جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلحظ في الصلاة يمينًا وشمالًا ؛ فكيف يُجمع بينه وبين ما وَرَدَ عنه - عليه الصلاة والسلام - من أن النظر في الصلاة يكون إلى موضع السجود ؟
A-
A=
A+
السائل : ذكرت - يا شيخ - في أحد كتبِك حديثًا صحيحًا ؛ وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلحظ في صلاته يمينًا وشمالًا دون أن يلوي عنقَه ؛ فكيف نوفِّق بين هذا الحديث وبين أن النظر يكون ... المصلي أمام في محلِّ سجوده ؛ أم أن هذا الحديث هو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله - صلى الله عليه وسلم - ؟
الشيخ : لا شك أن اللَّحظ يمينًا ويسارًا منه - عليه السلام - لا يكون من باب العَبَث ، وإنما يكون من باب مراعاة المصلحة ، وفي " سنن أبي داود " حديث بإسناد صحيح عن سهل بن الحنظليَّة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في سفر ، فأرسل فارسًا طليعةً ، وقام يصلي بأصحابه ، فكان يلتفت ببصره ينظر إلى الشِّعب الذي يُفترض أن يأتي الفارس منه ، فهذا اللَّحظ هو أشبه ما يكون بما رواه البخاري في " صحيحه " تعليقًا أن عمر بن الخطاب كان يقول : " إني لأجهِّز الجيش وأنا أصلي " . لا شك أنُّو هو في الصلاة يفكِّر في شيء ليس من صلب الصلاة ، لكن هو من الدين الذي جاء بالصلاة ، وهذه النقطة بالذات ينبغي أن تُعطينا فقهًا جديدًا طالَما غفل عنه الغافلون ، هذا الفقه هو أن الصلاة لا يُشترط أن تكون دائمًا أبدًا عبارة عن ذكر وتلاوة قرآن وخشوع وتدبر ، بل لا ينافي كل هذه الأشياء التي هي مشروعة بل الصلاة عادةً قائمة عليها ؛ هذا لا ينافي أبدًا أن يقع من المصلِّي شيء آخر ليس بسبيل ما سبق ذكره ، ولكن ليس - أيضًا - من طريق العبث المنهيِّ عنه في الصلاة ، فهذا مثال قول عمر : " إني لأجهِّز الجيش - أو جيشي - في الصلاة " ؛ ذلك بأن تجهيز الجيش في الصلاة هو من الإسلام ، فإذًا هو لمَّا شَغَلَ فكره وعقله بترتيب الجيش الذي يعدُّه لمجابهة العدو لم ينشغل بتوافه الأمور ، بل بما يحضُّ عليه الإسلام ويأمر به ؛ خاصَّة وهو القائد الأعلى باعتباره خليفة المسلمين .
من هذا القبيل - أيضًا - ما كان السؤال عنه أن الرسول كان يلحظ يمينًا ويسارًا لمصلحة ، وأتيتكم بالشاهد حديث سهل بن الحنظلية ، فهو يراقب متى يأتي هذه الطليعة التي أرسَلَها لكشف الأعداء ومواقفهم ومواقعهم إلى آخره . من هذا القبيل - أيضًا - والأمثلة كثيرة ، وما سأذكره معروف في ظني لديكم ؛ أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل ذات يوم في الصلاة وأمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاتقيه ، فكان يصلي بالناس ويقرأ بالناس قائمًا ، فإذا همَّ بالركوع أخَذَها ووضعها على الأرض وضعًا رفيقًا ، وركع وسجد ، ثم إذا قام إلى الركعة الثانية أعادَهَا مكانها . هذا - أيضًا - ليس من العمل المتعلِّق مباشرةً بالصلاة ، لكن هذا عمل يحضُّ عليه الإسلام ، وهو من باب الرفق بالأطفال الصغار والعناية بهم .
