ما حكم قراءة المأموم الفاتحة خلف الإمام في الجهرية .؟
A-
A=
A+
السائل : حكم قراءة الفاتحة في الصّلاة الجهريّة
الشيخ : في الصلاة ايش ؟
السائل : في الصّلاة الجهريّة خلف الإمام , ذكرت أنّ هنالك حديث ناسخ ومنسوخ أريد التوضيح ؟
الشيخ : نعم نحن قلنا بأنّ الجهر كان جائزا في القراءة خلف الإمام الّذي يجهر ثمّ تدرّج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فنهى عن القراءة خلفه في الجهريّة نهيا مطلقا ؛ لحديث أبي هريرة حينما قال: ( قد خالجنيها ) قال أبو هريرة: " فانتهى النّاس عن القراءة خلف النّبيّ صلّى اله عليه وسلّم فيما كان يجهر فيه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم " , أنا أدري بأنّ هذه الزّيادة اختلف في وصلها وفي إرسالها وأجبنا عن ذلك بما يطول الكلام فيه ولكن حسبنا أنّ معنى هذا الحديث بهذه الزّيادة يتجاوب مع الأصل القرآني والأصل النّبوي وهو (( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلّكم ترحمون )) هو نصّ مطلق ثمّ جاء الحديث صحيحا صحّحه مسلم برواية ( إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا ) وتأيّد ذلك بالقول الرّاجح عند جمهور العلماء أن من أدرك الإمام راكعا فهو مدرك للرّكعة رغم كونه لم يقرأ الفاتحة
سائل آخر : فضيلة الشّيخ نرجع للقاعدة الّتي حضرتك قلتها في الأوّل ثمّ نعود إلى قضيّة قراءة الفاتحة ..
الشيخ : ولعلّ العود أحمد .
سائل آخر : فالقاعدة حضرتك قلت أنّ الفعل يكون قرينة صارفة للقول إذا علم التّاريخ ومعرفة التّاريخ كما يقول أهل الأصول يكون في النّسخ أمّا عند الجمع فلا يشترط كثير من أهل الأصول فيما أعلم معرفة التّاريخ بل يقولوا أنّ هناك قاعدة عندهم يضعونها العمل بالحديثين أولى من طرح أحد الحديثين والجمع أولى , فهل اشتراط التّاريخ في جعل القرينة في جعل الفعل قرينة صارفة للإيجاب إلى النّدب أو التّحريم إلى التّنزيه ؟ هل هذا يعتبر من باب النّسخ ؟
الشيخ : طبعا , أنا أذكّرك بما قد تكون نسيت , النّصّ الخاصّ عند السّلف ماذا يسمّى ؟
السائل : يسمّى منسوخ .
الشيخ : الخاصّ ؟
السائل : يسمّى ناسخ , آسف .
الشيخ : آه , فإذا الخاصّ ناسخ ... .
السائل : عند السّلف , ولكن النّسخ عند المتأخّرين من علماء الأصول .
الشيخ : ما ذكّرتني بشيء كما أنا ذكّرتك , لأنّك أول ما ذكرت ذكرت ما هو معروف عند المتأخّرين فأحببت أن أذكّرك ما هو معروف عند المتقدّمين , والآن الغرض من هذا هو يذكرك أن التّخصيص هو نوع من النّسخ ... .
