ما حكم صيام يوم السبت إذا وافق يوم عرفة ويوم عاشوراء ؟
A-
A=
A+
السائل : ... صيام يوم السبت لا سيَّما إن وافق يوم فضل كيوم عاشوراء أو يوم عرفة ؟ وما قولكم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص إنه قال لي الرسول - صلى الله عليه وسلم - : أصوم الدهر ؟ فقال : ( لا تطيق ذلك ) . فقال : ( صم ثلاثة أيام من كل شهر ) ، ثم قال له : ( الاثنين والخميس ) ، ثم قال : ( تصوم يومًا وتفطر يومًا ) ؛ فإن ذلك صيام داود - عليه السلام - ؟
الشيخ : كل هذه الأدلة - بل جلُّها - استدلال بعمومات مُعارضةٌ للحديث الخاص ، وهذا لا يجوز ، بعض الأدلة التي جاء ذكرها أو الأحاديث التي جاء ذكرها في سؤالك هذا يُرَدُّ على السائل بالتالي : أرأيتَ لو أفطر حسب نظامه يصوم يومًا ويفطر يومًا ، كان فطره قبل يوم العيد ، نفترض أن يوم العيد كان يوم الثلاثاء ، فصام هو أفطر هو ليس على قاعدة يصوم يومًا ويفطر ، أفطر على قاعدة : يصوم يومًا ويفطر يومًا ، فأفطر يوم الاثنين ، وهو معلوم أنه يوم فضيلة ، وهذا مثال ، ولا يُقصد بالمثال التحديد ، فلنقل مثلًا أفطر يوم الأحد ، ثم جاء يوم الاثنين ، ويُشرع صيام يوم الاثنين ، لكن اتفق أنه يوم عيد ، فهنا وُجد مسوِّغان للصيام ، المسوِّغ الأول هو كونه يوم الاثنين ، والمسوِّغ الثاني هو أنه أفطر يوم الأحد ، ومن عادته أنه يفطر يومًا ويصوم يومًا ؛ فهل يصومه ؟ سيكون جواب الجميع : لا يصومه ؛ فماذا فعلنا بالأحاديث التي تحضُّ على صيام يوم الاثنين ، والأحاديث التي ذكرت - وذكرت أنت طرفًا منها - : ( صُم يومًا وأفطر يومًا ؛ فإنه أفضل الصيام ، وهو صوم داود - عليه السلام - ) ؛ ماذا نفعل بهذه الأدلة العامة ؟
نقيِّدها ونقول : صم يومًا وأفطر يومًا ؛ إلا إذا صادفت في صيامك صومَ يومٍ منهيٍّ عنه ؛ أليس هكذا نوفِّق ؟ كذلك الجواب عن مشكلة حديث الذي لا يزال الناس يتجادلون فيه ، وهو نصٌّ صريحٌ لا يقبل الجدل إطلاقًا لولا غلبة العادات .
صيام يوم البيض ثلاثة أيام صادف يوم السبت ، صيام يوم عاشوراء صيام يوم عرفة صادف يوم السبت ، لم يعد الناس يستطيعون أن يهضموا بعض الأحكام الشرعية لغلبة العادة على الناس ، وها نحن قد أجبناكم عن حلِّ مشكلة تقع بالتوفيق بين المستحبِّ من العبادات والمنهيِّ عنها ؛ فقلنا : النهي مُقدَّم ، وهذا يعبِّر عنه بعض علماء الأصول بأنه : " إذا تعارض مُبيح وحاظر قُدِّم الحاظر على المبيح " ، فالأمثلة كثيرة وكثيرة جدًّا ، أهمُّها لإبراز كيفية التَّوفيق بين الأحاديث المتعارضة في أذهان بعض الناس ما صوَّرته لكم آنفًا ؛ رجل يصوم يومًا ويفطر يومًا اتفق أنه أفطر يوم الأحد ، وعليه بالنظر لعادته أن يصوم يوم الاثنين ، ويوم الإثنين له فضيلة خاصة كما هو معروف في السنة ، لكن اتفق أن هذا اليوم كان يوم عيد ؛ أفيصومه ؟ كان الجواب : لا ، ولا أحد يخالف في هذا ، ما هي القاعدة التي يستند العلماء في مثل هذا الموقف ؛ صوم يوم الاثنين لوحده مشروع ، وبخاصة إذا جاء حسب الترتيب الذي جرى المعتاد أن يفطر يومًا وأن يصوم يومًا ؛ ما هي القاعدة التي جرى عليها العلماء ؟ هي الحاظر مُقدَّم على المبيح .
