إذا أراد شخص أن يأخذ قرضاً من البنك الإسلامي ليقوم ببناء بيت يقوم البنك بشراء المواد على أن يسددها الشخص بمبلغ يزيد ويسمونه ربحاً فما حكم هذه المعاملة .؟
A-
A=
A+
الشيخ : تفضل.
السائل : ما حكم التَّعامل مع البنك الإسلاميِّ بالطَّريقة التي تعرِفونها؟
الشيخ : لا يجوز مثل هذا السُّؤال المطلق والإجابة عليه، وبخاصة أنك قلت: " مثل ما تعرف " فهل أنا أعرف دخائل البنك الإسلامي بتفاصيلها؟ لا! فإذن الصَّواب أن تُحدِّد السُّؤال، ما هي المعاملة التي أنت تسأل عنها، سواء كانت لها علاقة بالبنك الْمُسمَّى بالبنك الإسلامي، أو مسمّىً بالبنك البريطاني، مش مهم الأسماء، المهم المسميات؛ فإذن ما هي المعاملة التي أنت تسأل عنها؟.
السائل : أقصد إذا أراد شخص أن يأخذ قرض من البنك الإسلامي ليقوم ببناء بيت، يقوم البنك بشراء المواد على أن يُسدِّدها الشَّخص بمبلغ يزيد، ويسمُّونه ربحًا، هذا الذي أقصد.
الشيخ : ايه! نعم، بعد أن أوضحت سؤالك؛ فسيتضح لك -بالتالي- جوابي. وهو أنَّ هذه المعاملة لا ينفرِد بها بنك يُسمَّى بالبنك الإسلاميّ؛ حتى البنوك التي لا تتسمَّى بهذا الاسم؛ بل قد تتبرأ منه، قد تتعامل بنفس هذه المعاملة، فسواءً كانت تصدُر من البنك الإسلاميّ أو غيره فهي معاملة ربويَّة، لا يجوز؛ لأنهم: أولاً: يسمُّونها بغير اسمها: قرضًا حسنًا؛ ليس هذا بالقرض الحسن. القرض الحسن أن يشتري لك بضاعة الدَّار بعشرة آلاف دينارٍ -مثلاً-، ويأخذها منك عشرة آلاف دينار. وهنا حقيقة لا بدَّ أن أُذكِّركم بها؛ لكنَّها حقيقة شرعيَّة، وهي حقيقةٌ رائعةٌ جميلةٌ جدًّا؛ إلا أن أكثر النَّاس لا يعلمون. الذي يُقرِض المسلم عشرة آلاف دينار قرضًا حسنًا حقيقةً، ويستلِم منه هذا القرض الحسن بعد حلول الأجَل؛ هو في الحقيقة -وهنا النُّكتة، وأرجو أن تنتبهوا لها- هو يستلم عشرة آلاف زائد خمسة آلاف؛ لكن الخمسة آلاف هذه مضمونة، مضمونة عند ربِّ العالمين مش في البنك. وتوضيح هذا الكلام أنَّه جاء في الأحاديث الصحيحة: ( قرض درهمين مثل صدقة درهم ) . فأنت إذا أقرضَت مسلم مائتي دينار؛ كأنما أخرجت من جيبك صدقة لوجه الله مائة دينار. فإذن هذا الذي أقرضك عشرة آلاف لله، وسلمتها له؛ سُجِّل له عند الله خمسة آلاف قرض حسن فعلاً؛ يعني أجر هذا القرض الحسن، هذا الناس عنه الآن غافلون كل الغفلة، والربح الحقيقي هذا هو الربح. لعلكم تعرفون قصة ذلك الصحابي الذي -أظنُّ- أوقف حديقة له؛ وقال له الرسول عليه السَّلام: ( رَبِحَ الْبَيْعُ، رَبِحَ الْبَيْعُ ) .
السائل : بَيرُحَاء.
الشيخ : بَيرُحَاء؛ أي: الحديقة. ليش قال له: ( رَبِحَ الْبَيْعُ ) ؟ لأنَّه أوقفه لله بدون قرش؛ هذا هو الربح الحقيقي. فالتَّاجر المسلم اليوم صحيح يربح أموالاً طائلةً من الناحية الماديَّة؛ لكنَّه أولاً: يخسر بارتكابه المحرمات، وثانيًا: يخسر بخسارته الأجور التي كانت ستتضاعف له فيما لو أقرض المسلمين قرضًا حسنًا. لو جاء شار يريد أن يشتري سيارة -فمن هو- مثلاً عشرة آلاف نقدًا؛ ولكن بالتَّقسيط عشرة آلاف زائد خمسمائة ألف، على حسب ما يتفقوا على ذلك؛ فلو أنَّه باعها عشرة آلاف بالتَّقسيط؛ ماذا ربح هذا الرجل عند الله؟ خمسة آلاف. بالإضافة هو ربِحَ الرِّبحَ الشَّرعيَّ، رَبحَ النَّقد، ما خَسِرَ، رَبِحَ؛ لكن رَبِحَ ربحًا عظيمًا جدًّا هو الرِّبْح الحقيقيّ الذي جاءت الإشارة إليه في حديث: بَيْرُحَاء؛ حيث قال عليه السلام لمن تصدق به: ( رَبِحَ الْبَيْعُ، رَبِحَ الْبَيْعُ ) . إذن لا يجوز التعامل مع البنك الإسلامي في هذه الصورة.
