هل تُعَدُّ فلسطين دار حرب أم دار سلم ؟ وما الذي يجب على المسلم في الحالتين ؟ وهل يجوز للمسلم أن يخدمَ في الجيش الإسرائيلي إذا دُعِيَ للخدمة فيه مكرهًا ؟
A-
A=
A+
السائل : سؤال آخر - أيضًا - له صلة بالبحث السابق : إنَّ اليهود قد احتلوا فلسطين والمسجد الأقصى ؛ أَتُعَدُّ فلسطين دار حرب أم دار سلم بنظر للشريعة الإسلامية ؟ ثم ما الذي يجب على المسلم أو ما الذي يُفرض عليه أن يعمله في كلٍّ منهما ؟ ثم هل يجوز للمسلم أن يخدم في الجيش الإسرائيلي إذا دُعِيَ للخدمة فيه مكرهًا ؟ وما الأمور التي تجعل الخدمة في حدود الإكراه ؟
الشيخ : طبعًا هذا لا يجوز ، ولكن أكثر الأسئلة التي وَرَدَت هنا تُؤخذ من الجواب على السؤال السابق ، ما الذي يستطيع المسلمون أن يفعلوه تجاه إسرائيل بل غير إسرائيل ؟ لا شيء أبدًا ، وهذا الأمر يعرفه كلُّ واحد منَّا .
ومن الحماقة في اعتقادي أن يفكِّرَ المسلم ليعملَ شيئًا لا يستطيعه في الوقت الذي يُعرِضُ فيه عن الشيء الذي هو يستطيعه ؛ فهذا السَّائل يتساءل وليس هو في الواقع يمثِّل رأيه ، بل يمثِّل رأي جماهير من الشباب المسلم الضائع ؛ أنُّو ماذا نعمل ؟ ماذا تعمل ؟ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )) ، ماذا تعمل ؟ (( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ )) ؛ لأنُّو بداهةً لا نستطيع أن نعمل شيئًا إطلاقًا بالنسبة لفلسطين ، بالنسبة لأفغانستان ، بالنسبة لبلاد كثيرة جدًّا تعمل فيها الثورات الشيوعية وغيرها ، لكننا نستطيع أن نتفقَّهَ في الدين ، نستطيع أن نفهمَ الإسلام فهمًا صحيحًا ولو بحذر ، ونستطيع أن نطبِّقَ الإسلام على أنفسنا حيث لا أحد يتدخَّل بيننا وبين إسلامنا ، هذا لا نطبِّقه ولا نفعله ، أما فلسطين وأما بلاد الأخرى ماذا نعمل لها ؟ اعمل لنفسك ؛ حين ذاك سيوجد لك الوقت والطاقة والقدرة التي تساعدك على العمل لغيرك ، وما أحسَنَ تلك الجملة التي يذكرها بمثل هذه المناسبة : " أقيموا دولةَ الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " .
السائل : مسألة دار حرب أم دار سلم ؟
الشيخ : لا شك هي دار حرب ، لكن - أيضًا - هذه الأحكام الإسلامية ليس لها مفعول اليوم ؛ لأنه ما حكم دار الحرب ؟ وما حكم دار الإسلام ؟ وبِمَن تتعلق هذه الأحكام ؟ بالدول الإسلامية ، فأين هذه الدول الإسلامية حتى نقول : هذه دار حرب فيجب أن ، لا نزال إيش ؟ نحاربهم ، ونستحل دماءهم وأموالهم ، و و إلى آخره . لا شيء من هذه الأحكام ؛ لأنه ليس هناك حكومات إسلامية تحكم بما أنزل الله - عز وجل - .
السائل : طبعًا الخدمة هون في الجيش إسرائيلي عم يذكر مكرهًا .
الشيخ : هذا سؤال دائمًا ... يعني أقول - ولا مؤاخذة - : يعني كثيرًا ما أتحمَّل أخطاء بعض الناس في أسئلتهم وفي معاملتهم ، لكن هالسؤال ما بأتحمله ، واحد بيقول لي : أنا ما بستطيع أصلي قائمًا . صلِّ قاعدًا ، يا أخي ، إذا كنت ما تستطيع شو بقول لك ؟ شو تتصور أني أقول لك ؟ صلِّ قائمًا ؛ أنت بتقول : لا أستطيع أن أصلي قائمًا . شو تتصور أقول لك أنا ولَّا غيري حتى توجِّه لي السؤال هذا ؟
فخذوها قاعدة شيء غير مستطاع ربنا - عز وجل - ما بيكلفنا به ، فهنا مكرهًا شو بنقول له بقى ؟ بنقول له : لا بتروح ، إي مكره ، إي لا تروح ... .
