هل يمكن أن نحدِّد مقدارًا معيَّنًا أقله وأكثره لزكاة عروض التجارة فيُفرض على التجار ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخ - أحسن الله إليك - ، لما قلنا بأنه يجب عليه أن يُخرج من باب عموم الأدلة ، نحن لم نقيِّد ؛ لأنه لم يرد في الشرع ما يقيِّد له هذه النسبة ، ورجعناها إلى نفسية صاحب المال وتقواه ؟
الشيخ : نعم .
السائل : وعموم قول الله - عز وجل - : (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ )) . طيب ؛ هل أليس لو دخل علينا رجل وقال : إن في هذه الفتيا اضطراب ؛ لأن الناس لا يعلمون كم يخرجون ، وتختلف أحوال الناس ، قد يكون تاجر لكنه جاهل لا يعرف ، هل نستطيع أن نحدِّد مقدار معيَّن أقله وأكثره ؟
الشيخ : بارك الله فيك ؛ لا ، ما نستطيع ، لكن هذه الحجة حجة داحضة ؛ لأنه قد يوجد تجار لم يسمعوا مطلقًا أنه يجب على عروض التجارة زكاة ؛ فهل يكون هذا عذرًا له ؟ لا ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) .
وفي الأمس القريب قلنا أن هناك يعني فروض عينيَّة وفروض كفائيَّة ، وأن كل مكلَّف بلغ سنَّ الرشد فيجب عليه أمور عينيَّة من الصلاة وشروطها ، لكن إذا كان فقيرًا لا يجب عليه أن يعرف أحكام الزكاة ، لا يجب عليه أن يعرف مناسك الحج ، أَمَا وقد صار غنيًّا فهنا يجب أن يعرف عليه تفاصيل أحكام الزكاة ، فكون هذا الغني بعروض التجارة لا يعرف النسبة ، وهذا ما أرادَه الله حيث لم يعرِّفنا ، (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا )) كما قال - عز وجل - في القرآن ؛ فإذًا يجب أن يعرف أنه يجب أن يُخرج ما تطيب به نفسه ، وقد قال - عليه السلام - في الحديث المعروف صحَّته : ( لا يحلُّ مالُ امرئٍ مسلم إلا بطيبِ نفسه ) .
وهنا بلا شك - وهذه حكمة إلهية بالغة - حينما ربنا - عز وجل - أطلق هنا ولم يقيِّد أراد امتحان هؤلاء الناس ، وكما نعلم كثير من الأحكام قسم منها مطلق وكَلَهَا إلى المكلَّف ، والإطلاق قد يكون من جانب ، أو التقييد يكون من جانب قد يختلف عن جانب آخر ، التقييد قد يكون من جانب يختلف عن جانب آخر ، مثلًا الزكوات المحدودة الأنصبة والكمية نجدها على قسمين شرعًا ؛ قسم منها ما يأتي السَّاعي من قبل الحاكم المسلم ؛ يأتي إلى الغنيِّ فيأخذ تلك الزكاة رغمَ أنفه ، وهي زكاة المواشي وزكاة الثمار ، قسم آخر وَكَلَ ذلك إلى نفس الغنيِّ كزكاة النقدين . طيب ؛ قد يقول قائل : ربما هذا الغني الذي لم يُكلِّف الشارع الحكيم الحاكم المسلم أن يرسل إلى الغنيِّ ويُحصي ماله ويأخذ منه بالمئة اثنين ونصف ؛ ربما هذا الغني لا يقوم بهذا الواجب ؛ فهل هذا سؤال يصدر من مسلم ؟ الجواب : لا ؛ لماذا ؟ لأن الله - عز وجل - في كلِّ ما شَرَعَ له حِكَم بالغة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها ، فلو تساءلنا : ما هي الحكمة في أن الله - عز وجل - جعل قسمًا من هذه الواجبات على أموال الأغنياء يأتي الساعي فيأخذها منه ، وهنا تعلمون في أحكام تتعلق بالسُّعاة ؛ فهو لا يأخذ أحسن ما فيها ، ولا يأخذ أدنى ما فيها ، رجعنا إلى الوسطية التي أشرتَ إليها .
