هل الزمن الماضي أحسن حالًا من الزمن الحاضر من حيث الاستقامة الدينية ؛ حيث إنهم - مثلًا - كانوا يصلون في المساجد ، ويقرؤون القرآن ، ويزورون المقابر في الأعياد ، ونحو ذلك من الأعمال الصالحة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل الزمن الماضي أحسن حالًا من الزمن الحاضر من حيث الاستقامة الدينية ؛ حيث إنهم - مثلًا - كانوا يصلون في المساجد ، ويقرؤون القرآن ، ويزورون المقابر في الأعياد ، ونحو ذلك من الأعمال الصالحة ؟
A-
A=
A+
السائل : هلق بدنا نرجع للسؤال الثاني ، أنا سألت سؤال ... .

الشيخ : تفضل .

السائل : هلق أنا أعتقد أنُّو المجتمع الإسلامي قبل خمسين سنة ما في شك أنُّو كان أصلح من الوضع الحالي ، هذا اعتقادي الشخصي ؛ لأنُّو كنت أشوف وأنا صغير ما في واحد عندنا في نابلس ما كان يركض للصلاة في كلِّ أذان ، إحنا الصَّغار كنا نروح على الجامع ، طبعًا وافقت على ... كانوا يطلعوا كل العيد على المقبرة ، كانوا يقرؤوا قرآن ، كانوا يجتمعوا في بيت العيلة بأحاديث دينية ، وهذا كله مش موجود ، هلق الشباب هدول كل واحد سايح وسارح بطريقه ، تائه تبعًا لهذا المفهوم اللي أنا فاهمه ؛ أنُّو هل هم في السابق ما كانوا يفهموا الدين ؟

الشيخ : هذا سؤال مهم جدًّا ، أنا بقول : الزمن الماضي من حيث بعده عن التفسُّخ الأخلاقي خير من الآن ، لكن الآن خير ممَّا مضى من الزمان من حيث الوعي الإسلامي ، ففي شيئين متقابلين تمامًا ، سؤالك الأخير فعلًا أنُّو هدول كانوا ما فهمانين الإسلام ؛ لأنُّو أنا ضربت لك مثال مهزلة ، وأنت بفطرتك السليمة سُرعان ما بدا لك قضية إسقاط الصلاة ... شو رأيك علماء مشايخ أئمَّة مساجد بيعملوا هادا الشيء ، فهذا يُمدحون به ؟ لا ، لا يُمدحون ، لكن الآن أنت - ولا مؤاخذة - ما لك دارس شريعة ... لكن الثقافة العامة فتحت ذهنك شوية بحيث تقول أنُّو والله فعلًا هذه مهزلة ؛ طيب ؛ هدول ما فهمانين اللي كانوا يعملوا هالقضية هَيْ ؟ ما كانوا فهمانين ، فهل يصدق عليهم تمامًا الآية اللي ذكرناها آنفًا : (( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )) ، هالاجتماعات اللي عم تذكرها أنت ؛ هالاجتماعات هذه ما هي مشروعة ؛ هي اللي مو ماشيين على الشرع ، صحيح المظهر بالنسبة للي لا يعلم أنُّو والله ... شرعية هدول متمسِّكين بالدين ، مثال : لا يزال إلى اليوم قائم وكل عيد نشوفه ، ويمكن حضرتك تابعت الشوفة هذه ؛ نحن ننطلق إلى صلاة العيد في المصلى وليس في المساجد ؛ لأنُّو السنة صلاة العيد في المصلى وليس في المسجد ، أنت رايح تصلي العيد بتشوف الناس رايحين ع المقابر ، وتشوف سواد المقابر ما عاد تظهر من سواد النسوان والرجال ، هدول وين رايحين ؟ على فكرهم رايحين زيارة قبور ، هذه مشروعة ، لكنهم جهلوا أن زيارة القبور ليس لها أوقات معيَّنة ، ما في مواسم كما هم يزعمون ، لو أخذت زيارة القبور فقط يا دكتور لَأمكننا نؤلِّف كتاب حول هالعبادة هَيْ وما ابتُدع حولها ، عشرات البدع ، بينما الرسول - عليه السلام - يقول في حديث واحد : ( كنتُ نهيتُكم عن زيارة القبور ؛ ألا فزوروها ؛ فإنها تذكِّركم الآخرة ... ألا تقولوا هجرًا ) .

