السائل : يقول السائل : هل الجهاد في أفغانستان على ما فيها من فرقةٍ بين الجبهات فرض عين ؛ علمًا بأنَّ عدد الأفغان يفوق عدد عدوِّهم ما يقارب ثلاث مرات ؟ وهل التبرُّع بالمال أفضل لمثل هذه الحالة ؟

الشيخ : في هذا السؤال شيء من الغلط أو ... ، يقول : عدد الأفغانيين أكثر من عدد عدوِّهم ! الظاهر أن السائل يعني أن العدو من الأفغانيين ؛ يعني الشيوعيين من الأفغانيين ، فكأنَّه يجهل أو يتجاهل أنُّو لو كان القتال قائمًا بين المجاهدين من المسلمين وبين الشيوعيين من الأفغانيين لَانتهى الأمر ، لكن وراء هؤلاء الشيوعيين هناك هذه الدولة الكافرة الملحدة المعروفة ، فما أدري لماذا حصر الموضوع بهذا التَّقليل لعدد العدو مقابل المجاهدين ، على كلِّ حال هذا تعليق لبيان خطأ ما قاله السائل من حيث الواقع .

أما الجواب فأنا أرى أنَّ الجهاد في الأفغان وفي كل بلاد الإسلام - أي : في فلسطين مثلًا - في كل بلاد الإسلام التي طرقتها أقدام الكفار المشركين يجب على المسلمين أن يُخرجوا الكافر ، وهذا حكمٌ لا أظنُّ أنه يختلف فيه المسلمون ؛ لأن الجهاد الذي تحدَّث عنه العلماء قسمان ؛ فرض عين وفرض كفاية ، فرض العين في الجهاد إذا ما غُزِيَت بعض أراضي الإسلام ، أما الفرض الكفاية فهي إذا كان الجهاد في سبيل توسيع رقعة الدولة الإسلامية ، وإذا كان الجهاد في سبيل نشر الدعوة الإسلامية إلى بلاد الكفار ؛ أي : إن الإسلام ليس الجهاد فيه فقط كما يقول بعض المنحرفين عن الكتاب والسنة على المنهج السلفي يقولون - أي : البعض - بأنه لا جهاد في الإسلام إلا جهاد دفاع ، أما الجهاد في سبيل نقل الدعوة فهذا يُنكرونه ، وهذا من انحرافهم عن دينهم .

الجهاد قسمان ؛ جهاد حكمه فرض عين ؛ وهو إذا ما غُزيت بعض البلاد الإسلامية وجبَ على المسلمين أن ينفروا كافَّة بمقدار ما يصدُّون العدوَّ عن أرض المسلمين . النوع الثاني من الجهاد وهو حكمه فرض كفائي ؛ الجهاد الذي يُراد منه نقل الدعوة ، وليس المقصود به دفع العدو الصَّائل على أرض الإسلام .

الآن أرض الإسلام مُهاجمة ليس فقط في أفغانستان ، وإنما - أيضًا - في فلسطين ، ولكن قد تيسَّرت وسائل الجهاد في أفغانستان وباسم الإسلام ما لم يتيسَّر - مع الأسف - مثل هذا الجهاد في أرض فلسطين ، وكانت هذه الأرض أحقَّ بذلك وأكثر من ذلك .

لهذا أنا أتساءل في نفسي : هل هناك من يقول بأن الجهاد في أفغانستان ليس جهاد فرض العين ؟ كيف وقد غُزيت بلاد الإسلام ؟

أنا أقول : بلاد الروس التي فيها بعض البلاد الإسلامية التي كانت حكومات إسلامية التي غزاها الرُّوس منذ نحو خمسين عامًا أو أكثر أو أقل ، لا ... الآن ، هذه البلاد يجب أن ينفر المسلمون لو كانوا مسلمين مسلمين حقًّا لإخراج الكفار منها ، ولكن - مع الأسف - رانَ على قلوب المسلمين ما أخبر به الرسول الكريم في الحديث الصحيح المعروف لديكم - إن شاء الله - ... ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ) . قالوا : أَوَمِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ يا رسول الله ؟ قال : ( لا ، بل أنتم يومئذٍ كثير ، ولكنَّكم غثاء كغثاء السَّيل ، ولينزعِنَّ الله الرهبة من صدور عدوِّكم ، وليقذفنَّ قلوبكم الوهن ) . قوالوا : وما الوهن يا رسول الله ؟ قال : ( حبُّ الدنيا وكراهية الموت ) . حبُّ الدنيا وكراهية الموت هو آفة العالم الإسلامي اليوم بعد الآفة العظمى وهي الجهل بالإسلام ، ( حبُّ الدنيا وكراهية الموت ) ، فيجب على المسلمين ... الجهاد في سبيل الله لطرد الكافر من أرض الإسلام على ما بينهم من خلاف ، ولا شك أن هذا الخلاف قد يضرُّ المسلمين أنفسهم ؛ ولذلك فعليهم أن يتَّحدوا لكنَّنا سنعود ونقول : أرأيتم آفة عدم اجتماع المسلمين على كلمة سواء ؟ ... المجاهدين اليوم كنَّا نسمع كلمات لا نصدِّق بها من باب حسن الظَّنِّ بهؤلاء المجاهدين الذين مضى عليهم نحو ثمان سنين وهم يجاهدون بـ ... الوسائل الممكنة اليوم ، أرأيتم كيف أنهم اختلفوا ؟ أرأيتم كيف أن هذا الاختلاف أضعَفَ شوكتهم وسلَّط عليهم الضَّعف والوَهَن ؟ فكيف يُريد العالم الإسلامي اليوم أن يقومَ على ما بينهم من اختلاف شديد ليس في الفروع كما يقول بعض الدكاترة الذين يدَّعون العلم تدليسًا على الناس وتضليلًا لجماهير الناس حينما يسمعون أمثالنا ؛ يقولون : الخلاف ليس محصورًا في الفروع فقط ، بل هي في الأصول ، بل وفي أصل الأصول ؛ ألا وهو الإيمان بالله - عز وجل - كما وصف به نفسه ؟ كيف يمكن لهذا العالم الإسلامي أنَّهم لو أرادوا الجهاد في سبيل الله فسوف لا يستطيعون الجهاد ؛ لأنَّهم متفرِّقون على أنفسهم ، فإلى كلمة سواء أيها المسلمون ، وإلا فلا نصر بدونها .

أقول : إذًا الجهاد في الأفغان فرض عين على كلِّ من يستطيع ؛ إما بنفسه وإما بماله ؛ فقد جاء في الحديث الصحيح : ( من غزا ) .

السائل : ... .

الشيخ : لا ، ما أريد هذا ، ( من غزا ) ، ( من جهَّز غازيًا أو خَلَفَ أهله بخير فقد غزا ) ، أما الحديث الآخر : ( من لم يغزُ ولم يحدِّث نفسه بالغزو ) فإيش ؟

السائل : ... .

الشيخ : ( ثم مات مات على شعبة من النفاق ) ، فلا شك أن كلَّ مسلم يحيا ليس في هذا الزمن الذي ابتُلينا بهذا الغزو الجديد ، بل قبل غزو اليهود لفلسطين علينا نحن ألَّا نموت إلا وفي عزمنا هممًا تتيسَّر لنا سُبُل الجهاد في سبيل الله أن نجاهد ، وإلا - لا سمح الله - متنا على شعبة من النفاق .