السائل : لا ، هو في حدود الإكراه هو ... .
الشيخ : ... ليس لها حدود وليست ... حدود فهو يقول : مكرهًا ، الإكراه مثل الاستطاعة ليس لها حدود ، اتَّقِ الله ما استطعت ، ربنا ما قال الاستطاعة تُوزن بميزان من الموازين المادية أو الموازين الأخرى الدقيقة التي حدثَتْ في العصر الحاضر ! الاستطاعة والإكراه يعود إلى المكلَّف ، مثلًا خذوا حادثة بلال الحبشي وعمار بن ياسر كلاهما عُذِّب في سبيل الله - عز وجل - ، فبلال صبر تحت الضَّرب وتحت العذاب في الشمس و و إلى آخره حتى أنقَذَه الله - عز وجل - بشراء أبي بكر إيَّاه وعتقه له ، عمار ما استطاع ذلك الصبر ، لكن من الذي يستطيع أن يحدِّد هالاستطاعة عن هديك الاستطاعة ؟ هو المُكلَّف نفسه ، فهو قيل له : سبّ الرسول - عليه السلام - نخفِّف نتركك ، فسبّ الرسول وتخلَّص ، بعد ذلك ذهب إلى الرسول - عليه السلام - بعدما أحسَّ يعني بشيء من الراحة عرف أنه أخطأ ، فحكى للرسول - عليه السلام - فقال : ( كيف تجد قلبك ؟! ) . قال : أجد قلبي مطمئنًّا بالإيمان . قال : ( فإن عادوا فعُدْ ) ؛ إن عادوا للعذاب الذي لا تستطيعه ولا تطيقه فعُدْ أنت للخلاص منه باللفظ الذي لا تجد أثره على قلبك .
فإن كان المقصود بالسؤال : ما حكم مَن يُساق للجيش الإسرائيلي يُقاتل ، وربما يقاتل المسلمين ؛ فالجواب ما سمعتم ، أما إن كان يسأل : ما هو الإكراه ؟ الجواب : لا نستطيع تحديد الإكراه ؛ لا سيَّما في إكراه في القتال ، في إكراه على - مثلًا - ارتكاب محرَّمات ، في إكراه ، لا يمكن حصر هذه الإكراهات بأنواعها ، ثم لا يمكن تحديد أي إكراه منها بتحديد مادي ، يمكن أن يكون مكره زيد من الناس فيعرف نسبته عمرو من الناس ؛ هذا أمر مستحيل ؛ لذلك جاءت هذه الأمور مطلقة في الكتاب الكريم حتى كل إنسان يعمل بالنَّصِّ في حدود طاقته واستطاعته .
الشيخ : طبعًا هذا لا يجوز ، ولكن أكثر الأسئلة التي وَرَدَت هنا تُؤخذ من الجواب على السؤال السابق ، ما الذي يستطيع المسلمون أن يفعلوه تجاه إسرائيل بل غير إسرائيل ؟ لا شيء أبدًا ، وهذا الأمر يعرفه كلُّ واحد منَّا .
ومن الحماقة في اعتقادي أن يفكِّرَ المسلم ليعملَ شيئًا لا يستطيعه في الوقت الذي يُعرِضُ فيه عن الشيء الذي هو يستطيعه ؛ فهذا السَّائل يتساءل وليس هو في الواقع يمثِّل رأيه ، بل يمثِّل رأي جماهير من الشباب المسلم الضائع ؛ أنُّو ماذا نعمل ؟ ماذا تعمل ؟ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ )) ، ماذا تعمل ؟ (( عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ )) ؛ لأنُّو بداهةً لا نستطيع أن نعمل شيئًا إطلاقًا بالنسبة لفلسطين ، بالنسبة لأفغانستان ، بالنسبة لبلاد كثيرة جدًّا تعمل فيها الثورات الشيوعية وغيرها ، لكننا نستطيع أن نتفقَّهَ في الدين ، نستطيع أن نفهمَ الإسلام فهمًا صحيحًا ولو بحذر ، ونستطيع أن نطبِّقَ الإسلام على أنفسنا حيث لا أحد يتدخَّل بيننا وبين إسلامنا ، هذا لا نطبِّقه ولا نفعله ، أما فلسطين وأما بلاد الأخرى ماذا نعمل لها ؟ اعمل لنفسك ؛ حين ذاك سيوجد لك الوقت والطاقة والقدرة التي تساعدك على العمل لغيرك ، وما أحسَنَ تلك الجملة التي يذكرها بمثل هذه المناسبة : " أقيموا دولةَ الإسلام في قلوبكم تُقَمْ لكم في أرضكم " .