السائل : عن نفس الموضوع.
الشيخ : نفس الموضوع؟
السائل : نعم.
الشيخ : تفضل.
السائل : لو أنَّ البنك -يعني- استلم- يعني- نفس الحالة المذكورة-، لو أنَّه اشترى هذه المواد وأصبحت ملكا له، ثمَّ أخذ يبيعها بأرباح هل هذا يخرجه من كونه حرام؟ يعني امتلكها، وأصبحت له.
الشيخ : بالتعبير العسكري في بعض الدُّول العربية: " مكانك راوح! " وعبارة أخرى: " دوبذي، دوبذي " أو " دورة ولفتة " ؛ لأنَّه سيأتيك الآن السؤال التوضيحيّ. لو هذا البنك اشترى هذه البضاعة قلنا -مثلاً-: بثمانية آلاف، لو جاءه شخص، وقال له: بعني هذه البضاعة كاش نقدًا، يبيعها بأقل ما عشرة الآف أم لا؟ يبيعها.
السائل : بأكثر طبعًا، إذا امتلكها يريد يبيعها بأكثر.
الشيخ : ما أجبتني! هو اشترها بثمانية آلاف، ويريد أن يبيعها بعشرة آلاف على الطريقة التي ذكرتها أنت.
السائل : بعد أن امتلكها.
الشيخ : امتلكها. نعم، هذه الطريقة التي أنت ذكرتها عنه. يريد يبيعها بالدَّين، بالتَّقسيط.
السائل : لا، أنا لا أقصد بالتَّقسيط، يدفع عادي يعني.
الشيخ : لا، هذا كلام خطأ، هذا سؤال مش وارد! التُّجَّار يشتغلون بهذا، لا ينفرد البنك بهذه المعاملة.
السائل : أنا هذا الذي قصدته يعني، لو أنه انفرد بهذه المعاملة التي ذكرت لك.
الشيخ : يا أخي! الله يرضى عليك، هذا السُّؤال ما في داعي له؛ يعني: أي تاجر يشتري بضاعة ويبيعها بكاش بسعر معين، فله أن يبيع بما يشاء؛ لكن المشكلة أنه إذا جاءه إنسان ما في معه فلوس يريد أن يشتريها بالتَّقسِيط، يأخذ منه زيادة وإلا لا؟
السائل : يأخذ!
الشيخ : طيب، فإذن السُّؤال الذي عم تسأل عنه غير
السائل : غير ... .
الشيخ : غير ذي موضوع، ايه. نعم.
الشيخ : تفضل يا أستاذ!
السائل : في نفس الموضوع.
الشيخ : لا، يكفي هذا، حتى نشوف شو عند الإخوان أسئلة.
السائل : قضية التوفير تبع موظفين الوكالة، يوضع لهم توفير؛ يعني رغم أنوفهم، ويأخذون فوائد عليه من البنوك الأجنبية، فما حكم هذه الفائدة، أخذها؟
الشيخ : ايه! بقى! أنا أرجو أن تتذكر ما قلتُ -آنفًا-: لا تستعملوا كلمة: "الفائدة " استعملوا كلمة: الرِّبا لأنَّ استعمالكم لكملة: "الفائدة" تطغى على الحرمة التي المفروض أن تكون مستقرة في قلوب المسلمين؛ هذه اسمها: " بردغة! " اسمها: " دهان " ؛ ولذلك كونوا: أيقاظًا، ولا تكونوا نيامًا، استعملوا الألفاظ الشرعيَّة، ودعوا الألفاظ الكفريَّة. كلمة: فائدة ترجمة عن كلمة أجنبيَّة، هم ما عندهم شيء اسمه: حرام! ولذلك قال الله -عزَّ وجلَّ- في القرآن الكريم: (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) . الشاهد: قوله -عزَّ وجلَّ- عن أهل الكتاب فضلاً عن من لا كتاب لهم؛ كالشيوعيين، والدهريين وأمثالهم، أهل الكتاب يقول رب العالمين عنهم: (( وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ )) ؛ ولذلك فهم لا يوجد عندهم شيء اسمه: ربا؛ لكن: فائدة! فتأثر المسلمون باستعمالات الغربيين بألفاظهم ومعانيهم وطغت معاملاتهم عليهم؛ فانحرفوا عن دينهم، وأصابهم ما أصاب المسلمين -اليوم- مع الأسف- من الذُّلِّ الْمُجسَّد في فلسطين باليهود. إذن لا تستعملوا لفظة: الفائدة مكان الرِّبا. والجواب: (( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ )) هذا المال اللي اقتطعوه من الموظفين رغم أنوفهم، ثمَّ يعيدون هذا المال المقتطع مع الرِّبا؛ فلك رأس المال، وهذا الرِّبا لا يجوز أن تستفيد أنت به أو غيرك من فرد من أفراد المسلمين؛ وإنَّما يُصرف فيما يُسمِّيه العلماء والفقهاء بالمرافِق العامة؛ يعني في شيء يستفيد منه جماهير النَّاس، لا فرق بين غنيٍّ وفقير، بين صالح وطالح، بين مسلم وكافر، والأمثلة في ذلك كثيرة جدًّا. إن كان مال قليل -مثلاً- فهو سحب ماء في مكان بحاجة إلى ماء، أو تعبيد طريق وعِر لبعض النَّاس خاصة العجزة، و و وإلى آخره. هكذا سبيل المال الحرام، إذا أراد المسلم أن يتخلص منه، فليس له أن يستفيد منه، ولا بقرش واحد؛ وإنما يصرفه في المرافق العامة. تفضل.
