ما الحكمة من خلع النعلين في حال دخول المقبرة ؟
A-
A=
A+
الشيخ : هنا السؤال الثالث في جملة الأسئلة التي تكلَّمنا عن السؤال الأول والثاني .
يقول : خلع الحذاء في المقبرة علمًا بأنها نجسة ... .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله .
ما يعني السَّائل بهذا السؤال ؟
السائل : السَّائل موجود هون ؟
سائل آخر : نعم .
الشيخ : ماذا تعني ؟
السائل : ... أنها نجسة ... .
الشيخ : المقبرة يعني ؟ شو تقصد بالسؤال يعني ؟ أنت تقول : خلع الحذاء في المقبرة علمًا بأنها نجسة ، هذا الكلام مش تام ، هذا مبتدأ ، الخبر شو هو ؟ يعني - مثلًا - ما حكمه ؟
السائل : أيوا أيوا .
الشيخ : فشو تقصد بالتعليل ، بالتعليل بأنه نجس ؟
السائل : ... .
الشيخ : المقبرة نجسة ؟ السؤال : المقبرة نجسة ولَّا لا ؟
السائل : ... .
الشيخ : خلي السَّائل نفسه هو يوضِّح فكرته .
السائل : ... .
الشيخ : هذا السؤال ؟
السائل : نعم .
سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الجواب : نعم ، وليس للمسألة علاقة بكون المقبرة نجسة أو ليست بنجسة ؛ لأن الحكم - أي : حكم خلع النعلين - من الذي يريد أن يمشي في المقبرة لم يأتِ من ملاحظة كون المقبرة نجسة أو طاهرة ، وإنما ملاحظة احترام موتى المسلمين ، فجاء في " مسند الإمام أحمد " وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يمشي في المقبرة بنعليه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( يا صاحب السبتيَّتين ، اخلَع نعليك ) . فسواء مشى الإنسان بنعليه أو بخُفَّيه أو بقدميه الحافيين فالمقبرة هي مقبرة ؛ سواء كانت أرضها طاهرة أو نجسة ، فهذه المسألة - أي : كون المقبرة نجسة أو طاهرة - ليس لها علاقة بهذا الحكم ، كلُّ ما في الأمر أن نهي الرسول - عليه السلام - أن يمشي المسلم بنعليه في المقابر مقابر المسلمين هو كنهيِه عن الجلوس على هذه المقابر ؛ حيث جاء في " صحيح مسلم " من حديث أبي مرثد الغنوي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) . ( لا تجلسوا على القبور ) لِمَا فيها من الإهانة لها ، ( ولا تصلوا إليها ) لما فيها من التقديس والتعظيم لها تعظيمًا خارجًا عن حدود الإسلام ، وهذا وهذا كله - أي : سواء النهي عن الجلوس على القبر أو النهي عن استقبال القبر بالصلاة ، كذلك المشي بين القبور في النعال - ؛ كلُّ هذه الأحكام ليس لها علاقة بطهارة المقبرة أو نجاستها ، وإنما هي أحكام مستقلَّة منفصلة تمام الانفصال عن ملاحظة كون المقبرة نجسة أو طاهرة .
( لا تصلوا إليها ) مش لأنها نجسة ، وإنما لأن فيها تعظيمًا للقبر أكثر من اللازم ، ( ولا تجلسوا عليها ) مش لأنها نجسة ، وإنما لأن فيها إهانة لها ، الإسلام جاء بالأمر الوسط ، فيأمر باحترام قبور المسلمين لكن احترامًا لا يصل بهم إلى تعظيمها تعظيمًا يجاوز به حدَّ الشرع ؛ كذلك النهي أن يمشي في المقبرة في النعلين ، ليس لذلك علاقة بكون المقبرة طاهرة أو نجسة .
على أنه بعد هذا الجواب نقول : لا يجوز الحكم على أرض المقبرة بالنجاسة ؛ لأن أرض المقبرة هي فوق القبر ، والقبر وما يخرج منه من صديد ومن قيح ومن غير ذلك من الأمور المستقذرة أو النَّجسة هي في الأسفل وليست في الأعلى ، وسطح القبر المقبرة معرَّض لعوامل الطبيعة من أمطار ، من رياح ، من أشعة الشمس ، وهذه كلها تحيل ؛ أي : تغيُّر ظاهر الأمر الذي يتعرَّض لهذه العوامل الطبيعية .
