تغيير ابن مسعود - رضي الله عنه - للفظ التشهد ، إنما هو لمح من النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود .
A-
A=
A+
السائل : ... .
الشيخ : الإشكال اللي ... الإشكال الأول ؛ فلنقف عنده قليلًا ، لو كان ابن مسعود - رضي الله عنه - وحدَه لَاستبعدتُ أن يكون مشكلًا ؛ لأنه فقيه من كبار فقهاء الصحابة أولًا ، ثم هو بالإضافة إلى ذلك فهو عدوٌّ للمبتدعين وللبدعة ، يندر مثاله من الصحابة المعروفين - أيضًا - بالفقه والعلم ، إن من أقواله : " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة " ، اقتصاد في سنة يعني أن تعمل السنة ولو قليلًا أحسن وخير من الاجتهاد في بدعة ، ومن أقواله : " اتبعوا ولا تبتدعوا ؛ فقد كفيتم ، عليكم بالأمر العتيق " ، " عليكم بالأمر العتيق " يعني ما كان عليه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ، ومن ذلك قوله - رضي الله عنه - حينما جاءه أبو موسى الأشعري صباح يوم لما خرج من بيته منطلقًا وإياه إلى المسجد لصلاة الفجر ، قال أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن - كنية عبدالله بن مسعود أبو عبد الرحمن - قال : يا أبا عبد الرحمن ، لقد رأيت في المسجد آنفًا شيئًا أنكرتُه ، ومع ذلك - والحمد لله - لم أرَ إلا خيرًا . قال : ماذا رأيت ؟ قال : إن عشت فستراه ؛ رأيتُ في المسجد آنفًا أناسًا حلقًا حلقًا ، وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لهم : سبِّحوا كذا ، احمدوا كذا ، كبِّروا كذا ، ومع كلِّ رجل منهم حصى يعدُّ به التسبيح والتكبير والتحميد ، قال ابن مسعود : أفلا أنكرتَ عليهم ؟ أفلا أمرتَهم أن يعدُّوا سيِّئاتهم ، وضمنت لهم ألَّا يضيع من حسناتهم شيء ؟ قال : لا ، انتظار أمرك - أو انتظار رأيك - .
وهنا لا بد لي من وقفة لنأخذ من هذه ... عبرة ، ولعل إخواننا طلاب العلم يستعينون بها ، إن أبا موسى الأشعري يقول لابن مسعود : أنا ما أنكرت عليهم ، وإن كانوا موضعًا للإنكار ؛ لأني لا أتقدَّم بين يديك بالإنكار ؛ فأنت أعلم مني ؛ انتظار أمرك - أو انتظار رأيك - ، اليوم في كثير من المجالس التي يكون فيها عالم ، بل طالب علم قويٌّ يُوجَّه إليه السؤال ، فتجد غير المسؤول من الآخرين يُبادر بالجواب ، هذه قلَّة أدب من طلاب العلم ، يجب أن يعرفَ بعضُهم قدرَ بعض أولًا ، وبالأولى ثانيًا أن يعرفوا آداب المجالس مع أهل العلم والفضل ، فلا ينبغي لهم أن يتقدَّموا بين أيديهم في الإجابة عن سؤال وُجِّه إليهم ، فهذا أبو موسى يقول - وقد رأى شيئًا أنكره وابن مسعود ليس بين يديه ليس معه ، لكنه مستحضر في ذهنه وفي خاطره أن هناك قريب منَّا من هو أعلم منَّا ، ولذلك فهو اكتفى بأن ينقل الصورة التي أنكرها إلى من هو أعلم منه ، فلما قال له ابن مسعود : أفلا أنكرتَ عليهم ؟ أفلا أمرتَهم أن يعدُّوا من سيِّئاتهم شيء ؟ - قال : لا ، ليس لي أن أتقدَّم بالإنكار وأنت موجود ، لا ، لن أفعل ذلك انتظار أمرك - أو انتظار رأيك - ، هذه موعظة أرجو أن تتذكَّروها ، وأن تتأدَّبوا بهذا الأدب الصحابي الكبير .