السائل : نعلم من الأدلَّة أن الأئمَّة من قريش.
الشيخ : ايه! نعم.
السائل : فهل هذا الأمر يعني وجوب أن يكون الإمام قُرشيًّا، أم يجوز في حالة عدم توفر القرشي أن يكون الإمام غير عربي؛ يعني توفرت فيه شروط الإمامة.
الشيخ : نعم، سؤالك بالأول كان مُحرِجًا؛ ثمَّ استقام على الطَّريقة بعد أن قيَّدته؛ الجواب: كما جاء في السؤال تمامًا؛ لكن مع شيء من التوضيح أو التأكيد أو الدندنة حول هذا الشَّرط الذي تواتر وروده عن النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم؛ ألا وهو قوله: ( الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ ) . فيجب على المسلمين أن يكون هذا الشَّرط ماثلاً دائمًا بين أعينهم، ولا يجوز لهم أن يجعلوه وراءهم ظهريًّا، كما هو شأن بعض المذاهب، وبخاصة منها بعض الفرق الإسلاميَّة التي خالفت السنة المحمديَّة في عشرات المسائل؛ كالخوارج مثلاً، والإباضيَّة؛ حيث ينكرون هذا الشَّرط أن يكون متحقِّقًا في الخليفة الذي ينبغي أن يُختار لإدارة الحكم الإسلاميّ.
كما أنَّه وُجِد حزبٌ من الأحزاب الإسلاميَّة اليوم ممن ينتمون إلى السنة -والحمد لله- تورَّطوا ونفوا -بسبب جهلهم بالسنة- أن يكون هذا شرطًا ثابتًا. فإذا عرفنا هذا، وتأكدنا من ضرورة وجود هذا الشَّرط أمام أعيننا دائمًا؛ حينذاك نقول: كما دلتنا أحكام الشريعة في غير ما حكمٍ؛ مثلاً: الصلاة صلاة الفريضة من قيام؛ فهو ركنٌ من أركان الصَّلاة، فمن صلَّى مستطيعًا قاعدًا للفريضة؛ فصلاته باطلة. لكنه إذا لم يتمكن، وإذا لم يستطع لا يُقال له: استطع! لأنه سيقول: لا أستطيع! وربُّنا يقول: (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) .إذن نقول له: افعل ما تستطيع؛ كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الصَّحيح: ( مَا أَمَرْتُكُمْ من شَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ ) ؛ أي: كلَّه. فيما يتعلَّق بالأوامر فيه تحديد: ( مَا اسْتَطَعْتُمْ ) . فيما يتعلَّق بالنَّواهي ما فيه تحديد، ما هو السَّر؟ يجب أن تعرفوا السِّر أو الحكمة. حتى ما تقولوا: هل هناك سر في الإسلام أو أسرار؟ الجواب: لا. لكن في كثير من الأحيان ما يُعبَّر بكلمة السر عن الحكمة. ما الحكمة في أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال في الأوامر: ( مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وفي النَّواهي أطلق وقال: ( فَاجْتَنِبُوهُ ) ؟ الحكمة في ذلك: أن الأوامر تحتاج إلى عمل، والعمل يتعلَّق بقدرة الإنسان وطاقته، وقدرته وطاقته محدودة؛ ولذلك قال: (( فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) . أمَّا النَّواهي فهي بعيدة عنك، فإذا أردت -لا سمح الله- أن تأتي شيئًا منها، فينبغي أن تفعل؛ فالله عافاك وقال لك: لا تفعل، لا تفعل؛ إذن لا تفعل شيئًا من النواهي إطلاقًا؛ أما الأوامر فما استطعتم منها. إذا عرفنا هذه القاعدة أولاً، والمثال لها ثانيًا؛ وهو ( صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَصَلِّ جَالِسًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) .نعود إلى شروط الخليفة المسلم الرَّاشد؛ فهي كثيرة جدًّا معروفة في كتب الفقه: أولها: أن يكون مُسلمًا؛ فلا يجوز أن يكون غير مُسلمٍ. ثانيًا: أن يكون بالغًا؛ فلا يجوز أن يكون ورِثَ الولاية من أبيه وراثةً، وهو لا يزال يمكن -تقولون أنتم: "في الإنداء" ولا ايش تقولون؟- في السرير يعني .