السائل : نعم .
الشيخ : فما الحكمة من أن الله شرع على لسان نبيِّه أن هذا النوع من الزكاة يُجبى من موظفين ولهم نصاب معروف في الزكوات ، بينما جعل زكاة النقدين يُكلَّف فيها الغنيُّ نفسه ؛ فقد يُخرج وقد لا يُخرج كما هو مشاهد اليوم ، كثير من الأغنياء لا يخرجون زكاة أموالهم ، بل يصرفون أضعاف أضعافها فيما لا ينبغي ، بل فيما لا يجوز ، بل فيما يحرم .
الحكمة واضحة جدًّا ؛ لأنه لم يُرِدْ ربُّ العالمين أن يجعل كلَّ حكم يقوم به المسلم رغم أنفه ، ولكن يريد أن يتطهَّر هو بنفسه ؛ ولذلك كان من الحكمة البالغة أن جعل زكاة النَّقدين يُخرجها بطواعيَّة من نفسه ، بينما الزكاة الأخرى تُخرج منه رغم أنفه ، فعلى هذا يصلح أن يكون جوابًا عمَّا سألت ، يعني هو يتَّقي الله - عز وجل - وليس لنا سبيل أن نفرض نحن من عندنا ؛ سواء كنَّا من ولاة الأمور أي : الحكام ، أو من ولاة الأمور بمعنى العلماء ؛ ليس لنا أن نفرض عليه فرضًا فيما لم يفرض ربُّ العالمين ، وهذا من هذا النوع ، فأنت تخرج زكاة النقدين بطيب نفسك ويجب أن تعلم ماذا يجب عليك ، كذلك تمامًا مسألة عروض التجارة هذا المسلم يُدان ويُقال له : لا يستوي مَن عنده عشرة آلاف بِمَن عنده مئة ألف ، بمن عنده ملايين ، فاتَّق الله - عز وجل - ، وكما قال - عليه السلام - - وهذا أعتقد محله في مثل هذه المسألة - : ( استفتِ قلبك وإن أفتاك المفتون ) .
الشيخ : نعم .
السائل : وعموم قول الله - عز وجل - : (( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ )) . طيب ؛ هل أليس لو دخل علينا رجل وقال : إن في هذه الفتيا اضطراب ؛ لأن الناس لا يعلمون كم يخرجون ، وتختلف أحوال الناس ، قد يكون تاجر لكنه جاهل لا يعرف ، هل نستطيع أن نحدِّد مقدار معيَّن أقله وأكثره ؟
الشيخ : بارك الله فيك ؛ لا ، ما نستطيع ، لكن هذه الحجة حجة داحضة ؛ لأنه قد يوجد تجار لم يسمعوا مطلقًا أنه يجب على عروض التجارة زكاة ؛ فهل يكون هذا عذرًا له ؟ لا ؛ ولذلك قال - تعالى - : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) .
وفي الأمس القريب قلنا أن هناك يعني فروض عينيَّة وفروض كفائيَّة ، وأن كل مكلَّف بلغ سنَّ الرشد فيجب عليه أمور عينيَّة من الصلاة وشروطها ، لكن إذا كان فقيرًا لا يجب عليه أن يعرف أحكام الزكاة ، لا يجب عليه أن يعرف مناسك الحج ، أَمَا وقد صار غنيًّا فهنا يجب أن يعرف عليه تفاصيل أحكام الزكاة ، فكون هذا الغني بعروض التجارة لا يعرف النسبة ، وهذا ما أرادَه الله حيث لم يعرِّفنا ، (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا )) كما قال - عز وجل - في القرآن ؛ فإذًا يجب أن يعرف أنه يجب أن يُخرج ما تطيب به نفسه ، وقد قال - عليه السلام - في الحديث المعروف صحَّته : ( لا يحلُّ مالُ امرئٍ مسلم إلا بطيبِ نفسه ) .
