حديث : ( أفلح إن صدق ) ؛ هل يُستَدَلُّ به على أن الأوامر في السنة تُحمل على الندب لا على الوجوب كتحية المسجد مثلًا ؟
A-
A=
A+
السائل : كثير من الفقهاء والمفتين يعني يستدلون بالحديث : ( أفلح إن صدق ) في تجاوز كثيرًا ، كثيرًا من الأحاديث اللي هي صحيحة من الأوامر الشرعية والنبوية ما يُوجِب التطبيق ؛ يعني لأنه الأصل في الأوامر الوجوب ، فيستدلون على حديث : ( أفلح إن صدق ) بالمندوبية أو مندوبية ذلك الفعل ؟
ولا شك أن كثرًا - أيضًا - أن كثيرًا من العلماء يعني مَن يردُّ على هذا الأمر بقوله أنه عدل بـ ( أفلح إن صدق ) ، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك أن ما انتهى من الأوامر ، وكذلك فإن الدين قد اكتمل الذي أوامر أخرى ، فيجب على مَن عَلِمَها يعني أن يطبِّقَها ، وتكون بحكم الواجب وليس بحكم المندوب كما ذهبوا ؛ فماذا يعني ؟
الشيخ : مثاله ؟
السائل : يعني - مثلًا - يا شيخ ، السنة تحية المسجد ، يقولون يعني تحية المسجد عندما أدخل مندوبة ؛ لأنها وإن وَرَدَتْ بصيغة الأمر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال لهذا القائل الذي أتى بالفرائض المعلومة : ( أفلح إن صدق ) ، وهو لم يزد على ذلك ، وهكذا في المسائل الأخرى كثيرة ولا شك ... ؟
الشيخ : أنا لا أعتقد أن عالمًا يقول ما نقلتَ آنفًا ، لا أعتقد أن عالمًا يقول أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علَّم ذلك السَّائل كلَّ ما فرض الله عليه في تلك الجلسة ، وحينئذٍ يبقى الاستدلال بهذا الحديث من أوهى الاستدلالات ، أما لو فرضنا العكس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّمه ما يجب وجوبًا عينيًّا في حياة المسلم ، فنقول بالنسبة لهذا المثال بالذات وهو تحية المسجد ، فتحية المسجد إنما تجب على مَن دخل المسجد أوَّلًا وليس على مَن دخل المصلى أو غيره من أمكنة الصلاة أوَّلًا ، وثانيًا : إنما تجب التحية ليس على مَن دخل المسجد فقط ، وإنما وجلس فيه ، فلو دخل ولم يجلس فليس عليه تحية ، دخل وخرج ليس عليه تحية ، بغضِّ النظر أن الأمر هنا للوجوب ، وهذا يحتاج إلى بحث لعلي أتعرَّض له لأنه في اعتقادي مهم جدًّا ؛ بغض النظر أن هذا الأمر للوجوب أو الاستحباب فإنما هذا الأمر أُمِرَ به مَن دخل المسجد ويريد الجلوس ، أما إذا كان لا يريد الجلوس فغير وارد عليه هذا الأمر ؛ لأن للحديث روايتين اثنتين :
الرواية الأولى : ( إذا دخل أحدكم المجلس فليصلِّ ركعتين ، ثم ليجلس ) .
الرواية الآخر : ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) .
إذًا إذا كان لا يريد الجلوس لأمرٍ ما فهؤلاء العمَّال والذين يتردَّدون إلى الوظيفة إلى المسجد لأمرٍ ما وليس للجلوس فيه ؛ فهؤلاء لا ينصبُّ عليهم الأمر المذكور في الحديث .
يؤكد هذا حديث أبي قتادة الأنصاري حينما دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وحوله بعض أصحابه ، فجلس ، فقال له : ( يا فلان ، أصليت ركعتين ؟! ) . قال : لا . قال : ( قُمْ فصلِّ ركعتين ) ، ثم قال - عليه السلام - الحديث المذكور آنفًا . وقصة أبي قتادة هذه هي غير قصة سُليك الغطفاني ، وقصة سليك التي سنذكرها تؤكِّد أن الأمر المذكور في حديث صلاة التحية في المسجد يؤكد أنه للوجوب وليس للاستحباب ؛ ذلك لأن حديث سليك كما في " صحيح البخاري ومسلم " أنه دخل يوم جمعة ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يخطب فجلس ، قال له - عليه السلام - : ( يا فلان ، أصلَّيتَ قبل أن تجلس ؟ ) . قال : لا . قال : ( قُمْ فصلِّ ركعتين ) ، ثم توجَّه إلى عامة الجالسين في المسجد ، وقال : ( إذا دخل أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب ؛ فليصلِّ ركعتين ، وليتجوَّز فيهما ) ، ( فليصلِّ لله ركعتين ، وليتجوَّز فيهما ) .