تمام القصة لما سمع ابن مسعود من أبي موسى ما سمع عادَ إلى داره ، فخرج متلثِّمًا لا يُعرف ، وانطلق إلى المسجد ، حتى وقف على الحلقات التي وُصفت له ، بعد ذلك كشفَ القناع عن وجهه ، وقال : " ويحكم ! ما هذا الذي تصنعون ؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابيُّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ، قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن - يعني شغلة بسيطة هينة - حصى نعدُّ به التسبيح والتكبير والتحميد . قال : " عدُّوا سيِّئاتكم وأنا الضَّامن لكم أن لا يضيع لكم من حسناتكم شيء عند الله - تبارك وتعالى - " ، " عدُّوا سيِّئاتكم وأنا الضَّامن لكم أن لا يضيع لكم من حسناتكم شيء عند الله ، ويحكم ! ما أسرع هلكتكم ! هذه ثيابه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تبلَ ، وهذه آنيته لم تُكسر ، والذي نفسي بيده أئنَّكم لأهدى من أمَّة محمد ، أو إنكم متمسِّكون بذنب ضلالة " ، طبعًا ... مستحيل ، " أئنَّكم لأهدى من أمة محمد " هذا مستحيل ؛ إذًا لم تبق إلا الأخرى ؛ " أو إنكم متمسِّكون بذنب ضلالة " ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير ! قال : " وكم من مريد للخير لا يصيبه ! " ، حكمة بالغة ؛ " وكم من مريد للخير لا يصيبه ، إن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - حدثنا : ( إن أقوامًا يمرقون من الدِّين كما يمرق السَّهم من الرمية ) . قال شاهد هذه القصة : ولقد رأينا أولئك الأقوام - أصحاب الحلقات - يُقاتلوننا يوم النهروان " ؛ أي : إنهم صاروا من الخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ، فقاتلهم حتى استأصلَ شأفَتَهم ، فلم ينجُ منهم إلا أفراد قليلون هم أصل الخوارج فيما بعد .
الشاهد أن ابن مسعود - رضي الله عنه - من علماء الصحابة وفقهائهم الكبار أولًا ، ثم كان له دقَّة نظر في إنكار البدع ، وقد سمعتم ما قال في بعضها آنفًا ؛ فكيف نتصوَّر أن يأتي إلى قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما علَّمه التشهد وكفُّه بين كفَّي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، كان من جملة ما قال : ( السلام عليك أيها النبي ) إلى آخره ، يستحيل لمثل هذا الصحابي الجليل أن يرفعَ أساس الخطاب في ( السلام عليك ) ويغيِّر العبارة إلى الغيبة ، فيقول : ( السلام على النبي ) من عند نفسه ، وهو يأخذ على أصحابه الحرف الواحد ، بهذا وذاك يستحيل ؛ فكيف وهو لم يقل : فلما مات النبي قلت : السلام على النبي ، وإنما قال : " فلما مات النبي قلنا : ( السلام على النبي ) " ، فإذًا هذا ليس اجتهادًا منه وتصرفًا منه حتى يُقال إنه أخطأ ، ليس من السهل أبدًا تخطئة مثل هذا الصحابي وفي هذه النقطة بالذات ؛ لأنها تتعلَّق بمبدأ له في محاربة تغيير الأذكار والأوراد والزيادة فيها ، فكيف ... على غيره - أيضًا - من أصحاب الرسول - عليه السلام - فقال : " فلما مات قلنا : ( السلام على النبي ) " ، ثم جاء ما يؤيد هذا التعليل ؛ قلنا : السلام على النبي ، فروى عبد الرزاق في " مصنفه " بإسناده الصحيح عن طاووس أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، - طاووس أشك الآن طاووس أو عطاء ، وعلى كل حال فكلاهما ثقة - " أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا يقولون - والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حيٌّ - : ( السلام عليك أيها النبي ) ، فلما مات قالوا : ( السلام على النبي ) " .
إذًا لا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن أحد أن ابن مسعود غيَّر هذا الخطاب من عند نفسه ، فبالأولى والأحرى أن لا يتبادر إلى ذهن أحد أن الصحابة اتَّفقوا على تغيير هذا الخطاب من كاف الخطاب إلى الغيبة ، وإنما كان ذلك بتوقيفٍ من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لهم ؛ أي : إن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان قد ألمح إليهم أن هذا التعليم هو في حياته ، أما بعد وفاته فيكون : ( السلام على النبي ) ، لذلك نحن تبعًا لكثير من أئمة الشافعية نقول في تشهُّدنا : ( السلام على النبي ) .
أما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يسمع الصوت حينما يُسلَّم عليه ، وهذا نحن نقوله في التشهد ، فهذا كلام نقوله في التشهد : ( السلام عليك أيها النبي ) ، ولا يحسن في العقل مخاطبة من لا يسمع ، فإذًا رسول الله يسمع ! فيأتي هذا التقييد وهذا التعديل الذي هو بتوقيف من الرسول لأنه اليوم لا ينبغي أن نقول : ( السلام عليك أيها النبي ) ، وإنما تقول : ( السلام على النبي ) .