السائل : ويشترط في التّخصيص معرفة التّاريخ ؟
الشيخ : اصبر قليلا , التّخصيص نوع من النّسخ لأنّه يرفع جزء من النّصّ العامّ بينما النّاسخ يرفع النّصّ من أصله صح ولا لا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : ففي سبيل التّوفيق بين الحاظر والمبيح في هذه الحالة حتّى لا نعطّل القول لأنّه نحن حينما شرحنا هذا لماذا نقول القول مقدّم على الفعل ؟ ولماذا نقول الحاظر مقدّم على الفعل ؟ لوجوه عديدة جدّا فلكي لا نعطّل قول الرّسول و حاظره بفعل وقع منه يحتمل أن يكون على الأصل وهو البراءة الأصليّة ويحتمل أن يكون لعذر ويحتمل أخيرا أن يكون لخصوصيّة والدّليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال , كما يقول أصحابك العلماء و الفقهاء أليس كذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : ما دام يحتمل الفعل واحدا من هذه الاحتمالات الثّلاثة لا نريد أن ننزّل قوله عليه السّلام الّذي هو تشريع عامّ عن دلالته الظّاهرة إلاّ بقرينة قويّة و لذلك في هذه الحالة لا بدّ من أن نقول أنّ هذا الفعل متأخّر عن القول و هو بيان فعليّ منه عليه السّلام بأنّ قوله محمول على التّنزيه, فإذن الحاظر جاء على خلاف الأصل والفعل جاء مع الأصل وهذا ماش كلّ لحاله , القول شريعة عامّة الفعل قد و قد و الّذي ليس فيه قد أقوى ممّا فيه قد أليس كذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : آه ولذلك يبقى قوله عليه السّلام ينبغي أن نحتفظ به وهذه القاعدة مهمّة جدّا ولها علاقة في كثير من الفروع الفقهيّة , مثلا تعرف إن شاء الله جيّدا قوله عليه السّلام: ( لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط ولكن شرّقوا أو غرّبوا ) أنت على منطقك السّابق تعطّل عموم هذا الحديث , فهل ظنّي ظنّ المسلم أم لا ؟
سائل آخر : نعم يقولون بجواز ...
الشيخ : لا ما تقول لي يقولون , قل لي أنت الّذي تقوله ؟
سائل آخر : من باب القراءة لأهل الفقه نقول أعتقد أنّني اتّبع العلماء الّذين يقولون بأنّ الاستقبال و الاستدبار جائز في البنيان وغير جائز في الصّحراء
الشيخ : شوف أتعبت نفسك أتعبت نفسك سدى , أنا قلت أظنّك أنت تعطّل الحديث العامّ بحديث الفعل كان ينبغي أن تقول لتريح نفسك صدقت ظنّك ظنّ المؤمن صحّ وإلا لا ؟ لكن أتعبت نفسك ونحن نريد أن نريحك الآن انظر أهمّية هذه القاعدة راوي الحديث ( لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط , ولكن شرّقوا أو غرّبوا ) هو أبو أيّوب الأنصاري وهناك قاعدة لعلّك تذكرها معي وهي الّتي تقول أنّ راوي الحديث أدرى بمرويّه من غيره صحّ ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل , أبو أيّوب الأنصاري روى هذا الحديث قال: فلمّا ذهبنا إلى الشّامّ فوجدنا الكنف قد استقبل بها الكعبة فنحن نستغفر الله ... .
السائل : ثمّ ننحرف عنها ونستغفر الله .
الشيخ : طيّب يستغفر الله من ماذا ؟ من أمر جائز ؟
السائل : من مخالفة الحديث .
الشيخ : طيّب إيش جوابك عن هذا ؟
السائل : الجواب الّذي يقوله العلماء ..
الشيخ : لا لا . قل لي أنت. ائت بالعلماء منشان أتناقش معهم ولست بطائلهم فهات أنت ماذا تقول ؟
سائل آخر : ما أتذكّره من كلامهم لعلّ أبا أيّوب لم يبلغه حديث بن عمر رضي الله عنه في إناخة الرّاحلة في حديث مروان الأصفر ولعلّه لم يبلغه حديث ابن عمر حين رقى على بيت حفصة فوجده وكثير من الصّحابة رضي الله عنهم غربت عنهم سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أبو بكر وعمر , قد غربت عنها سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
الشيخ : هذه حقيقة لا نقاش فيها كما قال الإمام الشّافعيّ قد تخفى سنّة من سنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على النّاس , لكن المسألة الآن مادام أحلتنا إلى فعل ابن عمر و إلى كثير من الصّحابة هل المسألة خلافيّة أم اتّفاقيّة ؟
السائل : المسألة خلافيّة بين الصّحابة رضي الله تعالى عنهم .
