا وإما تطبيقًا عمليًّا ، وهذا من التطبيق . قلت : نأتي بمثال منقول ، وهذا هو المثال المنقول : ( إنها صغيرة ) ، تمام الحديث - لأجل إتمام الفائدة - : جاء عمر بعد أبي بكر فخطبها منه فأيضًا ردَّه ، فلما جاء علي وافق - عليه السلام - .
السائل : ... عمر ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : ثاني مرة جاء عمر ؟
الشيخ : ثاني مرة عمر ، إي نعم ، ثم جاء عليٌّ فوافق الرسول - عليه السلام - ، وكما تعلمون ربُّنا بارك في ذرِّيَّتهم وجاء منها الحسن والحسين . لكني أريد أن أقول الآن مثال آخر ، وهذا أقوله اجتهادًا واستنباطًا وتفقُّهًا في الدين ، كثير من إخواننا الطَّيِّبين الحريصين على التمسُّك بالدين يبدو لهم أو يعنُّ في بالهم أن يتزوَّجوا امرأة ثانية ، فأنا أنصحهم أقول : لا تفعلوا ، وإن كنت لا أقول ولا أكون حاشاي كأولئك الذين يحرِّمون التثنية والثالثة والرابعة خلاف النَّصِّ القرآني ، ويقولون : لا يجوز الزوجة الثانية وأكثر إلا للضَّرورة هذا خطأ ، فهذا مخالف لنصوص الكتاب والسنة ، لكني أقول كما يقول بعض العلماء بالنسبة لتزوُّج المسلم بالكتابية ؛ المسلم يجوز له أن يتزوَّجَ بالنصرانية واليهودية بنصِّ القرآن الكريم ، لكن تأتي ظروف فتُوقف هذا الحكم عن التنفيذ كما هو ظرفنا الآن تمامًا ، فأنا أقول : لا يجوز للمسلم اليوم أن يتزوَّج بالنصرانية واليهودية ، ليس هذا صدمًا لقوله - تعالى - : (( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )) لا ، حاشا لله ؛ لكن مراعاةً للمصلحة أو للزَّمن الذي فسد فيه المجتمع الإسلامي ، بينما الآية السابقة الذكر نزلت في خصوص هذا المجتمع الإسلامي الذي إذا انضمَّ إليه ناسٌ غرباء كالنساء الكافرات من النصرانيات واليهوديات كما يقولون اليوم في لغة العصر الحاضر " تبوتقوا " ؛ يعني انماعوا في البيئة الإسلامية حتى لو عاشوا على دينهم بعقيدتهم من حيث السلوك العام الظَّاهر فهم مع الإسلام ، ولعل مَن كان فيكم كبير السِّنِّ مثلي بس ما شاء الله كلكم شباب يذكر أن النصارى بل النصرانيات واليهوديات في بعض البلاد الإسلامية عندنا في سوريا كنا يلبسْنَ الملاية الزّمّ ، اللي اليوم المسلمات .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : مثل المسلمة .
الشيخ : حتى الآن . هذا كيف ؟ هذا تأثروا بالمجتمع الذي كانوا عايشين فيه هو مجتمع إسلامي ، وهم لا يزالون على إيه ؟ دينهم وعقيدتهم ، الآن إذ بدنا نجيب نصرانية أو يهودية لبيتنا بنزيد في الطِّين بلَّة ، وفي الطنبور نغمة ، نحن مسلماتنا نحن ما عم نقدر نمشِّيهم حسب إيش ؟ ديننا وأخلاق شريعتنا ؛ فكيف بنا بالنسبة لغريبات عن ديننا مطلقًا وهنَّ اليهوديات والنصرانيات ؟ لذلك نقول : يخطئ أشدَّ الخطأ من يتزوَّج خاصة في بلاد الغرب مَن ليست مسلمة ؛ لأنه ستترتَّب مشاكل كثيرة ، وهذا يمكن سمعتم بشيء منها ، فنحن نصرف النظر عن التحدُّث عنها .
