إذا كان المسلم يأكل في سحوره ، وأذَّن عليه الفجر ؛ فماذا عليه ؟
A-
A=
A+
عيد عباسي : إذا كان المسلم يأكل وأذَّن عليه الفجر ؛ فما حكم صومه ؟ فهل عليه قضاء ... ؟
الشيخ : النَّصُّ القرآني صريح في هذا ؛ ألا وهو قوله - تعالى - : (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) ، فالآية صريحة في إباحة استمرار المتسحِّر في طعامه وشرابه حتى يتبيَّن الفجر ؛ أي : حتى يتأكَّد من طلوع الفجر الصادق ، وهذه الآية لحكمةٍ ما جاء فيها ربنا - عز وجل - بقوله : (( حَتَّى يَتَبَيَّنَ )) ؛ لأن التبيُّن من الشيء هو التأكد منه ، والواقع أنه هناك تساؤلات كثيرة في أن المؤذِّنين في هذه البلاد يؤذِّنون مع طلوع الفجر الصادق ، فقد كنَّا في العمرة في رمضان هذا في مكة والمدينة ، فرَأيناهم يتأخَّرون في الأذان أذان الفجر الصادق قرابة نصف ساعة ، ونحن لا نعلم هناك فرقًا من حيث خطوط الطول يؤدي إلى هذا الفرق بين فجرهم وفجرنا .
وملاحظتنا هذه الأخيرة هناك ذكَّرتنا بما نسمعه من إخواننا المثقَّفين المتفقِّهين في الأردن أنهم يقطعون هناك بأن الأذان في الأردن - بصورة عامة ليس فقط في رمضان - يؤذِّنون قبل الفجر الصادق بنحو ثلث ساعة ، ثم جاء بعض إخواننا هؤلاء الأردنيين إلى هنا واتَّصلوا مع بعض إخواننا ، وأيضًا راقبوا طلوع الفجر هنا في دمشق بصورة خاصَّة ، فظهر لهم - وما أقول تبيَّن ؛ لأنني بعدُ ما تبيَّنتُ من ما ظهر لهم - ؛ فظهر لهم أن الأمر هنا كالأمر هناك .
ولذلك كان في نفسي أن نعمل جلسة خاصَّة مع بعض إخواننا ونتدارس هذه القضية بالنسبة لنا هنا في دمشق ؛ أي : هل يؤذِّنون الأذان الثاني - وليس الأذان الأول - ؛ هل يؤذِّنون الأذان الثاني الذي به يحرم الطعام وتحلُّ الصلاة في الوقت تمامًا أم يتقدَّمون به على الوقت كما يفعلون في بدعة الأذان الأول ؟ حيث أنهم يسمُّونه بأذان الإمساك ، وهو في الحقيقة من الناحية الشرعية هو أذان الطعام والشراب وليس أذان الإمساك ، فهم يسمُّونه أذان إمساك وحتى سُجِّل فيما يسمُّونه بـ " الإمساكية " ، فصار لزامًا على كلِّ صائم أن يمسك عن طعامه وشرابه بمجرَّد أن سمع الأذان الأول ، وهو شرعًا أذان الطعام والشراب ؛ بدليل حديث البخاري ومسلم عن جماعة من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( لا يغرَّنَّكم أذان بلال ؛ فإنما يؤذِّن بليل ليقومَ النائم ويتسحَّر المتسحِّر ؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابن أمِّ مكتوم ) . فهو - عليه السلام - أمَرَ بالأذان بالطعام والشراب أن يستمرَّ فيه الإنسان ولو بعد أذان بلال ؛ لأنُّو بلال يقول يؤذِّن ليقوم النائم ويتسحَّر المتسحِّر ، فالأذان الأول هو غرض التنبيه أنُّو الآن وقت الطعام والشراب ؛ قال - عليه السلام - : ( فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابنُ أمِّ مكتوم ) .
