سئل عن موقف الشيخ في غزو العراق للكويت والتدخل الأمريكي.؟
A-
A=
A+
السائل : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وآله وصحبه أجميعن أما بعد : هناك بعض الأسئلة تتقدم إليكم راجين من الله تعالى أن توفقوا في الإجابة السؤال الأول ما هو تعليقك فضيلتكم وموقفكم من الغزو العراقي للكويت وتدخل القوات الأمريكية أيضا في الخليج العربي ؟
الشيخ : السؤال الشطر الثاني منه ليس دقيقا والقصد مفهوم وحسب المعنى المقصود قلبا وليس الملفوظ لفظا نجيبه , واضح ؟
السائل : واضح .
الشيخ : طيب ، أما اعتداء العراق على الكويت فلا شك أنه بغي وظلم لا يجوز شرعا بأي وجه من الوجوه مهما كانت المسوغات أو كما يقولون اليوم المبررات لمثل هذا الاعتداء ومعلوم لدى كافة المسلمين قول رب العالمين في القرآن الكريم: (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) و مما يؤسف له أنه لا يوجد اليوم دولة مسلمة تقوم بتطبيق الأحكام الشرعية مائة في المائة لا شك أن بعض الشرّ أهون من بعض لكن بحثنا أنه لا يوجد مع الأسف دولة تطبّق الأحكام الشرعية مائة في المائة ولو كانت موجودة اليوم فليست تلك الدولة التي تستطيع أن تنفذ هذا الحكم القرآني (( فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) ، كان المفروض أنّ الدولة التي هي يرجى أن تطبّق هذا الحكم الشرعي من الناحية الشرعية أو من ناحية تمسّك الدولة بتنفيذ الأحكام الشرعية كان المفروض أن تكون هي الدولة السّعودية لأنها خير الدول الإسلامية من حيث تطبيقها وتنفيذها لكثير من الأحكام الشرعية كان هذا هو المظنون فيها لكن الجانب الآخر الذي أشرت إليه في مطلع كلمتي هذه وهي أن تكون في موضع القوة التي تستطيع إذا ما أرادت أن تنفذ الحكم الشرعي المنصوص في الآية فتستطيع أن تقاتل الطائفة الباغية فإن كانت هي تستطيع من حيث أنها تنفّذ الأحكام الشرعية إلى حدّ بعيد كما أشرت آنفا في بلادها فهي مع الأسف الشديد لا تستطيع أن تنفذ هذا الحكم الشرعيّ على غيرها ولذلك مع الأسف الشّديد في الوقت الّذي لم تستطع أن تنفذ هذا الحكم الشرعي هي من جهتها خشيت أن يصيبها ما أصاب جارتها وهي بينها و بين المعتدي عليها حدودا و في المثل السوري العامي" إذا حلق جارك بلّ أنت " ولذلك مع الأسف الشديد الدولة السعودية في الوقت الذي لم تكن في موطن القوة من حيث أنها تحاول الإصلاح بين الطائفتين المؤمنتين المتقاتلتين فهي لو أرادت أن توقف الباغي عند حدّه ما تملك القوة لتنفيذ هذا الحكم الشرعي وأكبر دليل على ذلك أنها لما خشيت أن يصل عدوى اعتداء العراق على الكويت إلى السعودية لم تقتصر على الاستعانة بالدّول العربية وإنما استعانت بالدول الصليبية الكافرة وبعد هذا الكلام الذي هو جواب للشّطر الأول من سؤالك يأتي الآن الجواب عن الشطر الثّاني من سؤالك الذي تقصده بقلبك وليس بلفظك لأنه ليس المهمّ دخول الكفار هؤلاء كما دخل اليهود لأنه معروف هذا الحكم أنه لا يجوز شرعا ولذلك قلت ابتداء أن السؤال ليس المقصود هذا المعنى به وإنما المقصود به ما حكم الاستعانة بهؤلاء الكفار الصليبين أليس كذلك ؟
السائل : بلى .
