ذكر حديث ثابت وكيف أن الطحاوي أراد أن يجمع بينه وبين حديث ( إنا لا نستعين بمشرك ) ورد الشيخ على هذا الجمع .
A-
A=
A+
الشيخ : و بهذه المناسبة يحسن أن تعرفوا حول ماذا يدور هذا الحديث حتّى تتمّ فائدة استماعكم لجوابنا لذاك السّائل و عن طريق تضعيفنا لهذا الحديث فما هو هذا الحديث ؟ يقول الحديث أنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في غزوة أحد جاء إلى اليهود فقال لهم: ( نحن أهل كتاب و أنتم أهل كتاب و ينبغي أن تعينونا على المشركين ) هذا الحديث أورده أبو جعفر الطّحاوي في مشكل الآثار من أجل التّوفيق بينه و بين الحديث المعروف: ( إنّا لا نستعين بمشرك ) و لفظ مسلم: ( لن نستعين بمشرك ) فساق الطّحاوي هذا الحديث بإسناده و وفّق بينه و بين الحديث الثّاني فقال لا تعارض لأنّ أهل الكتاب ليسوا مشركين و الحديث الثّاني يقول لن نستعين بمشرك فهو ما استعان بالمشركين و إنّما بأهل الكتاب أنا الحقيقة رابني مثل هذا التّوفيق و مثل هذا الجمع و لكن طريقة الفقه و العلم الصّحيح يقتضينا قبل كلّ شيء أن ننظر في صحّة هذا الحديث الأوّل حتّى نفكّر في طريقة التّوفيق بينه و بين الحديث الآخر أمّا إذا لم يكن ثابتا في حقيقة الأمر فذلك قد يغنينا عن محاولة التّوفيق بينه و بين الحديث الصّحيح لا سيما إذا كان التّوفيق هزيلا كهذا التّوفيق الّذي ذهب إليه الإمام أبو جعفر الطّحاوي و لهذا توجّهت إلى دراسة إسناد هذا الحديث فتكشّفت لي حقيقة هامّة جدّا و هي أنّ تابعيّ الحديث و هو الّذي سمعتم الكلام حوله ثابت بن الحارث الأنصاري هو تابعي لو يوثّق إطلاقا و لم يرو عنه إلاّ رجل حضرميّ و نسيت اسمه الآن ثمّ هذا الحديث بالذّات الحضرمي بيقول عن ثابت بن الحارث الأنصاري أنّ رجلا من قومه الّذين حضروا المعركة أحد يعني حدّثه فهذا فيه إشعار أوّلا أنّ الرّجل لم يكن حاضرا المعركة لأنّه يرويها عن رجل من قومه حضر . إي لا شكّ هذا الرّجل صحابي و لو لم يسمّ لأنّ الصّحابة كلّهم عدول لكن يجب أن نعرف ترجمة ثابت هذا هل هو تابعي ثقة أم لا ؟ فبحثت و بحثت كتب الرّجال مثل الجرح و التّعديل و غيرهم بيذكروه على أنّه تابعي كتب الصّحابة ذاكرينه مع الصّحابة و منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني ذكره في الإصابة في أسماء الصّحابة على أنّه صحابيّ و ذكر له ثلاثة أحاديث منها حديثنا هذا في كلّ هذه الأحاديث الثّلاثة مدارها أوّلا على الحضرمي الأحاديث الثّلاثة مدارها على الحضرمي و ثابت في هذه الأحاديث الثّلاثة ما قال في واحد منها سمعت رسول الله أو حضرت في مجلس رسول الله أو غزوت مع رسول الله أو أيّ عبارة أخرى تصرّح بأنّه صحابي و إنّما يقول فيها كما في الحديث الأوّل عن رجل من قومه أو يقول قال رسول الله كذا فإذا هنا الأحاديث الّتي رواها مع قلّتها و هي ثلاثة أحاديث واحد منها رواه عن صحابي اثنين منها قال قال رسول الله فمن أين تأتي الصّحبة و من يأتي إثبات الصّحبة لثابت هذا و هو لا يشهد في أيّ رواية من الرّوايات الواردة عنه أنّه كان مع الرّسول عليه السّلام أو سمع الرّسول عليه السّلام يضاف إلى ذلك أنّ الحضرمي المذكور آنفا لمّا يترجموا له هو ثقة لكن ما ذكروا له و لا رواية عن صحابي فكيف يكون هذا ثابت بن الحارث مع كلّ هالأمور الواردة عليه كيف يكون صحابيّا و لهذا أنا انتهيت إلى أنّ الرّجل تابعي مجهول. وصل هذا الكلام لتلك البلاد و اهتمّوا بالموضوع لأنّ الحديث في ظاهره يؤيّد واقعهم هناك أنّه أهل كتاب استعانوا بأهل كتاب لكن الشّيخ الألباني يضعّف هذا الحديث فاتّصل معي هذا الطّالب و سألني و أعطيته الجواب أنّ هذا الحديث فيه ثابت بن الحارث الأنصاري و هو تابعيّ مجهول . اللّيلة يتّصل معي و يقول سمعتم أنّهم اجتمعوا و درسوا هذا الحديث و وجدوا