وُجِّه للشيخ سؤال عن معنى التأويل ؟
A-
A=
A+
الشيخ : نرجو أن تتفضَّلوا بشرحٍ وافٍ بكلِّ ما يتعلق بموضوع التأويل ، وجزاكم الله خيرًا ؟
التأويل له مفهومان ؛ مفهوم لغوي ومفهوم اصطلاحي ، المفهوم اللغوي هو يُرادف معنى التفسير ، التأويل هو التفسير تمامًا كما جاء في كثير من الآيات (( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )) ، تأويل أي : تفسير ، إي نعم ، (( هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ )) أي : تفسير ، وهكذا . هذا التأويل بهذا المعنى هو لغوي ، وللتأويل معنى اصطلاحي ، وهذا الذي يجري كثيرًا في أقوال العلماء ، فمعنى التأويل اصطلاحًا هو إخراج معنى النَّصِّ من قرآن أو حديث عن ظاهره إلى معنى آخر يدلُّ عليه الأسلوب العربي ؛ كمثل - مثلًا - تفسير آية ما بالمجاز دون الحقيقة ، فتفسير الآية بالحقيقة هو تفسير في الاصطلاح ، وتفسير الآية بالتأويل بمعنى إخراج النَّصِّ عن ظاهره هو التأويل المصطلح عليه ، وهو فيما يبدو لي المراد بالسؤال .
مثلًا الآية التي اختلف السلف والخلف في تفسيرها (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ فما معنى استوى ؟
معنى استوى بدون تأويل استعلى ، وهذا هو تفسير السلف ، ومنهم أبو العالية كما وراه البخاري في " صحيحه " . أما الخَلَف فيؤوِّلون الآية ؛ أي : يُخرجون معناها عن ظاهرها إلى معنى آخر يبدو لهم ، فيقولون - مثلًا - : استوى ؛ أي : استولى ، فهذا المعنى الذي فيه إخراجه عن ظاهر الآية هو التأويل ، والأمثلة على هذا تكثر كمثل قوله - تبارك وتعالى - : (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) ، فتفسير هذه الآية : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) كما قال بعض السلف تفسيرها قراءتها ؛ يعني أمر ظاهر ، (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ )) ، أما تأويلها بمعنى إخراج النَّصِّ عن ظاهره (( جَاءَ رَبُّكَ )) أي : بعض آيات ربِّك ، أو بعض ملائكة ربِّك ؛ هذا هو التأويل ، فإذًا التأويل في الاصطلاح هو الإتيان بمعنى للنَّصِّ سواء كان قرآنًا أو سنة لا يدل عليه ظاهر النَّصِّ ، وإنما يُصار إليه بطريق المجاز أو الكناية أو نحو ذلك . ومثل هذا التأويل لا يُشرع عند علماء السلف ولا يجوز المصير إليه إلا حينما تتعذَّر الحقيقة ؛ أي : يتعذَّر ولا يمكن تفسير النَّصِّ بدون تأويل ؛ حينئذٍ يذهبون إلى التأويل ، ومن هنا جاء الخلاف بين السلف والخَلَف ، الخَلَف يتوسَّعون كثيرًا في تأويل الآيات ويخرجونها عن دلالاتها الظاهرة بمجرَّد استبعادهم المعنى الظاهر من الآية ، وكثير ما يكون الاستبعاد الذي قامَ في أذهانهم سببُه الحقيقة قياسُهم الغائبَ على الشاهد ، وإذا كانت الآية التي يتأوَّلونها تتعلَّق بالله - عز وجل - وبصفاته ؛ فهذا أبعد ما يكون عن الصواب حينما تُؤوَّل الآية تأويلًا يصرف نصَّ الآية عن ظاهر دلالتها .
