ما حكم وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما حكم وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع ؟
A-
A=
A+
السائل : ما حكم وضع اليدين على الصدر بعد القيام من الركوع ؟

الشيخ : هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها علماء العصر الحاضر ، والذي نراه أنه ليس هناك حديث صريح في شرعية هذا الوضع بعد رفع الرأس من الركوع ، بل نجد في حديث وائل بن حُجر الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " ، والإمام أحمد في " مسنده " وغيرهما ؛ أنه لما وصفَ صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من قيام وركوع وسجود ذَكَرَ الوضع في القيام الأول ، ولم يَعُدْ إلى ذكره في القيام الثاني بعد الركوع ، وإنما ذكر التحميد : " سَمِعَ الله لمن حمده ، ربَّنا ولك الحمد " ، ثم قال : سجد - عليه السلام - مكبِّرًا ، وهكذا تابع سياق صلاته - عليه السلام - .

فنأخذ من هذا أنه لو كان في علم وائل الوضع في القيام الثاني بعد الركوع لَذكره كما ذكره في القيام الأول . بالإضافة إلى هذا جاءت رواية مختصرة عن وائل بن حجر في " سنن النسائي " ظاهرها الوضع في المكان الثاني - أيضًا - ، وهو يقول أو قيل عنه ، وهذا هو الصواب أن نقول أنه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى " ، كان إذا قام مطلق يشمل القيام الثاني كما يشمل القيام الأول ، لكن هذه الجملة مختصرة من حديثه المطوَّل ، حديثه المطوَّل ذكر القيام ، القيام ذكر الوضع في القيام الأول ، وكما ذكرنا آنفًا لم يتعرَّض للوضع مرة ثانية في القيام الثاني ، ومثل هذا يوجد في الأحاديث ؛ أي : يأتي بعض الرواة فيقتطع قطعةً من حديث كامل ، وبسبب هذا القطع والفصل للجملة من مكانها تُعطي الجملةُ حين ذاك معنًى أوسع مما كانت في موضعها ؛ حين كانت في موضعها ، وطريقة أهل العلم بالحديث في هذه الحالة أن يُضَمَّ الفرع إلى الأصل ، أن تضَمَّ هذه الرواية المختصرة إذًا للرواية الكاملة ، حين ذاك نجد محلَّها بسبب الرواية الكاملة ، وإذا محلُّها في القيام الأول .

وأنا أضرب لكم مثلًا واضحًا ؛ يأتي حديث : " كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يُشير في الصلاة " ، كان يُشير في الصلاة ، يأتي حديث ثاني : " كان إذا جلس في الصلاة أشار بأصبعِه " ، تأتي الرواية الثالثة : " كان إذا جلس في التشهد في الصلاة أشار " ، تُرى على أيِّ رواية تكون الإشارة ؟ لا شك أنها تكون على الرواية التي فيها التحديد الأكمل ، رأيته كان يشير في الصلاة ، مش واضح وين كانت الإشارة ، مثلًا هل أفعل هكذا ؟ هَيْ إشارة ، وضع وإشارة ، إذا أردْتُ أن أُعمِلَ نصَّ الحديث الأول : " كان يُشير في الصلاة " فأنا أشير في الصلاة ، وفي أيِّ مكان أشير في الصلاة ، لكن هذا لم يأت في حديث مطلقًا أن الرسول - عليه السلام - كان يفعل هكذا .

ننتقل إلى الرواية الثانية : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في الصلاة أشار بأصبعه " ، جلس في الصلاة جلوس بين السجدتين ، هل صحت الرواية بالإشارة بالأصبع بين السجدتين في غير هذا النَّصِّ العام ؟ الجواب : لا .

نأتي إلى الرواية الثالثة والأخيرة : كلُّ هذه الروايات صحيحة ، من حيث الرواية والسند وثقة الرجال فهي ثابتة . الرواية الأخيرة : " كان إذا جلس في التشهد أشار " ؛ إذًا الرواية الثالثة تقضي على الروايتين ، وتحدِّد الإشارة التي أُطلِقَتْ إطلاقًا عامًّا في الحديث الأول ، وتُقيِّد الإشارة التي قُيِّدت بالجلوس في الحديث الثاني لتصبح القضية أن الجلوس الذي فيه الإشارة إنما هو الجلوس للتشهد .

هكذا يجب أن يُؤخذ من الحديث ما كان أوضح وأبين ، وكان مفسِّرًا لما هو مطلق غير مبيَّن . هذا رأيي في هذه المسألة ، وعلى كل حال فيجب على كل مسلم أن يكون دائمًا متَّبعًا للدليل ، ولا يكون خلاف قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حيث قال : " لا تكونوا إمَّعة ؛ تقولون : إن أحسَنَ الناس أحسنَّا ، وإن أساؤوا ظَلَمْنا ، ولكن وطِّنوا أنفسكم على أن إذا أحسَنَ الناس أن تُحسنوا ، وإذا أساؤوا فلا تظلموا " .

السائل : مش حديث هذا ؟

الشيخ : نعم ؟

السائل : مش حديث هذا ؟ حديث هذا ؟

الشيخ : أحسنتَ .

أنا قلتُ - وأعني ما قلتُ - : قال ابن مسعود ؛ لأن الصواب أن هذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإنما هو موقوف على ابن مسعود الذي رَفَعَه بعض الرواة عنه خطأً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فهو من كلام ابن مسعود .

غيره ؟

مواضيع متعلقة