فالآن لا شجاعة ولا بطولة علمية أن نُكثِّر الأمثلة لضرب حديث : ( لا تصوم يوم السبت ) ؛ فنقول - مثلًا - اتفق أن يوم السبت كان يوم عاشوراء لا نصومه ؛ خسارة كفارة سنة ، اتفق أن يوم عرفة يوم سبت لا نصومه ؛ خسارة كفارة سنتين ، كذلك أيام البيض ونحو ذلك ؛ الجواب الحاظر مقدم على المبيح ، ثلاثة أيام البيض اتفق أنه يوم سبت دَعْه ، عاشوراء يوم السبت دَعْه ، عرفة يوم السبت دَعْه ، ولست بالخاسر ، وهذه يجب أن نتنبَّه لها ؛ لماذا ؟ لأنك أولًا وقفت عند نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤكَّد حيث قال : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم ؛ ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فَلْيمضَغْه ) ، هذا تأكيد للنهي ، وأنك يجب عليك يوم السبت أن تؤكِّد للناس أنك مُفطر ولو كان يوم فضيلة في الأصل ، اتفق عاشوراء مع السبت ، عرفة مع السبت ، يوم من أيام البيض مع السبت ، إلى آخره ؛ فأنت تدع صيام هذا اليوم وقوفًا مع نهي الرسول - عليه السلام - عنه ؛ فهل نتصوَّر من قدَّم الحاضر على المبيح أنه خسر ؟
تفكروا في المثال الأول ؛ يوم الاثنين يوم عيد ؛ فهل نصوم ؟ لا ، هل خسر ؟ الجواب : لا ؛ لم ؟ احفظوا هذا الحديث مَن كان منكم لا يحفظه ، وليتذكَّره من كان يحفظه ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : ( من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه ) ، الذي ترك صيام يوم الاثنين لموافقته يوم عيد ، وامشوا بالأمثلة ما شئتم ؛ هل هو خسر أم ربح ؟ الجواب : ربح ؛ لماذا ؟ لأنه كان ناويًا أن يصوم يوم هذا اليوم لولا أنه جاء النهي عن صيام هذا اليوم ؛ فقُدِّم النهي على المبيح ؛ فإذًا يصدق على كلِّ من ترك صيام يوم له فضيلة خاصة لأنه اتفق أنه كان يوم سبت ؛ فحينئذ يصدق عليه قوله - عليه السلام - : ( من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه ) .
فنسأل الله - عز وجل - أن يعلِّمنا ما ينفعنا ، وأن يزيدنا علمًا ، وأن يُلهمنا العمل بما علَّمنا ، إنه سميع مجيب ، وصلى الله على محمَّدٍ النَّبيِّ الأمِّيِّ ، وعلى آله وصحبه وسلم .
وانتهت الأسئلة فلا إزعاج ، ومعذرة .
الشيخ : كل هذه الأدلة - بل جلُّها - استدلال بعمومات مُعارضةٌ للحديث الخاص ، وهذا لا يجوز ، بعض الأدلة التي جاء ذكرها أو الأحاديث التي جاء ذكرها في سؤالك هذا يُرَدُّ على السائل بالتالي : أرأيتَ لو أفطر حسب نظامه يصوم يومًا ويفطر يومًا ، كان فطره قبل يوم العيد ، نفترض أن يوم العيد كان يوم الثلاثاء ، فصام هو أفطر هو ليس على قاعدة يصوم يومًا ويفطر ، أفطر على قاعدة : يصوم يومًا ويفطر يومًا ، فأفطر يوم الاثنين ، وهو معلوم أنه يوم فضيلة ، وهذا مثال ، ولا يُقصد بالمثال التحديد ، فلنقل مثلًا أفطر يوم الأحد ، ثم جاء يوم الاثنين ، ويُشرع صيام يوم الاثنين ، لكن اتفق أنه يوم عيد ، فهنا وُجد مسوِّغان للصيام ، المسوِّغ الأول هو كونه يوم الاثنين ، والمسوِّغ الثاني هو أنه أفطر يوم الأحد ، ومن عادته أنه يفطر يومًا ويصوم يومًا ؛ فهل يصومه ؟ سيكون جواب الجميع : لا يصومه ؛ فماذا فعلنا بالأحاديث التي تحضُّ على صيام يوم الاثنين ، والأحاديث التي ذكرت - وذكرت أنت طرفًا منها - : ( صُم يومًا وأفطر يومًا ؛ فإنه أفضل الصيام ، وهو صوم داود - عليه السلام - ) ؛ ماذا نفعل بهذه الأدلة العامة ؟
نقيِّدها ونقول : صم يومًا وأفطر يومًا ؛ إلا إذا صادفت في صيامك صومَ يومٍ منهيٍّ عنه ؛ أليس هكذا نوفِّق ؟ كذلك الجواب عن مشكلة حديث الذي لا يزال الناس يتجادلون فيه ، وهو نصٌّ صريحٌ لا يقبل الجدل إطلاقًا لولا غلبة العادات .