السائل : آه
الشيخ : هاه؟
السائل : في الكوفلية
الشيخ : كيف؟
السائل : في الكوفلية.
الشيخ : في الكوفلية. لا، إنما يُشترط أن يكون بالغًا. كذلك عدَّ ما شئت من الشُّروط. يأتي أخيرًا: العالم الشجاع المريد إذا عزم يتوكل على الله ولا يبالي والمثال في الخليفة الأول: أبو بكر الصديق؛ حينما عزم على أن يُقاتل أهل الرِّدة. من هذه الشروط: القُرشيَّة. فإذا وجدت هذه الشُّروط التي ذكرناها آنفًا زائد القُرشيَّة؛ لم يجز أن نختار شخصًا آخر توفرت الشُّروط كلها ناقص القُرشيَّة. لا، هذا القرشي هو أولى من ذاك. أما قد نجد رجلين -مثلاً- كلٌّ منهما توفَّرت فيه شروط الخلافة إلاَّ شرطًا واحدًا؛ أحدهما لم يتوفَّر فيه القُرشيَّة، والآخر لم يتوفر فيه العلم؛ ونعني نحن حينما نذكر العلم هو المعرِفة بالكتاب والسنة، ولا نعني بالعلم العلم التقليديّ الذي بيسموه اليوم: "الفقه" ، وهذا يتفقه بمذهب الحنفي، أو الشافعي، والمالكي، الحنبلي. لا، العالم ليس فقط الحاكم الأول أي: الخليفة، أي عالم مسلم يريد أن يُفتي الناس، فلا يجوز له أن يُفتي إلا بما قال الله، وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإن كان ليس كذلك فإذا سُئل يكون حاكيًا. ايش معنى حاكيًا؟ يعني: مُسجِّلة! الحاكي بالزمن القديم، كان فيه صندوق بيسموه: "فوتوغراف" ، أو "فونوغراف" . تعرفوه هذا؟ فيه لوحة هيك.
السائل : صندوق العجب.
الشيخ : نعم.
السائل : صندوق العجب.
الشيخ : صندوق- يضحك- هذا شو تلاقطه؟ مثل: المسجلة يعني، مثل الكمبيوتر، ماذا تلقطه يلتقط، ويعيده إليك. صواب خطأ، جميل قبيح؛ ما مهم. أيضًا، هذا الذي ليس عالمًا بالكتاب والسنة فهذا لا يجوز أن يُفتي النَّاس إذا سُئل: هذا يجوز ولا لا يجوز؟ حرام ولا حلال؟ صحت صلاة ولا بطلت؟ صح النِّكاح ولا بطل؟ لا ما يجوز أن يقول شيء؛ إلا أن يقول: الشيخ الفلاني، المذهب الفلاني يقول كذا. فهو حكواتي يحكي فقط ليس إلاَّ. ولذلك فإذا كان مركز الحاكم الأول أن يدير شئون الدولة كلها ما شخص جائي يسأل ويفتيه، يمكن يفتيه يخرِّب بيته؛ لكنه هذا سيخرِّب الدولة كلها إذا كان جاهِلاً بالكتاب والسُّنة. فإذا فرضنا -إذن- أنَّ رجلين توفرت في كل منهما شروط الخلافة ناقص واحد. أحدهما ينقصه القُرشيَّة، والآخر الفقه في الكتاب والسنة. آثرنا هذا على ذاك؛ لأن هذا أنفع لإدارة شؤون الدولة من ذاك القرشي الجاهل بالكتاب والسنة. وبخاصة، أقول هذا من باب العلم والبيان، وليس لتَبنِّيهِ: إنَّ بعض الفرق الضَّالة، والأحزاب التي تأثرت ببعض آرائهم يعلِّلون قول الرَّسول عليه السَّلام في الحديث السَّابق: ( الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ ) أنَّ قبيلة قريش كان لها منزلة خاصة في العرب، في جميع قبائل العرب، يعني كما نقول: أن هذا خليفة على هذه الأمة؛ فقريش هي خليفة على القبائل العربية، فكان لها صولة ولها دولة، فلا يخضعون لأي حاكم يريد أن يحكمهم إلا أن يكون قرشيًّا. هذا تعليل يقوله بعض الناس؛ مثل: ابن خلدون -مثلاً- في التَّاريخ، في مقدمة تاريخه، وغيره؛ لكن هذا التعليل مرفوض، لماذا؟ لأن هناك أولاً: قوله عليه السَّلام كما في صحيح البخاري: ( لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ ) ، ( لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ ) ؛ ولذلك فالتَّعليل السَّابق، وإن كان له وجاهة في المنطق؛ ولكنه يتعارَض مع منطق الشَّرع.
