ما الضَّابط في تعيين المسافر ؟
A-
A=
A+
السائل : بالنسبة للمسافة .
الشيخ : طيب .
السائل : بالنسبة للمسافة .
الشيخ : نعم .
السائل : إنه نفهم من هذا الذي ... .
الشيخ : آ ، نعم السفر لما ذكرنا أنه ليس له مسافة محدودة بالمراحل أوالكيلومترات ؛ فمعنى ذلك أن الأمر يعود إلى عرف كل بلدة ، فإذا خرج الإنسان - وأنا سألت بعضهم هذا السؤال - إذا خرج الإنسان من مكة إلى جدة ؛ فهل في عرفهم العام يقولون : سافرنا أو خرجنا أو ذهبنا ؟ فإذا كان الغالب في استعمالاتهم أنهم يقولون خرجنا أو ذهبنا ولا يقولون سافرنا ؛ فحينئذٍ هذا العرف هو الحَكَم في المسألة ، فإذا كان الآتي من مكة إلى جدة لا يُعتبر سفرًا أو الذاهب من هنا إلى مكة لا يعتبر مسافرًا ؛ فحينذاك لا يجوز له القصر ، ولا يُرخَّص له بالجمع إلا في حدود معروفة للمقيم ، هذا هو أحسن ما قيل في موضوع المسافر ؛ أنه هو المعروف أنه سفر كما مثَّلنا ذلك آنفًا بالمريض ؛ (( فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر )) ، وإذا افترض بعضُ الناس في تعيين انتقال من مكان لمكان ؛ هل هو سفر أو ليس بسفر ؛ فذلك لا يعني أن القاعدة ليست بصحيحة ؛ لأننا لم نجد خيرًا منها ولا أسهل منها .
لا بد من مراعاة قضية العرف العام بين الناس في كثير من الأحكام ، الفقهاء يذكرون في باب الأيمان بعض الأحكام ؛ لو أن رجلًا حلف يمينًا ألا يأكل اللحم فأكل السمك ؛ فهل يحنث أم لا ؟ لا شك أن السمك بنصِّ القرآن هو لحم ، ولحم طري ، ولكن إذا كان في عرف المتكلمين في بلدةٍ ما لا يتبادر إلى أذهانهم إذا ذُكر اللحم أنه يدخل فيه لحم السمك - أيضًا - ، وإنما يدخل فيه لحم المواشي التي يعيشون معها ؛ فحينئذ إذا أكل السمك لا يحنث في يمينه ، وعلى العكس تمامًا ؛ إذا كان الحالف أنه لا يأكل اللحم ، وكان هو يعيش في بعض السواحل التي لا تعرف من اللحم إلا لحم السمك ، فلحم المواشي في تلك السواحل لا يُعرف ، فأكل سافر مثلًا أو تيسَّرت له الأكلة التي فيها لحم بعض المواشي ؛ فهل يحنث ؟ لا بد أن يُراعى في ذلك العرف الذي هو يعيشه ، وهكذا .
حينما يقولون بعضهم : إن الأحكام تختلف باختلاف الزمان والمكان ؛ فهذه الجملة لا يجوز أن نأخذها على إطلاقها وعمومها وشمولها ؛ لأنها تستلزم تعطيل الشريعة في كثير من نصوصها ، وإنما المقصود بها - مثل ما ذكرت لكم آنفًا - أنَّ الحكم يتغيَّر بتغير البلد ؛ أي : العرف فيما ينطق به الإنسان ، وليس في تغيير حكم الرحمن - تبارك وتعالى - ، فإذًا معرفة العرف في البلاد تترتَّب عليه بعض الأحكام الشرعية ، ومنها ما ذكرته آنفًا فيما يتعلق بالسفر والمسافر .
وأذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر في رسالته - وهي مطبوعة " أحكام المسافر " - ؛ لو أن رجلًا - وهو كما تعلمون دمشقي - قال : لو أن رجلًا خرج من دمشق إلى قرية دوما - قرية دوما قرية شرقي دمشق تبعد عنها بنحو خمسة عشر كيلومتر - لماذا خرج ؟ ليصطاد ، فلم يحصِّل بغيته من الصيد ، فمشى ومشى حتى وصل إلى بلدة أخرى تبعد عن دمشق ستين كيلومتر ، فما حصَّل بغيته من الصيد ، فمشى ومشى ، والشاهد - وبإيجاز - : ما رأى نفسه إلا وصل إلى حلب ، وحلب شمال سوريا ، وبينها وبين دمشق نحو أربعمئة كيلومتر ، يقول هذا ليس مسافرًا ، مع أنه قطع بالاتفاق مسافات للمسافر ، ليس مسافة واحدة ، لكن هذا لم يخرج مسافرًا ، هذا خرج مصطادًا ، إذًا لا بد من مراعاة هذه المعاني ، وعلى ذلك يثبت بطريقة راجحة قوية جدًّا أنَّ السفر ليس له حدٌّ محدود ومسافة مقطوعة بالكيلومترات ، وإنما ذلك راجع إلى العرف كما ذكرنا آنفًا .
