ما حكم خلع النعل في المقابر .
A-
A=
A+
السائل : ماحكم خلع النّعلين في المقابر ؟
الشيخ : الجواب كما هو معلوم ، في كلّ أمر صدر من النّبي صلّى الله عليه وسلّم فالأصل فيه أنّه للوجوب ، إلاّ إذا وجدت قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب ، ولا قرينة هنا ، وعلى ذلك ، فينبغي البقاء على الأصل ، ألا وهو الوجوب , وعليكم السلام ورحمة الله , ولكنّي أقول قد يمكن أن نتلمّس قرينة تؤكّد أنّ الأمر ها هنا على الوجوب من ذلك مثلا قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ) ففي هذا الحديث وهو في صحيح مسلم ، أن النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم جمع بين أمرين أو شيئين متباينين فهو من جهة يأمر باحترام الميّت ، وذلك بالنّهي عن الجلوس على قبره ، ومن جهة أخرى ينهى عن المبالغة في احترام الميّت ، فينهى عن الصّلاة إلى القبر فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلّوا إليها ) والسّؤال السّابق آنفا ، في الأمر فيما يتعلّق بالمشي بين القبور ( يا صاحب السبتيّتين اخلع نعليك ) ، كذلك هنا يرد السّؤال نفسه ، في قوله عليه السلام: ( لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلّوا إليها ) هل النّهي هنا للتّحريم أم للتّنزيه ، الجواب كالجواب السّابق بالنّسبة للأمر فكما أنّ الأصل في الأمر الوجوب ، فكذلك الأصل في النّهي التّحريم فقد يقول قائل نهيه عليه السّلام عن الجلوس على القبر وعن الصّلاة إلى القبر ، هل هو للتّحريم أم التّنزيه ؟ الجواب كما سبق بالنّسبة للأمر ، الأصل فيه أنّه للتّحريم ، وحينئذ فيمكننا أن نستنبط من نهيه عليه الصّلاة والسّلام عن الجلوس على القبر ، أنّه يلتقي مع أمره لصاحب السبتيّتين بخلعهما ومن ذلك باب احترام المقبورين ، فالتقى هذا الحديث بذاك وصار هذا الثّاني قرينة مؤيّدة ، لكون الأمر في حديث السبتيتين ، هو على أصله أي الوجوب قد يورد بعض النّاس لمثل هذه المناسبة ، حديث ( إنّ الميّت إذا وضع في قبره إنّه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرين ) فيتوهمون أنّ هذا الحديث يدل على جواز المشي بين القبور في النّعال وليس الأمر كذلك ، ذلك لأنّه ليس من الضّروريّ ، أن نتصوّر أوّلا ، أنّ إخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الميّت إذا وضع في القبر أنّه يسمع قرع النّعال ، أنّه يعني أن المشي بين القبور في النّعال جائز ، لأنّه يمكن أن نتصوّر الأمر بحيث لا يصطدم مع أمره لصاحب السبتيّتين بخلعهما يمكن أن نتصوّر أمرين اثنين دفعا للتّعارض ، الأمر الأوّل ، أنّه لا تلازم بين سماع النّاس عند انصرافهم من دفن الميّت أن يكون الدّفن بين القبور ، بحيث يستلزم هذا الدّفن ، المشي أيضا في النّعال بين القبور ، يمكن أن يكون هذا السّمع من الميت لقرع النّعال ، في وضع خاصّ كأن يدفن في حافّة المقبرة في جانب منها ، وحينئذ فلا يستلزم إذا ما استحضرنا هذه الصّورة ، أن يكون النّاس قد ساروا بين القبور في نعالهم هذا الشّيء الأوّل والشّيء الثّاني ، أنّه يوجد لدينا قاعدة أصوليّة ، تساعدنا على التّوفيق بين الأحاديث الّتي قد يبدوا التّعارض بينها أحيانا ، من هذه القواعد أنّه إذا تعارض حاضر ومبيح ، قدّم الحاضرعلى المبيح ، فحديث السّبتيّتين يحضّر على المسلم أن يمشي بين القبور متنعّلا الحديث الثّاني في ظاهره، إذا لم نحمله المحمل الّذي ذكرته آنفا ، في ظاهره يفيد إباحة المشي بين القبور في النّعلين ، فإذا تعارض حاضر ومبيح قدّم الحاضر على المبيح ، وهذه القاعدة بدهيّة جدّا ، لمن يتتبّع تدرّج الأحكام الشرعيّة ، وطريقة ورودها ونزولها على قلب النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فنحن نعلم جميعا أنّ العرب في الجاهليّة كانوا في ضلال مبين ، وكانوا لا