مالفرق بين المصلحة المرسلة والبدعة .؟ وهل المسيرات والمظاهرات داخلة تحت المصالح المرسلة ؟
A-
A=
A+
عبد المالك : طيب شيخ نريد منكم التفريق بين المصلحة المرسلة والبدعة, على غرار ما وقع عندنا أن أحد طلبة العلم جوّز هذه المسيرات والمظاهرات من باب أنها من المصالح المرسلة فما قولكم؟
الشيخ : نحن تكلمنا كثيرا عن المصالح المرسلة أنها تختلف عن البدعة أحيانا وتلتقي معها أحيانا, أول مفارقة بين المصلحة والبدعة أن المصلحة لا تكون لها علاقة بالتعبديات المحضة , فمن هنا يمكن التمييز الواضح , بين البدعة التي تعمها الضلالة وبين المصلحة التي قد تعمها وقد لا تعمها , هذا أولا,
ثانيا, ليست المصلحة التي هي عن وسيلة حدثت فيظن أنها تحقق مصلحة للمسلمين, فمجرد كون هذه الوسيلة تحقق هذه المصلحة ليس هذا بالذي يسوغ للمسلمين أن يتشبثوا بها أو أن ينهضوا بها , ما رأيت كلاما جامعا مانعا في هذه المسألة كما رأيت من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفي كتابه المعروف "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" فهو يقسم المصلحة تقاسيم معقولة جدا, يقول: أولا, إذا كانت المصلحة التي يراد تحقيقها بوسيلة يريد أن يتمسك بها المسلمون ينبغي النظر في هذه الوسيلة كسبب لتحقيق تلك المصلحة, هل هذا السبب كان موجودا كان قائما في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا؟ فإذا هذه نوعان: سبب كان موجودا وسبب لم يكن موجودا يقول: فإن كان السبب الذي يوصل إلى مصلحة مُدَّعاة, هذا السبب كان قائما في عهد الرسول عليه السلام ثم لم يأخذ به صلى الله عليه وآله وسلم يكون الأخذ به بدعة لماذا؟ لأن المقتضِي للأخذ بهذا السبب كان قائما في عهد الرسول عليه السلام لأنه يحقق مصلحة , من الذي يقدر هذه المصلحة؟, لا شك أن أول من يقدرها هو الذي نزل عليه الوحي وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكون تقديره لها يعني إثباتا أو نفيا هو الصحيح مئة في المئة أما الناس الآخرون فقد وقد, قد يصيبون وقد يخطئون, فإذا تصورنا سببا كان قائما في عهد الرسول عليه السلام وهو يحقق مصلحة منطقية عقلية لكنه ما أخذ بها فما يجوز الأخذ بها ويكون الاخذ بها تشريعا من دون الله تبارك وتعالى ويكون ولا شك بدعةً ضلالة , يمكن أن نضرب على هذا بعض الأمثلة التي تذكر في كتب الفقه وبخاصة كتب البدعة التي تحذر منها: الأذان مثلا لصلاة العيدين , الأذان سبب لإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة, هذه مصلحة لكننا نجد الرسول عليه السلام قد سن للمسلمين الآذان للصلوات الخمس دون بقية الصلوات الأخرى كالعيدين مثلا كصلاة الاستسقاء كصلاة الكسوف والخسوف خاصة في الليل والناس نيام, العقل بيحكم أنو لازم يكون هنا آذان لأنه بيحقق مصلحة شرعية وهو تنبيه الناس من نومهم أيقاظهم لتحقيق قوله عليه السلام: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وتصدقوا ) إذا لتحقيق هذه العبادة التي أمر بها الرسول عليه السلام يقول العقل نتخذ وسيلة الآذان, بل قد يقول وهذا وقع مع الأسف بينما الأول ما وقع إلى اليوم, نتخذ عبارة التي تسمى عند الفقهاء بالتثويب أن يقال: الصلاة الصلاة أيضا هذا لم يكن حتى في العيدين كما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر أنه لم يكن يؤذَّنُ ولا ينادى بشئ لصلاة العيد, إذا فاتخاذ أذان لصلاة مشروعة بدعوى أن هذا الآذان يحقق مصلحة يقال: هذا الآذان بدعة ولو أنه فعلا بحقق مصلحة لماذا؟ لأنو هذا السبب المقتضي للأخذ به كان قائما في عهد الرسول عليه السلام ومع ذلك ما تبناه ولا سنه للناس الآن, الآن نأتي بمثال يتعلق بوضع الدول الإسلامية اليوم إلا من شاء الله, معلوم أن أكثر الدول لا تتبنى نظام جمع الأموال المفروض في الإسلام, جمع الزكوات مثلا المواشي والثمار ونحو ذلك فماذا يفعلون اليوم بشأن إقامة الدولة وكيانها والمحافظة عليها يفرضون ... ؟ ويضربون ضرائب على جماهير الناس, لا شك أن هذه الضرائب التي يفرضونها تحقق مصلحة الأمة مصلحة الدولة فهل يجوز الأخذ بها؟ الجواب نقول لا, لم؟ لأن هناك ما يقوم مقام هذه الوسيلة المحدثة ما هو مشروع في الإسلام, ولذلك نعود إلى القسم الثاني قلنا ان ابن تيمية يقول: إما أن يكون السبب كان قائما في عهد الرسول عليه السلام ولم يسنه للناس فلا يجوز الأخذ به وإما أن يكون حدث المقتضي للأخذ بهذا السبب الموجب للمصلحة حينئذٍ يقول ابن تيمية هنا أيضا ينقسم الأمر إلى قسمين إما أن يكون السبب الذي دفع المسلمين أن يأخذوا به لتحقيق مصلحة ناشئا من تقصيرهم في تطبيق الشريعة كالمثال الذي ذكرته آنفا فحينئذٍ أيضا لا يقبل هذا السبب ولو كان يحقق مصلحة لأنه ناتج من تقصير المسلمين في تطبيق أحكام الدين, أما إذا كان ذلك ليس ناشئا من تقصيرهم وإنما من ظلم بعض الدول أو الحكومات الكافرة مثلا حينئذٍ ينظر في الموضوع وتؤخَذ بالمصلحة المرسلة في حدود دفع ذلك الذي عرض للمسلمين ولم يكونوا هم سببا لذلك, مثلا هذا المثال ذكره الشيخ الشاطبي في كتابه العظيم الاعتصام. مثلا دولة مسلمة هاجمها الكفار وبلا شك أن هذا الهجوم بيتطلب إعداد جيش مسلم لمجابهة عدوان هؤلاء الكفار فنظروا في الخزينة فلم يكن عندهم في تقدير الخبراء ما يكفي لصد اعتداء هؤلاء الكفار حينئذٍ يجب على الحاكم المسلم أن يفرض نِسَبْ معينة من الضرائب على الأغنياء كلٌ بحسبه لدفع صولة هذه الدولة الكافرة المهاجمة لبلاد الإسلام فإذا زال الشر أزيلت هذه الضرائب لأن هذه معالجة وقتية , فهذا هو القول الفصل في اعتقادي الذي يجمع بين جلب المصلحة ودفع المفسدة في تقرير المصلحة المشروعة والتي ليست بمشروعة, هذا ما عندي والله أعلم.
الشيخ : نحن تكلمنا كثيرا عن المصالح المرسلة أنها تختلف عن البدعة أحيانا وتلتقي معها أحيانا, أول مفارقة بين المصلحة والبدعة أن المصلحة لا تكون لها علاقة بالتعبديات المحضة , فمن هنا يمكن التمييز الواضح , بين البدعة التي تعمها الضلالة وبين المصلحة التي قد تعمها وقد لا تعمها , هذا أولا,
ثانيا, ليست المصلحة التي هي عن وسيلة حدثت فيظن أنها تحقق مصلحة للمسلمين, فمجرد كون هذه الوسيلة تحقق هذه المصلحة ليس هذا بالذي يسوغ للمسلمين أن يتشبثوا بها أو أن ينهضوا بها , ما رأيت كلاما جامعا مانعا في هذه المسألة كما رأيت من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفي كتابه المعروف "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" فهو يقسم المصلحة تقاسيم معقولة جدا, يقول: أولا, إذا كانت المصلحة التي يراد تحقيقها بوسيلة يريد أن يتمسك بها المسلمون ينبغي النظر في هذه الوسيلة كسبب لتحقيق تلك المصلحة, هل هذا السبب كان موجودا كان قائما في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا؟ فإذا هذه نوعان: سبب كان موجودا وسبب لم يكن موجودا يقول: فإن كان السبب الذي يوصل إلى مصلحة مُدَّعاة, هذا السبب كان قائما في عهد الرسول عليه السلام ثم لم يأخذ به صلى الله عليه وآله وسلم يكون الأخذ به بدعة لماذا؟ لأن المقتضِي للأخذ بهذا السبب كان قائما في عهد الرسول عليه السلام لأنه يحقق مصلحة , من الذي يقدر هذه المصلحة؟