من هذا القبيل - أيضًا - ذلك الحديث العظيم الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سجد يومًا بين ظهرانَي صلاة العصر سجدةً أطالها على خلاف عادته - عليه السلام - ، حتى توهَّم أحد المصلين أن الرسول مات ؛ لأنُّو ليس من عادته هذه الإطالة البالغة ، هو بلا شك - عليه السلام - كان سجوده قريبًا من قيامه ، وكان من سنَّته التعديل بين الأركان كما هو معروف ، لكن تلك السجدة كانت أطول وأطول من المعهود بكثير ، ممَّا حَمَلَ أحد المصلين ليطمئنَّ على نبيِّه الكريم رفع رأسه من السجود ، يطل على الرسول - عليه السلام - يطمئنُّ ، وإذا به يرى أمرًا عجبًا ؛ يرى الرسول ساجد وساجد سجود الأقوياء كما تعلمون من التفريج والاعتماد على الكفَّين دون الذِّراعين ، هذا يدل على أنُّو الساجد هذا صاحي وقوي تمامًا ، لكنه في الوقت نفسه يرى الحسن أو الحسين قد رَكِبَا ظهره - عليه السلام - ؛ حينئذٍ اكتشف السِّرَّ واطمأنَّ القلب ، وعاد إلى سجوده كما كان ، فلما سلم الرسول - عليه السلام - من صلاته قالوا له : يا رسول الله ، لقد سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطَلْتَها ؟ فقال - عليه السلام - - وهذا من أدبه وتواضعه - : ( إن ابني هذا كان قد ارتَحَلَني ) ، ارتَحَلَني باللغة العربية الفصحى يعني اتَّخذني راحلة ؛ يعني جمل ، ركبني مثل ما يركب الراكب راحلته ؛ أي : جمله . ( إن ابني هذا كان قد ارتَحَلَني ؛ فكرهت أن أُعجِلَه ) ، يلَّا انزل ، مش وقته الآن كما يفعل الناس عادةً ؛ تركه - عليه السلام - راكبًا ظهره - صلى الله عليه وسلم - حتى كان هو الذي ملَّ .
وهذا يذكِّرنا بحديث عائشة لما لَعِبَتْ الحبشة بالحراب في المسجد ، فوقفت تنظر إليهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترها ، وقد وضعت ذقنَها على منكبه ، وهو - عليه السلام - يقول لها : ( أشبعْتِ ؟! ) . فتقول : لا . كلما قال لها : ( أشبعْتِ ؟! ) . فأقول : لا - هي تقول عن نفسها - . كلما قال لها : ( أشبعْتِ ؟! ) تقول : لا . قالت : حتى كنت أنا التي ملَلْتُ .
كذلك الحسن والحسين الرسول - عليه السلام - من عنايته بتأديب الأطفال وتربيتهم ومراعاة طفولتهم - أيضًا - ولو في الصلاة ما أنزَلَه عن ظهره ؛ حتى كان هو الذي ملَّ ورفع الرسول - عليه السلام - رأسه من السجود ؛ إذًا هذه الأمور كلُّها هي ليست عادةً من الصلاة ، ولكنها إذا جاءت مناسبتها كان حكمُها حكمَ الصلاة من حيث أنها أمور مشروعة في الإسلام .
فإذًا إذا قرأنا حديثًا أن الرسول كان يلمح وينظر يمينًا ويسارًا ؛ فمباشرةً يجب أن يتبادر إلى ذهننا أن ذلك لم يكن من باب العبث ، حاشاه ! وإنما كان من باب المصلحة . هذه المصلحة قد تكون لها علاقة بالصلاة مباشرةً ، أو لها علاقة بالإسلام بصورة عامة ؛ علمًا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد أُوتِيَ معجزةً خُصَّ بها ليس فقط دون الناس عامة الناس ، بل دون الأنبياء والرسل كلهم ؛ وهو أنه كان ينظر من خلفه كما ينظر من أمامه ؛ ولذلك كان من قوله - عليه السلام - : ( أتمُّوا الركوع والسجود ، ولا تسبقوني بالركوع والسجود ؛ فإنِّي أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ) . فإذًا ما الحكمة من أن الرسول أُعطِيَ هذه المعجزة ؟ أن يرى الرجل من خلفه لِيُصلح من شؤونهم ، هاللي بيسبقوا ، هاللي يرفع رأسه قبل منه ، إلى آخر ذلك .