ومن هنا كان من الأحكام الشرعية في بعض المذاهب الإسلامية كمذهب أبي حنيفة أن الاستحالة مطهِّرة ، ويعنون بالاستحالة تحوُّل حقيقة شيء ما إلى حقيقة أخرى ، وقد يكون ذلك الشيء في أصله نجسًا ، فبسبب الاستحالة يصبح طاهرًا ، كالجيفة - مثلًا - فهي بسبب تعرُّضها لتلك العوامل شمس رياح أمطار تتملَّح ، هي أصلها جيفة ميِّتة محرَّمة نجسة ، وإذا بها مع عوامل الطبيعة تتغيَّر حقيقتها وتصبح ملحًا تأكله كما تأكل الملح الطبيعي أو الصناعي ، فيصبح حلالًا ويصبح طاهرًا ؛ هذا هو الاستحالة أو تحوُّل الشيء من عين إلى عين أخرى .
فإذا كانت العين في الأصل نجسة ثم تغيَّرت حقيقتها وأصبحت حقيقةً أخرى فهذه الحقيقة الأخرى يُنظر إليها على واقعها لا على ما كانت عليه في أصلها ، هذه الأرض الظاهرة من المقبرة ليس فيها نجاسة ظاهرة ، النجاسة قد تكون في الأسفل ؛ لذلك فما يُقال من أنَّ علة النهي عن الصلاة في المقبرة هو النجاسة هذا الكلام ليس صحيحًا شرعًا ، علة النهي عن الصلاة في المقبرة كعلة النهي عن الصلاة إلى القبر نفسه ، فالقبر بعيد عنك وأنت تصلي إليه ، فهذا حرام ، ولا تصح الصلاة ، لا لأن الذي تستقبله نجس ؛ لا ، وإنما لأنك تعظِّم بصلاتك غير الله - عز وجل - ، كذلك النهي عن الصلاة في المقبرة ليس لأنَّ المقبرة نجسة ، وإنما لأن في ذلك تشبُّهًا بعُبَّاد القبور .
خلاصة القول : ثبت أمر الرسول - عليه السلام - مَن كان يمشي بنعليه في المقبرة فأمَرَه بأن يخلع ، فأخذنا من ذلك أن من الآداب التي يجب على المسلمين أن يراعوها حقَّ رعايتها أن لا يمشوا في نعالهم في مقابر المسلمين ، هذا من أدب المسلمين مع موتاهم بعد دفنهم .
يقول : خلع الحذاء في المقبرة علمًا بأنها نجسة ... .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله .
ما يعني السَّائل بهذا السؤال ؟
السائل : السَّائل موجود هون ؟
سائل آخر : نعم .
الشيخ : ماذا تعني ؟
السائل : ... أنها نجسة ... .
الشيخ : المقبرة يعني ؟ شو تقصد بالسؤال يعني ؟ أنت تقول : خلع الحذاء في المقبرة علمًا بأنها نجسة ، هذا الكلام مش تام ، هذا مبتدأ ، الخبر شو هو ؟ يعني - مثلًا - ما حكمه ؟
السائل : أيوا أيوا .
الشيخ : فشو تقصد بالتعليل ، بالتعليل بأنه نجس ؟
السائل : ... .
الشيخ : المقبرة نجسة ؟ السؤال : المقبرة نجسة ولَّا لا ؟
السائل : ... .
الشيخ : خلي السَّائل نفسه هو يوضِّح فكرته .
السائل : ... .
الشيخ : هذا السؤال ؟
السائل : نعم .
سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الجواب : نعم ، وليس للمسألة علاقة بكون المقبرة نجسة أو ليست بنجسة ؛ لأن الحكم - أي : حكم خلع النعلين - من الذي يريد أن يمشي في المقبرة لم يأتِ من ملاحظة كون المقبرة نجسة أو طاهرة ، وإنما ملاحظة احترام موتى المسلمين ، فجاء في " مسند الإمام أحمد " وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يمشي في المقبرة بنعليه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( يا صاحب السبتيَّتين ، اخلَع نعليك ) . فسواء مشى الإنسان بنعليه أو بخُفَّيه أو بقدميه الحافيين فالمقبرة هي مقبرة ؛ سواء كانت أرضها طاهرة أو نجسة ، فهذه المسألة - أي : كون المقبرة نجسة أو طاهرة - ليس لها علاقة بهذا الحكم ، كلُّ ما في الأمر أن نهي الرسول - عليه السلام - أن يمشي المسلم بنعليه في المقابر مقابر المسلمين هو كنهيِه عن الجلوس على هذه المقابر ؛ حيث جاء في " صحيح مسلم " من حديث أبي مرثد الغنوي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ) . ( لا تجلسوا على القبور ) لِمَا فيها من الإهانة لها ، ( ولا تصلوا إليها ) لما فيها من التقديس والتعظيم لها تعظيمًا خارجًا عن حدود الإسلام ، وهذا وهذا كله - أي : سواء النهي عن الجلوس على القبر أو النهي عن استقبال القبر بالصلاة ، كذلك المشي بين القبور في النعال - ؛ كلُّ هذه الأحكام ليس لها علاقة بطهارة المقبرة أو نجاستها ، وإنما هي أحكام مستقلَّة منفصلة تمام الانفصال عن ملاحظة كون المقبرة نجسة أو طاهرة .
