هل يجوز دفن الشهيد في المسجد إذا كان معروفًا بالتقى والاستقامة ؟ وهل يجوز رثاء الميت أو الشهيد بأبيات من الشعر ؟ والكلام على مسألة بناء المسجد على قبر أو وضع القبر في المسجد أيهما يزال ، والتنبيه على إطلاق كلمة شهيد .
A-
A=
A+
عيد عباسي : من الأسئلة السابقة السؤال التالي : هل يجوز دفن الشهيد في المسجد إذا كان معروفًا بالتقى والاستقامة ؟ وهل يجوز رثاء الميت أو الشهيد بأبيات من الشعر ؟
الشيخ : أما الشطر الأول من السؤال فذلك أمرٌ يحرم في الإسلام ، دفن الشهيد في المسجد لو كان مشروعًا لَكان أولى بهذا المشروع دفن الأنبياء ، ومن المعلوم بطريق التواتر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه حَرَّم تحريمًا شديدًا دفن الأنبياء والأولياء والصالحين في المساجد ؛ لأنه لما ذُكِرَ بين يديه - صلى الله عليه وآله وسلم - من أمِّ سلمة وأمِّ حبيبة وكانتا من المهاجرات للحبشة ، فلما رجعْنَ وذكَرْنَ أمام الرسول - عليه السلام - كنيسة رَأَتَاها في الحبشة ، وذَكَرَتا من حسن وتصاوير فيها ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بَنَوا على قبره مسجدًا ، وصوَّروا فيه تلك التصاوير ، أولئك شرار الخلق عند الله - تبارك وتعالى - ) ، وقال في حديث آخر في " الصحيحين " - أيضًا - : ( قاتَلَ الله اليهود اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ، وفي حديث آخر : ( لَعَنَ الله اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ، والأحاديث كما أشرت في هذا المعنى متواترة ، وقد كنت جمعت قسمًا طيِّبًا منها في كتاب خاص في هذه المسألة المسمى بـ " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " .
فإذا كان الرسول - عليه السلام - يلعن مَن قبلنا بسبب أنهم بَنَوا مساجدهم على قبور أنبيائهم فإنما فعل ذلك تحذيرًا لنا كما قالت السيدة عائشة في حديثها في " الصحيحين " بعدما رَوَتْ الحديث السابق : ( قاتل الله اليهود اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . قالت : " يحذِّر ما صنعوا " . فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذَّرَ في هذه الأحاديث التي لعَنَ فيها اليهود بسبب بنائهم المساجد على قبور أنبيائهم وصالحيهم ؛ حذَّر من ذلك ، ولكن جاء حديث خاص بهذه الأمة لأنه وُجِدَ فيها مَن يتأول تلك الأحاديث أنه لا علاقة لنا بهذه الأحاديث ، أولئك هم اليهود ، وأولئك هم النصارى ، فلُعِنُوا بسبب بنائهم مساجد على قبور الأنبياء والصالحين ، أما نحن فلا بأس من أن نفعَلَ ذلك من باب التبرُّك زعموا !! فجاء الحديث الصريح لِيخصَّ هذه الأمة - أيضًا - بذلك الحكم من المنع ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( شرار الناس مَن تُدرِكُهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ) ، هنا ما فيه مجال أن يُقال هذا الخبر عن اليهود ، هذا خبر خاص في هذه الأمة ، فإنها آخر الأمم كما صحَّ ذلك عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
إذًا لا يجوز دفن الشهيد في المسجد ؛ لأن الرسول - عليه السلام - مَنَعَ منعًا باتًّا ، وكان ذلك من باب سد الذريعة حتى لا يُصاب المسلمون بما أُصِيبَ به مَن قبلهم من أهل الكتاب من الغلوِّ في مَن يدفنونهم من الصالحين في مساجدهم ، ونحن - مع الأسف الشديد - نرى أن هذا الذي خَشِيَه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - أن تُصاب الأمة به قد وقع في مثله ، فنحن على الرغم من أننا نقرأ في كتاب ربِّنا : (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )) ؛ فنحن ندعو مع الله مَن يُدفن في مساجدنا اليوم ، وأكبر مثال على ذلك المسجد الكبير في دمشق مسجد بني أمية ، فهناك تجدون القبر المزعوم قبر يحيى - عليه السلام - هو كعبة لقضاء الحوائج لأولئك الناس الذين لم يفهموا التوحيد بعد ، فَهُم بدل أن يقصدوا هذا المسجد وغيره بعبادة الله وحده ودعائه وحده ؛ فَهُم يأتون من أجل هذا النبي المدفون بزعمهم هناك يطلبون منه ما يطلبون من الله - عز وجل - ، أو ما يطلب المؤمن من الله - عز وجل - ، فالمفسدة التي خَشِيَها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من دفن الأنبياء والأولياء في المساجد قد لَمَسْناها لمسَ اليد في هذا الزمن وما قبله ؛ لذلك فلا يجوز بناء مسجد على قبر ، ومثله لا يجوز إدخال قبر في مسجد ؛ لأن النتيجة واحدة ، ولا فرق بينهما إلا في مسألة ليس لها علاقة بما نحن فيه .
