تتمة الكلام عن حكم السترة في الصلاة.؟
A-
A=
A+
الشيخ : في عديد من الأحاديث الصّحيحة أمره عليه السّلام كلّ مصلّ سوى المقتدي بالإمام باتّخاذ السّترة فقال عليه الصّلاة والسّلام: ( إذا صلّى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) كثيرا ما نحدّث النّاس و نذكّرهم بهذا الحديث و بخاصّة إذا كان في غرفة مثلا و نراه يصلّي لا إلى سترة , فيكون جوابه لجهله لهذا الحديث و ما جاء في آخره ( لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) يكون جوابه على البداهة يا شيخ ما في حدى هنا الغرفة الّتي هو يصلّي فيها يقول ما فيها حدى حتّى يقطع عليه الصّلاة فنحن نجيبه يا أخي في أحد لكن أنت لا تراه , هناك شياطين الجنّ الّذين وصفهم الله عزّ و جلّ وصف أباهم و ذريّته بقوله: (( إنّه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم )) فإذا لا تغترّ بقيامك في غرفة محصورة ليس فيها أحد سوى أنت تصلّي فتصلّي كيفما اتّفق لا إلى سترة , أو بعيد عن السّترة بزعم أنّ لا أحد يمكن أن يمرّ , فاعلم أنّ هناك خلقا لا تراهم بعينك , ربّنا عزّ و جلّ خلقهم و ابتلانا بهم وهم شياطين الجنّ لذلك قال عليه الصّلاة والسّلام: ( إذا صلّى أحدكم فليصلّ إلى سترة لا يقطع الشّيطان ) أي خشية أن يقطع الشّيطان عليه صلاته , هذا الشّيطان قد يكون من شياطين الإنس وقد يكون من شياطين الجنّ , فإذا كنت تصلّي في مكان تظنّ أنّه ليس فيه ساكن أو لا يحتمل أن يمرّ أحد من الإنس بين يديك فتذكّر أنّ هناك خلقا آخر يمكن أن يمرّ بين يديك مرورا ليس مرورا ماديّا تشعر به أنت كما تشعر بمرور الإنسان الّذي هو خلق من الطّينة الّتي أنت خلقت منها , تذكّر هذه الحقيقة و تذكّر معها أنّ النّبيّ صلّى لله عليه وسلّم الذي جاء في بعض الأحاديث الصّحيحة ( أنّ الله عزّ وجلّ وكّل بكلّ إنسان قرينه من الجنّ قالوا: ولا أنت يا رسول الله ؟ قال: و لا أنا ولكنّ الله أعانني عليه فأسلم ) وفي رواية أو في ضبط ( فأسلم ) يعني أسلم من شرّه , مع هذه الخصوصيّة الّتي خصّ الله بها نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فقد روي وهو قائم يصلّي بأصحابه يوما فوجئ أصحابه بأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مدّ يده هكذا كأنّه يقبض على شيء , لكن المصلّين من خلفه لا يرون شيئا فلمّا صلّى عليه الصّلاة والسّلام سألوه عن هذه الحركة الّتي ليس من عادته أن يأتيها في صلاته , فقال عليه الصّلاة والسّلام وهنا الشّاهد: ( إنّ شيطانا هجم عليّ وفي يده شعلة من نار يريد أن يفسد عليّ صلاتي فأخذت عنقه بيدي وشددت عليه حتّى وجدت برد لعابه في يدي ولولا دعوة أخي سليمان عليه السّلام (( ربّ هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي)) لربطته بسارية من سواري المدينة حتّى يصبح الصبيان يلعبون به ) فإذا كان الشّيطان همّ بإفساد صلاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو سيّد البشر وهو المعصوم , ومن عصمته أنّ الله أعانه على شيطانه فأسلم كما سمعتم فإذا كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وهذه منزلته عند ربّه همّ الشّيطان أن يفسد عليه صلاته والنّاس من خلفه لا يرون شيئا من ذلك فإذن نحن يجب أن نتذكّر هذه الحقيقة حينما قال