الكلام على أثر أم سلمة والذي اشتُهِرَ عن الإمام مالك فيما بعد ؛ حينما سُئِلَ عن قوله - تبارك وتعالى - : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ )) ، كيف استوى ؟ فقال : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة " ، وبيان مذهب السلف في صفات الله - تبارك وتعالى - .
A-
A=
A+
الشيخ : لقد جاء في كتاب " الأسماء والصفات " للإمام أبي بكر البيهقي ، روى عن أمِّ سلمة تلك العبارة التي اشتهرت فيما بعد منسوبةً إلى الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ؛ أنه لما سئُل - رحمه الله - عن قوله - تبارك وتعالى - : (( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ )) ، كيف استوى ؟ قال : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنده بدعة " ، قال مالك : " أخرجوا الرجل - يعني السائل - فإنه مبتدع " . أصل هذه الكلمة التي صحَّت عن إمام دار الهجرة إنما هي عن أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - ؛ فقد روى البيهقي - كما قلت آنفًا - أنَّ أم سلمة قالت : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول " ، فإذًا كيف يجوز لإنسان عنده علم - أما مَن لا علم عنده فيقول ما شاء له هواه ونفسه الأمَّارة بالسوء - كيف يمكن لإنسان عنده شيء من العلم ويخشى الله - عز وجل - ولا يقفو ما ليس له علم أن يقول : إن السلف لم يفسِّروا هذه الآيات ، وإنما مرُّوا بها مرَّ الكرام كما يُقال ؟ هذا مع ما فيه مما أشرت إليه آنفًا من نسبة عدم تفكُّر الصحابة وتدبُّرهم القرآن وبخاصَّة ما يتعلق بهذا القرآن بالذي أنزل القرآن - سبحانه وتعالى - .
كيف يُقال بعد ثبوت مثل هذه الروايات عن السلف عن أمِّ سلمة وعن الإمام مالك فضلًا عن غيرهم ممَّن ساق أقوالهم الحاكم المشهور ؛ ألا وهو الإمام الذهبي في كتاب الذي سمَّاه " العلوُّ للعليِّ الغفار " ، أو للعليِّ العظيم ، الذي كنت اختصرته منذ بضع سنين ؟ فقد ذكر هناك الآثار بعد أن ذكر الآيات والأحاديث الآثار عن الصحابة ثم عن التابعين ثم أتباعهم ، ثم ثم هكذا العلماء الذي جاؤوا من بعدهم إلى عصر الإمام الذهبي ، وهو أول القرن الثامن الهجري ، ذكر الآثار وكلُّهم فيها يذهبون إلى تفسير الآيات وتفسير الأحاديث تفسيرًا لا غلول فيه إطلاقًا مع التمسُّك بمبدأ قوله - تبارك وتعالى - : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ، من تلك الآثار الأثرَين اللَّذين ذكرناهما آنفًا عن أمِّ سلمة وعن الإمام مالك - رحمه الله - أن الاستواء معلوم - أي : لغةً - ، لكن الكيف مجهول ، وهذا هو مذهب السلف ، وهذا مأخوذ من نفس الآية السابقة : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ، هذا ينكر الكيفية ، (( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ، معلوم السمع والبصر عند كلِّ رجلٍ عربيٍّ .
ومن عجائب تناقض هؤلاء الواقفة الذي هم ليسوا من السلف ولا من الخَلَف أنَّهم يقفون عند بعض النقاط التي كانوا يرى فيها الخلاف بين أهل الحديث والسنة من جهة وبين المعتزلة من جهة أخرى ، ثم تأسَّى بهؤلاء المعتزلة بعضُ المنتمين إلى أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية نسوا أن السلف قالوا بالتنزيه وبالإثبات إعمالًا لهذه الآية ، إنما نسوا أنه لا فرق بين إثبات الصفات التي وقع الخلاف بين أهل الحديث والأشاعرة وبين الصفات الأخرى التي اجتمع فيها الفريقان أهل الحديث والأشاعرة وأمثالهم على إثباتها كمثل صفة السمع والبصر ، لا يتحرَّجون وحُقَّ لهم ذلك وهذه عقيدة السلف من أن يقولوا إن لله - عز وجل - صفة السمع وصفة البصر ؛ فما الفرق بين هاتَين الصِّفتين الثابتتين في الآية وبين أيِّ صفةٍ أخرى من الصفات الواردة في القرآن الكريم ؟ كاليد - مثلًا - التي ذكرها على سبيل المثال الأخ السائل ، وبين استواء الرحمن على عرشه - تبارك وتعالى - ، وبين صفة المجيء (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) ؟ ما الفرق بين الإيمان بهاتين الصِّفتين صفة السمع والبصر فضلًا عن الصفات الأخرى صفة الحياة ، وصفة الإرادة والقدرة ، ونحو ذلك ؟ يؤمنون معنا - نحن معشر السلفيين ، ونحن تَبَعٌ للسلف الصالح - يؤمنون بهذه الصفات ولا يجدون في ذلك حرجًا في نفوسهم ، وهو الإيمان حقًّا ، ولكن لماذا لا يطرِّدون هذا المبدأ من الإيمان بكلِّ صفةٍ جاء ذكرها في الكتاب أو في السنة بدون تكييف ؟ فهم حينما آمنوا بصفة السمع والبصر قالوا : سمعًا ليس كسمعنا ، وبصرًا ليس كبصرنا ؛ فما الذي حالَ بينهم وبين أن يقولوا : استواءً ليس كاستوائنا ، ونزولًا ليس كنزولنا ، ويدًا ليست كيدنا ، وهكذا يُقال طردًا لكلِّ آيات وأحاديث الصفات نؤمن بها كما جاءت دون تكييف ودون تأويل ، نؤمن بها كما جاءت لا جهلًا بها ، وإنما نؤمن بها علمًا بها ؛ لأن الله - عز وجل - أنزل هذه الآيات بلُغة القرآن ، هذه اللغة التي أنزل بها كلَّ أحكام الشريعة ، وبها فهمناها ، كذلك نفهم أمور الغيب كلَّها بهذه اللغة ، ولكن دون تشبيه أو تمثيل .