الشيخ : إذن ما يفيدنا أن تحيلنا إلى فعل بعض الأصحاب لأنّك ستعارض بأصحاب آخرين , إذا نحن ينبغي أن نحكّم الآن الآية الّتي سبقت ذكرناها في مقدّمة هذا المجلس (( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول )) فمسألة لمس المرأة وخروج الدّم فلكلّ قول قائل من السّلف فالآن ذكرت أثر ابن عمر هو موقوف أم مرفوع ؟
السائل : هذا أثر موقوف .
الشيخ : خير الكلام ما قلّ ودلّ منشان تريح حالك .
السائل : هو موقوف ولكن فيه قرينة تدلّ على أنّه لا يقال من قبل الرّأي .
الشيخ : وهو ؟
السائل : حين أناخ ابن عمر الرّاحلة فقال أنّ بيني وبينها فهذا يدلّ على فهم ابن عمر رضي الله عنه
الشيخ : هذا فهمه , أنا ما أناقش في هذا لكن أين القرينة أنّه في حكم المرفوع ؟
السائل : هكذا قال الإمام النّووي رحمه الله أنّ هذا القول من ابن عمر قرينة على أنّه لا يقال من قبل الرّأي .
الشيخ : أنا ما أظنك نوويّ فلماذا تحتجّ عليّ بالنّوويّ رحمه الله ؟ المهمّ هذا موقوف لنعد إلى الحديث المرفوع ما هو ؟ حديث ... .
السائل : ( لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط )
الشيخ : لا لا حديث ابن عمر الّذي صعد
السائل : " رقيت على بيت حفصة فوجدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجته مستدبر الكعبة مستقبل بيت المقدس " .
الشيخ : ترى هل تظنّ بأنّ هذه الحادثة وقعت من ابن عمر قصدا أم دون قصد ؟
السائل : دون قصد بالاتّفاق .
الشيخ : طيّب فلو أنّه ما صعد , فما اتّفق له ماذا يبقى حديث أبي أيّوب ؟
السائل : يبقى على عمومه و إطلاقه
الشيخ : يبقى على عمومه , وهو حينما اكتشف الرّسول مستقبلا أو مستدبرا هل يعلم لماذا ؟
السائل : لا .
الشيخ : أنت تعلم لماذا ؟
السائل : لا .
الشيخ : إذن رجعنا إلى القول , هذا شيء . الآن ينتقل البحث بنا إلى مسألة قد تظهر بادي الرّأي أنّها ممّا لا صلة لها بما نحن فيه , إيش رأيك فيمن يبصق تجاه القبلة يجوز ؟
السائل : لا يجوز شرعا .
الشيخ : إذا بصق تجاه القبلة هل يجوز ؟
السائل : لا يجوز أن يبصق .
الشيخ : جزاك الله خيرا , البصق شرّ تجاه القبلة أم البول والغائط ؟
السائل : البول والغائط .