فهؤلاء - مثلًا - : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) ما تركوا الآية على ظاهرها كما هو واضح ، وإنما قالوا : جاء بعض آيات ربك ؛ لماذا ؟ قالوا : لأن الله - عز وجل - لا يُوصف بأنه يجيء ، واستلزموا من المجيء الحركة ، فقالوا : الله لا يُوصف بأنه يتحرك . هذا الكلام معناه أن هؤلاء المتأوِّلين نظروا إلى ربِّ العالمين نظرتهم إلى خلقه ؛ فكما أن الإنسان يُوصف بالحركة قالوا أنه من الضروي أن لا نصفَ الله بما يوصف به الإنسان ، فالحركة من الإنسان هذه صفته ، فلا يجوز أن نصف الله ببعض الصفات التي هي من صفات البشر ، فهذا الذي اضطَرَّهم إلى تأويل : (( جَاءَ رَبُّكَ )) كمثال ، ولا شك عند العاقل أنه إذا نظر إلى هذا السبب الذي حَمَلَهم إلى التأويل ليتبيَّن له بأنه سبب من أضعف الأسباب ، بل هو سبب باطل ؛ ذلك لأنَّ لازم هذا السبب واقتصاره ما دام أن البشر يتحرَّك فلا يجوز أن نصفَ الله بأنه يتحرك ، وما دام أن البشر يجيء فلا يجوز أن نصفَ الله بأنه يجيء ، طرد هذا - وهو باطل بلا شك كالأصل - ما دام أن البشر يبصر ويرى ؛ فلا يجوز أن نصف الله بأنه يبصر ويرى !! ما دام أن البشر يسمع ؛ فلا يجوز أن نصف الله بأنه يسمع !! بينما نصوص الكتاب والسنة متضافرة متتابعة متواترة على وصف الله - عز وجل - بأنه يسمع ويرى ، فقال - تعالى - لموسى وهارون : (( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى )) ، كذلك قال ربنا - تبارك وتعالى - : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ؛ فهل هناك ضرورة لتأويل هذه النصوص التي تُثبت لله - عز وجل - صفة السمع والبصر لمجرَّد اشتراك الإنسان مع الله اشتراكًا لفظيًّا في السمع والبصر ؟ لو أنهم فعلوا ذلك لَوقعوا في مثل ما وقع المعتزلة مِن قبلهم ؛ فإن المعتزلة اشتطُّوا في التأويل ، فأنكروا السمع والبصر - أيضًا - ، بينما الأشاعرة - مثلًا - الذين تأوَّلوا المجيء فنسَبُوا المجيء إلى غير الله ، والله - عز وجل - يقول : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) ؛ فهؤلاء الذين تأوَّلوا من الأشاعرة هذه الآية لم يتأولوا : (( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى )) ؛ فما أنكروا السمع والبصر ، لكن المعتزلة غَلَوا فأنكروا السمع والبصر .
طيب ؛ هل أنكروا الآيات المُثبتة لهاتَين الصفتين صفة السمع والبصر ؟ الجواب : لا ، ولكنهم أنكروا حقائق معانيها ، فقالوا : سميع بصير يساوي عليم ، عليم شيء وسميع شيء وبصير شيء آخر ، هذا الذي يسمِّيه علماء السلف بالتعطيل ؛ يعني عطَّلوا دلالة الآية على أنَّ الله سميع وبصير بطريق التأويل ، فقالوا : وصفُ الله - عز وجل - لذاته بأنه سميع بصير كناية عن أنه عليم . طيب ؛ ما هي الضرورة التي اضطرَّت هؤلاء إلى تأويل هذا النَّصِّ تأويلًا يؤدِّي إلى إنكار هاتَين الصفتين ؟ قالوا : لأنُّو إذا قلنا إن الله سميع حقيقةً معناه شبَّهناه بالبشر الذي يُوصَف بأنه سميع وبصير ، (( فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )) الله وصف آدم . هذه هي الشبهة التي إليها استَنَدَ المؤوِّلة الذين يؤوِّلون الآيات ويخرجونها عن دلالتها الظاهرة .