وقد جاء في هذا الحديث بأنَّه كان بين أذانَيهما مقدار تلاوة خمسين آية ؛ أي : أنَّ الوقت بين الأذانين وقت قريب جدًّا ، وليس - أيضًا - هذه المسافة التي تأخذ من الزمن نحو ربع ساعة اليوم بين أذان الإمساك المزعوم وبين أذان الفجر ؛ لذلك فممكن أن بعض الموقِّتين الذين يوقِّتون التوقيت الفلكي هذا ؛ ربما - أيضًا - لاحظوا احتياطًا ثانيًا غير احتياط أذان الإمساك ؛ لاحظوا احتياطًا ثانيًا في توقيت الأذان الثاني ، فتقدَّموا به حتى ما يدخل الفجر الصادق بزعمهم ، وبعضهم لا يزال يأكل فيفطر ، ولَئِن كان هذا واقعًا هذا يدل على جهل بالغ ؛ لأنُّو هناك أمران كلٌّ منهما عبادة وطاعة ، فكما لا يجوز الاستمرار في الطعام والشراب بالنسبة للمتسحِّر حتى دخول الفجر الصادق ؛ كذلك لا يجوز للإنسان أن يصلي قبل الفجر الصادق ؛ فكلٌّ منهما عبادة .
فالخلاصة : هذا الأذان الثاني يجب في الواقع التثبُّت من كونه يُؤذَّن في الوقت ، وعندنا شكوك كثيرة جدًّا للأمور التي ذكرناها ، ومع ذلك فهناك فُسحة ورُخصة صريحة في الحديث الصحيح ، فلو افترضنا أنَّ هذا الأذان الثاني يؤذِّنه المؤذِّنون في الوقت الصحيح في الفجر الصادق تأتي هذه الرُّخصة الكريمة ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضَعْه حتى يقضِيَ حاجته منه ) . ( إذا سمع أحدكم النداء ) يعني الثاني ، أما الأول : ( فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابنٌ أمِّ مكتوم ) ، أما الأذان الثاني فتأخذ حاجتك ، ( إذا سمع أحدُكم النداءَ والإناءُ على يده فلا يضَعْه حتى يأخذ حاجته منه ) . ففي هذا رخصة أن يستمرَّ الصائم في الطعام حتى يأخذ حاجته ، ما يجعلها تسلية ؛ ما يعود - مثلًا - يتفكَّه أو يفصفص بذر - مثلًا - بحجة أنُّو حتى يقضي حاجته منه ؛ لا ، هذا ليس مما له فيه حاجة ، هذا من باب التسلية ؛ فالحديث صريح : ( إذا سمع أحدكم النداء والإناءُ على يده ) الذي يأكل ويشرب منه ؛ ( فلا يضَعْه حتى يقضِيَ حاجته منه ) .
الشيخ : النَّصُّ القرآني صريح في هذا ؛ ألا وهو قوله - تعالى - : (( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) ، فالآية صريحة في إباحة استمرار المتسحِّر في طعامه وشرابه حتى يتبيَّن الفجر ؛ أي : حتى يتأكَّد من طلوع الفجر الصادق ، وهذه الآية لحكمةٍ ما جاء فيها ربنا - عز وجل - بقوله : (( حَتَّى يَتَبَيَّنَ )) ؛ لأن التبيُّن من الشيء هو التأكد منه ، والواقع أنه هناك تساؤلات كثيرة في أن المؤذِّنين في هذه البلاد يؤذِّنون مع طلوع الفجر الصادق ، فقد كنَّا في العمرة في رمضان هذا في مكة والمدينة ، فرَأيناهم يتأخَّرون في الأذان أذان الفجر الصادق قرابة نصف ساعة ، ونحن لا نعلم هناك فرقًا من حيث خطوط الطول يؤدي إلى هذا الفرق بين فجرهم وفجرنا .
وملاحظتنا هذه الأخيرة هناك ذكَّرتنا بما نسمعه من إخواننا المثقَّفين المتفقِّهين في الأردن أنهم يقطعون هناك بأن الأذان في الأردن - بصورة عامة ليس فقط في رمضان - يؤذِّنون قبل الفجر الصادق بنحو ثلث ساعة ، ثم جاء بعض إخواننا هؤلاء الأردنيين إلى هنا واتَّصلوا مع بعض إخواننا ، وأيضًا راقبوا طلوع الفجر هنا في دمشق بصورة خاصَّة ، فظهر لهم - وما أقول تبيَّن ؛ لأنني بعدُ ما تبيَّنتُ من ما ظهر لهم - ؛ فظهر لهم أن الأمر هنا كالأمر هناك .