نرجع إلى المجتمع الإسلامي الآن الذي نعيشه اليوم ؛ المجتمع الإسلامي نساءً ورجالًا فكره مَوبوء ، فكره مَشحون بأفكار غير إسلامية ، منها أنُّو ما بيجوز الواحد يتزوَّج واحدة ثانية ، هذه الأفكار الغربية التي حملتها بعض الأقلام التي تنتمي إلى الإسلام ودسَّتْها في كتب عليها شعارات إسلامية ، انبثَّت هذه الأفكار بهذه الطرق من المؤلفات والإذاعات خاصَّة الإذاعات المصرية ، فصار في هناك وعي عام لكنه خاطئ في المجتمع الإسلامي ؛ أنُّو ما بيجوز للإنسان أنُّو يتزوج إلا لضرورة ، فأصبحت الفتيات حتى المسلمات بسبب البيئة الفاسدة اللي يعيشوها ما في عندهم استعداد أنهم يعيشوا مع ضرَّة ؛ ليه ؟ لأنُّو هي عدوَّة ، خاصَّة بعد شحن هالأفكار بهذه المشحونات ، فلما أنا أنا ؛ وأنا حريص مثل حكايتهم على أني أتمسَّك بالشريعة أنا وأولادي ؛ لما بدي أعطي بنتي لرجل عنده زوجة والله أنا ما أحكم على بنتي أنها ستكون نعمت المرأة والزوج لهذا الزوج وهو عنده زوجة ، وأنا أعرف أنها خلوقة كما يقولون ، وإن كان هذا لغة خطأ ، إنما متمسكة بالأخلاق ، لكن الغيرة هذه فطرة وطبيعة .
ثم عندنا شيء آخر ؛ يا ترى الزوجة الموجودة عند هذا الخاطب يا ترى هي كمان شو راح تكون مع بنتي ؟ فإذًا أنا ما راح أوافق على تزويج بنتي لهذا الرجل اللي بدو يتزوج على زوجته ، وهذا البحث كله كله كله بكرِّر على مسامعكم إذا كان الرجل معذور ، أما إذا كان غير معذور بمعنى هو جبَّار ، وهو يمثل الحديث اللي جاء في " الصحيح " أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تستشيره تقول : يا رسول الله ، إن أبا جهم ومعاوية خَطَبَاني ، هدول الاثنين من أصحاب الرسول تقدموا لخطوبتها ، فهي تستشير الرسول ، تستنصحه بأيِّهما تتزوج ؟ من حكمة الرسول وعقله ما قال لها : تزوَّجي فلانًا ، ولا تزوَّجي فلانًا آخر ، وإنما بيَّن عيب كل واحدٍ منهما بالنسبة لعاطفة النساء وشعورهم ؛ فقال - عليه السلام - : ( أما معاوية فرجلٌ صعلوك ) يعني فقير ، والنساء بريدوا الرجل البارز ، له صيت ، له جاه في المجتمع بأيِّ سبيل وبأيِّ طريق ، و ( أما أبو جهم ) ، وهذا مثال اللي أنا أقوله يمكن هذا الخاطب يكون من نوع هذا الرجل اللي قال فيه الرسول : ( أما أبو جهم فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ) ، يلَّا أتفه الأسباب يضربها لهالمرأة هَيْ ، فإذا كانت المرأة ضجَّت منه وضاقت الأرض عليها بما رحبت ، وصارت ما تطيقه وما تتجاوب معه لا في الخدمة لا في الجنس ولا في شيء فهو بدو يتزوَّج عليها ؛ فإذًا هون المشكلة أكبر ، فعلى هذا لا ينبغي تظنُّن بأنُّو إذا ولي أمر امتنع من أن يُزوِّجَ بنته لسبب من هذه الأسباب ، نحن ضربنا - مثلًا - بأبي بكر خطب فاطمة بدون ما يكون عنده زوجة يومئذٍ - مثلًا - ، فأبى لأنُّو العذر صغر السِّنِّ . هنا نحن الآن أتينا بمثال قضية مو صغر السن ، قضية التعدد ، والمجتمع اليوم الإسلامي ما عنده استعداد ليعيش زوجتان ويهنُّوا هذا الزوج هاللي بدو يعيش بين إيش ؟ زوجتين ، ما فيه أحلى من رجل عنده زوجتين وهنّ كأختين متفاهمتين ، لكن أنتم بتعرفوا أنُّو ما يجوز في الشرع الواحد يتزوج إيش ؟ أختين ؛ ليه ؟ لأن الأختين راح يصيروا ضرتين ، ولما بيصيروا ضرّتين بدو يصيروا عدوّتين ، فبدو يكون فيه قطع الأرحام ، وهذا من حكمة شريعة الإسلام أنها نهت الرجل أن يجمع بين الأختين إلا ما قد سلف .
