الحديث عن البنك الاسلامي . و هل تغيير الأسماء يغير الحكم ؟ و هل تهذيب الألفاظ من مقاصد الشريعة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الحديث عن البنك الاسلامي . و هل تغيير الأسماء يغير الحكم ؟ و هل تهذيب الألفاظ من مقاصد الشريعة ؟
A-
A=
A+
الشيخ : إطلاق الكلام بالنسبة لغير البنك الإسلامي فضلا عن البنك الإسلامي, لأن المعاملات لا تساق مساقا واحدا, ولا يعطى لها حكم واحد, لكن أنا الواقع سئلت مرة هذا السؤال, فأجبت بجواب موجز, فقلت: البنك الإسلامي لما قيل لي: شو رأيك فيه .؟ قلت للسائل: شو رأيك في المجتمع الإسلامي.؟ فسكت, فالبنك الإسلامي نابع من هذا المجتمع, فشوا بدنا نقول عنه ؟!

السائل : ... اخو لي بشتغل في البنك اسلامي ... وهذه ربح حلال ... على الطريقة الاسلامية

الشيخ : صارت هذه مشكلة ..يعني مع الأسف صارت الأسماء لافتات للدعوة, ليس إلا, لما تبحث عن الحقيقة بتلاقي انحرافات سترت باسم الإسلام, وهذا مع الأسف أو ما أقول هذا بالضبط مثله, قد أخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث الثابتة عنه, من ذلك حين قال: ( ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها ) يسمونها بغير اسمها, وكأن هذا الحديث حسب فهمي وفقهي له, يعني لم يقله الرسول عليه السلام على سبيل التحديد, أي أن التسمية فقط تتعلق بالخمر, وإنما صدر هذا الكلام من الرسول عليه السلام على سبيل التمثيل, يعني الاتيان بمثال بما سيقع في هذه الأمة, وإلا فالأشياء التي غيرت أسماؤها, وبقيت حقائقها كما هي كثيرة وكثيرة جدا, فمثلا الملاهي المحرمة تسمى اليوم بالفنون الجميلة, في أجمل من الاسم هذا, فنون جميلة, وهل أحد ينكر من المسلمين فنون جميلة.؟ طبعا لا, لكن دقق النظر تجد هناك من جملة الفنون الجميلة الرقص الإفرنجي, رجال ونساء, هذا من جملة الفنون الجميلة, ثم كما يقال عربية: ما لنا نذهب بكم بعيدا.

سئلت عن البنك الإسلامي وقلنا: والبنوك الأخرى لا يعطى لها حكم مضطرد حسن أو جميل, إنما كل مسألة يعطى لها حكمها, فالآن من الذي يسمي الزيادة الربوية المقطوع بحرمتها اليوم, من الذي يسميها ربا, كلهم يسموها فائدة, فائدة! من بنكر الفائدة.؟ لا أحد, فهذه مثل تلك يسمونها بغير اسمها, لأنه لما بتسميها ربا, والربا لها مفهوم سيئ بأذهان المسلمين, قد تتقزز نفوسهم من هذه التسمية, ربما تنفر من تعاطي هذا الأمر المحرم, لكن برد عنها شويه ولو لفظا واسما, وقول عنها فائدة تهضمها النفس حينذاك.

وهذا في الواقع من أدب الإسلام الرفيع, الذي غفل عنه جماهير الدعاة الإسلاميين فضلا عن غيرهم, أعني بذلك أن الكثير من المسلمين يعرفون أن الإسلام يعنى بإصلاح القلوب, لكن الإسلام أيضا يعنى بشيء آخر, يغفل عن هذا الشيء الآخر أكثر المسلمين اليوم, يعنى بإصلاح الألفاظ وإصلاح المظاهر, وليس فقط كما يقول الكثير من الغافلين: يا أخي العبرة بما في القلب؛ حتى الذي لا يصلي, لماذا يا أخي لا تصلي.؟ يقول لك: العبرة بما في القلب؛ أنا بتعامل مع الناس, لا بغشهم ولا بخونهم ولا ولا, وشوف فلان يصلي ويصوم ويحج, وماذا يفعل .؟ فالإسلام جاء أيضا لإصلاح المظاهر والألفاظ, وهذه النقطة التي غفل عنها كثير من الدعاة كما قلت آنفا, فضلا عن عامة المسلمين, مثلا وهذا من روائع الأحاديث النبوية: ( لا يقولن أحدكم خبثت نفسي, ولكن لقست ) لو فتحت على مادة لقست في كتب اللغة كلها, لوجدت لقست تساوي خبثت, لكن الرسول عليه السلام يقول: ( لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ) لكن ماذا يقول.؟ ( لقست ) إيش الفرق.؟ الفرق في اللفظ بس, تلك خبيثة معروفة خبثها, أما هذه لقست فلطيفة, فكأن الرسول عليه السلام يريد أن يقول للمسلم, إذا أردت أن تتحدث عن نفسك التي شعرت بخبث فيها, فلا تعبر عن شعورك هذا بلفظة الخبث, وإنما عبر بلفظة ترادف معنى الخبث, ولكنها ألطف من لفظ الخبث, فقل: لقست نفسي, يعني نفسي ما هي طيبة, ما هي رضية, إلى آخره, هذا يصل معنا إلى قضايا أهم بكثير مما يتعلق بالشخص المسلم حينما يريد أن يتحدث عن نفسه, فما يقول خبثت نفسي لكن لقست, ينتقل الموضوع إلى الذات الإلهية, وهذا الموضوع طبعا له مراتب ودرجات .

مواضيع متعلقة