كيف يُقال بعد ثبوت مثل هذه الروايات عن السلف عن أمِّ سلمة وعن الإمام مالك فضلًا عن غيرهم ممَّن ساق أقوالهم الحاكم المشهور ؛ ألا وهو الإمام الذهبي في كتاب الذي سمَّاه " العلوُّ للعليِّ الغفار " ، أو للعليِّ العظيم ، الذي كنت اختصرته منذ بضع سنين ؟ فقد ذكر هناك الآثار بعد أن ذكر الآيات والأحاديث الآثار عن الصحابة ثم عن التابعين ثم أتباعهم ، ثم ثم هكذا العلماء الذي جاؤوا من بعدهم إلى عصر الإمام الذهبي ، وهو أول القرن الثامن الهجري ، ذكر الآثار وكلُّهم فيها يذهبون إلى تفسير الآيات وتفسير الأحاديث تفسيرًا لا غلول فيه إطلاقًا مع التمسُّك بمبدأ قوله - تبارك وتعالى - : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ، من تلك الآثار الأثرَين اللَّذين ذكرناهما آنفًا عن أمِّ سلمة وعن الإمام مالك - رحمه الله - أن الاستواء معلوم - أي : لغةً - ، لكن الكيف مجهول ، وهذا هو مذهب السلف ، وهذا مأخوذ من نفس الآية السابقة : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ، هذا ينكر الكيفية ، (( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ، معلوم السمع والبصر عند كلِّ رجلٍ عربيٍّ .
ومن عجائب تناقض هؤلاء الواقفة الذي هم ليسوا من السلف ولا من الخَلَف أنَّهم يقفون عند بعض النقاط التي كانوا يرى فيها الخلاف بين أهل الحديث والسنة من جهة وبين المعتزلة من جهة أخرى ، ثم تأسَّى بهؤلاء المعتزلة بعضُ المنتمين إلى أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية نسوا أن السلف قالوا بالتنزيه وبالإثبات إعمالًا لهذه الآية ، إنما نسوا أنه لا فرق بين إثبات الصفات التي وقع الخلاف بين أهل الحديث والأشاعرة وبين الصفات الأخرى التي اجتمع فيها الفريقان أهل الحديث والأشاعرة وأمثالهم على إثباتها كمثل صفة السمع والبصر ، لا يتحرَّجون وحُقَّ لهم ذلك وهذه عقيدة السلف من أن يقولوا إن لله - عز وجل - صفة السمع وصفة البصر ؛ فما الفرق بين هاتَين الصِّفتين الثابتتين في الآية وبين أيِّ صفةٍ أخرى من الصفات الواردة في القرآن الكريم ؟ كاليد - مثلًا - التي ذكرها على سبيل المثال الأخ السائل ، وبين استواء الرحمن على عرشه - تبارك وتعالى - ، وبين صفة المجيء (( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا )) ؟ ما الفرق بين الإيمان بهاتين الصِّفتين صفة السمع والبصر فضلًا عن الصفات الأخرى صفة الحياة ، وصفة الإرادة والقدرة ، ونحو ذلك ؟ يؤمنون معنا - نحن معشر السلفيين ، ونحن تَبَعٌ للسلف الصالح - يؤمنون بهذه الصفات ولا يجدون في ذلك حرجًا في نفوسهم ، وهو الإيمان حقًّا ، ولكن لماذا لا يطرِّدون هذا المبدأ من الإيمان بكلِّ صفةٍ جاء ذكرها في الكتاب أو في السنة بدون تكييف ؟ فهم حينما آمنوا بصفة السمع والبصر قالوا : سمعًا ليس كسمعنا ، وبصرًا ليس كبصرنا ؛ فما الذي حالَ بينهم وبين أن يقولوا : استواءً ليس كاستوائنا ، ونزولًا ليس كنزولنا ، ويدًا ليست كيدنا ، وهكذا يُقال طردًا لكلِّ آيات وأحاديث الصفات نؤمن بها كما جاءت دون تكييف ودون تأويل ، نؤمن بها كما جاءت لا جهلًا بها ، وإنما نؤمن بها علمًا بها ؛ لأن الله - عز وجل - أنزل هذه الآيات بلُغة القرآن ، هذه اللغة التي أنزل بها كلَّ أحكام الشريعة ، وبها فهمناها ، كذلك نفهم أمور الغيب كلَّها بهذه اللغة ، ولكن دون تشبيه أو تمثيل .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 36
- توقيت الفهرسة : 00:15:38
- نسخة مدققة إملائيًّا