الشيخ : فلماذا نعكس نحن المنطق الإسلاميّ الصّحيح فنقول البول و الغائط جائز بسبب البنيان والبصق الّذي هو طاهر وليس كالبول والغائط فنقول لا يجوز , هذا منطق متنافر تماما ونحن نعلم من كلام أهل العلم أنّ الإسلام لا يفرّق بين المتماثلات و لا يجمع بين المتفرّقات, الآن هنا القياس الأولويّ لو كان هناك نصّ في نهي الرّسول عليه السّلام أو في إذن الرّسول عليه السّلام بالبول في البنيان أو التّغوّط لقلنا القياس أنّ البصق يجوز من باب أولى لكن القضيّة هنا معكوسة تماما , البصق لا يجوز و البول والغائط يجوز . هذا يحتاج إلى عقل من نوعية أخرى ليتقبّل الإنسان مثل هذا التّناقض , ثمّ ما الحكمة من إباحة الاستقبال في البنيان مع أنّه لا فرق من حيث احترام الجهة الّتي نستقبلها في صلاتنا بين الصّحراء والبنيان فحينما نحن نصلّي في المساجد أو في البيوت ألسنا نستقبل الكعبة احتراما لها لأنّنا أمرنا بالتّوجّه إليها ؟ فكما أنّ هذا الاحترام لا يزال قائما وشرطا من شروط صحّة الصّلاة ولا فرق في ذلك بين الصحراء والبنيان فينبغي أن يظلّ هذا الاحترام قائما خارج الصّلاة من باب أولى , وبخاصّة إذا كان فيه شيء ممّا تستنكف منه النّفس المؤمنة أن تتوجّه به إلى تلك الجهة الّتي يصلّي إليها المسلم تصوّر معي الآن وهذا شاهدناه في كثير من الدّور , هذه غرفة وهذه الكعبة وهناك حمّام مرحاض موجّه إلى الكعبة هذا يستقبل الجهة في صلاته وذاك يستقبلها ببوله وغائطه , هذا مش معقول في الإسلام أبدا , فلذلك فنحن ننصح طلاّب العلم أن يدرسوا المسائل الخلافيّة متجرّدين عن المذهبيّة الضّيّقة فأنت نشأت على المذهب الشّافعي فأنت نوويّ مثلا وقد يكون هناك رجل آخر نشأ على المذهب الحنفيّ فيكون زيلعيّا وهكذا يظلّ المسلمون متفرّقين فما الّذي يجمعهم ؟
السائل: الكتاب والسنة
الشيخ: الكتاب و سنّة رسول الله وبارك الله فيك , ولكن هذا الجمع لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بالتّجرّد أن لا يقول أنا شافعيّ ودراستي شافعيّة فأوجّه النّصوص الشّرعيّة كلّها إلى ما يوافق مذهبي وأنا أقول أنا دراستي حنفيّة فأوجّه الأدلّة كلّها إلى ما يوافق مذهبي الحنفيّ لا . ينبغي أن نسلّم قيادة عقولنا و ألبابنا وأفكارنا كلّها لكتاب الله ولحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبذلك يمكن أن يلتقي المسلمون على كلمة سواء .
السائل : كيف نجمع بين حديثي ..
الشيخ : ارفع صوتك .
الشيخ : في الصلاة ايش ؟
السائل : في الصّلاة الجهريّة خلف الإمام , ذكرت أنّ هنالك حديث ناسخ ومنسوخ أريد التوضيح ؟
الشيخ : نعم نحن قلنا بأنّ الجهر كان جائزا في القراءة خلف الإمام الّذي يجهر ثمّ تدرّج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فنهى عن القراءة خلفه في الجهريّة نهيا مطلقا ؛ لحديث أبي هريرة حينما قال: ( قد خالجنيها ) قال أبو هريرة: " فانتهى النّاس عن القراءة خلف النّبيّ صلّى اله عليه وسلّم فيما كان يجهر فيه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم " , أنا أدري بأنّ هذه الزّيادة اختلف في وصلها وفي إرسالها وأجبنا عن ذلك بما يطول الكلام فيه ولكن حسبنا أنّ معنى هذا الحديث بهذه الزّيادة يتجاوب مع الأصل القرآني والأصل النّبوي وهو (( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلّكم ترحمون )) هو نصّ مطلق ثمّ جاء الحديث صحيحا صحّحه مسلم برواية ( إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا ) وتأيّد ذلك بالقول الرّاجح عند جمهور العلماء أن من أدرك الإمام راكعا فهو مدرك للرّكعة رغم كونه لم يقرأ الفاتحة
سائل آخر : فضيلة الشّيخ نرجع للقاعدة الّتي حضرتك قلتها في الأوّل ثمّ نعود إلى قضيّة قراءة الفاتحة ..
الشيخ : ولعلّ العود أحمد .