يعلمون شيئا ممّا يعرف بعد الإسلام بأنّه حرام أوحلال ، وكذلك نعلم أنّ أوّل ما أنزل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإنّما هو الأمر بعبادة الله وحده ، لا شريك له ، ثمّ بعد ذلك بدأت الأحكام الشرعيّة تنزل فحينما أمر عليه السّلام بعبادة الله وحده لا شريك له وأمر النّاس أن يعبدوه كذلك وحده ، لا شريك له يومئذ لم يكن شيء اسمع لباس الحرير حرام ، شرب الخمر حرام ، المشي بين القبور في النّعال حرام ، وإنّما كان النّاس يمشون على ما كانوا عليه من الضّلالة ، وعلى ذلك فليس من المستبعد إطلاقا أن يكون المسلمون في العهد الأوّل من الإسلام ، يمشون على الإباحة الأصليّة فيدخلون القبور وعلى أقدامهم النّعال فحينما يأتي حكم جديد ، يتضمّن خلع النعلين ، بالنّسبة للماشي بين القبور ، نعرف بداهة ،حينذاك بأنّ هذا النّصّ أتى بحكم جديد ، ألغى ماكانوا عليه من قبل من عادة السّير بين القبور من أجل هذا كلّه ، يقول علماء الأصول ، أنّه إذا تعارض نصّان أحدهما يحرّم شيئا والآخر يبيحه ، حمل النّصّ المبيح على الأصل على البراءة الأصليّة ، وحمل النّصّ المحرّم على التّشريع الجديد ، بهذا نستطيع أن نفهم حينذاك أنّ الحكم الّذي ينبغي أن نمشي عليه ، هو أن لا نمشي في النّعال بين القبور وهذا يتأيّد كما ذكرت آنفا ، بقوله عليه السّلام: ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ) فنهيه عليه السّلام عن الجلوس على القبور هو من باب احترامها كما قال عليه السّلام في الحديث الآخر: ( كسر عظم الميّت ككسره حيّا ) ، هذا كلّه من باب احترام الأموات لكن هذا الاحترام ، لا ينبغي أن يرتفع إلى مرتبة التّقديس والغلوّ في التّعظيم هذا هو الأمر الوسط نحترم الأموات ، ولا نقدّسهم ، من احترام الأموات أن نمشي حفاة بين القبور ، إلا إذا كان هناك عذر فهذا بحث آخر, نعم .
الشيخ : الجواب كما هو معلوم ، في كلّ أمر صدر من النّبي صلّى الله عليه وسلّم فالأصل فيه أنّه للوجوب ، إلاّ إذا وجدت قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب ، ولا قرينة هنا ، وعلى ذلك ، فينبغي البقاء على الأصل ، ألا وهو الوجوب , وعليكم السلام ورحمة الله , ولكنّي أقول قد يمكن أن نتلمّس قرينة تؤكّد أنّ الأمر ها هنا على الوجوب من ذلك مثلا قوله عليه الصّلاة والسّلام: ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ) ففي هذا الحديث وهو في صحيح مسلم ، أن النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم جمع بين أمرين أو شيئين متباينين فهو من جهة يأمر باحترام الميّت ، وذلك بالنّهي عن الجلوس على قبره ، ومن جهة أخرى ينهى عن المبالغة في احترام الميّت ، فينهى عن الصّلاة إلى القبر فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلّوا إليها ) والسّؤال السّابق آنفا ، في الأمر فيما يتعلّق بالمشي بين القبور ( يا صاحب السبتيّتين اخلع نعليك ) ، كذلك هنا يرد السّؤال نفسه ، في قوله عليه السلام: ( لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلّوا إليها ) هل النّهي هنا للتّحريم أم للتّنزيه ، الجواب كالجواب السّابق بالنّسبة للأمر فكما أنّ الأصل في الأمر الوجوب ، فكذلك الأصل في النّهي التّحريم فقد يقول قائل نهيه عليه السّلام عن الجلوس على القبر وعن الصّلاة إلى القبر ، هل هو للتّحريم أم التّنزيه ؟ الجواب كما سبق بالنّسبة للأمر ، الأصل فيه أنّه للتّحريم ، وحينئذ فيمكننا أن نستنبط من نهيه عليه الصّلاة والسّلام عن الجلوس على القبر ، أنّه يلتقي مع أمره لصاحب السبتيّتين بخلعهما ومن ذلك باب احترام المقبورين ، فالتقى هذا الحديث بذاك وصار هذا الثّاني قرينة مؤيّدة ، لكون الأمر في حديث السبتيتين ، هو على أصله أي الوجوب قد يورد بعض النّاس لمثل هذه المناسبة ، حديث ( إنّ الميّت إذا وضع في قبره إنّه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرين ) فيتوهمون أنّ هذا الحديث يدل على جواز المشي بين القبور في النّعال وليس الأمر كذلك ، ذلك لأنّه ليس من الضّروريّ ، أن نتصوّر أوّلا ، أنّ إخبار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن الميّت إذا وضع في القبر أنّه يسمع قرع النّعال ، أنّه يعني أن المشي بين القبور في النّعال جائز ، لأنّه يمكن أن نتصوّر الأمر بحيث لا يصطدم مع أمره لصاحب السبتيّتين بخلعهما يمكن أن نتصوّر أمرين اثنين دفعا للتّعارض ، الأمر الأوّل ، أنّه لا تلازم بين سماع النّاس عند انصرافهم من دفن الميّت أن يكون الدّفن بين القبور ، بحيث يستلزم هذا الدّفن ، المشي أيضا في النّعال بين القبور ، يمكن أن يكون هذا السّمع من الميت لقرع النّعال ، في وضع خاصّ كأن يدفن في حافّة المقبرة في جانب منها ، وحينئذ فلا يستلزم إذا ما استحضرنا هذه الصّورة ، أن يكون النّاس قد ساروا بين القبور في نعالهم هذا الشّيء الأوّل والشّيء الثّاني ، أنّه يوجد لدينا قاعدة أصوليّة ، تساعدنا على التّوفيق بين الأحاديث الّتي قد يبدوا التّعارض بينها أحيانا ، من هذه القواعد أنّه إذا تعارض حاضر ومبيح ، قدّم الحاضرعلى المبيح ، فحديث السّبتيّتين يحضّر على المسلم أن يمشي بين القبور متنعّلا الحديث الثّاني في ظاهره، إذا لم نحمله المحمل الّذي ذكرته آنفا ، في ظاهره يفيد إباحة المشي بين القبور في النّعلين ، فإذا تعارض حاضر ومبيح قدّم الحاضر على المبيح ، وهذه القاعدة بدهيّة جدّا ، لمن يتتبّع تدرّج الأحكام الشرعيّة ، وطريقة ورودها ونزولها على قلب النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فنحن نعلم جميعا أنّ العرب في الجاهليّة كانوا في ضلال مبين ، وكانوا لا يعلمون شيئا ممّا يعرف بعد الإسلام بأنّه حرام أوحلال ، وكذلك نعلم أنّ أوّل ما أنزل على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإنّما هو الأمر بعبادة الله وحده ، لا شريك له ، ثمّ بعد ذلك بدأت الأحكام الشرعيّة تنزل فحينما أمر عليه السّلام بعبادة الله وحده لا شريك له وأمر النّاس أن يعبدوه كذلك وحده ، لا شريك له يومئذ لم يكن شيء اسمع لباس الحرير حرام ، شرب الخمر حرام ، المشي بين القبور في النّعال حرام ، وإنّما كان النّاس يمشون على ما كانوا عليه من الضّلالة ، وعلى ذلك فليس من المستبعد إطلاقا أن يكون المسلمون في العهد الأوّل من الإسلام ، يمشون على الإباحة الأصليّة فيدخلون القبور وعلى أقدامهم النّعال فحينما يأتي حكم جديد ، يتضمّن خلع النعلين ، بالنّسبة للماشي بين القبور ، نعرف بداهة ،حينذاك بأنّ هذا النّصّ أتى بحكم جديد ، ألغى ماكانوا عليه من قبل من عادة السّير بين القبور من أجل هذا كلّه ، يقول علماء الأصول ، أنّه إذا تعارض نصّان أحدهما يحرّم شيئا والآخر يبيحه ، حمل النّصّ المبيح على الأصل على البراءة الأصليّة ، وحمل النّصّ المحرّم على التّشريع الجديد ، بهذا نستطيع أن نفهم حينذاك أنّ الحكم الّذي ينبغي أن نمشي عليه ، هو أن لا نمشي في النّعال بين القبور وهذا يتأيّد كما ذكرت آنفا ، بقوله عليه السّلام: ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ) فنهيه عليه السّلام عن الجلوس على القبور هو من باب احترامها كما قال عليه السّلام في الحديث الآخر: ( كسر عظم الميّت ككسره حيّا ) ، هذا كلّه من باب احترام الأموات لكن هذا الاحترام ، لا ينبغي أن يرتفع إلى مرتبة التّقديس والغلوّ في التّعظيم هذا هو الأمر الوسط نحترم الأموات ، ولا نقدّسهم ، من احترام الأموات أن نمشي حفاة بين القبور ، إلا إذا كان هناك عذر فهذا بحث آخر, نعم .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 317
- توقيت الفهرسة : 00:03:55
- نسخة مدققة إملائيًّا