السائل : ما حكم التَّعامل مع البنك الإسلاميِّ بالطَّريقة التي تعرِفونها؟
الشيخ : لا يجوز مثل هذا السُّؤال المطلق والإجابة عليه، وبخاصة أنك قلت: " مثل ما تعرف " فهل أنا أعرف دخائل البنك الإسلامي بتفاصيلها؟ لا! فإذن الصَّواب أن تُحدِّد السُّؤال، ما هي المعاملة التي أنت تسأل عنها، سواء كانت لها علاقة بالبنك الْمُسمَّى بالبنك الإسلامي، أو مسمّىً بالبنك البريطاني، مش مهم الأسماء، المهم المسميات؛ فإذن ما هي المعاملة التي أنت تسأل عنها؟.
السائل : أقصد إذا أراد شخص أن يأخذ قرض من البنك الإسلامي ليقوم ببناء بيت، يقوم البنك بشراء المواد على أن يُسدِّدها الشَّخص بمبلغ يزيد، ويسمُّونه ربحًا، هذا الذي أقصد.
الشيخ : ايه! نعم، بعد أن أوضحت سؤالك؛ فسيتضح لك -بالتالي- جوابي. وهو أنَّ هذه المعاملة لا ينفرِد بها بنك يُسمَّى بالبنك الإسلاميّ؛ حتى البنوك التي لا تتسمَّى بهذا الاسم؛ بل قد تتبرأ منه، قد تتعامل بنفس هذه المعاملة، فسواءً كانت تصدُر من البنك الإسلاميّ أو غيره فهي معاملة ربويَّة، لا يجوز؛ لأنهم: أولاً: يسمُّونها بغير اسمها: قرضًا حسنًا؛ ليس هذا بالقرض الحسن. القرض الحسن أن يشتري لك بضاعة الدَّار بعشرة آلاف دينارٍ -مثلاً-، ويأخذها منك عشرة آلاف دينار. وهنا حقيقة لا بدَّ أن أُذكِّركم بها؛ لكنَّها حقيقة شرعيَّة، وهي حقيقةٌ رائعةٌ جميلةٌ جدًّا؛ إلا أن أكثر النَّاس لا يعلمون. الذي يُقرِض المسلم عشرة آلاف دينار قرضًا حسنًا حقيقةً، ويستلِم منه هذا القرض الحسن بعد حلول الأجَل؛ هو في الحقيقة -وهنا النُّكتة، وأرجو أن تنتبهوا لها- هو يستلم عشرة آلاف زائد خمسة آلاف؛ لكن الخمسة آلاف هذه مضمونة، مضمونة عند ربِّ العالمين مش في البنك. وتوضيح هذا الكلام أنَّه جاء في الأحاديث الصحيحة: ( قرض درهمين مثل صدقة درهم ) . فأنت إذا أقرضَت مسلم مائتي دينار؛ كأنما أخرجت من جيبك صدقة لوجه الله مائة دينار. فإذن هذا الذي أقرضك عشرة آلاف لله، وسلمتها له؛ سُجِّل له عند الله خمسة آلاف قرض حسن فعلاً؛ يعني أجر هذا القرض الحسن، هذا الناس عنه الآن غافلون كل الغفلة، والربح الحقيقي هذا هو الربح. لعلكم تعرفون قصة ذلك الصحابي الذي -أظنُّ- أوقف حديقة له؛ وقال له الرسول عليه السَّلام: ( رَبِحَ الْبَيْعُ، رَبِحَ الْبَيْعُ ) .
السائل : بَيرُحَاء.
الشيخ : بَيرُحَاء؛ أي: الحديقة. ليش قال له: ( رَبِحَ الْبَيْعُ ) ؟ لأنَّه أوقفه لله بدون قرش؛ هذا هو الربح الحقيقي. فالتَّاجر المسلم اليوم صحيح يربح أموالاً طائلةً من الناحية الماديَّة؛ لكنَّه أولاً: يخسر بارتكابه المحرمات، وثانيًا: يخسر بخسارته الأجور التي كانت ستتضاعف له فيما لو أقرض المسلمين قرضًا حسنًا. لو جاء شار يريد أن يشتري سيارة -فمن هو- مثلاً عشرة آلاف نقدًا؛ ولكن بالتَّقسيط عشرة آلاف زائد خمسمائة ألف، على حسب ما يتفقوا على ذلك؛ فلو أنَّه باعها عشرة آلاف بالتَّقسيط؛ ماذا ربح هذا الرجل عند الله؟ خمسة آلاف. بالإضافة هو ربِحَ الرِّبحَ الشَّرعيَّ، رَبحَ النَّقد، ما خَسِرَ، رَبِحَ؛ لكن رَبِحَ ربحًا عظيمًا جدًّا هو الرِّبْح الحقيقيّ الذي جاءت الإشارة إليه في حديث: بَيْرُحَاء؛ حيث قال عليه السلام لمن تصدق به: ( رَبِحَ الْبَيْعُ، رَبِحَ الْبَيْعُ ) . إذن لا يجوز التعامل مع البنك الإسلامي في هذه الصورة.