سائل آخر : فالقاعدة حضرتك قلت أنّ الفعل يكون قرينة صارفة للقول إذا علم التّاريخ ومعرفة التّاريخ كما يقول أهل الأصول يكون في النّسخ أمّا عند الجمع فلا يشترط كثير من أهل الأصول فيما أعلم معرفة التّاريخ بل يقولوا أنّ هناك قاعدة عندهم يضعونها العمل بالحديثين أولى من طرح أحد الحديثين والجمع أولى , فهل اشتراط التّاريخ في جعل القرينة في جعل الفعل قرينة صارفة للإيجاب إلى النّدب أو التّحريم إلى التّنزيه ؟ هل هذا يعتبر من باب النّسخ ؟
الشيخ : طبعا , أنا أذكّرك بما قد تكون نسيت , النّصّ الخاصّ عند السّلف ماذا يسمّى ؟
السائل : يسمّى منسوخ .
الشيخ : الخاصّ ؟
السائل : يسمّى ناسخ , آسف .
الشيخ : آه , فإذا الخاصّ ناسخ ... .
السائل : عند السّلف , ولكن النّسخ عند المتأخّرين من علماء الأصول .
الشيخ : ما ذكّرتني بشيء كما أنا ذكّرتك , لأنّك أول ما ذكرت ذكرت ما هو معروف عند المتأخّرين فأحببت أن أذكّرك ما هو معروف عند المتقدّمين , والآن الغرض من هذا هو يذكرك أن التّخصيص هو نوع من النّسخ ... .
السائل : ويشترط في التّخصيص معرفة التّاريخ ؟
الشيخ : اصبر قليلا , التّخصيص نوع من النّسخ لأنّه يرفع جزء من النّصّ العامّ بينما النّاسخ يرفع النّصّ من أصله صح ولا لا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : ففي سبيل التّوفيق بين الحاظر والمبيح في هذه الحالة حتّى لا نعطّل القول لأنّه نحن حينما شرحنا هذا لماذا نقول القول مقدّم على الفعل ؟ ولماذا نقول الحاظر مقدّم على الفعل ؟ لوجوه عديدة جدّا فلكي لا نعطّل قول الرّسول و حاظره بفعل وقع منه يحتمل أن يكون على الأصل وهو البراءة الأصليّة ويحتمل أن يكون لعذر ويحتمل أخيرا أن يكون لخصوصيّة والدّليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال , كما يقول أصحابك العلماء و الفقهاء أليس كذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : ما دام يحتمل الفعل واحدا من هذه الاحتمالات الثّلاثة لا نريد أن ننزّل قوله عليه السّلام الّذي هو تشريع عامّ عن دلالته الظّاهرة إلاّ بقرينة قويّة و لذلك في هذه الحالة لا بدّ من أن نقول أنّ هذا الفعل متأخّر عن القول و هو بيان فعليّ منه عليه السّلام بأنّ قوله محمول على التّنزيه, فإذن الحاظر جاء على خلاف الأصل والفعل جاء مع الأصل وهذا ماش كلّ لحاله , القول شريعة عامّة الفعل قد و قد و الّذي ليس فيه قد أقوى ممّا فيه قد أليس كذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : آه ولذلك يبقى قوله عليه السّلام ينبغي أن نحتفظ به وهذه القاعدة مهمّة جدّا ولها علاقة في كثير من الفروع الفقهيّة , مثلا تعرف إن شاء الله جيّدا قوله عليه السّلام: ( لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط ولكن شرّقوا أو غرّبوا ) أنت على منطقك السّابق تعطّل عموم هذا الحديث , فهل ظنّي ظنّ المسلم أم لا ؟
سائل آخر : نعم يقولون بجواز ...
الشيخ : لا ما تقول لي يقولون , قل لي أنت الّذي تقوله ؟
سائل آخر : من باب القراءة لأهل الفقه نقول أعتقد أنّني اتّبع العلماء الّذين يقولون بأنّ الاستقبال و الاستدبار جائز في البنيان وغير جائز في الصّحراء
الشيخ : شوف أتعبت نفسك أتعبت نفسك سدى , أنا قلت أظنّك أنت تعطّل الحديث العامّ بحديث الفعل كان ينبغي أن تقول لتريح نفسك صدقت ظنّك ظنّ المؤمن صحّ وإلا لا ؟ لكن أتعبت نفسك ونحن نريد أن نريحك الآن انظر أهمّية هذه القاعدة راوي الحديث ( لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط , ولكن شرّقوا أو غرّبوا ) هو أبو أيّوب الأنصاري وهناك قاعدة لعلّك تذكرها معي وهي الّتي تقول أنّ راوي الحديث أدرى بمرويّه من غيره صحّ ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل , أبو أيّوب الأنصاري روى هذا الحديث قال: فلمّا ذهبنا إلى الشّامّ فوجدنا الكنف قد استقبل بها الكعبة فنحن نستغفر الله ... .