غيره ؟
سائل آخر : أعلق على السؤال ؟
الشيخ : حاجتك .
سائل آخر : أعلق على السؤال ؟
الشيخ : طيب ؛ تفضل . ما يحملنا سؤالك نعمل درس تاني !
السائل : هل كان - يا أستاذ - في غيرة ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : هل كان في غيرة إذا كانت الغيرة هي أحد الأسباب للمنع هل كانت غيرة عند زوجات الرسول - عليه الصلاة والسلام - ولَّا ما كانت ؟ فإذا كانت عند أمهات المؤمنين فالأمر بيكون هيِّن إذا كان عامة الشعب أو عامة الناس ؟
الشيخ : سؤالك مكانك راوح ، نحن بالطبع نحن مثلك ما ننكر ما ثبت في الشرع ، فغيرة النساء حقيقة ، وإذا شئت كمان بأروي لك قصة حتى تزداد معي إيمانًا بغيرة النساء ؛ أنُّو إحدى زوجات الرسول دخلت إلى بيت السيدة عائشة تحمل صحنًا فيه طعام ، فغارت صارت شقَّتين السيدة عائشة ، ورمت الصحن على الأرض وكسرته ، فكان جواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - جواب الرجل الهادئ ، قال : ( إناء بإناء ، وطعام بطعام ) ، يعني اللي كسر الإناء لازم يعوضه ، واللي كب الطعام لازم يعوضه . يمكن ما بعرف أنت متل حكايتي ولَّا لأ ؟ أنا يمكن ما بأتصور بين ضرَّات الزمان بتصير هالغيرة هَيْ بتعرف ليش ؟ مو لأنُّو ضرَّات آخر الزمان هنّ أحسن من نساء الرسول ، لأنُّو ما في ما يُغار عليه كما يُغار على الرسول [ الجميع يضحك ! ] ، فالمقصود الغيرة أمر طبيعي ، لكن أنت نسيت الذي شرحناه ؛ أنُّو الآن في غيرة زائد فساد تربية ، لا تنسَ هذه الحقيقة ، غيرة زائد فساد تربية ؛ سواءً من الزوجة القديمة أو من الزوجة الجديدة الطارئة أو من كلَيهما معًا ، شايف ؟ لا تنسَ هذه الحقيقة .
نعم .
الشيخ : سؤالك مغمغم ، بدك تذكر السبب .
السائل : يا أستاذ ، شخص يريد خطبة فتاة ؛ هل يجوز لأب هذه الفتاة أن يمنع وصول هذه الخطبة أن يسألها أنُّو في فلان يخطب ؟
الشيخ : كيف لا يجوز ؟
السائل : كيف ؟
الشيخ : كيف لا يجوز ؟
السائل : يعني يجوز ولَّا ما يجوز ؟
الشيخ : كيف ؟
السائل : يعني شخص لنفترض مثال شخص إجا خطب فهو ... .
الشيخ : خطب بنتي أنا .
السائل : نعم ، جيت أنا خطبت بنتك ؛ يعني إذا كان هناك أنُّو الرجل هذا يصلح ولكن فيه أمور أخرى ما بدنا يقول للفتاة الأمر ، بدها تخلص دراسة أو ما أشبه ؟
الشيخ : مين اللي بدو ما يقول ؟ الأب يعني ؟
السائل : الأب نعم .
الشيخ : إيوا .
إذا كان الأب يمتنع لتحقيق مصلحة الفتاة الشرعية الدينية فهذا ليس فقط يجوز ، بل هو واجبٌ عليه ، أما إذا كان الوالد يريد أن لا يحقِّق هذه المصلحة وهي أهلٌ للزواج أوَّلًا ، والخاطب أهلٌ - أيضًا - إلى أن يُزوَّج وليس هناك مانع أو عذر شرعي على الأقل يحول بين الولي ... يحسن التنبيه له بمناسبة هذا السؤال ، وإن كان ربما السَّائل ما يُدندن حوله .
السائل : توضيح .
الشيخ : التوضيح ، وربما يكون هناك في كشف يعني ، وإن كنا نحن لا نؤمن به .
