نفي المعطِّلة لصفة العلوِّ لله - تبارك وتعالى - ، وبيان أنَّ المعطِّل يعبد عدمًا ، والمجسِّم يعبد صنمًا . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نفي المعطِّلة لصفة العلوِّ لله - تبارك وتعالى - ، وبيان أنَّ المعطِّل يعبد عدمًا ، والمجسِّم يعبد صنمًا .
A-
A=
A+
الشيخ : فيقولون : الله - عز وجل - لا يُوصف بأنَّه فوق ، وبالتالي لا يُوصف بأنه تحت ، وقد صرَّحوا بالنفي المطلق ، فقالوا : " الله لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، ولا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه " ، وزاد بعضهم - كما يُقال : ضغثًا على إبَّالة - : " لا متَّصلًا به ولا منفصلًا عنه " . أَبِالله عليكم - ولا يُسأل بالله إلا الأمر العظيم - قولوا لي : لو قيل لإنسان من أفصح العرب بيانًا : صِفْ لنا المعزول الذي لا وجودَ له ؛ هل يستطيع أن يصفَه بأكثر ممَّا يصف هؤلاء معبودهم ؟! حيث يقولون فيه : " الله لا فوق ولا تحت ، لا يمين ولا يسار ، لا أمام ولا خلف ، لا داخل العالم ولا خارجه " ؛ إيش بقي ؟ لم يبقَ إلا العدم . وزاد بعضهم - كما سمعتم - : " لا متَّصلًا به ولا منفصلًا عنه " ؛ ولذلك انتبه لخطورة هذا النَّفي أحد الأمراء الأذكياء حينما شَهِدَ مناقشةً بين أحد كبار علماء السلف وبين كثير من مشايخ الخَلَف ، فتناقشوا بين يديه ، هذا السلفي يُثبت لله - عز وجل - صفة الفوقية بآيات كثيرة ، لَسْتُم بحاجة إلى أن نتلوها عليكم ؛ كمثل : (( يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )) ، فلما سمع إثبات هذه الشيخ السلفي ونفي أولئك بمثل ما سمعتم قال كلمةً تدلُّ على كياسته وعقله ، قال : " هؤلاء قومٌ أضاعوا ربهم !!

هاللي يقول عن ربِّه : لا فوق ولا تحت ، ولا يمين ولا يسار ، لا داخل العالم ولا خارجه " ؛ لا شك أنهم جهلوا معبودهم ، ومن هنا يظهر لكم كيف يمكن للمسلم أن يؤمن بالله وهو ينزِّهه بزعمه أن يكون داخل العالم أو خارجه ؟ ليس هناك إلا شيء مخلوق أو غير مخلوق ، أو غير مخلوق وخالق ، وحينئذٍ هذا الخالق إمَّا أن يكون داخل العالم أو يكون خارج العالم ، فإذا قيل : هو لا داخل العلم ولا خارجه ؛ فقد حكموا عليه بالإعدام ، ولذلك قال ذلك الأمير الكيِّس : " هؤلاء قومٌ أضاعوا ربهم !! " .

وهذه حقيقة نحن نعرفها ونسمعها هنا في بلاد الشام على المنابر ، هذه الكلمة المُنكِرة لوجود الله - عز وجل - سمعتها على المنبر مرارًا يلقِّنون عامَّة المسلمين هذه الصفة لله - عز وجل - ؛ وهي السلب والجحد المطلق ، وصدق من قال : " المجسِّم يعبد صنمًا ، والمعطِّل يعبد عدمًا " ، من هو المعطِّل ؟ هو الذي ينكر الصفات الإلهية ، فهذا الذي يقول فرارًا في زعمه من التشبيه ومن التجسيم يقول : " الله لا فوق ولا تحت " إلى آخر الضَّلالة الكبرى التي سمعتموها ، هذا خيرٌ منه ذلك المجسِّم وكلاهما في ضلال ، أقول : خيرٌ منه ؛ لأنه أثبت شيئًا يعبده ، أما هذا المعطِّل فقد أنكر وجود الله - تبارك وتعالى - ووصفه بصفةٍ لا يُمكن لإنسان يُؤمِنُ بوجود الخالق حقيقةً إلا أن يعتقدَ أنَّه أحد شيئين ؛ إما أن يكون داخل العالم وإما أن يكون خارجه ، والنصوص من الكتاب والسنة كلها جاءت متضافرة تُثبِتُ أن الله - عز وجل - له صفة العلوِّ ، ونحن نعلم بأن المسلمين جميعًا متَّفقون على حقيقة وإن كان اختلفوا في تفاصيلها كما نحن الآن ، إنَّ لله - عز وجل - كل صفات الكمال ، وهو مُنزَّه عن كلِّ صفات النقص ، فتعالوا لنفكِّر الآن فيما يعتقده السلف من أن الله - عز وجل - كما قال : (( عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ، ووصفَ عباده المؤمنين بأنهم (( يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ )) ، فله صفة الفوقية .

مواضيع متعلقة