( لا تصلوا إليها ) مش لأنها نجسة ، وإنما لأن فيها تعظيمًا للقبر أكثر من اللازم ، ( ولا تجلسوا عليها ) مش لأنها نجسة ، وإنما لأن فيها إهانة لها ، الإسلام جاء بالأمر الوسط ، فيأمر باحترام قبور المسلمين لكن احترامًا لا يصل بهم إلى تعظيمها تعظيمًا يجاوز به حدَّ الشرع ؛ كذلك النهي أن يمشي في المقبرة في النعلين ، ليس لذلك علاقة بكون المقبرة طاهرة أو نجسة .
على أنه بعد هذا الجواب نقول : لا يجوز الحكم على أرض المقبرة بالنجاسة ؛ لأن أرض المقبرة هي فوق القبر ، والقبر وما يخرج منه من صديد ومن قيح ومن غير ذلك من الأمور المستقذرة أو النَّجسة هي في الأسفل وليست في الأعلى ، وسطح القبر المقبرة معرَّض لعوامل الطبيعة من أمطار ، من رياح ، من أشعة الشمس ، وهذه كلها تحيل ؛ أي : تغيُّر ظاهر الأمر الذي يتعرَّض لهذه العوامل الطبيعية .
ومن هنا كان من الأحكام الشرعية في بعض المذاهب الإسلامية كمذهب أبي حنيفة أن الاستحالة مطهِّرة ، ويعنون بالاستحالة تحوُّل حقيقة شيء ما إلى حقيقة أخرى ، وقد يكون ذلك الشيء في أصله نجسًا ، فبسبب الاستحالة يصبح طاهرًا ، كالجيفة - مثلًا - فهي بسبب تعرُّضها لتلك العوامل شمس رياح أمطار تتملَّح ، هي أصلها جيفة ميِّتة محرَّمة نجسة ، وإذا بها مع عوامل الطبيعة تتغيَّر حقيقتها وتصبح ملحًا تأكله كما تأكل الملح الطبيعي أو الصناعي ، فيصبح حلالًا ويصبح طاهرًا ؛ هذا هو الاستحالة أو تحوُّل الشيء من عين إلى عين أخرى .
فإذا كانت العين في الأصل نجسة ثم تغيَّرت حقيقتها وأصبحت حقيقةً أخرى فهذه الحقيقة الأخرى يُنظر إليها على واقعها لا على ما كانت عليه في أصلها ، هذه الأرض الظاهرة من المقبرة ليس فيها نجاسة ظاهرة ، النجاسة قد تكون في الأسفل ؛ لذلك فما يُقال من أنَّ علة النهي عن الصلاة في المقبرة هو النجاسة هذا الكلام ليس صحيحًا شرعًا ، علة النهي عن الصلاة في المقبرة كعلة النهي عن الصلاة إلى القبر نفسه ، فالقبر بعيد عنك وأنت تصلي إليه ، فهذا حرام ، ولا تصح الصلاة ، لا لأن الذي تستقبله نجس ؛ لا ، وإنما لأنك تعظِّم بصلاتك غير الله - عز وجل - ، كذلك النهي عن الصلاة في المقبرة ليس لأنَّ المقبرة نجسة ، وإنما لأن في ذلك تشبُّهًا بعُبَّاد القبور .
خلاصة القول : ثبت أمر الرسول - عليه السلام - مَن كان يمشي بنعليه في المقبرة فأمَرَه بأن يخلع ، فأخذنا من ذلك أن من الآداب التي يجب على المسلمين أن يراعوها حقَّ رعايتها أن لا يمشوا في نعالهم في مقابر المسلمين ، هذا من أدب المسلمين مع موتاهم بعد دفنهم .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 127
- توقيت الفهرسة : 00:51:56
- نسخة مدققة إملائيًّا