المسجد سواء بُنِيَ على القبر أو أُدخِلَ إليه قبر فكلُّ ذلك حرام ، وكلُّ ذلك يجعل الصلاة في هذا المسجد محرَّمة ، لكن الفرق بين أن يكون المسجد بُنِيَ على القبر أو أن يكون القبر أدخل المسجد من جهة أخرى ، وهي كما قال ابن القيم - رحمه الله - : لا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر ، لا يجتمعان في دين الإسلام مسجد وقبر ، فإذا وُجِدَ بجهل أو بهوى أو ما شابه ذلك من الأغراض غير المشروعة فلا بد من إزالة أحدهما ؛ فمن الذي يزال آلمسجد أم القبر ؟ يُنظر أيهما كان الطارئ على الآخر يُعتبر معتديًا ، فيُزال المعتدي ، إن كان القبر موجودًا فبُنِيَ عليه مسجد أُزِيلَ المسجد ، وإن كان المسجد سابق للقبر ، ثم أُدخِلَ القبر أُزِيلَ القبر ، وهذا الاعتداء واضح جدًّا مادِّيًّا ؛ لأنه إن كان مسجدًا بُنِيَ من قبل ، فهذا المسجد موقوف للصلاة لصلاة المسلمين فيه ، فحينما يُبنى المسجد .
عيد عباسي : القبر .
الشيخ : فحينما يُبنى القبر في هذا المسجد فبسبب القبر يُحتجر ويُحتجز مكان متر مترين في مترين أو أكثر من ذلك ؛ فهذا المكان يذهب سدى لا يتمكَّن المسلمون من الصلاة فيه ، ويكون هذا ظلم من القبر ، طبعًا القبر ليس مكلَّفًا ، ولكن الذين فعلوا ذلك هم المعتدون هم الباغون هم الظالمون ؛ فَهُم المكلَّفون بإزالة هذا الظلم وهذا البغي لإعادة المسجد على مكان عليه سابقًا . وإن كان العكس هناك قبر ، ولا شك أن هذا القبر يكون على السنة ؛ أي : جُعِلَ القبر في مقبرة من مقابر المسلمين ؛ فهذه المقبرة وُقِفَت لدفن الموتى لا للصلاة ، فحينما يُبنى على هذا القبر مسجد سواء كان صغيرًا أو كبيرًا ؛ فهذا المسجد سيأخذ أماكن عديد من القبور ، في هذا ظلم وتحجير وتضييق لدائرة المقبرة ، في كلِّ ذلك ظلم ؛ لذلك أيُّ الأمرين كان قبل الآخر المسجد أو القبر أُزِيل ، وأُبقِيَ الأقدم .
هذا مع أننا نلاحظ اليوم أن كلمة الشهيد صارت مبتذلة ، صارت رخيصة الثمن ، حتى وصل الأمر إلى أن شخصًا قتل آخر ظلمًا وبغيًا ، فاغتيل هذا القاتل ؛ اعتُبِرَ شهيدًا ، فأصبحت الشهادة اليوم مبذولة حتى أعطيت في تاريخنا اليوم - مع الأسف - لبعض الكفار من النصارى ، وما يخفى وما نسيتم أظن " مدرسة جول جمال " مش هكذا اسمه ؟
سائل آخر : إي نعم ... .