الشيخ : وعلى ذلك نحن نقول غير مرتابين ولا شاكين بأن هذه الاستعانة لا عهد للتاريخ الإسلامي كله بمثلها إطلاقا وهو شر فتنة تصيب الأمة الإسلامية في كل تاريخها من حيث أنّ سبب هذا الدّخول دخول الصّليبين إلى البلاد الإسلامية ليست هي الحرب القائمة بين الكفار والمسلمين و إنّما السّبب هو استجلاب المسلمين لهؤلاء الكفار استنصارا بهم على الفئة الباغية أو الطائفة الباغية ولا شكّ أنّ هذا علاج للدّاء بداء أشد وهذا لا يصح إلا على مذهب واحد وهو مذهب أبي نواس " وداوني بالتي كانت هي الداء " ، وأنا في الواقع أتعجّب كل التعجب ممّا يبلغنا و أرجو أن يكون هذا الذي يبلغنا أن لا يكون صحيحا من حيث الواقع لأن الفقه الإسلامي بنصوص كتابه وسنة نبيه والاستنباط الصّحيح لا يمكن أن يتقبل ما نسمعه من تبرير أو تسويغ بعض المشايخ الأفاضل في تلك البلاد استعانة السّعوديين بهؤلاء الكفار الصليبين ذلك لأن معنى كلامهم يعود إلى ما يقوله بعض الفقهاء في أصولهم وإن كانوا هم لم يشيروا إلى ذلك لكن صنيعهم ينبهنا إلى أنهم يدندنون حول ما ذكره علماء الأصول من قولهم: " بأن المسلم إذا و قعت بين شرين اختار أقلهما شرا " فهم يظنون أن لجأهم إلى الاستعانة بالصليبّين أقل شرا ولا نقول خيرا من اعتداء العراقيين على السعوديين ونحن نرى أن وجهة نظرهم هذه مردودة نصا وفقها لأن الاعتداء العراقي على السعودية لم يقع كما وقع على الكويت ولذلك فلا يصحّ تطبيق القاعدة هذه التي تقول أن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أيسرهما فلم يقع الشر الأكبر في ظن المشايخ وهو اعتداء العراقيين على السعوديين حتى يختاروا الشرّ الأصغر في ظنهم وهو استنصارهم بالكفار أما من حيث النص فالأمر واضح جدا ، حيث أنه قد صحّ في غير ما حديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( إنا لا نستعين بمشرك ) وسبب الحديث معروف في صحيح مسلم و غيره و في رواية أخرجها الحاكم في المستدرك أنّ قوما من المشركين جاؤوا يريدون أن يقاتلوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم المشركين فقال لهم: ( أأسلمتم ؟ ) قالوا: لا. فقال عليه الصلاة والسلام: ( إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ) ، فهذه قاعدة فقهية وضعها من (( لا ينطق على الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) وليست كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون موضع أخذ و ردّ فهناك قواعد يضعها الأحناف يخالفها الشّافعية والعكس بالعكس أما هذه القاعدة فقد وضعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بنصّه الصّحيح الصريح ( إنّا لا نستعين بمشرك ) وعلى ذلك معنى كون الشيء قاعدة أنه يجب التزامها دائما وأبدا إلاّ لأمر عارض لا ينافي القاعدة من أصلها وإنّما يمكن أن يجرى عليها تخصيص ما و الذين يصرّحون بجواز الاستنصار بالأمريكيّين والبريطانيّين وغيرهم يرون أنّ هذا الاستنصار له أصل في بعض الحوادث الجزئيّة الّتي ثبتت في السّنّة المحمديّة فتكون هذه الجزئيّات مستثناة من القاعدة ونحن نقول جوابا عن هذه الدعوة: أوّلا قاعدة أصوليّة أنّه إذا اختلف القول مع الفعل أي قول الرسول