السائل : عن نفس الموضوع.
الشيخ : نفس الموضوع؟
السائل : نعم.
الشيخ : تفضل.
السائل : لو أنَّ البنك -يعني- استلم- يعني- نفس الحالة المذكورة-، لو أنَّه اشترى هذه المواد وأصبحت ملكا له، ثمَّ أخذ يبيعها بأرباح هل هذا يخرجه من كونه حرام؟ يعني امتلكها، وأصبحت له.
الشيخ : بالتعبير العسكري في بعض الدُّول العربية: " مكانك راوح! " وعبارة أخرى: " دوبذي، دوبذي " أو " دورة ولفتة " ؛ لأنَّه سيأتيك الآن السؤال التوضيحيّ. لو هذا البنك اشترى هذه البضاعة قلنا -مثلاً-: بثمانية آلاف، لو جاءه شخص، وقال له: بعني هذه البضاعة كاش نقدًا، يبيعها بأقل ما عشرة الآف أم لا؟ يبيعها.
السائل : بأكثر طبعًا، إذا امتلكها يريد يبيعها بأكثر.
الشيخ : ما أجبتني! هو اشترها بثمانية آلاف، ويريد أن يبيعها بعشرة آلاف على الطريقة التي ذكرتها أنت.
السائل : بعد أن امتلكها.
الشيخ : امتلكها. نعم، هذه الطريقة التي أنت ذكرتها عنه. يريد يبيعها بالدَّين، بالتَّقسيط.
السائل : لا، أنا لا أقصد بالتَّقسيط، يدفع عادي يعني.
الشيخ : لا، هذا كلام خطأ، هذا سؤال مش وارد! التُّجَّار يشتغلون بهذا، لا ينفرد البنك بهذه المعاملة.
السائل : أنا هذا الذي قصدته يعني، لو أنه انفرد بهذه المعاملة التي ذكرت لك.
الشيخ : يا أخي! الله يرضى عليك، هذا السُّؤال ما في داعي له؛ يعني: أي تاجر يشتري بضاعة ويبيعها بكاش بسعر معين، فله أن يبيع بما يشاء؛ لكن المشكلة أنه إذا جاءه إنسان ما في معه فلوس يريد أن يشتريها بالتَّقسِيط، يأخذ منه زيادة وإلا لا؟
السائل : يأخذ!
الشيخ : طيب، فإذن السُّؤال الذي عم تسأل عنه غير
السائل : غير ... .
الشيخ : غير ذي موضوع، ايه. نعم.
الشيخ : تفضل يا أستاذ!
السائل : في نفس الموضوع.
الشيخ : لا، يكفي هذا، حتى نشوف شو عند الإخوان أسئلة.
السائل : قضية التوفير تبع موظفين الوكالة، يوضع لهم توفير؛ يعني رغم أنوفهم، ويأخذون فوائد عليه من البنوك الأجنبية، فما حكم هذه الفائدة، أخذها؟
الشيخ : ايه! بقى! أنا أرجو أن تتذكر ما قلتُ -آنفًا-: لا تستعملوا كلمة: "الفائدة " استعملوا كلمة: الرِّبا لأنَّ استعمالكم لكملة: "الفائدة" تطغى على الحرمة التي المفروض أن تكون مستقرة في قلوب المسلمين؛ هذه اسمها: " بردغة! " اسمها: " دهان " ؛ ولذلك كونوا: أيقاظًا، ولا تكونوا نيامًا، استعملوا الألفاظ الشرعيَّة، ودعوا الألفاظ الكفريَّة. كلمة: فائدة ترجمة عن كلمة أجنبيَّة، هم ما عندهم شيء اسمه: حرام! ولذلك قال الله -عزَّ وجلَّ- في القرآن الكريم: (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) . الشاهد: قوله -عزَّ وجلَّ- عن أهل الكتاب فضلاً عن من لا كتاب لهم؛ كالشيوعيين، والدهريين وأمثالهم، أهل الكتاب يقول رب العالمين عنهم: (( وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ )) ؛ ولذلك فهم لا يوجد عندهم شيء اسمه: ربا؛ لكن: فائدة! فتأثر المسلمون باستعمالات الغربيين بألفاظهم ومعانيهم وطغت معاملاتهم عليهم؛ فانحرفوا عن دينهم، وأصابهم ما أصاب المسلمين -اليوم- مع الأسف- من الذُّلِّ الْمُجسَّد في فلسطين باليهود. إذن لا تستعملوا لفظة: الفائدة مكان الرِّبا. والجواب: (( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ )) هذا المال اللي اقتطعوه من الموظفين رغم أنوفهم، ثمَّ يعيدون هذا المال المقتطع مع الرِّبا؛ فلك رأس المال، وهذا الرِّبا لا يجوز أن تستفيد أنت به أو غيرك من فرد من أفراد المسلمين؛ وإنَّما يُصرف فيما يُسمِّيه العلماء والفقهاء بالمرافِق العامة؛ يعني في شيء يستفيد منه جماهير النَّاس، لا فرق بين غنيٍّ وفقير، بين صالح وطالح، بين مسلم وكافر، والأمثلة في ذلك كثيرة جدًّا. إن كان مال قليل -مثلاً- فهو سحب ماء في مكان بحاجة إلى ماء، أو تعبيد طريق وعِر لبعض النَّاس خاصة العجزة، و و وإلى آخره. هكذا سبيل المال الحرام، إذا أراد المسلم أن يتخلص منه، فليس له أن يستفيد منه، ولا بقرش واحد؛ وإنما يصرفه في المرافق العامة. تفضل.