وهنا بلا شك - وهذه حكمة إلهية بالغة - حينما ربنا - عز وجل - أطلق هنا ولم يقيِّد أراد امتحان هؤلاء الناس ، وكما نعلم كثير من الأحكام قسم منها مطلق وكَلَهَا إلى المكلَّف ، والإطلاق قد يكون من جانب ، أو التقييد يكون من جانب قد يختلف عن جانب آخر ، التقييد قد يكون من جانب يختلف عن جانب آخر ، مثلًا الزكوات المحدودة الأنصبة والكمية نجدها على قسمين شرعًا ؛ قسم منها ما يأتي السَّاعي من قبل الحاكم المسلم ؛ يأتي إلى الغنيِّ فيأخذ تلك الزكاة رغمَ أنفه ، وهي زكاة المواشي وزكاة الثمار ، قسم آخر وَكَلَ ذلك إلى نفس الغنيِّ كزكاة النقدين . طيب ؛ قد يقول قائل : ربما هذا الغني الذي لم يُكلِّف الشارع الحكيم الحاكم المسلم أن يرسل إلى الغنيِّ ويُحصي ماله ويأخذ منه بالمئة اثنين ونصف ؛ ربما هذا الغني لا يقوم بهذا الواجب ؛ فهل هذا سؤال يصدر من مسلم ؟ الجواب : لا ؛ لماذا ؟ لأن الله - عز وجل - في كلِّ ما شَرَعَ له حِكَم بالغة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها ، فلو تساءلنا : ما هي الحكمة في أن الله - عز وجل - جعل قسمًا من هذه الواجبات على أموال الأغنياء يأتي الساعي فيأخذها منه ، وهنا تعلمون في أحكام تتعلق بالسُّعاة ؛ فهو لا يأخذ أحسن ما فيها ، ولا يأخذ أدنى ما فيها ، رجعنا إلى الوسطية التي أشرتَ إليها .
السائل : نعم .
الشيخ : فما الحكمة من أن الله شرع على لسان نبيِّه أن هذا النوع من الزكاة يُجبى من موظفين ولهم نصاب معروف في الزكوات ، بينما جعل زكاة النقدين يُكلَّف فيها الغنيُّ نفسه ؛ فقد يُخرج وقد لا يُخرج كما هو مشاهد اليوم ، كثير من الأغنياء لا يخرجون زكاة أموالهم ، بل يصرفون أضعاف أضعافها فيما لا ينبغي ، بل فيما لا يجوز ، بل فيما يحرم .
الحكمة واضحة جدًّا ؛ لأنه لم يُرِدْ ربُّ العالمين أن يجعل كلَّ حكم يقوم به المسلم رغم أنفه ، ولكن يريد أن يتطهَّر هو بنفسه ؛ ولذلك كان من الحكمة البالغة أن جعل زكاة النَّقدين يُخرجها بطواعيَّة من نفسه ، بينما الزكاة الأخرى تُخرج منه رغم أنفه ، فعلى هذا يصلح أن يكون جوابًا عمَّا سألت ، يعني هو يتَّقي الله - عز وجل - وليس لنا سبيل أن نفرض نحن من عندنا ؛ سواء كنَّا من ولاة الأمور أي : الحكام ، أو من ولاة الأمور بمعنى العلماء ؛ ليس لنا أن نفرض عليه فرضًا فيما لم يفرض ربُّ العالمين ، وهذا من هذا النوع ، فأنت تخرج زكاة النقدين بطيب نفسك ويجب أن تعلم ماذا يجب عليك ، كذلك تمامًا مسألة عروض التجارة هذا المسلم يُدان ويُقال له : لا يستوي مَن عنده عشرة آلاف بِمَن عنده مئة ألف ، بمن عنده ملايين ، فاتَّق الله - عز وجل - ، وكما قال - عليه السلام - - وهذا أعتقد محله في مثل هذه المسألة - : ( استفتِ قلبك وإن أفتاك المفتون ) .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 206
- توقيت الفهرسة : 00:31:03
- نسخة مدققة إملائيًّا