شرح الحديث السادس حديث ابن عباس : - رضي الله عنهما - أن أعرابيًّا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : " إني رأيت الهلال " . فقال : ( أتشهد أن لا إله إلا الله ؟! ) . والكلام على إسناده وبيان درجته . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح الحديث السادس حديث ابن عباس : - رضي الله عنهما - أن أعرابيًّا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : " إني رأيت الهلال " . فقال : ( أتشهد أن لا إله إلا الله ؟! ) . والكلام على إسناده وبيان درجته .
A-
A=
A+
الشيخ : ساقَ بعده المصنف حديثًا آخر قد يكون بمعنى الحديث الأول ، ولكننا إذا أمعَنَّا النظر فيه وجدنا فيه تباينًا بينه وبين الأول من حيث الدلالة ؛ ألا وهو قوله : وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أعرابيًّا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال : " إني رأيت الهلال " ، هذا أول تباين واختلاف بين الرواية السابقة وبين هذه الرواية ، هناك كان الذي شَهِدَ ابن عمر صحابي ابن صحابي ، الشاهد هنا أعرابي جاي من البادية لا يعرفه الرسول - عليه السلام - ؛ ولذلك قال في الحديث : فقال - يعني الرسول للأعرابي - : ( أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ ) . قال : نعم . قال : ( أتشهد أن محمدًا رسول الله ؟ ) . قال : نعم . قال : ( فأذِّن في الناس يا بلال أن يصوموا غدًا ) . رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان ورجَّحَ النسائي إرساله .

هذا الحديث بعد أن عرفتم أن بينه وبين الحديث السابق تباين في الدلالة ؛ بمعنى أن في هذا توسيع قبول شهادة الشاهد أكثر من حديث الأول ؛ لأن الرسول - عليه السلام - إن صح الحديث وسأتكلم على صحته قريبًا إن شاء الله قنعَ من هذا الأعرابي الذي لم يعرفه سابقًا ؛ أنُّو أنت مسلم ؟ إي نعم . شو دليل إسلامك ؟ أشهد أن لا إله إلا الله . وتشهد - أيضًا - أني رسول الله ؟ قال : أشهد . إذًا أمر بلالًا بأن يؤذِّن ؛ يعني يعلن في الناس أن يصوموا غدًا ، فقنعَ الرسول - عليه السلام - من هذا الرجل الذي لا يعرفه بأن يشهد أن لا إله إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؛ يعني أن يعرف أنه مسلم ، لكن هو ما جرَّبَه ولا عرف ذكاءه وفطنته وكياسته كما كان الأمر بالنسبة للحديث الأول الذي فيه أن الشاهد عبد الله بن عمر بن الخطاب ؛ ومع ذلك قبل شهادته ، فهذا فيه تيسير واسع ، ومعنى هذا أن القاضي يقنع بظاهر الشاهد دون أن يأتي بالمزكِّين يعرفونه كما جرى على ذلك عرف القضاة قديمًا ؛ يكتفي منه بأن يعرف إسلامه ، هذا أعرابي ما يعرفه سابقًا - عليه الصلاة والسلام - ، فاكتفى أن يشهد أمامه بالشهادتين ؛ فهو مسلم له ما لنا وعليه ما علينا ، وبناءً على شهادته وإسلامه قال : ( يا بلال ، أذِّنْ في الناس أن يصوموا غدًا ) .

ولكن هل هذا الحديث صحيح ؟

لقد ذكر المصنف أن فيه خلافًا بين علماء الحديث ، وصرَّحَ بأن بعضهم صحَّحه وهو الحافظ ابن خزيمة وتلميذه ابن حبان ، لكن أتبع ذلك بأن الإمام النَّقَّاد الحافظ أبا عبد الرحمن النسائي رجَّحَ إرساله ، ومعنى هذا الكلام أن الحديث رُوِيَ عن ابن عباس من طريق عكرمة عنه ، فبعض الرواة رواه هكذا موصولًا عن عكرمة عن ابن عباس أن أعرابيًّا إلى آخره ، ورواة آخرون أرسلوه ؛ بمعنى أنهم لم يذكروا في إسناده ابن عباس ، وإنما قالوا : عن عكرمة أن أعرابيًّا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عكرمة تابعي لم يدرِكْ عصر النبوة والرسالة ، فهو حين يقول : جاء أعرابي إلى الرسول يكون هناك فجوة وانقطاع بينه وبين هذا الحديث الذي يحدِّث به ، فهذا الحديث يُسمَّى على الغالب بالحديث المرسل ، ويُعبَّر عنه أحيانًا بأنه منقطع ، والتعبير الأول أدق . بعض الرواة قالوا : عن عكرمة عن ابن عباس فهو موصول ، وبعض الرواة قالوا : عن عكرمة أن أعرابيًّا ... .

مواضيع متعلقة