هذا ما عندي ، ولعل في هذا القدر كفاية ... .
الشيخ : الإشكال اللي ... الإشكال الأول ؛ فلنقف عنده قليلًا ، لو كان ابن مسعود - رضي الله عنه - وحدَه لَاستبعدتُ أن يكون مشكلًا ؛ لأنه فقيه من كبار فقهاء الصحابة أولًا ، ثم هو بالإضافة إلى ذلك فهو عدوٌّ للمبتدعين وللبدعة ، يندر مثاله من الصحابة المعروفين - أيضًا - بالفقه والعلم ، إن من أقواله : " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة " ، اقتصاد في سنة يعني أن تعمل السنة ولو قليلًا أحسن وخير من الاجتهاد في بدعة ، ومن أقواله : " اتبعوا ولا تبتدعوا ؛ فقد كفيتم ، عليكم بالأمر العتيق " ، " عليكم بالأمر العتيق " يعني ما كان عليه الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ، ومن ذلك قوله - رضي الله عنه - حينما جاءه أبو موسى الأشعري صباح يوم لما خرج من بيته منطلقًا وإياه إلى المسجد لصلاة الفجر ، قال أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن - كنية عبدالله بن مسعود أبو عبد الرحمن - قال : يا أبا عبد الرحمن ، لقد رأيت في المسجد آنفًا شيئًا أنكرتُه ، ومع ذلك - والحمد لله - لم أرَ إلا خيرًا . قال : ماذا رأيت ؟ قال : إن عشت فستراه ؛ رأيتُ في المسجد آنفًا أناسًا حلقًا حلقًا ، وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لهم : سبِّحوا كذا ، احمدوا كذا ، كبِّروا كذا ، ومع كلِّ رجل منهم حصى يعدُّ به التسبيح والتكبير والتحميد ، قال ابن مسعود : أفلا أنكرتَ عليهم ؟ أفلا أمرتَهم أن يعدُّوا سيِّئاتهم ، وضمنت لهم ألَّا يضيع من حسناتهم شيء ؟ قال : لا ، انتظار أمرك - أو انتظار رأيك - .
وهنا لا بد لي من وقفة لنأخذ من هذه ... عبرة ، ولعل إخواننا طلاب العلم يستعينون بها ، إن أبا موسى الأشعري يقول لابن مسعود : أنا ما أنكرت عليهم ، وإن كانوا موضعًا للإنكار ؛ لأني لا أتقدَّم بين يديك بالإنكار ؛ فأنت أعلم مني ؛ انتظار أمرك - أو انتظار رأيك - ، اليوم في كثير من المجالس التي يكون فيها عالم ، بل طالب علم قويٌّ يُوجَّه إليه السؤال ، فتجد غير المسؤول من الآخرين يُبادر بالجواب ، هذه قلَّة أدب من طلاب العلم ، يجب أن يعرفَ بعضُهم قدرَ بعض أولًا ، وبالأولى ثانيًا أن يعرفوا آداب المجالس مع أهل العلم والفضل ، فلا ينبغي لهم أن يتقدَّموا بين أيديهم في الإجابة عن سؤال وُجِّه إليهم ، فهذا أبو موسى يقول - وقد رأى شيئًا أنكره وابن مسعود ليس بين يديه ليس معه ، لكنه مستحضر في ذهنه وفي خاطره أن هناك قريب منَّا من هو أعلم منَّا ، ولذلك فهو اكتفى بأن ينقل الصورة التي أنكرها إلى من هو أعلم منه ، فلما قال له ابن مسعود : أفلا أنكرتَ عليهم ؟ أفلا أمرتَهم أن يعدُّوا من سيِّئاتهم شيء ؟ - قال : لا ، ليس لي أن أتقدَّم بالإنكار وأنت موجود ، لا ، لن أفعل ذلك انتظار أمرك - أو انتظار رأيك - ، هذه موعظة أرجو أن تتذكَّروها ، وأن تتأدَّبوا بهذا الأدب الصحابي الكبير .
