ما حكم صلاة العيدين وصلاة تحية المسجد .
A-
A=
A+
الشيخ : ... إذا عرفنا هذا فصلاة العيدين إن قيل بفرضيتهما أو بوجوبهما والمعنى واحد كما ذكرنا فهل ينافي ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الأعرابي ( لا إلا أن تطوع ) ؟ كذلك إذا قيل بوجوب تحية المسجد وهو الحق الذي لا يعارضه شيء من السنة لقوله عليه الصلاة و السلام : ( إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين ثم ليجلس ) وفي الرواية الأخرى تأكيدا للرواية الأولى ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) ، هذا أمره صلى الله عليه وسلم ، والأمر يقتضي الوجوب وبخاصة إذا اقترن معه شيء من الاهتمام بهذا الأمر زايد على الأمر نفسه كما جاء في هذا الحديث وهو في الصحيحين من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه دخل المسجد النبوي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحوله بعض أصحابه فانضم أبو قتادة إلى هؤلاء الصحابة وجلس بينهم يستمع الذكر ، يستمع الموعظة ، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فلما رآه عليه الصلاة والسلام قال له : ( يا أبا قتادة أصليت ؟ قال لا ، قال قم فصلي ركعتين ) وأذكر مسبقا هذا غير الحديث التالي حديث أبي سليك الغطفاني فقام ليصلي وبهذه المناسبة قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين ثم ليجلس ) والرواية الأخرى كما ذكرنا ( فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) ، الشاهد أن مع هذا الأمر الاهتمام بجلوس أبي قتادة قبل التحية ولم يسكت عليه الصلاة والسلام عنه لعلمه بما علمنا به ألا وهو أن التحية تحية المسجد أمر لا ينبغي أن يستاهل به المسلم لذلك سأله صليت ركعتين ؟ قال لا، قال قم فصل ) ، ثم ذكر هذا الحديث ثم يأتي تأكيد آخر لكون هذا الأمر ليس للاستحباب ولو كان استحبابا مؤكدا وإنما هو للوجوب ، حديث سليك الغطفاني لما جاء و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فجلس فقال له عليه الصلاة والسلام ( يا فلان أصليت ؟ ) قال لا ، قال ( قم فصل ركعتين ) ، ثم التفت إلى الجمهور من الجالسين المصغين بخطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبهم جميعا دفعا لشبهة قد تقع وقد وقعت فعلا وذلك من تمام هذا الشرع المبارك حيث توجه عليه الصلاة والسلام بذلك الخطاب العام فقال : ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والخطيب يخطب فليصل ركعتين وليتجوز فيهما ) خاطب الجالسين بهذا الخطاب لدفع شبهة قد ترد وقد وردت فعلا وقيلت في بعض الكتب إن هذا كان لعلة ، ما هي هذه العلة ؟ قيل وقيل مرجعها إلى أن هذا الأمر الذي وجه إلى سليك الغطفاني هو أمر خاص به ، فأبطل عليه الصلاة والسلام هذه الشبهة سلفا بتوجيهه الأمر للأمة كلها جميعا ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوز فيهما ) أي ليخففهما ، ليخفف القراءة فيهما وليس تخفيف الأركان التي لا تصح الصلاة إلا بها ، هنا أمر آخر غير ذلك الأمر الآخر الذي سبق ذكره في حديث أبي قتادة مما يدل على اهتمام الشارع الحكيم بهذه التحية ، أول ذلك أننا وجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته التي كان ماشيا فيها حينما رأى مسلما يجلس في المسجد قبل أن يصلي التحية لكنه عليه الصلاة والسلام من احتياطه ورأفته بأمته لم يأمره فورا بأن يقوم لاحتمال أن يكون قد صلى فاستفهم منه ( أصليت ؟ ) قال لا ، فأمره وقال له قم فصل ركعتين ؛ هذا قطعه عليه السلام للخطبة اهتمام آخر يدل على أهمية تحية المسجد ... .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 375
- توقيت الفهرسة : 00:15:15