, لا شك أن أول من يقدرها هو الذي نزل عليه الوحي وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكون تقديره لها يعني إثباتا أو نفيا هو الصحيح مئة في المئة أما الناس الآخرون فقد وقد, قد يصيبون وقد يخطئون, فإذا تصورنا سببا كان قائما في عهد الرسول عليه السلام وهو يحقق مصلحة منطقية عقلية لكنه ما أخذ بها فما يجوز الأخذ بها ويكون الاخذ بها تشريعا من دون الله تبارك وتعالى ويكون ولا شك بدعةً ضلالة , يمكن أن نضرب على هذا بعض الأمثلة التي تذكر في كتب الفقه وبخاصة كتب البدعة التي تحذر منها: الأذان مثلا لصلاة العيدين , الأذان سبب لإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة, هذه مصلحة لكننا نجد الرسول عليه السلام قد سن للمسلمين الآذان للصلوات الخمس دون بقية الصلوات الأخرى كالعيدين مثلا كصلاة الاستسقاء كصلاة الكسوف والخسوف خاصة في الليل والناس نيام, العقل بيحكم أنو لازم يكون هنا آذان لأنه بيحقق مصلحة شرعية وهو تنبيه الناس من نومهم أيقاظهم لتحقيق قوله عليه السلام: ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وتصدقوا ) إذا لتحقيق هذه العبادة التي أمر بها الرسول عليه السلام يقول العقل نتخذ وسيلة الآذان, بل قد يقول وهذا وقع مع الأسف بينما الأول ما وقع إلى اليوم, نتخذ عبارة التي تسمى عند الفقهاء بالتثويب أن يقال: الصلاة الصلاة أيضا هذا لم يكن حتى في العيدين كما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر أنه لم يكن يؤذَّنُ ولا ينادى بشئ لصلاة العيد, إذا فاتخاذ أذان لصلاة مشروعة بدعوى أن هذا الآذان يحقق مصلحة يقال: هذا الآذان بدعة ولو أنه فعلا بحقق مصلحة لماذا؟ لأنو هذا السبب المقتضي للأخذ به كان قائما في عهد الرسول عليه السلام ومع ذلك ما تبناه ولا سنه للناس الآن, الآن نأتي بمثال يتعلق بوضع الدول الإسلامية اليوم إلا من شاء الله, معلوم أن أكثر الدول لا تتبنى نظام جمع الأموال المفروض في الإسلام, جمع الزكوات مثلا المواشي والثمار ونحو ذلك فماذا يفعلون اليوم بشأن إقامة الدولة وكيانها والمحافظة عليها يفرضون ... ؟ ويضربون ضرائب على جماهير الناس, لا شك أن هذه الضرائب التي يفرضونها تحقق مصلحة الأمة مصلحة الدولة فهل يجوز الأخذ بها؟ الجواب نقول لا, لم؟ لأن هناك ما يقوم مقام هذه الوسيلة المحدثة ما هو مشروع في الإسلام, ولذلك نعود إلى القسم الثاني قلنا ان ابن تيمية يقول: إما أن يكون السبب كان قائما في عهد الرسول عليه السلام ولم يسنه للناس فلا يجوز الأخذ به وإما أن يكون حدث المقتضي للأخذ بهذا السبب الموجب للمصلحة حينئذٍ يقول ابن تيمية هنا أيضا ينقسم الأمر إلى قسمين إما أن يكون السبب الذي دفع المسلمين أن يأخذوا به لتحقيق مصلحة ناشئا من تقصيرهم في تطبيق الشريعة كالمثال الذي ذكرته آنفا فحينئذٍ أيضا لا يقبل هذا السبب ولو كان يحقق مصلحة لأنه ناتج من تقصير المسلمين في تطبيق أحكام الدين, أما إذا كان ذلك ليس ناشئا من تقصيرهم وإنما من ظلم بعض الدول أو الحكومات الكافرة مثلا حينئذٍ ينظر في الموضوع وتؤخَذ بالمصلحة المرسلة في حدود دفع ذلك الذي عرض للمسلمين ولم يكونوا هم سببا لذلك, مثلا هذا المثال ذكره الشيخ الشاطبي في كتابه العظيم الاعتصام. مثلا دولة مسلمة هاجمها الكفار وبلا شك أن هذا الهجوم بيتطلب إعداد جيش مسلم لمجابهة عدوان هؤلاء الكفار فنظروا في الخزينة فلم يكن عندهم في تقدير الخبراء ما يكفي لصد اعتداء هؤلاء الكفار حينئذٍ يجب على الحاكم المسلم أن يفرض نِسَبْ معينة من الضرائب على الأغنياء كلٌ بحسبه لدفع صولة هذه الدولة الكافرة المهاجمة لبلاد الإسلام فإذا زال الشر أزيلت هذه الضرائب لأن هذه معالجة وقتية , فهذا هو القول الفصل في اعتقادي الذي يجمع بين جلب المصلحة ودفع المفسدة في تقرير المصلحة المشروعة والتي ليست بمشروعة, هذا ما عندي والله أعلم.
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 511
- توقيت الفهرسة : 00:12:47
- نسخة مدققة إملائيًّا