أنّ هذا الرّجل صحابي فأعطيته الجواب أنّ هذا صحابيّ بناء على أنّكم رجعتم إلى كتب الصّحابة لكن ما عرفتم القاعدة العلميّة الّـتي بها تثبت الصّحبة فأحلتهم على مقدّمة الإصابة لابن حجر هناك له كلام جيّد جدّا كيف يمكن معرفة الصّحابي ذكر مثلا إذا قال عن نفسه برواية تابعي ثقة أنّه صحابيّ فتقبل شهادته أو قال تابعيّ حدّثني رجل من أصحاب الرّسول عليه السّلام و هو ثقة أيضا تثبت صحبته أو جاءت في روايات متواترة أو مشهورة بأنّه حضر مع الرّسول عليه السّلام مجالسه أو غزواته. إي هذا ثابت بن الحارث لا يصدق عليه أيّ سبيل أو أيّ طريق من الطّرق الّتي ذكرها الحافظ في المقدّمة مقدّمة الإصابة أنّها بطريق منها تثبت صحبة الشّخص الّذي يظنّ أنّه صحابي و لهذا أنا انتهيت إلى أنّ ثابتا ليس صحابيّا. إيش الفرق ؟ الفرق جوهريّ جدّا لأنّه إذا ثبت أنّه صحابيّ فالقاعدة أنّهم عدول و لا يقال في الصّحابي: ثقة حافظ. لا . أمّا إذا كان تابعيّا فلا بدّ من إثبات عدالته ثمّ إثبات حسن ضبطه وحفظه . فإذا لم يثبت أنّ هذا صحابيّ إذا نحن نريد أن نعرف هل هوعدل , ثقة , حافظ ما أحد دندن حول هذا الوصف بالنّسبة للّذين ترجموه و لم يذكروا أنّه صحابيّ أمّا الّذين ذكروا أنّه صحابيّ فذكروا الأحاديث الّتي رواها و ليس في شيء منها ما يؤكّد أو يثبت صحبته بل هناك تلك الملاحظة و من أجل هذه الملاحظة الّتي ذكرتها آنفا و هي أنّ الحضرمي الرّاوي عنه لمّا ذكروه في ترجمته ما قالوا روى عن فلان الصّحابيّ من أجل الملاحظة و هي غير مسطورة و من أجل الملاحظة الأولى في نقد حشد و حشر هذا الرّجل في الصّحابة هذا لا تجده مسطورا في كتب أهل العلم من أجل هذا قلت ما قلت لذلك الطّالب أنّه أنتم إمّا أن تكونوا من أهل العلم فلكم رأيكم اجتهادكم هذا , أمّا إن لم تكونوا كذلك و أنتم تشهدون بأنّكم طلاّب علم فليس لكم أن تقعوا في الحيرة إمّا أنت عالم فتعتدّ برأيك و لا تقلّد غيرك و إمّا أنت طالب علم (( فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون )) فمن أين لهؤلاء الطّلاب و مثلهم كثر اليوم , كنت آنفا سأسمعكم ما كتبت ألفت النّظر في بعض الكتابات من آثار نتيجة التّعلّق بهذا العلم بسرعة و الأخطاء الّتي تترتّب من وراء ذلك و لذلك قلت لهؤلاء يا أخي هذا العلم يحتاج إلى زمن طويل حتّى الإنسان يكتشف أمورا ما يجد منها شيئا مسطورا هذا العلم لازم ينبع من شخص هذا العالم فقلت أنا في كلامي السّابق أنّه قبل ما نحاول التّوفيق بين حديثين لازم نتأكّد من صحّة الحديث المعارض للحديث الصّحيح ففعلت ما شرحته آنفا و تبيّن أنّ الحديث ضعيف لكن من طريقة أهل العلم في الرّدّ على الشّبهات و الإشكالات أنّه صحيح أنا قلت أنّ هذا الحديث ضعيف و بيّنت العلّة لكن هذا بالنّسبة لكلّ النّاس ما يكفي لأنّه كما سمعتم أنا إذا قلت أنّ هذا الحديث ضعيف ضروري يتصوّر كلّ البشر سيؤمنون بكلام ناصر ؟! لا . إذا نريد أن نضع الجواب الفقهي على افتراض أنّه الحديث هذا صحيح فأنا قلت في ردّي على الطّحاوي و هو مسطور عندي في هذا الكتاب قلت: كيف يقال بأنّه اليهود و النّصارى يجوز الاستعانة بهم لأنّهم ليسوا مشركين و الله عزّ و جلّ قال: (( لقد كفر الّذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )) فهم مشركون و قال عن اليهود أنّه قالوا: (( عزير ابن الله )) إذا هؤلاء مشركون لكن نعم فرّق الله عزّ و جلّ في بعض الأحكام بين المشركين لهم كتاب و مشركين ليس لهم كتاب فالتّوفيق بين الحديثين من الزّاوية و هي أنّ أهل الكتاب ليسوا مشركين فلا ماعرضة بين هذا الحديث و حديث ( لن نستعين بمشرك ) هذا الجواب ما هو صحيح .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 458
- توقيت الفهرسة : 00:11:57
- نسخة مدققة إملائيًّا