عليه السلام مع فعله فإذا لم يمكن التوفيق بين قوله وفعله كان قوله هو المقدم على فعله. و إذا أمكن التوفيق فذلك خير و أبقى تلك الجزئيات التي يستند إليها من جوّزوا هذا الاستنصار البشع إنّما هي جزئيّات لا تذكر بالنّسبة لهذه المصيبة الّتي حلّت في البلاد السّعوديّة بخاصّة والبلاد الإسلاميّة بعامّة ويكفي أن يقابل و أن يقايس كلّ مسلم حتى ولو كان غير عالم بين ما وقع من الرّسول عليه السّلام من الجزئيات وبين هذا الذي ألمّ من المصيبة الكبرى بالمسلمين اليوم انظروا مثلا من حججهم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم استعان بدليل من المشركين حينما عزم على الهجرة من مكّة إلى المدينة مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه استعان بذلك المشرك ليدلّهما على الطريق هذه صورة الصورة الثانية التي يستدلّ البعض بها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أميّة أدرعا كانت له ولما استعارها منه أو أراد يستعيرها منه ظن وهذا من موقف ضعفه هو تجاه موقف النّبيّ القوي ظنّ أن النبي صىلّى الله عليه وسلم سيأخذها رغم أنفه ولذلك قال له: يا محمد أغصبا يا محمد أم عارية مؤداة ؟ قال: ( لا بل عارية مؤدّاة ) فانظروا الفرق بين مثل هاتين الحاديثتين و غيرهما مما يستدلّون بذلك فالفرق كبير وكبير جدّا كلّ الحوداث وقد استحضرت لكم بعضها تدلّ دلالة صريحة على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حينما استعان كان في موقف القوة والقدرة والتغلب على من استعان بهم لو أرادوا به عليه السلام مكرا كان هو الأقوى فهو كان مع صاحبه أبي بكر لو أراد مثلا ذلك الدليل المرشد على الطريق بين مكة والمدينة لو أراد بهما غدرا لاستطاع أن يتغلب عليه . صفوان بن أمية أيضا شعر بضعفه ولذلك قال له: تغصبه مني غصبا أم هي عارية مؤداة قال عليه الصلاة والسلام وهو كما قال تعالى: (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ( بل عارية مؤداة ) كذلك لما حالف أيضا في بعض الحوادث حالفهم وهو القوي بدليل أنه لما أرادوا الغدر به قاتلهم وانتصر عليهم كما هو معروف في السيرة النبوية فأين هذه الجزئيات من هذه المصيبة الكبرى التي ألمت بنا في هذ العصر حيث أنّ الدول الإسلامية كلها بما فيها العراق نفسها التي يخشاها الدول الإسلامية كلها لو اجتمعت قاطبة لم تستطع إلا أن يعودوا إلى الإسلام لم تستطع أن يخرجوا الأمريكان والبريطان من البلاد الإسلامية كيف يقاس هذا الواقع الأليم بتلك الجزئيات مع منافاة هذا الواقع للقاعدة ينبغي أن لا ننساها ( إنا لا نستعين بمشرك ) هذه هي القاعدة فإذا اختلفت حادثة عن القاعدة يجب ضربها بهذه القاعدة ولا يجوز العكس وهو ضرب القاعدة بهذا الواقع لنحاول أن نسلّكها وأن نسوغها بجزئيات ليست منافية لأصل الاستعانة المنفية بالقاعدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان تحقيقا لمصلحة وأرجو الانتباه لما أقول لمصلحة لا مفسدة فيها مطلقا أما واقعنا اليوم فأولا المصلحة غير متحققة و ثانيا المفسدة متجسمة متحققة وأكبر دليل ما بدأت النذر تنذر بشر مستطير من جهة انتشار الفساد و انكشاف النساء بالعورات في كثير من