بالنسبة لحديث - معنى لفظ الحديث - : أن المتزوِّج كأنه أكمل نصف دينه ؛ فهل الذي لم يتزوَّج ناقص دينه ؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة لحديث - يعني معنى لفظ الحديث - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من تزوج ) - يعني المتزوج - كأنَّه أكمل نصف دينه ؛ فهل الذي لم يتزوَّج ناقص دينه ؟
الشيخ : الحديث المسؤول عنه هو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من تزوَّج فقد أحرز نصف دينه ؛ فليتَّق الله في النصف الثاني ) ، لا شك أن هذا الحديث لا يُمكن فهمه إلا على أساس استقرار حكم الزواج في ذهن السامع لهذا الحديث ، وفي ظني أن الإشكال الذي يقع في التسليم لحكم هذا الحديث هو أنه قد قام في أذهان أكثر الناس أن الزواج سنة - أي سنة ليست بفريضة - ، والأمر ليس كذلك .
الزواج لمن لم يتزوَّج - أو بمعنى أدق - لمن لم يكن له زوجة فرض عليه ؛ يجب أن يسعى إليه سعيًا حثيثًا لثبوت الأمر بذلك في الكتاب والسنة ، أما الكتاب ؛ فقوله - تبارك وتعالى - في الآية المشهورة : (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )) ، أما السنة ؛ فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح الذي كنتُ ذكرتُه في مناسبة أو مناسبات مضت في قصة الرَّهط الذين جاؤوا إلى نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يسألونهنَّ عن عبادة الرسول - عليه السلام - وعن تمتُّعه بنسائه ؛ فاستغربوا كيف أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يأتي نساءَه ، فخطب الرسول - عليه السلام - تلك الخطبة ، ولا داعي لذكرها مرَّة أخرى ؛ فإنها معروفة - إن شاء الله ! - . والشاهد أنه رد على كلٍّ منهم ما كان نذر نفسه عليه ، أحدهم قال : " أما أنا فلا أتزوَّج النساء " ، فكان ردُّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أما أنا فأتزوَّج النساء ، فمن رغب عن سنَّتي ؛ فليس منِّي ) .
فالزواج فرض وليس بسنة للآية ولهذا الحديث ، ولقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج ؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع ؛ فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) ، يا معشر الشباب تزوَّجوا - يقول الرسول - عليه السلام - - ، ويُبيِّن السبب في ذلك ( فإنه أغضُّ للبصر ، وأحصن للفرج ) .
ومما لا شك فيه أن هناك مقدِّمات للزنا بيَّنها - عليه الصلاة والسلام - في بعض الأحاديث الصحيحة ، فهذا الحديث المذكور آنفًا يُبيِّن أن هذه المقدِّمات ينجو منها من تزوَّج ؛ لأنه سمعتم أنه قال : ( فإنه أغضُّ للبصر ، وأحصن للفرج ) ، أما تلك المقدِّمات فهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مُدرِكُه لا محالة ) ، وهذا الحديث فيه ردٌّ على بعض من قد يغترُّ بنفسه من الشباب حين يقول : أنا أغضُّ البصر ؛ يقول الرسول مكذِّبًا : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ) ، المقدمات هذه لا محالة هو واقع فيها ، أما الفاحشة الكبرى فقد وقد ؛ ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ، والرِّجْل تزني وزناها المشي ، والفرج يُصدِّق ذلك كله أو يكذِّبه ) .
فإذًا الزواج فرض ؛ لأنه يحول بين الإنسان وبين أن يقع في الكثير من المقدِّمات المحرَّمة المذكورة في سياق هذا الحديث ؛ ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني ) - إلى أخر الحديث - ، ( والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذِّبه ) ، ولذلك فيجب على المسلم المستطيع أن يتَّخذ الذريعة والمانعة له من أن يقع في الفاحشة الكبرى وذلك يكون بوسيلتين اثنتين :
الوسيلة الأولى : الزواج لكن هذا مقيَّد بالاستطاعة ؛ لأن الحجَّ - وهو أعظم من الزواج - إنما يُفرض للمستطيع كما هو معلوم ، فالوسيلة الأولى ليحولَ المسلم بينه وبين الوقوع في المعصية إنَّما هو الزواج ، ( فإن لم يستطع ) قال - عليه الصلاة والسلام - : ( فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) .