تمام القصة لما سمع ابن مسعود من أبي موسى ما سمع عادَ إلى داره ، فخرج متلثِّمًا لا يُعرف ، وانطلق إلى المسجد ، حتى وقف على الحلقات التي وُصفت له ، بعد ذلك كشفَ القناع عن وجهه ، وقال : " ويحكم ! ما هذا الذي تصنعون ؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابيُّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ، قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن - يعني شغلة بسيطة هينة - حصى نعدُّ به التسبيح والتكبير والتحميد . قال : " عدُّوا سيِّئاتكم وأنا الضَّامن لكم أن لا يضيع لكم من حسناتكم شيء عند الله - تبارك وتعالى - " ، " عدُّوا سيِّئاتكم وأنا الضَّامن لكم أن لا يضيع لكم من حسناتكم شيء عند الله ، ويحكم ! ما أسرع هلكتكم ! هذه ثيابه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تبلَ ، وهذه آنيته لم تُكسر ، والذي نفسي بيده أئنَّكم لأهدى من أمَّة محمد ، أو إنكم متمسِّكون بذنب ضلالة " ، طبعًا ... مستحيل ، " أئنَّكم لأهدى من أمة محمد " هذا مستحيل ؛ إذًا لم تبق إلا الأخرى ؛ " أو إنكم متمسِّكون بذنب ضلالة " ، قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير ! قال : " وكم من مريد للخير لا يصيبه ! " ، حكمة بالغة ؛ " وكم من مريد للخير لا يصيبه ، إن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - حدثنا : ( إن أقوامًا يمرقون من الدِّين كما يمرق السَّهم من الرمية ) . قال شاهد هذه القصة : ولقد رأينا أولئك الأقوام - أصحاب الحلقات - يُقاتلوننا يوم النهروان " ؛ أي : إنهم صاروا من الخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ، فقاتلهم حتى استأصلَ شأفَتَهم ، فلم ينجُ منهم إلا أفراد قليلون هم أصل الخوارج فيما بعد .
الشاهد أن ابن مسعود - رضي الله عنه - من علماء الصحابة وفقهائهم الكبار أولًا ، ثم كان له دقَّة نظر في إنكار البدع ، وقد سمعتم ما قال في بعضها آنفًا ؛ فكيف نتصوَّر أن يأتي إلى قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حينما علَّمه التشهد وكفُّه بين كفَّي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، كان من جملة ما قال : ( السلام عليك أيها النبي ) إلى آخره ، يستحيل لمثل هذا الصحابي الجليل أن يرفعَ أساس الخطاب في ( السلام عليك ) ويغيِّر العبارة إلى الغيبة ، فيقول : ( السلام على النبي ) من عند نفسه ، وهو يأخذ على أصحابه الحرف الواحد ، بهذا وذاك يستحيل ؛ فكيف وهو لم يقل : فلما مات النبي قلت : السلام على النبي ، وإنما قال : " فلما مات النبي قلنا : ( السلام على النبي ) " ، فإذًا هذا ليس اجتهادًا منه وتصرفًا منه حتى يُقال إنه أخطأ ، ليس من السهل أبدًا تخطئة مثل هذا الصحابي وفي هذه النقطة بالذات ؛ لأنها تتعلَّق بمبدأ له في محاربة تغيير الأذكار والأوراد والزيادة فيها ، فكيف ... على غيره - أيضًا - من أصحاب الرسول - عليه السلام - فقال : " فلما مات قلنا : ( السلام على النبي ) " ، ثم جاء ما يؤيد هذا التعليل ؛ قلنا : السلام على النبي ، فروى عبد الرزاق في " مصنفه " بإسناده الصحيح عن طاووس أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، - طاووس أشك الآن طاووس أو عطاء ، وعلى كل حال فكلاهما ثقة - " أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانوا يقولون - والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حيٌّ - : ( السلام عليك أيها النبي ) ، فلما مات قالوا : ( السلام على النبي ) " .
إذًا لا ينبغي أن يتبادر إلى ذهن أحد أن ابن مسعود غيَّر هذا الخطاب من عند نفسه ، فبالأولى والأحرى أن لا يتبادر إلى ذهن أحد أن الصحابة اتَّفقوا على تغيير هذا الخطاب من كاف الخطاب إلى الغيبة ، وإنما كان ذلك بتوقيفٍ من الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لهم ؛ أي : إن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان قد ألمح إليهم أن هذا التعليم هو في حياته ، أما بعد وفاته فيكون : ( السلام على النبي ) ، لذلك نحن تبعًا لكثير من أئمة الشافعية نقول في تشهُّدنا : ( السلام على النبي ) .
أما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يسمع الصوت حينما يُسلَّم عليه ، وهذا نحن نقوله في التشهد ، فهذا كلام نقوله في التشهد : ( السلام عليك أيها النبي ) ، ولا يحسن في العقل مخاطبة من لا يسمع ، فإذًا رسول الله يسمع ! فيأتي هذا التقييد وهذا التعديل الذي هو بتوقيف من الرسول لأنه اليوم لا ينبغي أن نقول : ( السلام عليك أيها النبي ) ، وإنما تقول : ( السلام على النبي ) .
هذا ما عندي ، ولعل في هذا القدر كفاية ... .