البلاد السعودية التي احتلها الأمريكان وليس يهمني أن نحتج ببعض الروايات والجزئيات لأني حقيقة لا أثق بهذه الروايات سواء كانت لنا أو علينا وإنما علينا أن نتثبت من حيث روايات الجزئيات لكننا نعلم بالمشاهدة اليهود مثلا حينما احتلوا فلسطين أشاعوا فيها الفساد والخلاعة والفسق والفجور وإلى آخره ، والذين يذهبون إلى البلاد الأوروبيين والأمريكيين يرون هناك الفسق والفجور علنا فماذا الذي يمنع هؤلاء الكفار من أن ينتشروا فسادهم في بلاد الإسلام وهم قد استدعوا إلى بلاد الإسلام ولم يفرضوا أنفسهم على بلاد الإسلام كما كان الشّأن في الحرب الصّليبيّة الأولى وأخيرا نقول من عاقبة هذا الاستنصار هل هناك طريق لإخراج هؤلاء الكفار من بلاد الإسلام ؟ إن قيل نعم هناك اتفاق مثلا بين السعوديين وبين الأمريكيين والبريطانيين أنه نحن أتينا بكم إلينا باختيارنا فإذا ما أمرناكم بالخروج من ديارنا وجب عليكم أن تأتمروا بأمرنا هل هذا كلام يعقله من يعرف قوّة هؤلاء الكفار وغدرهم ونكثهم بعهودهم ومواعيدهم من جهة ومن جهة أخرى يعرف ضعف المسلمين وضعف الدول كلها لذلك لا أجد فيما نسمع اليوم من حجج يريدون بها تبرير هذه المصيبة ما يجعلها جائزة إطلاقا بل هذه مصيبة كما قلت في تضاعيف كلامي لم يصب العالم الإسلامي بمثلها أبدا وأرجو الله تبارك وتعالى أن ينجينا منها بمعجزة من عنده وإلا فالمسلمون أعجز من أن يصدوا اليهود من بلاد المسلمين وهم والذين كانوا يقال عنهم شرذمة من اليهود الأذلاّء فيكف نستطيع أن نردّ الأمريكان والبريطان و الفرنسيين وغيرهم ممن تكالبوا على المسلمين وبطلب من دولة مسلمة كنّا نرجو أن تكون في مقدّمة الدّول الإسلامية التي ترفض الاستعانة بالمشركين وإنا لله وإنا إليه راجعون .
الشيخ : السؤال الشطر الثاني منه ليس دقيقا والقصد مفهوم وحسب المعنى المقصود قلبا وليس الملفوظ لفظا نجيبه , واضح ؟
السائل : واضح .
الشيخ : طيب ، أما اعتداء العراق على الكويت فلا شك أنه بغي وظلم لا يجوز شرعا بأي وجه من الوجوه مهما كانت المسوغات أو كما يقولون اليوم المبررات لمثل هذا الاعتداء ومعلوم لدى كافة المسلمين قول رب العالمين في القرآن الكريم: (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) و مما يؤسف له أنه لا يوجد اليوم دولة مسلمة تقوم بتطبيق الأحكام الشرعية مائة في المائة لا شك أن بعض الشرّ أهون من بعض لكن بحثنا أنه لا يوجد مع الأسف دولة تطبّق الأحكام الشرعية مائة في المائة ولو كانت موجودة اليوم فليست تلك الدولة التي تستطيع أن تنفذ هذا الحكم القرآني (( فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الّتي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله )) ، كان المفروض أنّ الدولة التي هي يرجى أن تطبّق هذا الحكم الشرعي من الناحية الشرعية أو من ناحية تمسّك الدولة بتنفيذ الأحكام الشرعية كان المفروض أن تكون هي الدولة السّعودية لأنها خير الدول الإسلامية من حيث تطبيقها وتنفيذها لكثير من الأحكام الشرعية كان هذا هو المظنون فيها لكن الجانب الآخر الذي أشرت إليه في مطلع كلمتي هذه وهي أن تكون في موضع القوة التي تستطيع إذا ما أرادت أن تنفذ الحكم الشرعي