إذا كان أولاد الأب لهم أموال ، واختار الأب منهم ولدًا دون إخوته ، فأخذ منه أموالًا له ولأمه ؛ مع العلم أن هذا الأخذ سيؤثِّر على نفقة أبناء هذا الولد الذي أخذ منه ؛ فما رأيك ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
إذا كان أولاد الأب لهم أموال ، واختار الأب منهم ولدًا دون إخوته ، فأخذ منه أموالًا له ولأمه ؛ مع العلم أن هذا الأخذ سيؤثِّر على نفقة أبناء هذا الولد الذي أخذ منه ؛ فما رأيك ؟
A-
A=
A+
السائل : لو سمحت ، عودةً للسؤال اللي كان سابقًا الشَّيخ حسين سأله .

إذا كان الأب عنده أبناء عدة كلهم يعيشون حياة الكفاف ، وطلب من شخص بعينه أن يأخذ منه مبلغ حتى يقتات الأب والأم من هذا المبلغ دون الإخوة الآخرين ، وهذا الشخص عنده أبناء وبحاجة إلى تربيتهم ، فإذا كان أعطى المبلغ اللي يكفي الأم والأب بدو ينقص على أولاده ؛ فشو رأيك ؟

الشيخ : هون فيه قضيتين ؛ قضية تتعلق بالوالد ، وقضية تتعلق بالولد = -- ... -- = أما ما يتعلق بالوالد فلماذا يخصُّ ذاك الولد بالأخذ منه دون سائر أولاده ؟ هل يعني أن الولد هذا يعني أيسر وأغنى من الآخرين أم هو وإياهم في السَّعة أو في الضِّيق سواء عند الوالد ؟

السائل : هم سواء ، لكن يرى أنه متديِّن أكثر ، فممكن أن يتحمَّلَه أكثر !

الشيخ : هم سواء ؟

السائل : هم سواء .

الشيخ : طيب ، ممكن يتحمَّله أكثر يعني يتجاوب معه ، والآخرون لا يتجاوبون ؛ حينئذٍ نحن نقول : هذا من حظِّ الولد ، لكن من حظِّ الولد بالنسبة للآخرة وليس للدنيا ، (( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )) ؛ فإذًا بالنسبة للوالد الحكم انتهى ؛ يعني لو كان الوالد يخصُّ أحد الأولاد بالطلب هكذا اعتباطًا يكون ظالمًا ، عكس المسألة السابقة ، حينما يعطي واحدًا ولا يعطي الآخرين ، هنا العكس تمامًا ؛ يأخذ من واحد ولا يأخذ من آخرين ، وهم عنده سواء ؛ سواء في المادة أو في المعنى ، ففي هذه الحالة حينما يكونون عنده سواء فلا يجوز أن يخصَّ أحدهم بالطلب دون الآخرين ، أما إذا كان الوازع والدافع له على تخصيص أحدهم بالطلب هو اعتقاده لدينه وصلاحه وتقواه ، وأنه يتجاوب مع رغبة أبيه ؛ فهذا كما قلت آنفًا هنيئًا لهذا الولد ؛ حيث كان موضع حسن ظنِّ أبيه به .

أما بالنسبة للولد الذي هو عنده عائلة ، وأنه إذا قدَّم لأبيه فهذا الذي يقدِّمه إليه ينقص من الإنفاق على أهله ، هنا لا بد من النظر ؛ هل النقص هو في الكمالي أم في الضروري ؟ فإن كان في الكمالي فعليه أن يُطيع أباه ، وأما إن كان في الضروري فيعتذر لأبيه ، وبالتي هي أحسن ، وليس كما يفعل أكثر الأبناء اليوم مع الآباء ، فالبارحة جاء عندي شاب من إخواننا الملتزمين ، فذكر لي قصة فيها شيء من الطول ، المهم أن الأب غضب ، أو ما نقول غضب عليه ، يعني غضب منه وصاح في وجهه ؛ حتَّى همَّ بضربه ، فشرد من دار أبيه وجاء إليَّ كأنَّه يطلب المدد منِّي على أبيه ، وأنا لا أعرفه بالطبع ، لكن يريد أن يأخذ فتوى ، أنا بعدما سمعته عتبْتُ عليه عتبًا شديدًا بل أنَّبْتُه = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = ، قلت : يعني لو أبوك يضربك تضربه ؟ إن شاء الله يعني إذا أبوك ضربك تضربه ؟!

أنتم اليوم - معشر الأبناء - تعاملون آبائكم النِّدَّ للنِّدِّ ، والقرن للقرن ، معاملة الأخ لأخيه ، أو الصديق لصديقه ؛ إن غاضَبَه غضب عليه ، وإن رضيه رضي فيه ، وهكذا ، وذكَّرته ببعض النصوص منها الآية العظيمة : (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) .

= -- ... ... -- = .

المهم ما زلت أنصح هذا الشاب حتى أجهَشَ بالبكاء ، كأنه - والله أعلم - اعترف بأنه أخطأ مع أبيه حيث خرج من داره غاضبًا وبدون إذنه طبعًا ، فأمرتُه بأن يعودَ إلى أبيه ويعتذر له ما فعل .

غرضي من هذا كله هو أنُّو إذا كان أحد الآباء يطلب من ولده البار به شيئًا من المال ، وهو يرى أنه بحاجة إلى إنفاقه على زوجته وأولاده ؛ فكما قلت : أوَّلًا : إذا كان ما يطلبه منه هو من الكماليَّات بالنسبة للولد ، يعني الولد في عنده وفر ؛ فحينئذٍ لا يتأخر عنه أبدًا ، وإن كان ليس عنده إلا القوت الضَّروري فيعطيه من القوت الضروري ، وتجاوبًا مع طلبه وطلب أبيه ؛ حينئذ يعتذر له . والشاهد هنا يخفض له جناح الذُّلِّ من الرحمة ، ويستعمل الكلام الهيِّن الليِّن ، فإن خضع وتجاوب فالحمد لله ، وإلا فعليه أن يُطيعه خشيةَ أن يقع في إغضابه ؛ لأنُّو نتصور ولو كان من القوت الضروري فليس معنى الضرورة هذه أنُّو لح تصل معه أن يتعرَّض هو وعائلته للضَّرر في الصحة .

هذا جواب ما سألت .

مواضيع متعلقة