شرح قوله : " فمنَّا مَن مات لم يأكل من أجره شيئًا ، منهم مصعب بن عمير قُتِلَ يوم أحد " .
A-
A=
A+
الشيخ : ثم يفصِّل فيقول بالنسبة لهؤلاء المجاهدين المهاجرين في سبيل الله : " فمنَّا من مات لم يأكل من أجره شيئًا ، منهم مصعب بن عمير " .
هنا - أيضًا - نكتة وفائدة مهمة ، يقول : " منَّا مَن مات ولم يأكل من أجره شيئًا " ، وهل يأكل المجاهد في سبيل الله من أجره شيئًا ؟
هذه النقطة أظن أنها تخفى على جماهير طلاب العلم ، بل وعلى كثير من خاصَّة العلماء ، وإنما يعرف ذلك من اطَّلع على السنة . أَكَلَ من أجره بيانُه وشرحُه في حديث صحيح ؛ أن المجاهد في سبيل الله - عز وجل - إذا رَجَعَ وقد غَنِمَ شيئًا فقد أكل ثلث أجره ، ثم ادَّخر الله له في الآخرة الثلثين الآخرين ، أما إذا لم يصِبْ المجاهد في سبيل الله شيئًا من المغانم المادية رجع وأجره موفور له عند الله - عز وجل - كاملًا يوم القيامة .
إلى هذا الحديث ولا شك أن الخباب بن الأرت متثقِّف ، وكما يقولون اليوم متخرِّج من مدرسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذه المدرسة قال - عليه السلام - ما سمعتم من ذلك البيان ، فهو يشير إشارة بسيطة جدًّا إلى هذا الحديث حين يقول : " ومنَّا لم يأكل من أجره شيئًا " . وضرب على ذلك مثلًا مصعب بن عمير ، يصف حالة مصعب من الفقر الشديد حينما قُتِلَ شهيدًا يوم أحد ؛ قال : " فلم نجِدْ ما نكفِّنه به إلا بردة " .
ففي هذا الحديث إشارة إلى أن الشهداء وإن كانوا لا يُغسَّلون ، وإن كانوا لا يُصلى عليهم في الغالب ، وفرق في هذَين الحكمَين بالنسبة للثابت في السنة ، فالشهيد في المعركة لا يغسَّل ولا يُصلَّى عليه إلا إن تيسَّر لبعض المسلمين الصلاة عليه ، فالصلاة عليه جائزة ، لكن الفرق بين هذا الشهيد وبين غيره من موتى المسلمين أن الشهيد لا تجب عليه صلاة الجنازة ، فيمكن دفنه بدون صلاة مطلقًا ، لكن هذا لا يعني أنه لا تجوز الصلاة عليه صلاة الجنازة ، لا يعني أن الصلاة عليه صلاة الجنازة بدعة ؛ لأنه لو لم يثبُتْ في السنة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلى على بعض الشهداء ؛ لو لم يثبت هذا لَكانت الصلاة على الشهيد بدعةً في الإسلام ؛ لأنه يكون من محدثات الأمور ، لكن لما كان من الثابت في السنة الصحيحة أن الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - صلى أحيانًا على بعض الشهداء دلَّت صلاتُه هذه على جواز الصلاة على الشهيد ، لكن أحيانًا ، أما الغالب وهو الذي تقتضيه ظروف المعارك أنه لا يمكن الصلاة على هذا الشهيد ، ربما إذا انتُظِر به أنه تسرَّى إليه شيء من الفساد في بدنه ؛ فالسنة المبادرة إلى دفنه .
أما غسله فأمر مقطوع أنه لا يُشرع وليس كالصلاة يُغسل تارةً ولا يُغسل تارةً ؛ لا ، وإنما الحكم في ذلك أنه لا يُغسل مطلقًا ، ويُدفن في ثيابه التي مات فيها . لكن في هذا الحديث وغيره بيان أن معنى كون الشهيد يُدفن في ثيابه التي قُتِلَ فيها لا يعني أنه ليس من السنة تكفينه ، بل يكفَّن على ثيابه التي مات فيها ويُدفن بهذا الكفن . تطبيقًا لهذه السنة لما أرادوا دفنَ مصعب بن عمير - رضي الله عنه - لم يجدوا له بردةً إلا بردة قصيرة لا تحيط بكلِّ بدنه ، فكان كما سمعتم من الخباب : إذا غطَّينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطَّينا رجليه خرج رأسه ، فأوجد لهم الرسول - عليه السلام - مخرجًا من ذلك ، فأمَرَهم قال : " فأمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطِّي رأسه وأن نجعل على رجليه من الإذخر " . هذه حال مَن مات ولم يأكل من أجر جهاده شيئًا كمصعب بن عمير .
قال في تمام الحديث : " ومنَّا من أينعَتْ له ثمرته فهو يهدُبُها - أو يهدِبُها - " فهو يجتنيها ويستثمرها .
وفي هذا إشارة إلى ما سبقَ ذكره في الحديث السابق في خطبة عتبة بن غزوان أنهم قد استثمروا جهادهم ، فكان فيهم الكثير من الأمراء في أطراف البلاد والبلاد الكثيرة ، فمثل هؤلاء أينَعَتْ له ثمرته ، أما خباب بن الأرت فمات شهيدًا ، عفوًا ، أما مصعب بن عمير فمات شهيدًا ولم يدرِكْ ذلك الزمان الذي فتحَ الله فيه البلاد على المسلمين وجنى الكثيرون منهم من ثمار جهادهم السابق .
الحديث الذي بعده حديث حسن .
السائل : اللي قبله - أستاذ - ما ذكرته .
الشيخ : حديث صحيح ؛ لأنُّو رواه البخاري ومسلم .