المنصوص في الآية فتستطيع أن تقاتل الطائفة الباغية فإن كانت هي تستطيع من حيث أنها تنفّذ الأحكام الشرعية إلى حدّ بعيد كما أشرت آنفا في بلادها فهي مع الأسف الشديد لا تستطيع أن تنفذ هذا الحكم الشرعيّ على غيرها ولذلك مع الأسف الشّديد في الوقت الّذي لم تستطع أن تنفذ هذا الحكم الشرعي هي من جهتها خشيت أن يصيبها ما أصاب جارتها وهي بينها و بين المعتدي عليها حدودا و في المثل السوري العامي" إذا حلق جارك بلّ أنت " ولذلك مع الأسف الشديد الدولة السعودية في الوقت الذي لم تكن في موطن القوة من حيث أنها تحاول الإصلاح بين الطائفتين المؤمنتين المتقاتلتين فهي لو أرادت أن توقف الباغي عند حدّه ما تملك القوة لتنفيذ هذا الحكم الشرعي وأكبر دليل على ذلك أنها لما خشيت أن يصل عدوى اعتداء العراق على الكويت إلى السعودية لم تقتصر على الاستعانة بالدّول العربية وإنما استعانت بالدول الصليبية الكافرة وبعد هذا الكلام الذي هو جواب للشّطر الأول من سؤالك يأتي الآن الجواب عن الشطر الثّاني من سؤالك الذي تقصده بقلبك وليس بلفظك لأنه ليس المهمّ دخول الكفار هؤلاء كما دخل اليهود لأنه معروف هذا الحكم أنه لا يجوز شرعا ولذلك قلت ابتداء أن السؤال ليس المقصود هذا المعنى به وإنما المقصود به ما حكم الاستعانة بهؤلاء الكفار الصليبين أليس كذلك ؟
السائل : بلى .
الشيخ : وعلى ذلك نحن نقول غير مرتابين ولا شاكين بأن هذه الاستعانة لا عهد للتاريخ الإسلامي كله بمثلها إطلاقا وهو شر فتنة تصيب الأمة الإسلامية في كل تاريخها من حيث أنّ سبب هذا الدّخول دخول الصّليبين إلى البلاد الإسلامية ليست هي الحرب القائمة بين الكفار والمسلمين و إنّما السّبب هو استجلاب المسلمين لهؤلاء الكفار استنصارا بهم على الفئة الباغية أو الطائفة الباغية ولا شكّ أنّ هذا علاج للدّاء بداء أشد وهذا لا يصح إلا على مذهب واحد وهو مذهب أبي نواس " وداوني بالتي كانت هي الداء " ، وأنا في الواقع أتعجّب كل التعجب ممّا يبلغنا و أرجو أن يكون هذا الذي يبلغنا أن لا يكون صحيحا من حيث الواقع لأن الفقه الإسلامي بنصوص كتابه وسنة نبيه والاستنباط الصّحيح لا يمكن أن يتقبل ما نسمعه من تبرير أو تسويغ بعض المشايخ الأفاضل في تلك البلاد استعانة السّعوديين بهؤلاء الكفار الصليبين ذلك لأن معنى كلامهم يعود إلى ما يقوله بعض الفقهاء في أصولهم وإن كانوا هم لم يشيروا إلى ذلك لكن صنيعهم ينبهنا إلى أنهم يدندنون حول ما ذكره علماء الأصول من قولهم: " بأن المسلم إذا و قعت بين شرين اختار أقلهما شرا " فهم يظنون أن لجأهم إلى الاستعانة بالصليبّين أقل شرا ولا نقول خيرا من اعتداء العراقيين على السعوديين ونحن نرى أن وجهة نظرهم هذه مردودة نصا وفقها لأن الاعتداء العراقي على السعودية لم يقع كما وقع على الكويت ولذلك فلا يصحّ تطبيق القاعدة هذه التي تقول أن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أيسرهما فلم يقع الشر الأكبر في ظن المشايخ وهو اعتداء العراقيين على السعوديين حتى يختاروا الشرّ الأصغر في ظنهم وهو استنصارهم بالكفار أما من حيث النص فالأمر واضح جدا ، حيث أنه قد صحّ في غير ما حديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: ( إنا لا نستعين بمشرك ) وسبب الحديث معروف في صحيح مسلم و غيره و في رواية أخرجها الحاكم في المستدرك أنّ قوما من المشركين جاؤوا يريدون أن يقاتلوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم المشركين فقال لهم: ( أأسلمتم ؟ ) قالوا: لا. فقال عليه الصلاة والسلام: ( إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ) ، فهذه قاعدة فقهية وضعها من (( لا ينطق على الهوى إن هو إلا وحي يوحى )) وليست كبعض القواعد الفقهية التي يمكن أن تكون موضع أخذ و ردّ فهناك قواعد يضعها الأحناف يخالفها الشّافعية والعكس بالعكس أما هذه القاعدة فقد وضعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بنصّه الصّحيح الصريح ( إنّا لا نستعين بمشرك ) وعلى ذلك معنى كون الشيء قاعدة أنه يجب التزامها دائما وأبدا إلاّ لأمر عارض لا ينافي القاعدة من أصلها وإنّما يمكن أن يجرى عليها تخصيص ما و الذين يصرّحون بجواز الاستنصار بالأمريكيّين والبريطانيّين وغيرهم يرون أنّ هذا الاستنصار له أصل في بعض الحوادث الجزئيّة الّتي ثبتت في السّنّة المحمديّة فتكون هذه الجزئيّات مستثناة من القاعدة ونحن نقول جوابا عن هذه الدعوة: أوّلا قاعدة أصوليّة أنّه إذا اختلف القول مع الفعل أي قول الرسول عليه السلام مع فعله فإذا لم يمكن التوفيق بين قوله وفعله كان قوله هو المقدم على فعله. و إذا أمكن التوفيق فذلك خير و أبقى تلك الجزئيات التي يستند إليها من جوّزوا هذا الاستنصار البشع إنّما هي جزئيّات لا تذكر بالنّسبة لهذه المصيبة الّتي حلّت في البلاد السّعوديّة بخاصّة والبلاد الإسلاميّة بعامّة ويكفي أن يقابل و أن يقايس كلّ مسلم حتى ولو كان غير عالم بين ما وقع من الرّسول عليه السّلام من الجزئيات وبين هذا الذي ألمّ من المصيبة الكبرى بالمسلمين اليوم انظروا مثلا من حججهم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم استعان بدليل من المشركين حينما عزم على الهجرة من مكّة إلى المدينة مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه استعان بذلك المشرك ليدلّهما على الطريق هذه صورة الصورة الثانية التي يستدلّ البعض بها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أميّة أدرعا كانت له ولما استعارها منه أو أراد يستعيرها منه ظن وهذا من موقف ضعفه هو تجاه موقف النّبيّ القوي ظنّ أن النبي صىلّى الله عليه وسلم سيأخذها رغم أنفه ولذلك قال له: يا محمد أغصبا يا محمد أم عارية مؤداة ؟ قال: ( لا بل عارية مؤدّاة ) فانظروا الفرق بين مثل هاتين الحاديثتين و غيرهما مما يستدلّون بذلك فالفرق كبير وكبير جدّا كلّ الحوداث وقد استحضرت لكم بعضها تدلّ دلالة صريحة على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حينما استعان كان في موقف القوة والقدرة والتغلب على من استعان بهم لو أرادوا به عليه السلام مكرا كان هو الأقوى فهو كان مع صاحبه أبي بكر لو أراد مثلا ذلك الدليل المرشد على الطريق بين مكة والمدينة لو أراد بهما غدرا لاستطاع أن يتغلب عليه . صفوان بن أمية أيضا شعر بضعفه ولذلك قال له: تغصبه مني غصبا أم هي عارية مؤداة قال عليه الصلاة والسلام وهو