الشيخ : هذا شهيد أُعطِيَت الشهادة ليس لمسلم فاسق فقط ، بل لِمَن لا يؤمن بالله ورسوله ؛ لذلك يجب أن لا ننطلق في إطلاق هذه الكلمة التي لها وزن خاص في الشريعة الإسلامية نطلقها على كلِّ إنسان بدا لنا أنه مات شهيدًا .
ويُعجبني بهذا الصدد حديث في إسناده رجل سيِّئ الحفظ وهو عبد الله بن لهيعة ، وإلا لولا ذلك لَكان حديثه صحيحًا ، يقول : ( ربَّ قتيلٍ ) ، حديث يرويه عن الرسول - عليه السلام - : " ربَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين الله أعلم بنيَّته " ، هذا الحديث وإن كنت أذكره لكم مع بيان علَّته ، لكن معناه صحيح جدًّا ، ( ربَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين الله أعلم بنيَّته ) ؛ لماذا ؟ لأنَّ كثيرًا من المقاتلين في سبيل الله - عز وجل - ظاهرهم أنهم خرجوا للجهاد في سبيل الله ، لكن باطنهم قد دلَّت حوادث كثيرة أن بعضهم كان يخرج ليس للجهاد في سبيل الله ، ظاهره هكذا ، لكن قصده كان إما السلب والنهب ، وإما الحصول على امرأة كانت هناك في البلدة التي خَرَجَ الجيش الإسلامي لغزوها ، فكان له هدف الحصول على تلك المرأة ؛ هذا يُفسد على هذا المسلم جهاده وليس له من عمله إلا ما نواه ، فاليوم الشهيد أين هو ؟ نتمنَّى نحن أن نكون في حياة إسلامية حتى نقدِّم من الشهداء ما شاء الله - عز وجل - ، لكن - مع الأسف - هذا مما ابتُلِيَ به المسلمون اليوم بحيث لا يوجد إلا ما قَلَّ في أطراف بعض البلاد الإسلامية كما نسمع ، وإلا فليس هناك شهداء ؛ لأن الشهيد هو الذي يخرج للجهاد في سبيل الله وتحت راية إسلامية ، وهذا لا وجود له اليوم مع الأسف الشديد ؛ لذلك فلفظة الشهادة اليوم اسم بدون جسم لا حقيقة لها ، فيجب أن نكون على تذكُّر بهذه الحقائق .
غيره ؟
الشيخ : أما الشطر الأول من السؤال فذلك أمرٌ يحرم في الإسلام ، دفن الشهيد في المسجد لو كان مشروعًا لَكان أولى بهذا المشروع دفن الأنبياء ، ومن المعلوم بطريق التواتر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه حَرَّم تحريمًا شديدًا دفن الأنبياء والأولياء والصالحين في المساجد ؛ لأنه لما ذُكِرَ بين يديه - صلى الله عليه وآله وسلم - من أمِّ سلمة وأمِّ حبيبة وكانتا من المهاجرات للحبشة ، فلما رجعْنَ وذكَرْنَ أمام الرسول - عليه السلام - كنيسة رَأَتَاها في الحبشة ، وذَكَرَتا من حسن وتصاوير فيها ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بَنَوا على قبره مسجدًا ، وصوَّروا فيه تلك التصاوير ، أولئك شرار الخلق عند الله - تبارك وتعالى - ) ، وقال في حديث آخر في " الصحيحين " - أيضًا - : ( قاتَلَ الله اليهود اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ، وفي حديث آخر : ( لَعَنَ الله اليهود والنصارى اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ، والأحاديث كما أشرت في هذا المعنى متواترة ، وقد كنت جمعت قسمًا طيِّبًا منها في كتاب خاص في هذه المسألة المسمى بـ " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " .
فإذا كان الرسول - عليه السلام - يلعن مَن قبلنا بسبب أنهم بَنَوا مساجدهم على قبور أنبيائهم فإنما فعل ذلك تحذيرًا لنا كما قالت السيدة عائشة في حديثها في " الصحيحين " بعدما رَوَتْ الحديث السابق : ( قاتل الله اليهود اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . قالت : " يحذِّر ما صنعوا " . فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حذَّرَ في هذه الأحاديث التي لعَنَ فيها اليهود بسبب بنائهم المساجد على قبور أنبيائهم وصالحيهم ؛ حذَّر من ذلك ، ولكن جاء حديث خاص بهذه الأمة لأنه وُجِدَ فيها مَن يتأول تلك الأحاديث أنه لا علاقة لنا بهذه الأحاديث ، أولئك هم اليهود ، وأولئك هم النصارى ، فلُعِنُوا بسبب بنائهم مساجد على قبور الأنبياء والصالحين ، أما نحن فلا بأس من أن نفعَلَ ذلك من باب التبرُّك زعموا !! فجاء الحديث الصريح لِيخصَّ هذه الأمة - أيضًا - بذلك الحكم من المنع ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( شرار الناس مَن تُدرِكُهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتَّخذون قبور أنبيائهم مساجد ) ، هنا ما فيه مجال أن يُقال هذا الخبر عن اليهود ، هذا خبر خاص في هذه الأمة ، فإنها آخر الأمم كما صحَّ ذلك عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
إذًا لا يجوز دفن الشهيد في المسجد ؛ لأن الرسول - عليه السلام - مَنَعَ منعًا باتًّا ، وكان ذلك من باب سد الذريعة حتى لا يُصاب المسلمون بما أُصِيبَ به مَن قبلهم من أهل الكتاب من الغلوِّ في مَن يدفنونهم من الصالحين في مساجدهم ، ونحن - مع الأسف الشديد - نرى أن هذا الذي خَشِيَه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - أن تُصاب الأمة به قد وقع في مثله ، فنحن على الرغم من أننا نقرأ في كتاب ربِّنا : (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )) ؛ فنحن ندعو مع الله مَن يُدفن في مساجدنا اليوم ، وأكبر مثال على ذلك المسجد الكبير في دمشق مسجد بني أمية ، فهناك تجدون القبر المزعوم قبر يحيى - عليه السلام - هو كعبة لقضاء الحوائج لأولئك الناس الذين لم يفهموا التوحيد بعد ، فَهُم بدل أن يقصدوا هذا المسجد وغيره بعبادة الله وحده ودعائه وحده ؛ فَهُم يأتون من أجل هذا النبي المدفون بزعمهم هناك يطلبون منه ما يطلبون من الله - عز وجل - ، أو ما يطلب المؤمن من الله - عز وجل - ، فالمفسدة التي خَشِيَها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من دفن الأنبياء والأولياء في المساجد قد لَمَسْناها لمسَ اليد في هذا الزمن وما قبله ؛ لذلك فلا يجوز بناء مسجد على قبر ، ومثله لا يجوز إدخال قبر في مسجد ؛ لأن النتيجة واحدة ، ولا فرق بينهما إلا في مسألة ليس لها علاقة بما نحن فيه .
المسجد سواء بُنِيَ على القبر أو أُدخِلَ إليه قبر فكلُّ ذلك حرام ، وكلُّ ذلك يجعل الصلاة في هذا المسجد محرَّمة ، لكن الفرق بين أن يكون المسجد بُنِيَ على القبر أو أن يكون القبر أدخل المسجد من جهة أخرى ، وهي كما قال ابن القيم - رحمه الله - : لا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر ، لا يجتمعان في دين الإسلام مسجد وقبر ، فإذا وُجِدَ بجهل أو بهوى أو ما شابه ذلك من الأغراض غير المشروعة فلا بد من إزالة أحدهما ؛ فمن الذي يزال آلمسجد أم القبر ؟ يُنظر أيهما كان الطارئ على الآخر يُعتبر معتديًا ، فيُزال المعتدي ، إن كان القبر موجودًا فبُنِيَ عليه مسجد أُزِيلَ المسجد ، وإن كان المسجد سابق للقبر ، ثم أُدخِلَ القبر أُزِيلَ القبر ، وهذا الاعتداء واضح جدًّا مادِّيًّا ؛ لأنه إن كان مسجدًا بُنِيَ من قبل ، فهذا المسجد موقوف للصلاة لصلاة المسلمين فيه ، فحينما يُبنى المسجد .
عيد عباسي : القبر .