التأويل له مفهومان ؛ مفهوم لغوي ومفهوم اصطلاحي ، المفهوم اللغوي هو يُرادف معنى التفسير ، التأويل هو التفسير تمامًا كما جاء في كثير من الآيات (( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )) ، تأويل أي : تفسير ، إي نعم ، (( هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ )) أي : تفسير ، وهكذا . هذا التأويل بهذا المعنى هو لغوي ، وللتأويل معنى اصطلاحي ، وهذا الذي يجري كثيرًا في أقوال العلماء ، فمعنى التأويل اصطلاحًا هو إخراج معنى النَّصِّ من قرآن أو حديث عن ظاهره إلى معنى آخر يدلُّ عليه الأسلوب العربي ؛ كمثل - مثلًا - تفسير آية ما بالمجاز دون الحقيقة ، فتفسير الآية بالحقيقة هو تفسير في الاصطلاح ، وتفسير الآية بالتأويل بمعنى إخراج النَّصِّ عن ظاهره هو التأويل المصطلح عليه ، وهو فيما يبدو لي المراد بالسؤال .
مثلًا الآية التي اختلف السلف والخلف في تفسيرها (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )) ؛ فما معنى استوى ؟
معنى استوى بدون تأويل استعلى ، وهذا هو تفسير السلف ، ومنهم أبو العالية كما وراه البخاري في " صحيحه " . أما الخَلَف فيؤوِّلون الآية ؛ أي : يُخرجون معناها عن ظاهرها إلى معنى آخر يبدو لهم ، فيقولون - مثلًا - : استوى ؛ أي : استولى ، فهذا المعنى الذي فيه إخراجه عن ظاهر الآية هو التأويل ، والأمثلة على هذا تكثر كمثل قوله - تبارك وتعالى - : (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) ، فتفسير هذه الآية : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) كما قال بعض السلف تفسيرها قراءتها ؛ يعني أمر ظاهر ، (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ )) ، أما تأويلها بمعنى إخراج النَّصِّ عن ظاهره (( جَاءَ رَبُّكَ )) أي : بعض آيات ربِّك ، أو بعض ملائكة ربِّك ؛ هذا هو التأويل ، فإذًا التأويل في الاصطلاح هو الإتيان بمعنى للنَّصِّ سواء كان قرآنًا أو سنة لا يدل عليه ظاهر النَّصِّ ، وإنما يُصار إليه بطريق المجاز أو الكناية أو نحو ذلك . ومثل هذا التأويل لا يُشرع عند علماء السلف ولا يجوز المصير إليه إلا حينما تتعذَّر الحقيقة ؛ أي : يتعذَّر ولا يمكن تفسير النَّصِّ بدون تأويل ؛ حينئذٍ يذهبون إلى التأويل ، ومن هنا جاء الخلاف بين السلف والخَلَف ، الخَلَف يتوسَّعون كثيرًا في تأويل الآيات ويخرجونها عن دلالاتها الظاهرة بمجرَّد استبعادهم المعنى الظاهر من الآية ، وكثير ما يكون الاستبعاد الذي قامَ في أذهانهم سببُه الحقيقة قياسُهم الغائبَ على الشاهد ، وإذا كانت الآية التي يتأوَّلونها تتعلَّق بالله - عز وجل - وبصفاته ؛ فهذا أبعد ما يكون عن الصواب حينما تُؤوَّل الآية تأويلًا يصرف نصَّ الآية عن ظاهر دلالتها .