عليه السّلام: ( إذا صلّى أحدكم فليصلّي إلى سترة لا يقطع الشّيطان عليه صلاته ) لا تتصوّروا أنّ هذا الشّيطان المقصود به جنس أو نوع من البشر فقط , قد يكون هذا وقد يكون من شياطين الجنّ كما رأيتم في الحديث الصّحيح ثمّ جاء في حديث آخر , وهذا يجب الانتباه له أيضا ( إذا صلّى أحدكم فليدن من سترته ) الحديث الأوّل أمر بالسّترة الحديث الثّاني يتضمّن حكما جديدا وهو أن يقترب من سترته أيضا العلّة: لا يقطع الشّيطان عليه صلاته , ما مقدار الاقتراب من السّترة ؟ جاء في صحيح البخاريّ أنّه كان بين موضع مصلّى النّبيّ أي سجوده عليه السّلام وبين السّترة ممرّ شاة , مقدار شبر أو شبر و نصف تقريبا ومعنى هذا أنّ المصلّي لا يقترب من السّترة بحيث لا يكون هناك فجوة , وإنّما يبتعد عنها قليلا ولا يبتعد عنها كثيرا فتخرج السّترة عن كونها سترة شرعيّة , والمسافة هو ما سمعتم ممرّ شاة مقدار شبر أو شبر ونصف . هذا ما يتعلّق بأمره عليه السّلام بالسّترة وتحديد المسافة الّتي تكون بين موضع سجود المصلّي وبين السّترة , من أهميّة هذه السّترة شرعا أمورا منها أنّك إذا كنت تصلّي إلى غير سترة وأراد أن يمرّ بين يديك أحد من النّاس فلا يجوز لك أن تمنعه وعلى خلاف ذلك إذا كنت تصلّي إلى سترة وأراد أن يمرّ أحد فنبيّنا يأمرنا بقوله: ( فليدفعه) (فليدفعه) أي: بالّتي هي أحسن , فإن أبى فليقاتله , فإنّما هو شيطان أي من شياطين الإنس , وقد يكون من شياطين الجنّ , لأنّ من صلاحيّة و من قدرات الجنّ أنّهم يتمثّلون بصور الإنس وغيرها , إذن من كان يصلّي إلى سترة له حقّ أن يدفع المارّ بل وأن يقاتله , أمّا إذا كان يصلّي هكذا في العراء لا إلى سترة و أراد أحد أن يمرّ بين يديه فليس له هذا الحقّ بأن يصدّه و أن يدفعه , أهم من هذا أنّ هناك من الأشخاص إذا مرّ بين يدي المصلّي ولم يكن يصلّي إلى سترة تبطل صلاته , تبطل صلاته وهذا يقع كثيرا , خاصّة في المسجد الحرام وفي المسجد النّبويّ , ثمّ سرت عدواهما إلى كثير من المساجد. ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم ولعلّي أنهي الجواب عن هذا السّؤال بهذا الحديث قال عليه السّلام: ( يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرّحل المرأة والحمار و الكلب الأسود , قالوا: ما بال الكلب الأسود يا رسول الله ؟ قال: إنّه شيطان ) أيضا هذا الحديث يشير إلى ... ( فادفعه فإن أبى فقاتله فإنّما هو شيطان ) , يمكن أن يكون من شياطين الجنّ تمثّل بصورة الإنس فإذا مرّت المرأة بين يديك و أنت تصلّي إلى سترة فلا شيء عليك و صلاتك صحيحة , أمّا إذا كنت تصلّي لا إلى سترة فقد بطلت صلاتك بمجرّد مرور المرأة كذلك الحمار وكذلك الكلب الأسود , ولذلك فينبغي للمسلم أن يحرص على أن يصلّي دائما أبدا لا فرق بين فريضة ونافلة أن يصلّي إلى سترة , أوّلا: تجاوبا مع أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. و ثانيا: حتّى لا يقع في مخالفة دفع من يمرّ بين يديه إذا لم يكن اتّخذ سترة. وثالثا و أخيرا: حتّى لا تبطل صلاته فيما إذا مرّ بين يديه أحد الأشخاص الثّلاثة الّذين ذكروا في الحديث الصّحيح. تفضل. ارفع صوتك .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 399
- توقيت الفهرسة : 00:00:43
- نسخة مدققة إملائيًّا