زيارة القبور كانت محرَّمة لماذا ؟ لأنُّو التاريخ القديم كانت سبب لوقوع الزائرين في الشرك ، ولما جاء نبيُّ الإسلام بالإسلام حرَّم عليهم الاتصال بالقبور ، فيقطع كلَّ علاقة بين هؤلاء الأحياء وأولئك الأموات الذين كانوا يستغيثون بهم من دون الله - عز وجل - ؛ حتى تمكَّن التوحيد من قلوبهم ، وعرفوا كما يُقال ما لله لله ، وما لقيصر لقيصر ؛ قال لهم : ( كنتُ نهيْتُكم عن زيارة القبور ؛ ألا فزوروها - ليه ؟ - فإنها تذكِّركم الآخرة ) . اليوم تذكُّر الآخرة بزيارة القبور ... بتلاقي النساء والرجال جالسين كأنُّو جالسين في القهوة ، وزيارة القبور تحصل بلحظات ، وإن تلقي هذا السلام ... الكلام ، تلقي هذا السلام الذي شرعه الله على لسان محمد - عليه السلام - ولو مسكت المشايخ فضلًا عمَّن دونهم ما يعرفوا هذا السلام ، يقعد الواحد يقرأ الفاتحة ، يقرأ إحدى عشر مرَّة (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) !! قرآن هذا وارد كله قرآن ، لكن ما له أصل في الشريعة ، وهذه هي الأصل وهو أن يقول الزائر : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا - إن شاء الله - بكم لاحقون ، أنتم لنا فَرَط ، ونحن لكم تَبَع ، نسأل الله لنا ولكم العافية ) ، هذا ما تسمعه من أحد إلا نادر جدًّا جدًّا ، ليش ؟ لأنُّو غرباء ، ( إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا ) .

هدول اللي يتركوا صلاة العيد في المصلى وفي المسجد ، وبيروحوا إلى المقابر ؛ هدول في ظنهم أنُّو (( يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )) ، لكن هذه ما هي عبادة ، هذا معصية لله - عز وجل - مزدوجة ، أوَّلًا : لأنَّهم لا يزورون للذِّكرى والاعتبار ، ثانيًا : يفوِّتون عليهم الواجب من الصلاة بهذه الزيارة التي يمكن استدراكها في كل أيام السنة ، شايف ؟ أيام السنة كلها ما تشوف إنسان يأتي إلى المقبرة ليزور ، كل السنة 365 يوم ، يوم العيد فطر أو أضحى لا بد من الزيارة نساءً ورجالًا واللي حامل الآس بيقولوا شجر ... ومدري إيه ؛ مثل هذا لا يفيد الميت إطلاقًا ، لو رجعنا إلى ... (( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى )) ، شو بيستفيد الميت من وضع الزهور والورود على القبر ؟ تقليد النصارى ، النصارى لا بد شفت أنت بغربتك في يزينوا القبور ، هلق نحن ماشيين على الطريقة هَيْ ، هذه مو شريعة ، قولك السابق أنُّو والله كانوا من قبل ، كانوا يظنُّون !! (( يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )) ، لكن اليوم - ما شاء الله ! - في عندك شباب اللي ... أنُّو يتعرَّف على الإسلام الصحيح ويتقرَّب به إلى الله - عز وجل - ، ويبتعد عن كلِّ هذه التقاليد والمراسيم التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا ؛ لا شك أنت رح تكون معي في هالنقطة على الأقل ؛ العلم اليوم أكثر من ذي قبل ؛ في شك عندك فيها هَيْ ؟

السائل : ... .

الشيخ : ما عندك شك .

السائل : لا .

الشيخ : كويس ؛ والعلم هو مفتاح العمل ، الإنسان اللي ما يعرف أنُّو هذا خطأ ما يجتنبه ، واللي ما يعرف أنُّو هذا صواب ما يقربه ؛ لأنُّو جاهل ؛ ولذلك الآن كما يُقال في بعض المجلات والجرائد فعلًا الآن في صحوة ، لكن هَيْ أوائلها ، مش نهايتها ، الصحوة هذه تحتاج إلى متابعة وتغذية من العلماء المسلمين المخلصين لربِّ العالمين وليس ... منهم .

مواضيع متعلقة