فهؤلاء - مثلًا - : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) ما تركوا الآية على ظاهرها كما هو واضح ، وإنما قالوا : جاء بعض آيات ربك ؛ لماذا ؟ قالوا : لأن الله - عز وجل - لا يُوصف بأنه يجيء ، واستلزموا من المجيء الحركة ، فقالوا : الله لا يُوصف بأنه يتحرك . هذا الكلام معناه أن هؤلاء المتأوِّلين نظروا إلى ربِّ العالمين نظرتهم إلى خلقه ؛ فكما أن الإنسان يُوصف بالحركة قالوا أنه من الضروي أن لا نصفَ الله بما يوصف به الإنسان ، فالحركة من الإنسان هذه صفته ، فلا يجوز أن نصف الله ببعض الصفات التي هي من صفات البشر ، فهذا الذي اضطَرَّهم إلى تأويل : (( جَاءَ رَبُّكَ )) كمثال ، ولا شك عند العاقل أنه إذا نظر إلى هذا السبب الذي حَمَلَهم إلى التأويل ليتبيَّن له بأنه سبب من أضعف الأسباب ، بل هو سبب باطل ؛ ذلك لأنَّ لازم هذا السبب واقتصاره ما دام أن البشر يتحرَّك فلا يجوز أن نصفَ الله بأنه يتحرك ، وما دام أن البشر يجيء فلا يجوز أن نصفَ الله بأنه يجيء ، طرد هذا - وهو باطل بلا شك كالأصل - ما دام أن البشر يبصر ويرى ؛ فلا يجوز أن نصف الله بأنه يبصر ويرى !! ما دام أن البشر يسمع ؛ فلا يجوز أن نصف الله بأنه يسمع !! بينما نصوص الكتاب والسنة متضافرة متتابعة متواترة على وصف الله - عز وجل - بأنه يسمع ويرى ، فقال - تعالى - لموسى وهارون : (( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى )) ، كذلك قال ربنا - تبارك وتعالى - : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) ؛ فهل هناك ضرورة لتأويل هذه النصوص التي تُثبت لله - عز وجل - صفة السمع والبصر لمجرَّد اشتراك الإنسان مع الله اشتراكًا لفظيًّا في السمع والبصر ؟ لو أنهم فعلوا ذلك لَوقعوا في مثل ما وقع المعتزلة مِن قبلهم ؛ فإن المعتزلة اشتطُّوا في التأويل ، فأنكروا السمع والبصر - أيضًا - ، بينما الأشاعرة - مثلًا - الذين تأوَّلوا المجيء فنسَبُوا المجيء إلى غير الله ، والله - عز وجل - يقول : (( وَجَاءَ رَبُّكَ )) ؛ فهؤلاء الذين تأوَّلوا من الأشاعرة هذه الآية لم يتأولوا : (( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى )) ؛ فما أنكروا السمع والبصر ، لكن المعتزلة غَلَوا فأنكروا السمع والبصر .
طيب ؛ هل أنكروا الآيات المُثبتة لهاتَين الصفتين صفة السمع والبصر ؟ الجواب : لا ، ولكنهم أنكروا حقائق معانيها ، فقالوا : سميع بصير يساوي عليم ، عليم شيء وسميع شيء وبصير شيء آخر ، هذا الذي يسمِّيه علماء السلف بالتعطيل ؛ يعني عطَّلوا دلالة الآية على أنَّ الله سميع وبصير بطريق التأويل ، فقالوا : وصفُ الله - عز وجل - لذاته بأنه سميع بصير كناية عن أنه عليم . طيب ؛ ما هي الضرورة التي اضطرَّت هؤلاء إلى تأويل هذا النَّصِّ تأويلًا يؤدِّي إلى إنكار هاتَين الصفتين ؟ قالوا : لأنُّو إذا قلنا إن الله سميع حقيقةً معناه شبَّهناه بالبشر الذي يُوصَف بأنه سميع وبصير ، (( فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )) الله وصف آدم . هذه هي الشبهة التي إليها استَنَدَ المؤوِّلة الذين يؤوِّلون الآيات ويخرجونها عن دلالتها الظاهرة .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 139
- توقيت الفهرسة : 00:00:01
- نسخة مدققة إملائيًّا