السائل : نعم ، ممكن هذا ؟
الشيخ : آ ؟
السائل : ممكن ؟
الشيخ : ممكن ؛ فكثير من الناس يظنُّون أن وليَّ البنت إذا امتنع لسببٍ ما أنُّو هذا السبب غير شرعي وقد يكون شرعيًّا ، مثلًا أضرب مثلًا منقولًا ؛ سيد البشر - عليه الصلاة والسلام - جاء إليه جاء إليه سيد الأصحاب وهو أبو بكر الصديق يخطب منه ابنته فاطمة ، فأبى ، ماذا نقول في هذا الإباء ؟ في عذر شرعي ولَّا ما فيه عذر شرعي ؟ هذا اللي صاحبه في الغار وفي أضيق الأماكن يخطب منه ابنته فيأبى عليه ، ولكن لكي لا تتحرَّك النفس الأمَّارة بالسوء ولو أنُّو هو أبو بكر الصديق ؛ لأن النفس أمارة بالسوء يذكر - عليه السلام - له السبب فيقول : ( إنها صغيرة ) .
فلو جاءني أنا - مثلًا - رجل كبير السِّنِّ ، لو جاءني شخص يخطب منِّي ابنتي ، ومثل ما بيقولوا البنت عمرها أربعة عشر ، والخاطب عمره أربعين - مثلًا - ، بأقيس الأمر بلاقي ما في تجانس بين هذه الفتاة الغرِّيرة وبين هذا الرجل الفحل ، فأعتذر ، قد يقول : ها ، الشَّيخ خالف الشرع ؛ ليه ؟ لأنُّو ما طبَّق قوله - عليه السلام - : ( إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض ) . نقول : لا ؛ لأن هناك أسباب أخرى يراعيها الشارع الحكيم وهو ربُّ العالمين ، ويبلِّغنا إياها رسولنا الكريم إما قولًا وإما تطبيقًا عمليًّا ، وهذا من التطبيق . قلت : نأتي بمثال منقول ، وهذا هو المثال المنقول : ( إنها صغيرة ) ، تمام الحديث - لأجل إتمام الفائدة - : جاء عمر بعد أبي بكر فخطبها منه فأيضًا ردَّه ، فلما جاء علي وافق - عليه السلام - .
السائل : ... عمر ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : ثاني مرة جاء عمر ؟
الشيخ : ثاني مرة عمر ، إي نعم ، ثم جاء عليٌّ فوافق الرسول - عليه السلام - ، وكما تعلمون ربُّنا بارك في ذرِّيَّتهم وجاء منها الحسن والحسين . لكني أريد أن أقول الآن مثال آخر ، وهذا أقوله اجتهادًا واستنباطًا وتفقُّهًا في الدين ، كثير من إخواننا الطَّيِّبين الحريصين على التمسُّك بالدين يبدو لهم أو يعنُّ في بالهم أن يتزوَّجوا امرأة ثانية ، فأنا أنصحهم أقول : لا تفعلوا ، وإن كنت لا أقول ولا أكون حاشاي كأولئك الذين يحرِّمون التثنية والثالثة والرابعة خلاف النَّصِّ القرآني ، ويقولون : لا يجوز الزوجة الثانية وأكثر إلا للضَّرورة هذا خطأ ، فهذا مخالف لنصوص الكتاب والسنة ، لكني أقول كما يقول بعض العلماء بالنسبة لتزوُّج المسلم بالكتابية ؛ المسلم يجوز له أن يتزوَّجَ بالنصرانية واليهودية بنصِّ القرآن الكريم ، لكن تأتي ظروف فتُوقف هذا الحكم عن التنفيذ كما هو ظرفنا الآن تمامًا ، فأنا أقول : لا يجوز للمسلم اليوم أن يتزوَّج بالنصرانية واليهودية ، ليس هذا صدمًا لقوله - تعالى - : (( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )) لا ، حاشا لله ؛ لكن مراعاةً للمصلحة أو للزَّمن الذي فسد فيه المجتمع الإسلامي ، بينما الآية السابقة الذكر نزلت في خصوص هذا المجتمع الإسلامي الذي إذا انضمَّ إليه ناسٌ غرباء كالنساء الكافرات من النصرانيات واليهوديات كما يقولون اليوم في لغة العصر الحاضر " تبوتقوا " ؛ يعني انماعوا في البيئة الإسلامية حتى لو عاشوا على دينهم بعقيدتهم من حيث السلوك العام الظَّاهر فهم مع الإسلام ، ولعل مَن كان فيكم كبير السِّنِّ مثلي بس ما شاء الله كلكم شباب يذكر أن النصارى بل النصرانيات واليهوديات في بعض البلاد الإسلامية عندنا في سوريا كنا يلبسْنَ الملاية الزّمّ ، اللي اليوم المسلمات .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : مثل المسلمة .