السائل : ... .
الشيخ : تبع عتبة بن غزوان ؟
السائل : ... .
الشيخ : ضعيف هذا .
هنا - أيضًا - نكتة وفائدة مهمة ، يقول : " منَّا مَن مات ولم يأكل من أجره شيئًا " ، وهل يأكل المجاهد في سبيل الله من أجره شيئًا ؟
هذه النقطة أظن أنها تخفى على جماهير طلاب العلم ، بل وعلى كثير من خاصَّة العلماء ، وإنما يعرف ذلك من اطَّلع على السنة . أَكَلَ من أجره بيانُه وشرحُه في حديث صحيح ؛ أن المجاهد في سبيل الله - عز وجل - إذا رَجَعَ وقد غَنِمَ شيئًا فقد أكل ثلث أجره ، ثم ادَّخر الله له في الآخرة الثلثين الآخرين ، أما إذا لم يصِبْ المجاهد في سبيل الله شيئًا من المغانم المادية رجع وأجره موفور له عند الله - عز وجل - كاملًا يوم القيامة .
إلى هذا الحديث ولا شك أن الخباب بن الأرت متثقِّف ، وكما يقولون اليوم متخرِّج من مدرسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي هذه المدرسة قال - عليه السلام - ما سمعتم من ذلك البيان ، فهو يشير إشارة بسيطة جدًّا إلى هذا الحديث حين يقول : " ومنَّا لم يأكل من أجره شيئًا " . وضرب على ذلك مثلًا مصعب بن عمير ، يصف حالة مصعب من الفقر الشديد حينما قُتِلَ شهيدًا يوم أحد ؛ قال : " فلم نجِدْ ما نكفِّنه به إلا بردة " .
ففي هذا الحديث إشارة إلى أن الشهداء وإن كانوا لا يُغسَّلون ، وإن كانوا لا يُصلى عليهم في الغالب ، وفرق في هذَين الحكمَين بالنسبة للثابت في السنة ، فالشهيد في المعركة لا يغسَّل ولا يُصلَّى عليه إلا إن تيسَّر لبعض المسلمين الصلاة عليه ، فالصلاة عليه جائزة ، لكن الفرق بين هذا الشهيد وبين غيره من موتى المسلمين أن الشهيد لا تجب عليه صلاة الجنازة ، فيمكن دفنه بدون صلاة مطلقًا ، لكن هذا لا يعني أنه لا تجوز الصلاة عليه صلاة الجنازة ، لا يعني أن الصلاة عليه صلاة الجنازة بدعة ؛ لأنه لو لم يثبُتْ في السنة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلى على بعض الشهداء ؛ لو لم يثبت هذا لَكانت الصلاة على الشهيد بدعةً في الإسلام ؛ لأنه يكون من محدثات الأمور ، لكن لما كان من الثابت في السنة الصحيحة أن الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - صلى أحيانًا على بعض الشهداء دلَّت صلاتُه هذه على جواز الصلاة على الشهيد ، لكن أحيانًا ، أما الغالب وهو الذي تقتضيه ظروف المعارك أنه لا يمكن الصلاة على هذا الشهيد ، ربما إذا انتُظِر به أنه تسرَّى إليه شيء من الفساد في بدنه ؛ فالسنة المبادرة إلى دفنه .
أما غسله فأمر مقطوع أنه لا يُشرع وليس كالصلاة يُغسل تارةً ولا يُغسل تارةً ؛ لا ، وإنما الحكم في ذلك أنه لا يُغسل مطلقًا ، ويُدفن في ثيابه التي مات فيها . لكن في هذا الحديث وغيره بيان أن معنى كون الشهيد يُدفن في ثيابه التي قُتِلَ فيها لا يعني أنه ليس من السنة تكفينه ، بل يكفَّن على ثيابه التي مات فيها ويُدفن بهذا الكفن . تطبيقًا لهذه السنة لما أرادوا دفنَ مصعب بن عمير - رضي الله عنه - لم يجدوا له بردةً إلا بردة قصيرة لا تحيط بكلِّ بدنه ، فكان كما سمعتم من الخباب : إذا غطَّينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطَّينا رجليه خرج رأسه ، فأوجد لهم الرسول - عليه السلام - مخرجًا من ذلك ، فأمَرَهم قال : " فأمَرَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطِّي رأسه وأن نجعل على رجليه من الإذخر " . هذه حال مَن مات ولم يأكل من أجر جهاده شيئًا كمصعب بن عمير .
قال في تمام الحديث : " ومنَّا من أينعَتْ له ثمرته فهو يهدُبُها - أو يهدِبُها - " فهو يجتنيها ويستثمرها .
وفي هذا إشارة إلى ما سبقَ ذكره في الحديث السابق في خطبة عتبة بن غزوان أنهم قد استثمروا جهادهم ، فكان فيهم الكثير من الأمراء في أطراف البلاد والبلاد الكثيرة ، فمثل هؤلاء أينَعَتْ له ثمرته ، أما خباب بن الأرت فمات شهيدًا ، عفوًا ، أما مصعب بن عمير فمات شهيدًا ولم يدرِكْ ذلك الزمان الذي فتحَ الله فيه البلاد على المسلمين وجنى الكثيرون منهم من ثمار جهادهم السابق .
الحديث الذي بعده حديث حسن .
السائل : اللي قبله - أستاذ - ما ذكرته .
الشيخ : حديث صحيح ؛ لأنُّو رواه البخاري ومسلم .
السائل : ... .
الشيخ : تبع عتبة بن غزوان ؟
السائل : ... .
الشيخ : ضعيف هذا .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 179
- توقيت الفهرسة : 00:10:30
- نسخة مدققة إملائيًّا