وهنا لا بد لي من وقفة وأرجو أن تكون قصيرة :
وهي أن بعض الناس قديمًا وحديثًا يُفتون الشباب التائق إلى الزواج ، ولكن لا يجد سبيلًا إليه لسبب أو آخر ، يفتونهم ، بل وبعضهم ألَّف في ذلك أو كتب في بعض المؤلفات ذلك ؛ يُفتونهم بجواز العادة السرية الاستمناء ، وهذا حرام على حرام ؛ كيف ذلك ؟ أولًا خالفوا أمر الرسول - عليه السلام - ، وثانيًا خالفوا الآية الكريمة ، أما أمره قوله - عليه السلام - : ( فمن لم يستطع ؛ فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) ، فالصوم هو الوسيلة بالنسبة للشاب الذي يخشى عليه أن يتغلَّب التَّوقان إلى الزواج فيُرديه ؛ فعليه بالصيام بأمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ يعني أن أمره - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الدواء ، وهو العلاج لكلِّ شاب عنده رغبة في الزواج ، ولكن لا يستطيع كما ذكرنا ؛ فدواءه الصوم ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - شبَّه هذا الصوم بالوجاء ، وهو خصي الحيوان الذي إذا خُصِيَ انقطعت شهوته عن أنثاه ، فشبَّه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الصيام بالوجاء ؛ فمعنى ذلك أن العلاج للتَّائق إلى الزواج من الشباب ليس هو الاستمناء ، وإنما هو الصوم ، ذلك هو من الطب النبوي .
أما المخالفة للقرآن فقد قال - تعالى - في وصف عباده المؤمنين : (( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )) ، (( فمن ابتغى وراء ذلك )) أي : وراء الزواج والتسرِّي طريقًا لإخراج شهوته ، (( فأولئك هم العادون )) أي : الباغون الظالمون ؛ فكيف يجوز لعالم مسلم أن يُقدِّم علاجًا للشباب الذي لا يستطيع الزواج يُقدِّم لهم علاجًا يُخالف علاج الرسول - عليه السلام - ؟ يقول لهم : يجوز الاستمناء باليد !! ولا يأمرهم بالصيام الذي أمر به الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، أليس هذا كالطبيب الذي يعلم أن الحبة السوداء مثلًا شفاء من كل داء ، ويعلم طريقة استعمالها ، فيصف للمريض الخمْرَ المحرَّم ، ويُعرض عن هذا الوصف الذي جاء به - عليه الصلاة والسلام - ؛ لا شك أن هذه الفتاوى إنما هي مع مُخالفتها لهذا النهج النبوي الكريم فهي على وِزان قول ذلك الماجن الشهير أبي نواس الذي كان يقول من حبِّه للخمر والإسكار بها : " وداوني كانت هي الداء " ، لا يجوز هذا في دين الإسلام .
لذلك إذا عرفنا هذا الحقيقة ، وعُدْنا إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - ( من تزوَّج فقد أحرز نصف دينه ؛ فليتَّق الله في النصف الثاني ) ، وكأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يُشير بهذا الحديث إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من يضمن لي ما بين فكَّيه وما بين فخذيه ضمنتُ له الجنة ) ، هذا آخر الجواب .
تفضل .
الشيخ : الحديث المسؤول عنه هو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من تزوَّج فقد أحرز نصف دينه ؛ فليتَّق الله في النصف الثاني ) ، لا شك أن هذا الحديث لا يُمكن فهمه إلا على أساس استقرار حكم الزواج في ذهن السامع لهذا الحديث ، وفي ظني أن الإشكال الذي يقع في التسليم لحكم هذا الحديث هو أنه قد قام في أذهان أكثر الناس أن الزواج سنة - أي سنة ليست بفريضة - ، والأمر ليس كذلك .
الزواج لمن لم يتزوَّج - أو بمعنى أدق - لمن لم يكن له زوجة فرض عليه ؛ يجب أن يسعى إليه سعيًا حثيثًا لثبوت الأمر بذلك في الكتاب والسنة ، أما الكتاب ؛ فقوله - تبارك وتعالى - في الآية المشهورة : (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )) ، أما السنة ؛ فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح الذي كنتُ ذكرتُه في مناسبة أو مناسبات مضت في قصة الرَّهط الذين جاؤوا إلى نساء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يسألونهنَّ عن عبادة الرسول - عليه السلام - وعن تمتُّعه بنسائه ؛ فاستغربوا كيف أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يأتي نساءَه ، فخطب الرسول - عليه السلام - تلك الخطبة ، ولا داعي لذكرها مرَّة أخرى ؛ فإنها معروفة - إن شاء الله ! - . والشاهد أنه رد على كلٍّ منهم ما كان نذر نفسه عليه ، أحدهم قال : " أما أنا فلا أتزوَّج النساء " ، فكان ردُّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أما أنا فأتزوَّج النساء ، فمن رغب عن سنَّتي ؛ فليس منِّي ) .
فالزواج فرض وليس بسنة للآية ولهذا الحديث ، ولقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - ( يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج ؛ فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع ؛ فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) ، يا معشر الشباب تزوَّجوا - يقول الرسول - عليه السلام - - ، ويُبيِّن السبب في ذلك ( فإنه أغضُّ للبصر ، وأحصن للفرج ) .