صيام يوم البيض ثلاثة أيام صادف يوم السبت ، صيام يوم عاشوراء صيام يوم عرفة صادف يوم السبت ، لم يعد الناس يستطيعون أن يهضموا بعض الأحكام الشرعية لغلبة العادة على الناس ، وها نحن قد أجبناكم عن حلِّ مشكلة تقع بالتوفيق بين المستحبِّ من العبادات والمنهيِّ عنها ؛ فقلنا : النهي مُقدَّم ، وهذا يعبِّر عنه بعض علماء الأصول بأنه : " إذا تعارض مُبيح وحاظر قُدِّم الحاظر على المبيح " ، فالأمثلة كثيرة وكثيرة جدًّا ، أهمُّها لإبراز كيفية التَّوفيق بين الأحاديث المتعارضة في أذهان بعض الناس ما صوَّرته لكم آنفًا ؛ رجل يصوم يومًا ويفطر يومًا اتفق أنه أفطر يوم الأحد ، وعليه بالنظر لعادته أن يصوم يوم الاثنين ، ويوم الإثنين له فضيلة خاصة كما هو معروف في السنة ، لكن اتفق أن هذا اليوم كان يوم عيد ؛ أفيصومه ؟ كان الجواب : لا ، ولا أحد يخالف في هذا ، ما هي القاعدة التي يستند العلماء في مثل هذا الموقف ؛ صوم يوم الاثنين لوحده مشروع ، وبخاصة إذا جاء حسب الترتيب الذي جرى المعتاد أن يفطر يومًا وأن يصوم يومًا ؛ ما هي القاعدة التي جرى عليها العلماء ؟ هي الحاظر مُقدَّم على المبيح .
فالآن لا شجاعة ولا بطولة علمية أن نُكثِّر الأمثلة لضرب حديث : ( لا تصوم يوم السبت ) ؛ فنقول - مثلًا - اتفق أن يوم السبت كان يوم عاشوراء لا نصومه ؛ خسارة كفارة سنة ، اتفق أن يوم عرفة يوم سبت لا نصومه ؛ خسارة كفارة سنتين ، كذلك أيام البيض ونحو ذلك ؛ الجواب الحاظر مقدم على المبيح ، ثلاثة أيام البيض اتفق أنه يوم سبت دَعْه ، عاشوراء يوم السبت دَعْه ، عرفة يوم السبت دَعْه ، ولست بالخاسر ، وهذه يجب أن نتنبَّه لها ؛ لماذا ؟ لأنك أولًا وقفت عند نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤكَّد حيث قال : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم ؛ ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فَلْيمضَغْه ) ، هذا تأكيد للنهي ، وأنك يجب عليك يوم السبت أن تؤكِّد للناس أنك مُفطر ولو كان يوم فضيلة في الأصل ، اتفق عاشوراء مع السبت ، عرفة مع السبت ، يوم من أيام البيض مع السبت ، إلى آخره ؛ فأنت تدع صيام هذا اليوم وقوفًا مع نهي الرسول - عليه السلام - عنه ؛ فهل نتصوَّر من قدَّم الحاضر على المبيح أنه خسر ؟
تفكروا في المثال الأول ؛ يوم الاثنين يوم عيد ؛ فهل نصوم ؟ لا ، هل خسر ؟ الجواب : لا ؛ لم ؟ احفظوا هذا الحديث مَن كان منكم لا يحفظه ، وليتذكَّره من كان يحفظه ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : ( من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه ) ، الذي ترك صيام يوم الاثنين لموافقته يوم عيد ، وامشوا بالأمثلة ما شئتم ؛ هل هو خسر أم ربح ؟ الجواب : ربح ؛ لماذا ؟ لأنه كان ناويًا أن يصوم يوم هذا اليوم لولا أنه جاء النهي عن صيام هذا اليوم ؛ فقُدِّم النهي على المبيح ؛ فإذًا يصدق على كلِّ من ترك صيام يوم له فضيلة خاصة لأنه اتفق أنه كان يوم سبت ؛ فحينئذ يصدق عليه قوله - عليه السلام - : ( من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه ) .
فنسأل الله - عز وجل - أن يعلِّمنا ما ينفعنا ، وأن يزيدنا علمًا ، وأن يُلهمنا العمل بما علَّمنا ، إنه سميع مجيب ، وصلى الله على محمَّدٍ النَّبيِّ الأمِّيِّ ، وعلى آله وصحبه وسلم .
وانتهت الأسئلة فلا إزعاج ، ومعذرة .