هذا الحديث يؤكد أن تحية المسجد واجب ليس أمرًا مستحبًّا فقط ، ووجه الاستدلال في هذا الحديث بأن نتذكَّر حديثًا آخر ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب : أنصِتْ ؛ فقد لغوتَ ) ، وكل متفقِّه في الشرع يعلم أن قول القائل لِمَن يتكلم يوم الجمعة والخطيب يخطب : أنصِتْ ؛ إنما هو أمر بالمعروف ، وأيضًا يعلم أن الأمر بالمعروف واجب ، فإذا عَلِمْنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسقط هذا الواجب وهو الأمر بالمعروف ؛ لأن الخطيب يخطب ، وعلى العكس من ذلك ؛ لم يُسقِطْ وجوب التحية والخطيب يخطب ؛ كان هذا من القرائن القوية والقوية جدًّا على أن التحية لا تسقط ، ولا يجوز تركها بدعوى أنها مستحبَّة ؛ لا ، هذا شيء .
وشيء آخر وهذا أمر هام - أيضًا - : أن التحية تُشرع في الأوقات المكروهة ؛ ذلك لأن الصلاة المطلقة صلاة النافلة والخطيب يوم الجمعة يخطب منهيٌّ عنها ؛ فهي أو هو هذا الوقت ينبغي أن يُلحق بالأوقات الخمسة التي تفرَّع وقتان منها من الأوقات الثلاثة ، لكن الفقهاء جَرَوا على أن يجعلوا الأوقات أوقات خمسة بالنسبة لأنها تتعلَّق بأوقات الصلاة ، لكن الحقيقة أنه ينبغي أن يُلحَقَ بهذه الأوقات من حيث عدم جواز النفل المطلق فيه ، ومن حيث جواز بل وجوب صلاة التحية فيه ينبغي أن يُلحَقَ والخطيب يخطب يوم الجمعة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمَرَ - كما سمعتم آنفًا - سليك الغطفاني أن يصلي ركعتين والخطيب يخطب ، بينما نهى أن تقول لصاحبك : أنصِتْ ؛ فهذا يؤكد أمرين اثنين : الأمر الأول : أن تحية المسجد واجبة وليست مستحبة فقط ، ثم تصلى في الأوقات المكروهة ككثير ممَّا يدخل في تعبير الشافعية بـ " النوافل ذوات الأسباب " ؛ فهذه من النوافل ذوات الأسباب ؛ ألا وهي تحية المسجد .
والآن نقوم إلى الصلاة إن شاء الله .
أبو ليلى : ... على خصوصية الجمعة بالنفل المطلق ؛ يعني خصوصية الجمعة في عدم الكراهة ؟
الشيخ : ليس بحثنا في يوم الجمعة فقط !
أبو ليلى : نعم ... .
الشيخ : في وقت الكراهة ؛ لأن هذا الوقت بعد الآذان .
سائل آخر : يا شيخ ، ورد .
الشيخ : بعد خروج وقت الكراهة .
السائل : ثبت في " صحيح مسلم " .
الشيخ : نعم ؟ نمشي .
ولا شك أن كثرًا - أيضًا - أن كثيرًا من العلماء يعني مَن يردُّ على هذا الأمر بقوله أنه عدل بـ ( أفلح إن صدق ) ، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك أن ما انتهى من الأوامر ، وكذلك فإن الدين قد اكتمل الذي أوامر أخرى ، فيجب على مَن عَلِمَها يعني أن يطبِّقَها ، وتكون بحكم الواجب وليس بحكم المندوب كما ذهبوا ؛ فماذا يعني ؟
الشيخ : مثاله ؟
السائل : يعني - مثلًا - يا شيخ ، السنة تحية المسجد ، يقولون يعني تحية المسجد عندما أدخل مندوبة ؛ لأنها وإن وَرَدَتْ بصيغة الأمر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال لهذا القائل الذي أتى بالفرائض المعلومة : ( أفلح إن صدق ) ، وهو لم يزد على ذلك ، وهكذا في المسائل الأخرى كثيرة ولا شك ... ؟
الشيخ : أنا لا أعتقد أن عالمًا يقول ما نقلتَ آنفًا ، لا أعتقد أن عالمًا يقول أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - علَّم ذلك السَّائل كلَّ ما فرض الله عليه في تلك الجلسة ، وحينئذٍ يبقى الاستدلال بهذا الحديث من أوهى الاستدلالات ، أما لو فرضنا العكس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّمه ما يجب وجوبًا عينيًّا في حياة المسلم ، فنقول بالنسبة لهذا المثال بالذات وهو تحية المسجد ، فتحية المسجد إنما تجب على مَن دخل المسجد أوَّلًا وليس على مَن دخل المصلى أو غيره من أمكنة الصلاة أوَّلًا ، وثانيًا : إنما تجب التحية ليس على مَن دخل المسجد فقط ، وإنما وجلس فيه ، فلو دخل ولم يجلس فليس عليه تحية ، دخل وخرج ليس عليه تحية ، بغضِّ النظر أن الأمر هنا للوجوب ، وهذا يحتاج إلى بحث لعلي أتعرَّض له لأنه في اعتقادي مهم جدًّا ؛ بغض النظر أن هذا الأمر للوجوب أو الاستحباب فإنما هذا الأمر أُمِرَ به مَن دخل المسجد ويريد الجلوس ، أما إذا كان لا يريد الجلوس فغير وارد عليه هذا الأمر ؛ لأن للحديث روايتين اثنتين :
الرواية الأولى : ( إذا دخل أحدكم المجلس فليصلِّ ركعتين ، ثم ليجلس ) .