ومما لا شك فيه أن هناك مقدِّمات للزنا بيَّنها - عليه الصلاة والسلام - في بعض الأحاديث الصحيحة ، فهذا الحديث المذكور آنفًا يُبيِّن أن هذه المقدِّمات ينجو منها من تزوَّج ؛ لأنه سمعتم أنه قال : ( فإنه أغضُّ للبصر ، وأحصن للفرج ) ، أما تلك المقدِّمات فهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مُدرِكُه لا محالة ) ، وهذا الحديث فيه ردٌّ على بعض من قد يغترُّ بنفسه من الشباب حين يقول : أنا أغضُّ البصر ؛ يقول الرسول مكذِّبًا : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ) ، المقدمات هذه لا محالة هو واقع فيها ، أما الفاحشة الكبرى فقد وقد ؛ ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ، والرِّجْل تزني وزناها المشي ، والفرج يُصدِّق ذلك كله أو يكذِّبه ) .
فإذًا الزواج فرض ؛ لأنه يحول بين الإنسان وبين أن يقع في الكثير من المقدِّمات المحرَّمة المذكورة في سياق هذا الحديث ؛ ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني ) - إلى أخر الحديث - ، ( والفرج يصدِّق ذلك كله أو يكذِّبه ) ، ولذلك فيجب على المسلم المستطيع أن يتَّخذ الذريعة والمانعة له من أن يقع في الفاحشة الكبرى وذلك يكون بوسيلتين اثنتين :
الوسيلة الأولى : الزواج لكن هذا مقيَّد بالاستطاعة ؛ لأن الحجَّ - وهو أعظم من الزواج - إنما يُفرض للمستطيع كما هو معلوم ، فالوسيلة الأولى ليحولَ المسلم بينه وبين الوقوع في المعصية إنَّما هو الزواج ، ( فإن لم يستطع ) قال - عليه الصلاة والسلام - : ( فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) .
وهنا لا بد لي من وقفة وأرجو أن تكون قصيرة :
وهي أن بعض الناس قديمًا وحديثًا يُفتون الشباب التائق إلى الزواج ، ولكن لا يجد سبيلًا إليه لسبب أو آخر ، يفتونهم ، بل وبعضهم ألَّف في ذلك أو كتب في بعض المؤلفات ذلك ؛ يُفتونهم بجواز العادة السرية الاستمناء ، وهذا حرام على حرام ؛ كيف ذلك ؟ أولًا خالفوا أمر الرسول - عليه السلام - ، وثانيًا خالفوا الآية الكريمة ، أما أمره قوله - عليه السلام - : ( فمن لم يستطع ؛ فعليه بالصوم ؛ فإنه له وجاء ) ، فالصوم هو الوسيلة بالنسبة للشاب الذي يخشى عليه أن يتغلَّب التَّوقان إلى الزواج فيُرديه ؛ فعليه بالصيام بأمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - ؛ يعني أن أمره - صلى الله عليه وآله وسلم - هو الدواء ، وهو العلاج لكلِّ شاب عنده رغبة في الزواج ، ولكن لا يستطيع كما ذكرنا ؛ فدواءه الصوم ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - شبَّه هذا الصوم بالوجاء ، وهو خصي الحيوان الذي إذا خُصِيَ انقطعت شهوته عن أنثاه ، فشبَّه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الصيام بالوجاء ؛ فمعنى ذلك أن العلاج للتَّائق إلى الزواج من الشباب ليس هو الاستمناء ، وإنما هو الصوم ، ذلك هو من الطب النبوي .
أما المخالفة للقرآن فقد قال - تعالى - في وصف عباده المؤمنين : (( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )) ، (( فمن ابتغى وراء ذلك )) أي : وراء الزواج والتسرِّي طريقًا لإخراج شهوته ، (( فأولئك هم العادون )) أي : الباغون الظالمون ؛ فكيف يجوز لعالم مسلم أن يُقدِّم علاجًا للشباب الذي لا يستطيع الزواج يُقدِّم لهم علاجًا يُخالف علاج الرسول - عليه السلام - ؟ يقول لهم : يجوز الاستمناء باليد !! ولا يأمرهم بالصيام الذي أمر به الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، أليس هذا كالطبيب الذي يعلم أن الحبة السوداء مثلًا شفاء من كل داء ، ويعلم طريقة استعمالها ، فيصف للمريض الخمْرَ المحرَّم ، ويُعرض عن هذا الوصف الذي جاء به - عليه الصلاة والسلام - ؛ لا شك أن هذه الفتاوى إنما هي مع مُخالفتها لهذا النهج النبوي الكريم فهي على وِزان قول ذلك الماجن الشهير أبي نواس الذي كان يقول من حبِّه للخمر والإسكار بها : " وداوني كانت هي الداء " ، لا يجوز هذا في دين الإسلام .
لذلك إذا عرفنا هذا الحقيقة ، وعُدْنا إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - ( من تزوَّج فقد أحرز نصف دينه ؛ فليتَّق الله في النصف الثاني ) ، وكأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يُشير بهذا الحديث إلى قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من يضمن لي ما بين فكَّيه وما بين فخذيه ضمنتُ له الجنة ) ، هذا آخر الجواب .
تفضل .