السائل : مسألة دار حرب أم دار سلم ؟
الشيخ : لا شك هي دار حرب ، لكن - أيضًا - هذه الأحكام الإسلامية ليس لها مفعول اليوم ؛ لأنه ما حكم دار الحرب ؟ وما حكم دار الإسلام ؟ وبِمَن تتعلق هذه الأحكام ؟ بالدول الإسلامية ، فأين هذه الدول الإسلامية حتى نقول : هذه دار حرب فيجب أن ، لا نزال إيش ؟ نحاربهم ، ونستحل دماءهم وأموالهم ، و و إلى آخره . لا شيء من هذه الأحكام ؛ لأنه ليس هناك حكومات إسلامية تحكم بما أنزل الله - عز وجل - .
السائل : طبعًا الخدمة هون في الجيش إسرائيلي عم يذكر مكرهًا .
الشيخ : هذا سؤال دائمًا ... يعني أقول - ولا مؤاخذة - : يعني كثيرًا ما أتحمَّل أخطاء بعض الناس في أسئلتهم وفي معاملتهم ، لكن هالسؤال ما بأتحمله ، واحد بيقول لي : أنا ما بستطيع أصلي قائمًا . صلِّ قاعدًا ، يا أخي ، إذا كنت ما تستطيع شو بقول لك ؟ شو تتصور أني أقول لك ؟ صلِّ قائمًا ؛ أنت بتقول : لا أستطيع أن أصلي قائمًا . شو تتصور أقول لك أنا ولَّا غيري حتى توجِّه لي السؤال هذا ؟
فخذوها قاعدة شيء غير مستطاع ربنا - عز وجل - ما بيكلفنا به ، فهنا مكرهًا شو بنقول له بقى ؟ بنقول له : لا بتروح ، إي مكره ، إي لا تروح ... .
السائل : لا ، هو في حدود الإكراه هو ... .
الشيخ : ... ليس لها حدود وليست ... حدود فهو يقول : مكرهًا ، الإكراه مثل الاستطاعة ليس لها حدود ، اتَّقِ الله ما استطعت ، ربنا ما قال الاستطاعة تُوزن بميزان من الموازين المادية أو الموازين الأخرى الدقيقة التي حدثَتْ في العصر الحاضر ! الاستطاعة والإكراه يعود إلى المكلَّف ، مثلًا خذوا حادثة بلال الحبشي وعمار بن ياسر كلاهما عُذِّب في سبيل الله - عز وجل - ، فبلال صبر تحت الضَّرب وتحت العذاب في الشمس و و إلى آخره حتى أنقَذَه الله - عز وجل - بشراء أبي بكر إيَّاه وعتقه له ، عمار ما استطاع ذلك الصبر ، لكن من الذي يستطيع أن يحدِّد هالاستطاعة عن هديك الاستطاعة ؟ هو المُكلَّف نفسه ، فهو قيل له : سبّ الرسول - عليه السلام - نخفِّف نتركك ، فسبّ الرسول وتخلَّص ، بعد ذلك ذهب إلى الرسول - عليه السلام - بعدما أحسَّ يعني بشيء من الراحة عرف أنه أخطأ ، فحكى للرسول - عليه السلام - فقال : ( كيف تجد قلبك ؟! ) . قال : أجد قلبي مطمئنًّا بالإيمان . قال : ( فإن عادوا فعُدْ ) ؛ إن عادوا للعذاب الذي لا تستطيعه ولا تطيقه فعُدْ أنت للخلاص منه باللفظ الذي لا تجد أثره على قلبك .
فإن كان المقصود بالسؤال : ما حكم مَن يُساق للجيش الإسرائيلي يُقاتل ، وربما يقاتل المسلمين ؛ فالجواب ما سمعتم ، أما إن كان يسأل : ما هو الإكراه ؟ الجواب : لا نستطيع تحديد الإكراه ؛ لا سيَّما في إكراه في القتال ، في إكراه على - مثلًا - ارتكاب محرَّمات ، في إكراه ، لا يمكن حصر هذه الإكراهات بأنواعها ، ثم لا يمكن تحديد أي إكراه منها بتحديد مادي ، يمكن أن يكون مكره زيد من الناس فيعرف نسبته عمرو من الناس ؛ هذا أمر مستحيل ؛ لذلك جاءت هذه الأمور مطلقة في الكتاب الكريم حتى كل إنسان يعمل بالنَّصِّ في حدود طاقته واستطاعته .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 146
- توقيت الفهرسة : 00:45:52
- نسخة مدققة إملائيًّا