الشيخ : حتى الآن . هذا كيف ؟ هذا تأثروا بالمجتمع الذي كانوا عايشين فيه هو مجتمع إسلامي ، وهم لا يزالون على إيه ؟ دينهم وعقيدتهم ، الآن إذ بدنا نجيب نصرانية أو يهودية لبيتنا بنزيد في الطِّين بلَّة ، وفي الطنبور نغمة ، نحن مسلماتنا نحن ما عم نقدر نمشِّيهم حسب إيش ؟ ديننا وأخلاق شريعتنا ؛ فكيف بنا بالنسبة لغريبات عن ديننا مطلقًا وهنَّ اليهوديات والنصرانيات ؟ لذلك نقول : يخطئ أشدَّ الخطأ من يتزوَّج خاصة في بلاد الغرب مَن ليست مسلمة ؛ لأنه ستترتَّب مشاكل كثيرة ، وهذا يمكن سمعتم بشيء منها ، فنحن نصرف النظر عن التحدُّث عنها .
نرجع إلى المجتمع الإسلامي الآن الذي نعيشه اليوم ؛ المجتمع الإسلامي نساءً ورجالًا فكره مَوبوء ، فكره مَشحون بأفكار غير إسلامية ، منها أنُّو ما بيجوز الواحد يتزوَّج واحدة ثانية ، هذه الأفكار الغربية التي حملتها بعض الأقلام التي تنتمي إلى الإسلام ودسَّتْها في كتب عليها شعارات إسلامية ، انبثَّت هذه الأفكار بهذه الطرق من المؤلفات والإذاعات خاصَّة الإذاعات المصرية ، فصار في هناك وعي عام لكنه خاطئ في المجتمع الإسلامي ؛ أنُّو ما بيجوز للإنسان أنُّو يتزوج إلا لضرورة ، فأصبحت الفتيات حتى المسلمات بسبب البيئة الفاسدة اللي يعيشوها ما في عندهم استعداد أنهم يعيشوا مع ضرَّة ؛ ليه ؟ لأنُّو هي عدوَّة ، خاصَّة بعد شحن هالأفكار بهذه المشحونات ، فلما أنا أنا ؛ وأنا حريص مثل حكايتهم على أني أتمسَّك بالشريعة أنا وأولادي ؛ لما بدي أعطي بنتي لرجل عنده زوجة والله أنا ما أحكم على بنتي أنها ستكون نعمت المرأة والزوج لهذا الزوج وهو عنده زوجة ، وأنا أعرف أنها خلوقة كما يقولون ، وإن كان هذا لغة خطأ ، إنما متمسكة بالأخلاق ، لكن الغيرة هذه فطرة وطبيعة .