باختصار بعد هذا الشرح والتطويل : التفاته - عليه السلام - يمينًا ويسارًا في الصلاة أحيانًا هو لفائدة تعود على المسلمين أنفسهم .
غيره ؟
الشيخ : لا شك أن اللَّحظ يمينًا ويسارًا منه - عليه السلام - لا يكون من باب العَبَث ، وإنما يكون من باب مراعاة المصلحة ، وفي " سنن أبي داود " حديث بإسناد صحيح عن سهل بن الحنظليَّة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في سفر ، فأرسل فارسًا طليعةً ، وقام يصلي بأصحابه ، فكان يلتفت ببصره ينظر إلى الشِّعب الذي يُفترض أن يأتي الفارس منه ، فهذا اللَّحظ هو أشبه ما يكون بما رواه البخاري في " صحيحه " تعليقًا أن عمر بن الخطاب كان يقول : " إني لأجهِّز الجيش وأنا أصلي " . لا شك أنُّو هو في الصلاة يفكِّر في شيء ليس من صلب الصلاة ، لكن هو من الدين الذي جاء بالصلاة ، وهذه النقطة بالذات ينبغي أن تُعطينا فقهًا جديدًا طالَما غفل عنه الغافلون ، هذا الفقه هو أن الصلاة لا يُشترط أن تكون دائمًا أبدًا عبارة عن ذكر وتلاوة قرآن وخشوع وتدبر ، بل لا ينافي كل هذه الأشياء التي هي مشروعة بل الصلاة عادةً قائمة عليها ؛ هذا لا ينافي أبدًا أن يقع من المصلِّي شيء آخر ليس بسبيل ما سبق ذكره ، ولكن ليس - أيضًا - من طريق العبث المنهيِّ عنه في الصلاة ، فهذا مثال قول عمر : " إني لأجهِّز الجيش - أو جيشي - في الصلاة " ؛ ذلك بأن تجهيز الجيش في الصلاة هو من الإسلام ، فإذًا هو لمَّا شَغَلَ فكره وعقله بترتيب الجيش الذي يعدُّه لمجابهة العدو لم ينشغل بتوافه الأمور ، بل بما يحضُّ عليه الإسلام ويأمر به ؛ خاصَّة وهو القائد الأعلى باعتباره خليفة المسلمين .
من هذا القبيل - أيضًا - ما كان السؤال عنه أن الرسول كان يلحظ يمينًا ويسارًا لمصلحة ، وأتيتكم بالشاهد حديث سهل بن الحنظلية ، فهو يراقب متى يأتي هذه الطليعة التي أرسَلَها لكشف الأعداء ومواقفهم ومواقعهم إلى آخره . من هذا القبيل - أيضًا - والأمثلة كثيرة ، وما سأذكره معروف في ظني لديكم ؛ أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل ذات يوم في الصلاة وأمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاتقيه ، فكان يصلي بالناس ويقرأ بالناس قائمًا ، فإذا همَّ بالركوع أخَذَها ووضعها على الأرض وضعًا رفيقًا ، وركع وسجد ، ثم إذا قام إلى الركعة الثانية أعادَهَا مكانها . هذا - أيضًا - ليس من العمل المتعلِّق مباشرةً بالصلاة ، لكن هذا عمل يحضُّ عليه الإسلام ، وهو من باب الرفق بالأطفال الصغار والعناية بهم .
