تتمة كلام الشيخ في صلاة التسابيح .
A-
A=
A+
الشيخ : ... فما يضر هذا النقد إطلاقا ، يجب على كل حديثي يتوجه لنقد الأحاديث أن يكون نقده إياها من حيث إسنادها لا من حيث متونها ؛ ولكن إذا لم يثبت الحديث، حديث ما من حيث إسناده حينئذ يتوجه الناقد إن كان عنده منطق إلى نقد المتن أيضا فيصبح الحديث ضعيفا سندا منكرا متنا ؛ وإياك أن تغتر أنت أو غيرك بما جاء في مقدمة ابن الصلاح وغيرها من كتب المصطلح إنه قد يكون إسناد الحديث صحيحا ومتنه غير صحيح ، إياك ثم إياك لأن هذا الكلام على إطلاقه ليس صحيحا في واقعه ولا بد من ترقيعه بتأويله حتى يستقيم الكلام وذلك بأن يعني إسناده صحيح بغض النظر عن بعض شروط السند الصحيح التي منها أن لا يشذ ولا يعل ؛ فقد يكون الإسناد قال فيه فلان اسناده صحيح وهو معذور لأنه لم تتبين له العلة ؛ والعلة كما قد تعلم إن شاء الله تنقسم إلى قسمين : علة جلية ، وعلة خفية ؛ والعلة الثانية هي التي تخفى على كثير من العلماء فضلا عن غيرهم ؛ فإذا قال قائلهم قد يكون إسناد الحديث صحيحا فهو بهذا التأويل أما إسناد صحيح سالم من أي علة ويكون المتن منكرا ضعيفا هذا لا وجود له في الدنيا ؛ إذا عرفت هذه الحقيقة فينبغي كما قلت آنفا أن يتوجه الناقد إلى الحديث بنقد الإسناد ، فإذا سلم السند سلم المتن وإلا فتحنا طريقا على أناس يدّعون إن الإسلام ليس سوى القرآن فقط ؛ لأنهم وجدوا أحاديث كثيرة غير صحيحة وبخاصة حينما فتحوا باب النقد للمتون الذي يسميه بعض المعاصرين المقلدين للكفار المستشرقين بالنقد الداخلي ، يسمون نقد المتن بالنقد الداخلي ؛ فلما توسعوا في النقد لم يسلم لهم من الحديث إلا القليل القليل جدا ؛ ولذلك أيضا أعرضوا عن هذا القليل واكتفوا بالقرآن فخرجوا عن الإسلام باسم القرآن ؛ خلاصة الكلام حديث التسبيح لا ينزل عن مرتبة الحسن وهو عندي صحيح بمجموع طرقه ويكفي في ذلك أن يعلم طالب العلم أن أحد أئمة السلف وهو عبد الله بن المبارك إمام إمام السنة الإمام أحمد كان يصلي هذه الصلاة التي يريد أولئك الناس الذين ينقدونها متنا أن يسموها بحديث شاذ أو منكر ، فمثل هذا الحديث وقد جاء من طرق كثيرة وبعضها ليس فيها إلا الضعف اليسير الذي يتقوى بمثله وقد عمل به ذلك الإمام ؛ فلا تغتر بما ينقل من الكلام عن بعض أئمة الإسلام في تضعيف أسانيده أو في الحكم على الإسناد بالنكارة ؛ هذا ما عندي .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 225
- توقيت الفهرسة : 00:00:01
- نسخة مدققة إملائيًّا