الكلام على تشييد المساجد. - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الكلام على تشييد المساجد.
A-
A=
A+
الشيخ : تجدون الآن في كثير من البلاد ومنها بلدنا هذا قد انتشرت فيه المساجد والحمد لله كثرة نباهي بها كثير من البلاد الأخرى وليس كمباهات البانين لها لكن هذه الكثرة من هذه المساجد التي تبنى هل توفر فيها شرطا العمل الصالح أن يكون على السنة وأن يكون خالصا لوجه الله تبارك وتعالى أقول آسفا أكثر هذه المساجد لم يتوفر فيها لا الشرط الأول ولا الشرط الآخر أما الشرط الأول فأن يكون بناءه على السنة هذه السنة التي جمعها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حينما قال للبناء الذي كُلّف ببناء الزيادة التي أضافها عمر إلى المسجد النبوي قال له " أَكِّنَ الناس من الحر والقر ولا تحمّر ولا تصفّر " فهو أشار إلى أمر إيجابي وإلى أمر آخر سلبي أما الأمر الإيجابي الذي من أجله بنيت المساجد فذلك قوله " أكن الناس من الحر والقر" فبناء المساجد لا يقصد بها إلا تحقيق الراحة النفسية للذين يدخلون هذه المساجد يصلون فيها لله تبارك وتعالى تحفظهم هذه المساجد من الحر والقرّ هذا هو المقصود من بناء المساجد ليس المقصود زخرفتها هذه الزخرفة التي أشار إليها عمر الفاروق بكلمته السابقة " ولا تحمر ولا تصفر " من أين أخذ عمر هذا هناك أحاديث تعرفونها من مثل قوله عليه الصلاة والسلام ( ما أمرت بتشييد المساجد ) التشييد هنا فسر بمعنيين اثنين المعنى الأول هو االمبالغة في رفع بنيانها كالقصور هذا إضاعة للمال ولا يحقق المقصود مما صرح به عمر " أكن النّاس من الحرّ والقرّ " وهذا الحديث لما رواه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه عن رسول الله قال ( ما أمرت بتشييد المساجد ) قال إما اقتباسا منه واجتهادا صحيحا منه وإما تلقيا منه عن الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا النص أو بقريب من هذا النص حيث قال بعد أن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أمرت بتشييد المساجد ) قال " لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " وهذه نبوءة قد تحققت من زمن بعيد وبعيد جدا لكن مع الأسف الشديد في هذا الزمن الذي تفنن فيه الكفار بزخرفة دنياهم وقلدهم كثير من المسلمين فقد تفننوا تفننا لا حدود له في زخرفة المساجد كما أنتم تشاهدون ولستم بحاجة إلى ضرب الأمثلة ولكن ما بالكم أن المسجد النبوي الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم حديث بن عباس هذا ( ما أمرت بتشييد المساجد ) هو الآن يشيد كيف تقليدا لليهود والنصارى كما قال ابن عباس " لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " .
لقد جاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث علئشة رضي الله تعالى عنها أن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما وهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون لما رجعتا من الحبشة ذكرتا كنيسة رأتاها في الحبشة وذكرتا - هنا الشاهد - من حسن وتصاوير فيها فقال عليه الصلاة والسلام تأملوا يا إخواننا كيف أنه هذه الأخبار اليوم تطبق من المسلمين تقليدا منهم للكافرين كما لو كان الرسول عليه السلام أمر بذلك بل لو أمرهم بذلك ما فعلوا ولا إستجابوا فذكرتا من حسن وتصاوير فيها فقال عليه الصلاة والسلام ( أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنو على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ) الآن المسلمون أما الزخرف فهذا يعني كما يقال حدث ولا حرج ولكن هناك بعض المساجد يبنيها المنفقون عليها وقد أوصوا أن يدفنوا فيها هذا كما لو كان الرسول أمر بذلك بل إنه كما سمعتم في حديث عائشة المذكور آنفا وفي أحاديث أخرى حذر أشد التحذير من بناء المساجد على القبور ومن ذلك حديث عائشة الآخر ( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) وهناك أكثر من عشرة أحاديث كلها تدندن حول لعن المتخذين للمساجد على القبور وحديث منها على الأقل يتعلق بهذه الأمة حيث قال عليه الصلاة والسلام ( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق وعلى الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ) على هؤلاء تقوم الساعة لذلك فبناء المساجد اليوم مع كثرتها التي تببشر بخير من جانب ولكن من حيث كيفيتها لا تبشر بخير إطلاقا لأنه لم يتوفر فيها الشرطان اللذان لابد من أن يتحقق في العمل الصّالح الأول أن يكون على السنة فهذه المساجد ليست على السنة ثم هل قصد بانوها وجه الله عز وجل في هذا البنيان هذا نحن نقول الله أعلم بما في صدورهم لكن إذا جاز لنا أن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر نقول إن هؤلاء الذين يبنون هذه المساجد وينفقون عليه الألوف إن لم نقل الملايين يبدو والله أعلم أقول متحفظا لأني أعني ما أقول يبدو والله أعلم أنهم كانوا غير مخلصين لماذا أتحفظ لأني أضع احتمالا وهذا الاحتمال وارد وأقول هذا إنصافا لهؤلاء الذين يبنون وماتوا ولهؤلاء الذين لايزالون أحياءا ما بنوا أقول ممكن أن يكونوا مخلصين لكن ورطهم بعض علماء السوء الذين لم يفهموا السنة والذين يأتون بقياسات أشبه بقياس إبليس حينما قال لربه وقد أمره ليسجد قال (( أأسجد لمن خلقت طينا )) هم يقولون نحن نزخرف اليوم بيوتنا فبيوت الله تبارك وتعالى أولى أن تزخرف يمكن أن يكون في هؤلاء الذين ينفقون هذه الأموال الطائلة في بناء هذه المساجد على خلاف السنة أن يكونوا قد غرر بهم وتوهموا فعلا أن هذا من الأعمال التي تقربهم إلى الله زلفى وسواء كان هذا أو ذاك فالحقيقة أن أحلاهما مر سواء كانوا غير مخلصين أو كانوا مخلصين ولكن كان عملهم ليس على السنة إذا هذه الأموال الطائلة ذهبت هباءا منثورا وختاما أقول مذكرا لكل مسلم يريد أن يتقرب إلى الله تبارك وتعالى عليه قبل أن يأتي عملا يريد أن يتقرب به إلى الله أن يعرف أولا هل هو على السنة وثانيا أن يخلص فيه لله عز وجل لا يريد من وراء ذلك جزاءا ولا شكورا وإلا صدق عليهم قول ربنا تبارك وتعالى (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )) هذا ما تيسر لي إلقائه بهذه المناسبة وخلاصة ذلك والبحث طويل وطويل جدا ولابد أن هناك أشرطة تعتبر من المتمم لمثل هذا الكلام ذلك أن موضوع التصفية والتربية كما قال بعض إخواننا يتطلب تأليف رسالة بل أنا أقول كتابا يوضح هذا الموضوع وعسى أن يوفق للقيام به بعض من يسر الله له العلم النافع إن شاء الله تبارك وتعالى وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين .

مواضيع متعلقة