ما حكم مَن مات ولم يحجَّ وقد كان مستطيعًا ، وقد كان مذهبه جواز التأخير في الحج ؟ وبيان معنى قوله - تعالى - : (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )) . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم مَن مات ولم يحجَّ وقد كان مستطيعًا ، وقد كان مذهبه جواز التأخير في الحج ؟ وبيان معنى قوله - تعالى - : (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )) .
A-
A=
A+
عيد عباسي : لو كان هذا الإنسان ... يرى الحج على الكراهة .

الشيخ : لا ، قبل أن تعلِّق ، وإنما أريد أن أقول : إن هذا الذي مات ولم يحجَّ لأنه أجَّل ما كان بإمكانه إلى حيث لا إمكان له ؛ هذا خالف آية أو حديثًا ، آية وحديثًا ، أما الآية فقول الله - تبارك وتعالى - : (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )) ، (( سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ )) أي : سارعوا إلى أعمال شَرَعَها الله لكم وأوجَبَها عليكم بها تستحقُّون مغفرة ربكم ، هذا معنى الآية : (( سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ )) أي : إلى أسباب المغفرة ، ولا شك أن الحجَّ من أعظم الأسباب التي بها يستحقُّ القائم به مغفرة الله ؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام - كما في حديث البخاري : ( الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة ) ، وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن حجَّ فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) .

إذًا المسارعة إلى الحج مسارعة إلى المغفرة ، فالذي لم يُسارع إلى الحج وهو مستطيع فقد خالف هذه الآية الكريمة ، كما أنه خالَفَ الحديث الشريف ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن أراد الحج فليعجِّل ؛ فقد تضِلُّ الضالة ، ويمرض المريض ) ، يومئذٍ كانوا كما تعلمون وسيلة السفر في الغالب إنما هي الدواب ، وأعمُّها استعمالًا الإبل ؛ لأنها تتحمَّل المشاق والمسافات البعيدة والطويلة ، فيقول الرسول - عليه السلام - : ( فقد تضلُّ الضالة ) ، بيكون أنت عندك ناقة أو جمل ومهيِّئ حالك أنك تحج عليه أو عليها ، وإذا بك تصبح يومًا فتجدها شاردة أو شاردًا ، هات بقى وين الوسيلة اللي ادَّخرتها وتباطأت في استعمالها ؟ يقول الرسول - عليه السلام - : ( فقد تضلُّ الضالة ) ، فقبل أن تضلَّ الضالة عجِّل بالحج عليها إلى بيت الله الحرام . وأكثر من ذلك ( يمرض المريض ) ، أنت بتكون سليم قوي البنية تستطيع أن تحجَّ هذه السنة ، فتقول : سوف وسوف تُسوِّف ، فيأتي العام الثاني وأنت مريض عليل ما تستطيع أن تحجَّ ؛ لذلك قال - عليه السلام - : ( مَن أراد الحج فليعجِّل ) .

إذًا الذي يُسوِّف في الحج ويتباطأ فيه هو مخالف للكتاب والسنة ، أما سؤالك إذا كان هو يرى المذهب الذي يُجيز التراخي في الحج ؛ فنحن نجيب بجوابين اثنين :

أوَّلًا : نحن لا يجوز لنا أن نكون عونًا على الخطأ ، فإن كان هو يرى هذا ومات على هذا فنحن لا نفتي فتوى تُخالف الصواب من المذهب وهو التعجيل في الحج .

والشيء الآخر : أن الذين يرون التراخي بالحج ؛ فهل معنى قولهم هذا أنه إذا مات بسبب التراخي فلم يحجَّ أنه يموت غير آثم ؟! هذا في الحقيقة لا أستحضر الآن ، لكن أستبعد أن يقولوا : إنه مات غير آثم ؛ فإذًا إن قالوا كما نعتقد أنه مات آثمًا فقد التقوا معنا ، وإن خالفونا فلَسْنا بالمكلفين أن نُفتيَهم بفتاوى تخالف ما عندنا وتوافق ما عندهم .

عيد عباسي : ... إذا كان مَن يرى رأينا ، لكن الأب كان نيته صالحة ... .

الشيخ : هذا هو الجواب ، أعطيتك الجواب .

مواضيع متعلقة