ولذلك كان في نفسي أن نعمل جلسة خاصَّة مع بعض إخواننا ونتدارس هذه القضية بالنسبة لنا هنا في دمشق ؛ أي : هل يؤذِّنون الأذان الثاني - وليس الأذان الأول - ؛ هل يؤذِّنون الأذان الثاني الذي به يحرم الطعام وتحلُّ الصلاة في الوقت تمامًا أم يتقدَّمون به على الوقت كما يفعلون في بدعة الأذان الأول ؟ حيث أنهم يسمُّونه بأذان الإمساك ، وهو في الحقيقة من الناحية الشرعية هو أذان الطعام والشراب وليس أذان الإمساك ، فهم يسمُّونه أذان إمساك وحتى سُجِّل فيما يسمُّونه بـ " الإمساكية " ، فصار لزامًا على كلِّ صائم أن يمسك عن طعامه وشرابه بمجرَّد أن سمع الأذان الأول ، وهو شرعًا أذان الطعام والشراب ؛ بدليل حديث البخاري ومسلم عن جماعة من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : ( لا يغرَّنَّكم أذان بلال ؛ فإنما يؤذِّن بليل ليقومَ النائم ويتسحَّر المتسحِّر ؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابن أمِّ مكتوم ) . فهو - عليه السلام - أمَرَ بالأذان بالطعام والشراب أن يستمرَّ فيه الإنسان ولو بعد أذان بلال ؛ لأنُّو بلال يقول يؤذِّن ليقوم النائم ويتسحَّر المتسحِّر ، فالأذان الأول هو غرض التنبيه أنُّو الآن وقت الطعام والشراب ؛ قال - عليه السلام - : ( فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابنُ أمِّ مكتوم ) .
وقد جاء في هذا الحديث بأنَّه كان بين أذانَيهما مقدار تلاوة خمسين آية ؛ أي : أنَّ الوقت بين الأذانين وقت قريب جدًّا ، وليس - أيضًا - هذه المسافة التي تأخذ من الزمن نحو ربع ساعة اليوم بين أذان الإمساك المزعوم وبين أذان الفجر ؛ لذلك فممكن أن بعض الموقِّتين الذين يوقِّتون التوقيت الفلكي هذا ؛ ربما - أيضًا - لاحظوا احتياطًا ثانيًا غير احتياط أذان الإمساك ؛ لاحظوا احتياطًا ثانيًا في توقيت الأذان الثاني ، فتقدَّموا به حتى ما يدخل الفجر الصادق بزعمهم ، وبعضهم لا يزال يأكل فيفطر ، ولَئِن كان هذا واقعًا هذا يدل على جهل بالغ ؛ لأنُّو هناك أمران كلٌّ منهما عبادة وطاعة ، فكما لا يجوز الاستمرار في الطعام والشراب بالنسبة للمتسحِّر حتى دخول الفجر الصادق ؛ كذلك لا يجوز للإنسان أن يصلي قبل الفجر الصادق ؛ فكلٌّ منهما عبادة .
فالخلاصة : هذا الأذان الثاني يجب في الواقع التثبُّت من كونه يُؤذَّن في الوقت ، وعندنا شكوك كثيرة جدًّا للأمور التي ذكرناها ، ومع ذلك فهناك فُسحة ورُخصة صريحة في الحديث الصحيح ، فلو افترضنا أنَّ هذا الأذان الثاني يؤذِّنه المؤذِّنون في الوقت الصحيح في الفجر الصادق تأتي هذه الرُّخصة الكريمة ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضَعْه حتى يقضِيَ حاجته منه ) . ( إذا سمع أحدكم النداء ) يعني الثاني ، أما الأول : ( فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابنٌ أمِّ مكتوم ) ، أما الأذان الثاني فتأخذ حاجتك ، ( إذا سمع أحدُكم النداءَ والإناءُ على يده فلا يضَعْه حتى يأخذ حاجته منه ) . ففي هذا رخصة أن يستمرَّ الصائم في الطعام حتى يأخذ حاجته ، ما يجعلها تسلية ؛ ما يعود - مثلًا - يتفكَّه أو يفصفص بذر - مثلًا - بحجة أنُّو حتى يقضي حاجته منه ؛ لا ، هذا ليس مما له فيه حاجة ، هذا من باب التسلية ؛ فالحديث صريح : ( إذا سمع أحدكم النداء والإناءُ على يده ) الذي يأكل ويشرب منه ؛ ( فلا يضَعْه حتى يقضِيَ حاجته منه ) .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 157
- توقيت الفهرسة : 00:35:29
- نسخة مدققة إملائيًّا