تفضَّل .
الشيخ : طيب .
السائل : بالنسبة للمسافة .
الشيخ : نعم .
السائل : إنه نفهم من هذا الذي ... .
الشيخ : آ ، نعم السفر لما ذكرنا أنه ليس له مسافة محدودة بالمراحل أوالكيلومترات ؛ فمعنى ذلك أن الأمر يعود إلى عرف كل بلدة ، فإذا خرج الإنسان - وأنا سألت بعضهم هذا السؤال - إذا خرج الإنسان من مكة إلى جدة ؛ فهل في عرفهم العام يقولون : سافرنا أو خرجنا أو ذهبنا ؟ فإذا كان الغالب في استعمالاتهم أنهم يقولون خرجنا أو ذهبنا ولا يقولون سافرنا ؛ فحينئذٍ هذا العرف هو الحَكَم في المسألة ، فإذا كان الآتي من مكة إلى جدة لا يُعتبر سفرًا أو الذاهب من هنا إلى مكة لا يعتبر مسافرًا ؛ فحينذاك لا يجوز له القصر ، ولا يُرخَّص له بالجمع إلا في حدود معروفة للمقيم ، هذا هو أحسن ما قيل في موضوع المسافر ؛ أنه هو المعروف أنه سفر كما مثَّلنا ذلك آنفًا بالمريض ؛ (( فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر )) ، وإذا افترض بعضُ الناس في تعيين انتقال من مكان لمكان ؛ هل هو سفر أو ليس بسفر ؛ فذلك لا يعني أن القاعدة ليست بصحيحة ؛ لأننا لم نجد خيرًا منها ولا أسهل منها .
لا بد من مراعاة قضية العرف العام بين الناس في كثير من الأحكام ، الفقهاء يذكرون في باب الأيمان بعض الأحكام ؛ لو أن رجلًا حلف يمينًا ألا يأكل اللحم فأكل السمك ؛ فهل يحنث أم لا ؟ لا شك أن السمك بنصِّ القرآن هو لحم ، ولحم طري ، ولكن إذا كان في عرف المتكلمين في بلدةٍ ما لا يتبادر إلى أذهانهم إذا ذُكر اللحم أنه يدخل فيه لحم السمك - أيضًا - ، وإنما يدخل فيه لحم المواشي التي يعيشون معها ؛ فحينئذ إذا أكل السمك لا يحنث في يمينه ، وعلى العكس تمامًا ؛ إذا كان الحالف أنه لا يأكل اللحم ، وكان هو يعيش في بعض السواحل التي لا تعرف من اللحم إلا لحم السمك ، فلحم المواشي في تلك السواحل لا يُعرف ، فأكل سافر مثلًا أو تيسَّرت له الأكلة التي فيها لحم بعض المواشي ؛ فهل يحنث ؟ لا بد أن يُراعى في ذلك العرف الذي هو يعيشه ، وهكذا .
حينما يقولون بعضهم : إن الأحكام تختلف باختلاف الزمان والمكان ؛ فهذه الجملة لا يجوز أن نأخذها على إطلاقها وعمومها وشمولها ؛ لأنها تستلزم تعطيل الشريعة في كثير من نصوصها ، وإنما المقصود بها - مثل ما ذكرت لكم آنفًا - أنَّ الحكم يتغيَّر بتغير البلد ؛ أي : العرف فيما ينطق به الإنسان ، وليس في تغيير حكم الرحمن - تبارك وتعالى - ، فإذًا معرفة العرف في البلاد تترتَّب عليه بعض الأحكام الشرعية ، ومنها ما ذكرته آنفًا فيما يتعلق بالسفر والمسافر .
وأذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - ذكر في رسالته - وهي مطبوعة " أحكام المسافر " - ؛ لو أن رجلًا - وهو كما تعلمون دمشقي - قال : لو أن رجلًا خرج من دمشق إلى قرية دوما - قرية دوما قرية شرقي دمشق تبعد عنها بنحو خمسة عشر كيلومتر - لماذا خرج ؟ ليصطاد ، فلم يحصِّل بغيته من الصيد ، فمشى ومشى حتى وصل إلى بلدة أخرى تبعد عن دمشق ستين كيلومتر ، فما حصَّل بغيته من الصيد ، فمشى ومشى ، والشاهد - وبإيجاز - : ما رأى نفسه إلا وصل إلى حلب ، وحلب شمال سوريا ، وبينها وبين دمشق نحو أربعمئة كيلومتر ، يقول هذا ليس مسافرًا ، مع أنه قطع بالاتفاق مسافات للمسافر ، ليس مسافة واحدة ، لكن هذا لم يخرج مسافرًا ، هذا خرج مصطادًا ، إذًا لا بد من مراعاة هذه المعاني ، وعلى ذلك يثبت بطريقة راجحة قوية جدًّا أنَّ السفر ليس له حدٌّ محدود ومسافة مقطوعة بالكيلومترات ، وإنما ذلك راجع إلى العرف كما ذكرنا آنفًا .
تفضَّل .