الشيخ : فحينما يُبنى القبر في هذا المسجد فبسبب القبر يُحتجر ويُحتجز مكان متر مترين في مترين أو أكثر من ذلك ؛ فهذا المكان يذهب سدى لا يتمكَّن المسلمون من الصلاة فيه ، ويكون هذا ظلم من القبر ، طبعًا القبر ليس مكلَّفًا ، ولكن الذين فعلوا ذلك هم المعتدون هم الباغون هم الظالمون ؛ فَهُم المكلَّفون بإزالة هذا الظلم وهذا البغي لإعادة المسجد على مكان عليه سابقًا . وإن كان العكس هناك قبر ، ولا شك أن هذا القبر يكون على السنة ؛ أي : جُعِلَ القبر في مقبرة من مقابر المسلمين ؛ فهذه المقبرة وُقِفَت لدفن الموتى لا للصلاة ، فحينما يُبنى على هذا القبر مسجد سواء كان صغيرًا أو كبيرًا ؛ فهذا المسجد سيأخذ أماكن عديد من القبور ، في هذا ظلم وتحجير وتضييق لدائرة المقبرة ، في كلِّ ذلك ظلم ؛ لذلك أيُّ الأمرين كان قبل الآخر المسجد أو القبر أُزِيل ، وأُبقِيَ الأقدم .
هذا مع أننا نلاحظ اليوم أن كلمة الشهيد صارت مبتذلة ، صارت رخيصة الثمن ، حتى وصل الأمر إلى أن شخصًا قتل آخر ظلمًا وبغيًا ، فاغتيل هذا القاتل ؛ اعتُبِرَ شهيدًا ، فأصبحت الشهادة اليوم مبذولة حتى أعطيت في تاريخنا اليوم - مع الأسف - لبعض الكفار من النصارى ، وما يخفى وما نسيتم أظن " مدرسة جول جمال " مش هكذا اسمه ؟
سائل آخر : إي نعم ... .
الشيخ : هذا شهيد أُعطِيَت الشهادة ليس لمسلم فاسق فقط ، بل لِمَن لا يؤمن بالله ورسوله ؛ لذلك يجب أن لا ننطلق في إطلاق هذه الكلمة التي لها وزن خاص في الشريعة الإسلامية نطلقها على كلِّ إنسان بدا لنا أنه مات شهيدًا .
ويُعجبني بهذا الصدد حديث في إسناده رجل سيِّئ الحفظ وهو عبد الله بن لهيعة ، وإلا لولا ذلك لَكان حديثه صحيحًا ، يقول : ( ربَّ قتيلٍ ) ، حديث يرويه عن الرسول - عليه السلام - : " ربَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين الله أعلم بنيَّته " ، هذا الحديث وإن كنت أذكره لكم مع بيان علَّته ، لكن معناه صحيح جدًّا ، ( ربَّ قتيلٍ بين الصَّفَّين الله أعلم بنيَّته ) ؛ لماذا ؟ لأنَّ كثيرًا من المقاتلين في سبيل الله - عز وجل - ظاهرهم أنهم خرجوا للجهاد في سبيل الله ، لكن باطنهم قد دلَّت حوادث كثيرة أن بعضهم كان يخرج ليس للجهاد في سبيل الله ، ظاهره هكذا ، لكن قصده كان إما السلب والنهب ، وإما الحصول على امرأة كانت هناك في البلدة التي خَرَجَ الجيش الإسلامي لغزوها ، فكان له هدف الحصول على تلك المرأة ؛ هذا يُفسد على هذا المسلم جهاده وليس له من عمله إلا ما نواه ، فاليوم الشهيد أين هو ؟ نتمنَّى نحن أن نكون في حياة إسلامية حتى نقدِّم من الشهداء ما شاء الله - عز وجل - ، لكن - مع الأسف - هذا مما ابتُلِيَ به المسلمون اليوم بحيث لا يوجد إلا ما قَلَّ في أطراف بعض البلاد الإسلامية كما نسمع ، وإلا فليس هناك شهداء ؛ لأن الشهيد هو الذي يخرج للجهاد في سبيل الله وتحت راية إسلامية ، وهذا لا وجود له اليوم مع الأسف الشديد ؛ لذلك فلفظة الشهادة اليوم اسم بدون جسم لا حقيقة لها ، فيجب أن نكون على تذكُّر بهذه الحقائق .
غيره ؟
- تسجيلات متفرقة - شريط : 261
- توقيت الفهرسة : 00:32:49
- نسخة مدققة إملائيًّا