السائل : نعلم من الأدلَّة أن الأئمَّة من قريش.
الشيخ : ايه! نعم.
السائل : فهل هذا الأمر يعني وجوب أن يكون الإمام قُرشيًّا، أم يجوز في حالة عدم توفر القرشي أن يكون الإمام غير عربي؛ يعني توفرت فيه شروط الإمامة.
الشيخ : نعم، سؤالك بالأول كان مُحرِجًا؛ ثمَّ استقام على الطَّريقة بعد أن قيَّدته؛ الجواب: كما جاء في السؤال تمامًا؛ لكن مع شيء من التوضيح أو التأكيد أو الدندنة حول هذا الشَّرط الذي تواتر وروده عن النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم؛ ألا وهو قوله: ( الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ ) . فيجب على المسلمين أن يكون هذا الشَّرط ماثلاً دائمًا بين أعينهم، ولا يجوز لهم أن يجعلوه وراءهم ظهريًّا، كما هو شأن بعض المذاهب، وبخاصة منها بعض الفرق الإسلاميَّة التي خالفت السنة المحمديَّة في عشرات المسائل؛ كالخوارج مثلاً، والإباضيَّة؛ حيث ينكرون هذا الشَّرط أن يكون متحقِّقًا في الخليفة الذي ينبغي أن يُختار لإدارة الحكم الإسلاميّ.
كما أنَّه وُجِد حزبٌ من الأحزاب الإسلاميَّة اليوم ممن ينتمون إلى السنة -والحمد لله- تورَّطوا ونفوا -بسبب جهلهم بالسنة- أن يكون هذا شرطًا ثابتًا. فإذا عرفنا هذا، وتأكدنا من ضرورة وجود هذا الشَّرط أمام أعيننا دائمًا؛ حينذاك نقول: كما دلتنا أحكام الشريعة في غير ما حكمٍ؛ مثلاً: الصلاة صلاة الفريضة من قيام؛ فهو ركنٌ من أركان الصَّلاة، فمن صلَّى مستطيعًا قاعدًا للفريضة؛ فصلاته باطلة. لكنه إذا لم يتمكن، وإذا لم يستطع لا يُقال له: استطع! لأنه سيقول: لا أستطيع! وربُّنا يقول: (( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) .إذن نقول له: افعل ما تستطيع؛ كما قال عليه الصَّلاة والسَّلام في الحديث الصَّحيح: ( مَا أَمَرْتُكُمْ من شَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ ) ؛ أي: كلَّه. فيما يتعلَّق بالأوامر فيه تحديد: ( مَا اسْتَطَعْتُمْ ) . فيما يتعلَّق بالنَّواهي ما فيه تحديد، ما هو السَّر؟ يجب أن تعرفوا السِّر أو الحكمة. حتى ما تقولوا: هل هناك سر في الإسلام أو أسرار؟ الجواب: لا. لكن في كثير من الأحيان ما يُعبَّر بكلمة السر عن الحكمة. ما الحكمة في أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال في الأوامر: ( مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، وفي النَّواهي أطلق وقال: ( فَاجْتَنِبُوهُ ) ؟ الحكمة في ذلك: أن الأوامر تحتاج إلى عمل، والعمل يتعلَّق بقدرة الإنسان وطاقته، وقدرته وطاقته محدودة؛ ولذلك قال: (( فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) . أمَّا النَّواهي فهي بعيدة عنك، فإذا أردت -لا سمح الله- أن تأتي شيئًا منها، فينبغي أن تفعل؛ فالله عافاك وقال لك: لا تفعل، لا تفعل؛ إذن لا تفعل شيئًا من النواهي إطلاقًا؛ أما الأوامر فما استطعتم منها. إذا عرفنا هذه القاعدة أولاً، والمثال لها ثانيًا؛ وهو ( صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَصَلِّ جَالِسًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) .نعود إلى شروط الخليفة المسلم الرَّاشد؛ فهي كثيرة جدًّا معروفة في كتب الفقه: أولها: أن يكون مُسلمًا؛ فلا يجوز أن يكون غير مُسلمٍ. ثانيًا: أن يكون بالغًا؛ فلا يجوز أن يكون ورِثَ الولاية من أبيه وراثةً، وهو لا يزال يمكن -تقولون أنتم: "في الإنداء" ولا ايش تقولون؟- في السرير يعني .