كما قال تعالى: (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ( بل عارية مؤداة ) كذلك لما حالف أيضا في بعض الحوادث حالفهم وهو القوي بدليل أنه لما أرادوا الغدر به قاتلهم وانتصر عليهم كما هو معروف في السيرة النبوية فأين هذه الجزئيات من هذه المصيبة الكبرى التي ألمت بنا في هذ العصر حيث أنّ الدول الإسلامية كلها بما فيها العراق نفسها التي يخشاها الدول الإسلامية كلها لو اجتمعت قاطبة لم تستطع إلا أن يعودوا إلى الإسلام لم تستطع أن يخرجوا الأمريكان والبريطان من البلاد الإسلامية كيف يقاس هذا الواقع الأليم بتلك الجزئيات مع منافاة هذا الواقع للقاعدة ينبغي أن لا ننساها ( إنا لا نستعين بمشرك ) هذه هي القاعدة فإذا اختلفت حادثة عن القاعدة يجب ضربها بهذه القاعدة ولا يجوز العكس وهو ضرب القاعدة بهذا الواقع لنحاول أن نسلّكها وأن نسوغها بجزئيات ليست منافية لأصل الاستعانة المنفية بالقاعدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعان تحقيقا لمصلحة وأرجو الانتباه لما أقول لمصلحة لا مفسدة فيها مطلقا أما واقعنا اليوم فأولا المصلحة غير متحققة و ثانيا المفسدة متجسمة متحققة وأكبر دليل ما بدأت النذر تنذر بشر مستطير من جهة انتشار الفساد و انكشاف النساء بالعورات في كثير من البلاد السعودية التي احتلها الأمريكان وليس يهمني أن نحتج ببعض الروايات والجزئيات لأني حقيقة لا أثق بهذه الروايات سواء كانت لنا أو علينا وإنما علينا أن نتثبت من حيث روايات الجزئيات لكننا نعلم بالمشاهدة اليهود مثلا حينما احتلوا فلسطين أشاعوا فيها الفساد والخلاعة والفسق والفجور وإلى آخره ، والذين يذهبون إلى البلاد الأوروبيين والأمريكيين يرون هناك الفسق والفجور علنا فماذا الذي يمنع هؤلاء الكفار من أن ينتشروا فسادهم في بلاد الإسلام وهم قد استدعوا إلى بلاد الإسلام ولم يفرضوا أنفسهم على بلاد الإسلام كما كان الشّأن في الحرب الصّليبيّة الأولى وأخيرا نقول من عاقبة هذا الاستنصار هل هناك طريق لإخراج هؤلاء الكفار من بلاد الإسلام ؟ إن قيل نعم هناك اتفاق مثلا بين السعوديين وبين الأمريكيين والبريطانيين أنه نحن أتينا بكم إلينا باختيارنا فإذا ما أمرناكم بالخروج من ديارنا وجب عليكم أن تأتمروا بأمرنا هل هذا كلام يعقله من يعرف قوّة هؤلاء الكفار وغدرهم ونكثهم بعهودهم ومواعيدهم من جهة ومن جهة أخرى يعرف ضعف المسلمين وضعف الدول كلها لذلك لا أجد فيما نسمع اليوم من حجج يريدون بها تبرير هذه المصيبة ما يجعلها جائزة إطلاقا بل هذه مصيبة كما قلت في تضاعيف كلامي لم يصب العالم الإسلامي بمثلها أبدا وأرجو الله تبارك وتعالى أن ينجينا منها بمعجزة من عنده وإلا فالمسلمون أعجز من أن يصدوا اليهود من بلاد المسلمين وهم والذين كانوا يقال عنهم شرذمة من اليهود الأذلاّء فيكف نستطيع أن نردّ الأمريكان والبريطان و الفرنسيين وغيرهم ممن تكالبوا على المسلمين وبطلب من دولة مسلمة كنّا نرجو أن تكون في مقدّمة الدّول الإسلامية التي ترفض الاستعانة بالمشركين وإنا لله وإنا إليه راجعون .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 452
- توقيت الفهرسة : 00:00:44
- نسخة مدققة إملائيًّا