ما حكم الحجِّ المُفرد في الإسلام ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم الحجِّ المُفرد في الإسلام ؟
A-
A=
A+
السائل : يا شيخ ، أحسن الله إليكم ، بالنسبة للحج المفرد ؛ ما حكمه في الإسلام يعني ؟

الشيخ : الحج المفرد ليس له مكان في الإسلام إلا في حالة الضرورة ، أما إنسان يملك الوقت فلا يجوز له أن ينوِيَ الحج المفرد ، الحج المفرد يقع في صورة نادرة جدًّا ، مما وقع فيما مضى في عهد الرسول - عليه السلام - السيدة عائشة - رضي الله عنها - كانت حاجَّةً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع ، وكانت متمتِّعة بالعمرة إلى الحج ، فهي أحرمت في العمرة ، ولكنها لمَّا نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكان قريب من مكة يعرف بسَرِف هناك دخل عليها الرسول - عليه السلام - وهي في خيمتها ، فوجدها تبكي ، قال : ( ما لك ؟ أنفست ؟ ) ، قالت : بلى يا رسول الله . قال : ( هذا أمرٌ كتبه الله على بنات آدم ، فاصنعي ما يصنع الحاج غير ألَّا تطوفي ولا تصلي ) . فإذًا هذه اضطُرَّت إلى أن تقلب عمرتها إلى حجٍّ مفرد ؛ ولذلك فهي لم تطُفْ كما أنها لم تصلِّ ، لكنها صنعت كما قال لها نبيُّها وزوجها - صلوات الله وسلامه عليه - كل مناسك الحج ، حتى وصلت إلى عرفة وهناك طهرت في عرفات ، فأدَّت بقية المناسك إلى أن طاف الرسول - عليه السلام - طواف الوداع وأعلن النَّفرة والرجوع إلى المدينة ، فدخل عليها مرَّةً أخرى فإذا هي - أيضًا - تبكي ، قال : ( ما لك تبكين ؟ ) . قالت : ما لي لا أبكي ؟ الناس يرجعون بحجٍّ وعمرة وأنا أرجع بحجٍّ دون عمرة ؟! تعني بالناس ضرائرها ؛ إي نعم ؛ لأنهنَّ جميعًا كنا أحرمْنَ بالتمتُّع بالعمرة إلى الحج ، فهي لما لم تتمكَّن من إتمام العمرة بسبب عذرها وانقلبت عمرتها إلى حجٍّ مفرد آست وأسفت على هذا الوضع ، وغيرها تذهب بحج وعمرة ، وهذا من باب الغبطة وليست من باب الحسد ، إي نعم ، فقال - عليه السلام - : ( إنما أجرُكِ على قدر نصبك ) . ثم قال لأخيها عبد الرحمن : ( أردِفْها خلفَك ، ثم اذهب بها إلى التَّنعيم ولتُحرِمْ من هناك بعمرة ) ، فرجعت وأدَّت العمرة ، فهذه كانت حجُّها مفردًا . في هيك صورة على قاعدة : " مكره أخاك لا بطل " ، هذا يجوز .

كذلك - مثلًا - قد يخرج إنسان في ما قبل موسم الحج - يعني ما قبل عرفة بوقت ضيِّق - فما يستطيع وما ... أنُّو يأتي مكة ويطوف طواف القدوم ويتحلَّل بحيث يؤدِّي العمرة ، ثم يتابع إلى منى ، ثم إلى عرفات ، فيذهب توًّا إلى عرفات ، هذا - أيضًا - حج مفرد ، لكن هذا معذور ، أما إنسان معه وقت وينوي الحج المفرد من الميقات ومعه أيام طويلة ؛ هذا مما نهى عنه الرسول - عليه السلام - كما جاء في قصَّة حجَّتِه - عليه السلام - ، وهي قصَّة رائعة مشوِّقة ، ممَّا جاء فيها أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خرج من المدينة إلى ذي الحُلَيفة ، ومن هناك أحرم - عليه السلام - ، فانطلق يمشي على راحلته وأمامه الجبال من الرجال ، في بعض المنازل خطب فيهم قال : ( مَن شاء منكم أن يجعَلَها عمرة فليفعَلْ ) ، وقد كان فيهم المُفرد والقارن والمتمتِّع ، وكان فيهم مَن ساق الهديَ من المدينة ومن لم يسُقْ ، فهنا خيَّر مَن كان لم يسُقِ الهدي أن يقلبَ حجَّه إلى عمرة ، هذا يُسمَّى في لغة العلماء وبخاصَّة لغة الإمام أحمد - رحمه الله - بفسخ الحج إلى العمرة ؛ قال : ( مَن شاء منكم أن يجعَلَ الحج عمرة فليفعَلْ ) ، لكن ممَّن لم يسق الهدي ، فمنهم من فعل ومنهم من بقي على نيَّته السابقة ، وهكذا إلى أن نزل في مكان قريب من مكة ، فقال لهم : ( من كان منكم لم يسُقِ الهدي فليجعَلْ حجَّه عمرة ) ، هناك من قبل قال : ( وأحبَّ ) ، هنا قال : ( فليجعَلْ ) ، ثم دخل - عليه السلام - وطاف وسعى ، وفعل كذلك أصحابه ، وهو - عليه السلام - في آخر شوط من السَّعي وقف على المروة خطيبًا ، فقال له رجل من أصحابه اسمه سراقة بن جشعم قال : يا رسول الله ، عمرتنا هذه = -- سائل آخر : يا هلا . الشيخ : أهلًا بك -- = عمرتنا هذه أَلِعَامِنا هذا أم للأبد ؟ قال : ( بل لأبد الأبد ، دخلت العمرة في الحجِّ إلى يوم القيامة ) ... العمرة إلى الحج ، (( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ )) ، فما يعني عذر لمن لا يتمتَّع ، ثم التمتُّع فيه تيسير على الناس ، التحلُّل بين العمرة والحجِّ أيسر بكثير من أن يظَلَّ الإنسان في إحرامه ربما شهر ، ربما أقل ، ربما أكثر ، وأنا أعرف بعض الناس لما كنت في دمشق كانوا يأتون من بلاد الأفغان وهم محرمون ، ويعيشون في دمشق ما شاء الله أيَّامًا وهم في إحرامهم ، وهكذا يذهبون إلى مكة والمدينة يظلُّون في حالة إحرام ، الله ما كلَّفهم بهذا ! فربنا يقول : (( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )) ، فأقصد أن الإنسان يشقُّ على نفسه هذا ليس من الشرع في شيء .

مواضيع متعلقة