السائل : ثمّ ننحرف عنها ونستغفر الله .
الشيخ : طيّب يستغفر الله من ماذا ؟ من أمر جائز ؟
السائل : من مخالفة الحديث .
الشيخ : طيّب إيش جوابك عن هذا ؟
السائل : الجواب الّذي يقوله العلماء ..
الشيخ : لا لا . قل لي أنت. ائت بالعلماء منشان أتناقش معهم ولست بطائلهم فهات أنت ماذا تقول ؟
سائل آخر : ما أتذكّره من كلامهم لعلّ أبا أيّوب لم يبلغه حديث بن عمر رضي الله عنه في إناخة الرّاحلة في حديث مروان الأصفر ولعلّه لم يبلغه حديث ابن عمر حين رقى على بيت حفصة فوجده وكثير من الصّحابة رضي الله عنهم غربت عنهم سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أبو بكر وعمر , قد غربت عنها سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
الشيخ : هذه حقيقة لا نقاش فيها كما قال الإمام الشّافعيّ قد تخفى سنّة من سنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على النّاس , لكن المسألة الآن مادام أحلتنا إلى فعل ابن عمر و إلى كثير من الصّحابة هل المسألة خلافيّة أم اتّفاقيّة ؟
السائل : المسألة خلافيّة بين الصّحابة رضي الله تعالى عنهم .
الشيخ : إذن ما يفيدنا أن تحيلنا إلى فعل بعض الأصحاب لأنّك ستعارض بأصحاب آخرين , إذا نحن ينبغي أن نحكّم الآن الآية الّتي سبقت ذكرناها في مقدّمة هذا المجلس (( فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرّسول )) فمسألة لمس المرأة وخروج الدّم فلكلّ قول قائل من السّلف فالآن ذكرت أثر ابن عمر هو موقوف أم مرفوع ؟
السائل : هذا أثر موقوف .
الشيخ : خير الكلام ما قلّ ودلّ منشان تريح حالك .
السائل : هو موقوف ولكن فيه قرينة تدلّ على أنّه لا يقال من قبل الرّأي .
الشيخ : وهو ؟
السائل : حين أناخ ابن عمر الرّاحلة فقال أنّ بيني وبينها فهذا يدلّ على فهم ابن عمر رضي الله عنه
الشيخ : هذا فهمه , أنا ما أناقش في هذا لكن أين القرينة أنّه في حكم المرفوع ؟
السائل : هكذا قال الإمام النّووي رحمه الله أنّ هذا القول من ابن عمر قرينة على أنّه لا يقال من قبل الرّأي .
الشيخ : أنا ما أظنك نوويّ فلماذا تحتجّ عليّ بالنّوويّ رحمه الله ؟ المهمّ هذا موقوف لنعد إلى الحديث المرفوع ما هو ؟ حديث ... .
السائل : ( لا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط )
الشيخ : لا لا حديث ابن عمر الّذي صعد
السائل : " رقيت على بيت حفصة فوجدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على حاجته مستدبر الكعبة مستقبل بيت المقدس " .
الشيخ : ترى هل تظنّ بأنّ هذه الحادثة وقعت من ابن عمر قصدا أم دون قصد ؟
السائل : دون قصد بالاتّفاق .
الشيخ : طيّب فلو أنّه ما صعد , فما اتّفق له ماذا يبقى حديث أبي أيّوب ؟
السائل : يبقى على عمومه و إطلاقه
الشيخ : يبقى على عمومه , وهو حينما اكتشف الرّسول مستقبلا أو مستدبرا هل يعلم لماذا ؟
السائل : لا .