الرواية الآخر : ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) .
إذًا إذا كان لا يريد الجلوس لأمرٍ ما فهؤلاء العمَّال والذين يتردَّدون إلى الوظيفة إلى المسجد لأمرٍ ما وليس للجلوس فيه ؛ فهؤلاء لا ينصبُّ عليهم الأمر المذكور في الحديث .
يؤكد هذا حديث أبي قتادة الأنصاري حينما دخل المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس وحوله بعض أصحابه ، فجلس ، فقال له : ( يا فلان ، أصليت ركعتين ؟! ) . قال : لا . قال : ( قُمْ فصلِّ ركعتين ) ، ثم قال - عليه السلام - الحديث المذكور آنفًا . وقصة أبي قتادة هذه هي غير قصة سُليك الغطفاني ، وقصة سليك التي سنذكرها تؤكِّد أن الأمر المذكور في حديث صلاة التحية في المسجد يؤكد أنه للوجوب وليس للاستحباب ؛ ذلك لأن حديث سليك كما في " صحيح البخاري ومسلم " أنه دخل يوم جمعة ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يخطب فجلس ، قال له - عليه السلام - : ( يا فلان ، أصلَّيتَ قبل أن تجلس ؟ ) . قال : لا . قال : ( قُمْ فصلِّ ركعتين ) ، ثم توجَّه إلى عامة الجالسين في المسجد ، وقال : ( إذا دخل أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب ؛ فليصلِّ ركعتين ، وليتجوَّز فيهما ) ، ( فليصلِّ لله ركعتين ، وليتجوَّز فيهما ) .
هذا الحديث يؤكد أن تحية المسجد واجب ليس أمرًا مستحبًّا فقط ، ووجه الاستدلال في هذا الحديث بأن نتذكَّر حديثًا آخر ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب : أنصِتْ ؛ فقد لغوتَ ) ، وكل متفقِّه في الشرع يعلم أن قول القائل لِمَن يتكلم يوم الجمعة والخطيب يخطب : أنصِتْ ؛ إنما هو أمر بالمعروف ، وأيضًا يعلم أن الأمر بالمعروف واجب ، فإذا عَلِمْنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسقط هذا الواجب وهو الأمر بالمعروف ؛ لأن الخطيب يخطب ، وعلى العكس من ذلك ؛ لم يُسقِطْ وجوب التحية والخطيب يخطب ؛ كان هذا من القرائن القوية والقوية جدًّا على أن التحية لا تسقط ، ولا يجوز تركها بدعوى أنها مستحبَّة ؛ لا ، هذا شيء .
وشيء آخر وهذا أمر هام - أيضًا - : أن التحية تُشرع في الأوقات المكروهة ؛ ذلك لأن الصلاة المطلقة صلاة النافلة والخطيب يوم الجمعة يخطب منهيٌّ عنها ؛ فهي أو هو هذا الوقت ينبغي أن يُلحق بالأوقات الخمسة التي تفرَّع وقتان منها من الأوقات الثلاثة ، لكن الفقهاء جَرَوا على أن يجعلوا الأوقات أوقات خمسة بالنسبة لأنها تتعلَّق بأوقات الصلاة ، لكن الحقيقة أنه ينبغي أن يُلحَقَ بهذه الأوقات من حيث عدم جواز النفل المطلق فيه ، ومن حيث جواز بل وجوب صلاة التحية فيه ينبغي أن يُلحَقَ والخطيب يخطب يوم الجمعة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمَرَ - كما سمعتم آنفًا - سليك الغطفاني أن يصلي ركعتين والخطيب يخطب ، بينما نهى أن تقول لصاحبك : أنصِتْ ؛ فهذا يؤكد أمرين اثنين : الأمر الأول : أن تحية المسجد واجبة وليست مستحبة فقط ، ثم تصلى في الأوقات المكروهة ككثير ممَّا يدخل في تعبير الشافعية بـ " النوافل ذوات الأسباب " ؛ فهذه من النوافل ذوات الأسباب ؛ ألا وهي تحية المسجد .
والآن نقوم إلى الصلاة إن شاء الله .
أبو ليلى : ... على خصوصية الجمعة بالنفل المطلق ؛ يعني خصوصية الجمعة في عدم الكراهة ؟
الشيخ : ليس بحثنا في يوم الجمعة فقط !
أبو ليلى : نعم ... .
الشيخ : في وقت الكراهة ؛ لأن هذا الوقت بعد الآذان .
سائل آخر : يا شيخ ، ورد .
الشيخ : بعد خروج وقت الكراهة .
السائل : ثبت في " صحيح مسلم " .
الشيخ : نعم ؟ نمشي .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 286
- توقيت الفهرسة : 00:02:38
- نسخة مدققة إملائيًّا