تتمة الكلام على حكم بيع التقسيط، والحث على مساعدة الأغنياء للفقراء - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة الكلام على حكم بيع التقسيط، والحث على مساعدة الأغنياء للفقراء
A-
A=
A+
الشيخ : فالرّسول صلّى الله عليه و سلّم يحكم على هذه الزّيادة مقابل الأجل بأنّها ربا فالقول الآن بأنّ العلّة هي الجهالة باطل لأنّ الحديث يجعل العلّة ربويّة و بعضهم يقول بأنّ البيعتين هنا لم تتحقّق فإذن خلصنا من مخالفة الحديث شكلا لكن العلّة و هي العلّة الرّبويّة موجودة لا تزال قائمة و لو في صورة بيعة واحدة هذا من حيث النّص . نأتي الآن من حيث التّفقّه في عموم تعامل المسلمين بعضهم مع بعض , تعامل المسلمين الأغنياء مع الفقراء , تعامل المسلمين الأغنياء مع المتوسّطين حالهم من المسلمين هل هذا التّعامل في أخذ الزّيادة مقابل الصّبر على الأخ المسلم في الوفاء هذا يتجاوب مع الخلق الإسلامي و الأخلاق الإسلاميّة ؟ الجواب لا . المسلم وجد في هذه الحياة هو لعبادة الله عزّ و جلّ كما نعلم جميعا الكفّار أذهانهم و أفكارهم و عقائدهم خاوية على عروشها ليس فيها شيء من هذا المعنى التّعبّدي (( و ما خلقت الجنّ و الإنس إلاّ ليعبدون )) فالمسلم في كلّ منطلقه في حياته فهو يتعبّد إلى الله تبارك و تعالى سواء في إتيانه ما أمره به أو في اجتنابه ما نهاه عنه فالآن هؤلاء التّجّار لقد يسّر الله لهم هذه الوسيلة وسيلة التجارة وكسب المال بطرق مشروعة كانوا يستطيعون أن يكونوا كأولئك الأغنياء الّذين كانوا في عهد الرّسول عليه السّلام و جاء الفقراء يشكون حالهم بالنّسبة لحال أولئك الأغنياء فيقولون: " يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلّون كما نصلّي و يصومون كما نصوم و يحجّون كما نحجّ و يتصدّقون و لا نتصدّق " قال: ( أفلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من قبلكم و لم يدرككم من بعدكم إلاّ من فعل مثلكم؟ ) ففرح الرّسول الفقير لمّا سمع هذه البشارة و هي كما تعلمون 33 عقب الصّلاة فذهب هذا الرّسول الفقير و بشّر الفقراء بما سمع من الرّسول عليه السّلام ثمّ لم يطل الأمد بهم حتّى عاد رسولهم إلى النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم ليقول: " يا رسول الله ما كاد الأغنياء يسمعون بما قلت لنا إلاّ فعلوا مثل فعلنا " فقال عليه الصّلاة و السّلام: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) فضل الله للأغنياء . أنا أقول هؤلاء الأغنياء الّذين يستغلّون حاجة المحتاجين فيزيدون عليهم في الثّمن هذه مناسبة يتعرّض لها الغنيّ ربّما مرّات و مرّات في اليوم يقول الرّسول عليه السّلام حضّا على عدم الزّيادة مقابل الأجل يقول: ( قرض درهمين يساوي صدقة درهم ) رجل أقرض أخاه المسلم درهمين , مائتين , ألفين , كما لو تصدّق من جيبه حيث لا رجعة لهذه اللصّدقة لجيبه مرّة أخرى بنصف ما تصدق به , فهنا في مثالنا السّابق نقدا بمائة و تقسيطا بعشرة زائد عشرة فلو أنّه باعه بمائة تقسيطا فكأنّه تصدّق بخمسين دينارا فتأمّلوا الآن لو أنّ الأغنياء كانوا مسلمين حقّا كم يكونون يعني ممّن يغبطون من أولئك الفقراء الّذين أجابهم الرّسول عليه السّلام بقوله: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) إذن إضافة هذه الزّيادة أوّلا هو أسلوب غربيّ مادّيّ محض لا يعرفه المسلمون من قبل ثانيا فيه تطبيع أغنياء المسلمين على التّكالب على المادّة و عدم التّطوّع بإعانة الأخ المسلم و لو قرضا علما بأنّه يربح نصف ما لو كان يعني أقرض المسلم فيعتبر نصف ما أقرضه صدقة لوجه الله تبارك و تعالى لهذا كلّه نحن نعتقد أنّ التّاجر المسلم لا يجوز أبدا أن يأخذ زيادة مقابل التّقسيط و أنا أعتقد أنّ المسلمين لو سلكوا هذا السّبيل القويم لكان رضاء الله عزّ و جلّ يحفّهم من كلّ جانب وصلنا إلى زمن نستحلّ الرّبا المكشوف , فضلا عن هذا الرّبا الّذي قال بجوازه بعض المسلمين المتقدّمين الأوّلين لأنّهم كما ذكرت لكم آنفا إمّا أنّهم لم يبلغهم الحديث من الأصل أو بلغهم بإسناد لا تقوم به حجّة عندهم فإذا وصل الأمر إلى استحلال الرّبا المكشوف ببعض الفتاوى الّتي تصدر و لا بدّ أنّكم سمعتم الشّيء الكثير منها من مصر فكيف يكون حال المجتمع الإسلامي الّذي أوجد في العصر الحاضر بنوكا عناوينها البنك الإسلامي مصداق قوله عليه السّلام: ( يسمّونها بغير اسمها ) هذا جواب ما سألت أيضا .

السائل : جزاك الله خيرا .

الشيخ : وإياك .

مواضيع متعلقة