من هذا القبيل - أيضًا - ذلك الحديث العظيم الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سجد يومًا بين ظهرانَي صلاة العصر سجدةً أطالها على خلاف عادته - عليه السلام - ، حتى توهَّم أحد المصلين أن الرسول مات ؛ لأنُّو ليس من عادته هذه الإطالة البالغة ، هو بلا شك - عليه السلام - كان سجوده قريبًا من قيامه ، وكان من سنَّته التعديل بين الأركان كما هو معروف ، لكن تلك السجدة كانت أطول وأطول من المعهود بكثير ، ممَّا حَمَلَ أحد المصلين ليطمئنَّ على نبيِّه الكريم رفع رأسه من السجود ، يطل على الرسول - عليه السلام - يطمئنُّ ، وإذا به يرى أمرًا عجبًا ؛ يرى الرسول ساجد وساجد سجود الأقوياء كما تعلمون من التفريج والاعتماد على الكفَّين دون الذِّراعين ، هذا يدل على أنُّو الساجد هذا صاحي وقوي تمامًا ، لكنه في الوقت نفسه يرى الحسن أو الحسين قد رَكِبَا ظهره - عليه السلام - ؛ حينئذٍ اكتشف السِّرَّ واطمأنَّ القلب ، وعاد إلى سجوده كما كان ، فلما سلم الرسول - عليه السلام - من صلاته قالوا له : يا رسول الله ، لقد سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطَلْتَها ؟ فقال - عليه السلام - - وهذا من أدبه وتواضعه - : ( إن ابني هذا كان قد ارتَحَلَني ) ، ارتَحَلَني باللغة العربية الفصحى يعني اتَّخذني راحلة ؛ يعني جمل ، ركبني مثل ما يركب الراكب راحلته ؛ أي : جمله . ( إن ابني هذا كان قد ارتَحَلَني ؛ فكرهت أن أُعجِلَه ) ، يلَّا انزل ، مش وقته الآن كما يفعل الناس عادةً ؛ تركه - عليه السلام - راكبًا ظهره - صلى الله عليه وسلم - حتى كان هو الذي ملَّ .
وهذا يذكِّرنا بحديث عائشة لما لَعِبَتْ الحبشة بالحراب في المسجد ، فوقفت تنظر إليهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسترها ، وقد وضعت ذقنَها على منكبه ، وهو - عليه السلام - يقول لها : ( أشبعْتِ ؟! ) . فتقول : لا . كلما قال لها : ( أشبعْتِ ؟! ) . فأقول : لا - هي تقول عن نفسها - . كلما قال لها : ( أشبعْتِ ؟! ) تقول : لا . قالت : حتى كنت أنا التي ملَلْتُ .
كذلك الحسن والحسين الرسول - عليه السلام - من عنايته بتأديب الأطفال وتربيتهم ومراعاة طفولتهم - أيضًا - ولو في الصلاة ما أنزَلَه عن ظهره ؛ حتى كان هو الذي ملَّ ورفع الرسول - عليه السلام - رأسه من السجود ؛ إذًا هذه الأمور كلُّها هي ليست عادةً من الصلاة ، ولكنها إذا جاءت مناسبتها كان حكمُها حكمَ الصلاة من حيث أنها أمور مشروعة في الإسلام .
فإذًا إذا قرأنا حديثًا أن الرسول كان يلمح وينظر يمينًا ويسارًا ؛ فمباشرةً يجب أن يتبادر إلى ذهننا أن ذلك لم يكن من باب العبث ، حاشاه ! وإنما كان من باب المصلحة . هذه المصلحة قد تكون لها علاقة بالصلاة مباشرةً ، أو لها علاقة بالإسلام بصورة عامة ؛ علمًا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد أُوتِيَ معجزةً خُصَّ بها ليس فقط دون الناس عامة الناس ، بل دون الأنبياء والرسل كلهم ؛ وهو أنه كان ينظر من خلفه كما ينظر من أمامه ؛ ولذلك كان من قوله - عليه السلام - : ( أتمُّوا الركوع والسجود ، ولا تسبقوني بالركوع والسجود ؛ فإنِّي أراكم من خلفي كما أراكم من أمامي ) . فإذًا ما الحكمة من أن الرسول أُعطِيَ هذه المعجزة ؟ أن يرى الرجل من خلفه لِيُصلح من شؤونهم ، هاللي بيسبقوا ، هاللي يرفع رأسه قبل منه ، إلى آخر ذلك .
باختصار بعد هذا الشرح والتطويل : التفاته - عليه السلام - يمينًا ويسارًا في الصلاة أحيانًا هو لفائدة تعود على المسلمين أنفسهم .
غيره ؟
- تسجيلات متفرقة - شريط : 116
- توقيت الفهرسة : 00:09:49
- نسخة مدققة إملائيًّا