السائل : آه
الشيخ : هاه؟
السائل : في الكوفلية
الشيخ : كيف؟
السائل : في الكوفلية.
الشيخ : في الكوفلية. لا، إنما يُشترط أن يكون بالغًا. كذلك عدَّ ما شئت من الشُّروط. يأتي أخيرًا: العالم الشجاع المريد إذا عزم يتوكل على الله ولا يبالي والمثال في الخليفة الأول: أبو بكر الصديق؛ حينما عزم على أن يُقاتل أهل الرِّدة. من هذه الشروط: القُرشيَّة. فإذا وجدت هذه الشُّروط التي ذكرناها آنفًا زائد القُرشيَّة؛ لم يجز أن نختار شخصًا آخر توفرت الشُّروط كلها ناقص القُرشيَّة. لا، هذا القرشي هو أولى من ذاك. أما قد نجد رجلين -مثلاً- كلٌّ منهما توفَّرت فيه شروط الخلافة إلاَّ شرطًا واحدًا؛ أحدهما لم يتوفَّر فيه القُرشيَّة، والآخر لم يتوفر فيه العلم؛ ونعني نحن حينما نذكر العلم هو المعرِفة بالكتاب والسنة، ولا نعني بالعلم العلم التقليديّ الذي بيسموه اليوم: "الفقه" ، وهذا يتفقه بمذهب الحنفي، أو الشافعي، والمالكي، الحنبلي. لا، العالم ليس فقط الحاكم الأول أي: الخليفة، أي عالم مسلم يريد أن يُفتي الناس، فلا يجوز له أن يُفتي إلا بما قال الله، وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإن كان ليس كذلك فإذا سُئل يكون حاكيًا. ايش معنى حاكيًا؟ يعني: مُسجِّلة! الحاكي بالزمن القديم، كان فيه صندوق بيسموه: "فوتوغراف" ، أو "فونوغراف" . تعرفوه هذا؟ فيه لوحة هيك.
السائل : صندوق العجب.
الشيخ : نعم.
السائل : صندوق العجب.
الشيخ : صندوق- يضحك- هذا شو تلاقطه؟ مثل: المسجلة يعني، مثل الكمبيوتر، ماذا تلقطه يلتقط، ويعيده إليك. صواب خطأ، جميل قبيح؛ ما مهم. أيضًا، هذا الذي ليس عالمًا بالكتاب والسنة فهذا لا يجوز أن يُفتي النَّاس إذا سُئل: هذا يجوز ولا لا يجوز؟ حرام ولا حلال؟ صحت صلاة ولا بطلت؟ صح النِّكاح ولا بطل؟ لا ما يجوز أن يقول شيء؛ إلا أن يقول: الشيخ الفلاني، المذهب الفلاني يقول كذا. فهو حكواتي يحكي فقط ليس إلاَّ. ولذلك فإذا كان مركز الحاكم الأول أن يدير شئون الدولة كلها ما شخص جائي يسأل ويفتيه، يمكن يفتيه يخرِّب بيته؛ لكنه هذا سيخرِّب الدولة كلها إذا كان جاهِلاً بالكتاب والسُّنة. فإذا فرضنا -إذن- أنَّ رجلين توفرت في كل منهما شروط الخلافة ناقص واحد. أحدهما ينقصه القُرشيَّة، والآخر الفقه في الكتاب والسنة. آثرنا هذا على ذاك؛ لأن هذا أنفع لإدارة شؤون الدولة من ذاك القرشي الجاهل بالكتاب والسنة. وبخاصة، أقول هذا من باب العلم والبيان، وليس لتَبنِّيهِ: إنَّ بعض الفرق الضَّالة، والأحزاب التي تأثرت ببعض آرائهم يعلِّلون قول الرَّسول عليه السَّلام في الحديث السَّابق: ( الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ ) أنَّ قبيلة قريش كان لها منزلة خاصة في العرب، في جميع قبائل العرب، يعني كما نقول: أن هذا خليفة على هذه الأمة؛ فقريش هي خليفة على القبائل العربية، فكان لها صولة ولها دولة، فلا يخضعون لأي حاكم يريد أن يحكمهم إلا أن يكون قرشيًّا. هذا تعليل يقوله بعض الناس؛ مثل: ابن خلدون -مثلاً- في التَّاريخ، في مقدمة تاريخه، وغيره؛ لكن هذا التعليل مرفوض، لماذا؟ لأن هناك أولاً: قوله عليه السَّلام كما في صحيح البخاري: ( لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ ) ، ( لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ ) ؛ ولذلك فالتَّعليل السَّابق، وإن كان له وجاهة في المنطق؛ ولكنه يتعارَض مع منطق الشَّرع.
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 333
- توقيت الفهرسة : 00:20:44
- نسخة مدققة إملائيًّا