الشيخ : أنت تعلم لماذا ؟
السائل : لا .
الشيخ : إذن رجعنا إلى القول , هذا شيء . الآن ينتقل البحث بنا إلى مسألة قد تظهر بادي الرّأي أنّها ممّا لا صلة لها بما نحن فيه , إيش رأيك فيمن يبصق تجاه القبلة يجوز ؟
السائل : لا يجوز شرعا .
الشيخ : إذا بصق تجاه القبلة هل يجوز ؟
السائل : لا يجوز أن يبصق .
الشيخ : جزاك الله خيرا , البصق شرّ تجاه القبلة أم البول والغائط ؟
السائل : البول والغائط .
الشيخ : فلماذا نعكس نحن المنطق الإسلاميّ الصّحيح فنقول البول و الغائط جائز بسبب البنيان والبصق الّذي هو طاهر وليس كالبول والغائط فنقول لا يجوز , هذا منطق متنافر تماما ونحن نعلم من كلام أهل العلم أنّ الإسلام لا يفرّق بين المتماثلات و لا يجمع بين المتفرّقات, الآن هنا القياس الأولويّ لو كان هناك نصّ في نهي الرّسول عليه السّلام أو في إذن الرّسول عليه السّلام بالبول في البنيان أو التّغوّط لقلنا القياس أنّ البصق يجوز من باب أولى لكن القضيّة هنا معكوسة تماما , البصق لا يجوز و البول والغائط يجوز . هذا يحتاج إلى عقل من نوعية أخرى ليتقبّل الإنسان مثل هذا التّناقض , ثمّ ما الحكمة من إباحة الاستقبال في البنيان مع أنّه لا فرق من حيث احترام الجهة الّتي نستقبلها في صلاتنا بين الصّحراء والبنيان فحينما نحن نصلّي في المساجد أو في البيوت ألسنا نستقبل الكعبة احتراما لها لأنّنا أمرنا بالتّوجّه إليها ؟ فكما أنّ هذا الاحترام لا يزال قائما وشرطا من شروط صحّة الصّلاة ولا فرق في ذلك بين الصحراء والبنيان فينبغي أن يظلّ هذا الاحترام قائما خارج الصّلاة من باب أولى , وبخاصّة إذا كان فيه شيء ممّا تستنكف منه النّفس المؤمنة أن تتوجّه به إلى تلك الجهة الّتي يصلّي إليها المسلم تصوّر معي الآن وهذا شاهدناه في كثير من الدّور , هذه غرفة وهذه الكعبة وهناك حمّام مرحاض موجّه إلى الكعبة هذا يستقبل الجهة في صلاته وذاك يستقبلها ببوله وغائطه , هذا مش معقول في الإسلام أبدا , فلذلك فنحن ننصح طلاّب العلم أن يدرسوا المسائل الخلافيّة متجرّدين عن المذهبيّة الضّيّقة فأنت نشأت على المذهب الشّافعي فأنت نوويّ مثلا وقد يكون هناك رجل آخر نشأ على المذهب الحنفيّ فيكون زيلعيّا وهكذا يظلّ المسلمون متفرّقين فما الّذي يجمعهم ؟
السائل: الكتاب والسنة
الشيخ: الكتاب و سنّة رسول الله وبارك الله فيك , ولكن هذا الجمع لا يمكن أن يتحقّق إلاّ بالتّجرّد أن لا يقول أنا شافعيّ ودراستي شافعيّة فأوجّه النّصوص الشّرعيّة كلّها إلى ما يوافق مذهبي وأنا أقول أنا دراستي حنفيّة فأوجّه الأدلّة كلّها إلى ما يوافق مذهبي الحنفيّ لا . ينبغي أن نسلّم قيادة عقولنا و ألبابنا وأفكارنا كلّها لكتاب الله ولحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبذلك يمكن أن يلتقي المسلمون على كلمة سواء .
السائل : كيف نجمع بين حديثي ..
الشيخ : ارفع صوتك .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 400
- توقيت الفهرسة : 00:51:09
- نسخة مدققة إملائيًّا