ثم عندنا شيء آخر ؛ يا ترى الزوجة الموجودة عند هذا الخاطب يا ترى هي كمان شو راح تكون مع بنتي ؟ فإذًا أنا ما راح أوافق على تزويج بنتي لهذا الرجل اللي بدو يتزوج على زوجته ، وهذا البحث كله كله كله بكرِّر على مسامعكم إذا كان الرجل معذور ، أما إذا كان غير معذور بمعنى هو جبَّار ، وهو يمثل الحديث اللي جاء في " الصحيح " أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تستشيره تقول : يا رسول الله ، إن أبا جهم ومعاوية خَطَبَاني ، هدول الاثنين من أصحاب الرسول تقدموا لخطوبتها ، فهي تستشير الرسول ، تستنصحه بأيِّهما تتزوج ؟ من حكمة الرسول وعقله ما قال لها : تزوَّجي فلانًا ، ولا تزوَّجي فلانًا آخر ، وإنما بيَّن عيب كل واحدٍ منهما بالنسبة لعاطفة النساء وشعورهم ؛ فقال - عليه السلام - : ( أما معاوية فرجلٌ صعلوك ) يعني فقير ، والنساء بريدوا الرجل البارز ، له صيت ، له جاه في المجتمع بأيِّ سبيل وبأيِّ طريق ، و ( أما أبو جهم ) ، وهذا مثال اللي أنا أقوله يمكن هذا الخاطب يكون من نوع هذا الرجل اللي قال فيه الرسول : ( أما أبو جهم فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ) ، يلَّا أتفه الأسباب يضربها لهالمرأة هَيْ ، فإذا كانت المرأة ضجَّت منه وضاقت الأرض عليها بما رحبت ، وصارت ما تطيقه وما تتجاوب معه لا في الخدمة لا في الجنس ولا في شيء فهو بدو يتزوَّج عليها ؛ فإذًا هون المشكلة أكبر ، فعلى هذا لا ينبغي تظنُّن بأنُّو إذا ولي أمر امتنع من أن يُزوِّجَ بنته لسبب من هذه الأسباب ، نحن ضربنا - مثلًا - بأبي بكر خطب فاطمة بدون ما يكون عنده زوجة يومئذٍ - مثلًا - ، فأبى لأنُّو العذر صغر السِّنِّ . هنا نحن الآن أتينا بمثال قضية مو صغر السن ، قضية التعدد ، والمجتمع اليوم الإسلامي ما عنده استعداد ليعيش زوجتان ويهنُّوا هذا الزوج هاللي بدو يعيش بين إيش ؟ زوجتين ، ما فيه أحلى من رجل عنده زوجتين وهنّ كأختين متفاهمتين ، لكن أنتم بتعرفوا أنُّو ما يجوز في الشرع الواحد يتزوج إيش ؟ أختين ؛ ليه ؟ لأن الأختين راح يصيروا ضرتين ، ولما بيصيروا ضرّتين بدو يصيروا عدوّتين ، فبدو يكون فيه قطع الأرحام ، وهذا من حكمة شريعة الإسلام أنها نهت الرجل أن يجمع بين الأختين إلا ما قد سلف .
غيره ؟
سائل آخر : أعلق على السؤال ؟
الشيخ : حاجتك .
سائل آخر : أعلق على السؤال ؟
الشيخ : طيب ؛ تفضل . ما يحملنا سؤالك نعمل درس تاني !
السائل : هل كان - يا أستاذ - في غيرة ؟
الشيخ : نعم ؟
السائل : هل كان في غيرة إذا كانت الغيرة هي أحد الأسباب للمنع هل كانت غيرة عند زوجات الرسول - عليه الصلاة والسلام - ولَّا ما كانت ؟ فإذا كانت عند أمهات المؤمنين فالأمر بيكون هيِّن إذا كان عامة الشعب أو عامة الناس ؟
الشيخ : سؤالك مكانك راوح ، نحن بالطبع نحن مثلك ما ننكر ما ثبت في الشرع ، فغيرة النساء حقيقة ، وإذا شئت كمان بأروي لك قصة حتى تزداد معي إيمانًا بغيرة النساء ؛ أنُّو إحدى زوجات الرسول دخلت إلى بيت السيدة عائشة تحمل صحنًا فيه طعام ، فغارت صارت شقَّتين السيدة عائشة ، ورمت الصحن على الأرض وكسرته ، فكان جواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - جواب الرجل الهادئ ، قال : ( إناء بإناء ، وطعام بطعام ) ، يعني اللي كسر الإناء لازم يعوضه ، واللي كب الطعام لازم يعوضه . يمكن ما بعرف أنت متل حكايتي ولَّا لأ ؟ أنا يمكن ما بأتصور بين ضرَّات الزمان بتصير هالغيرة هَيْ بتعرف ليش ؟ مو لأنُّو ضرَّات آخر الزمان هنّ أحسن من نساء الرسول ، لأنُّو ما في ما يُغار عليه كما يُغار على الرسول [ الجميع يضحك ! ] ، فالمقصود الغيرة أمر طبيعي ، لكن أنت نسيت الذي شرحناه ؛ أنُّو الآن في غيرة زائد فساد تربية ، لا تنسَ هذه الحقيقة ، غيرة زائد فساد تربية ؛ سواءً من الزوجة القديمة أو من الزوجة الجديدة الطارئة أو من كلَيهما معًا ، شايف ؟ لا تنسَ هذه الحقيقة .
نعم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 64
- توقيت الفهرسة : 00:27:01
- نسخة مدققة إملائيًّا