مواصلة الكلام على حسابات الفلكيين وتعلُّقه بالشرع .
A-
A=
A+
الشيخ : انتبهوا - يا إخواننا - لتمام الحديث السابق الذي كان أُثِير حول موضوع الاستفادة من ... الرجل الذي نستطيع أن نقول عنه إنه مات طبِّيًّا ، وجرى حديث بدأتُه بقولي أن أُلفِتَ النظر إلى ناحية مهمة جدًّا كثيرًا ما لا يتنبَّه لها بعض الفقهاء خاصَّة المعاصرين منهم ، أردْتُ أن أتمِّم الكلام ، ثم خطر في بال أخونا الأستاذ " أبو مالك " خاطرة فاستأذَنَني كما رأيتم بأن يُلقيها ، فكانت حقيقة يعني مؤيِّدة لِمَا كنتُ أريد أن أقوله تمامًا ، لعلكم أو لعل بعضكم على الأقل يذكر أنني كنتُ شرعتُ بذكر مثالين اثنين من الأمثلة التي يحكم العلم بهما ، لكن الشَّرع أحدهما لا يُوافق عليه الشرع إطلاقًا ، وهذا أمر مُجمَع عليه ، والآخر قلت أنُّو فيه خلاف بين علماء المسلمين ، ثم بدأتُ بذكر هذا المثال قضية إثبات الهلال بالحسابات الفلكية ، هنا تدخَّل الأستاذ " أبو مالك " وذكر ما سمعتموه جميعًا من أن هناك صبح علمي أو فجر علمي وفجر شرعي ، وأنُّو جرى هذا النقاش بين أحد علماء الفلك وبين أحد الموظَّفين في الأوقاف .
هذا المثال صار في حسابي وفي ترتيبي السابق في فكري الذي زوَّرته وعزمْتُ على عرضه صار معنا مثال ثالث ، المثال الأول ذكرتُه لكم ؛ وهو إثبات هلال رمضان بالحسابات الفلكية أو بالرؤى في المنظارية ، ولا شك أنني أنا شخصيًّا لا أرجِّح قول بعض العلماء الذين يُثبتون الهلال بهذه الرؤية العلمية ، وذلك لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - المعروف في " الصحيحين " : ( نحن أمَّة أمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا ، والشهر هكذا وهكذا وهكذا ) ؛ يعني قد يكون الشهر ثلاثين ، وقد يكون ناقص واحد .
لهذا لا أرى إثبات الهلال إلا بالرؤية البصرية ؛ لأنُّو هكذا صرَّح الرسول - عليه السلام - في هذا الحكم خاصَّة ، ثم أقول : لو فُتِح باب إثبات الأحكام الشرعية بالنظريات العلمية لَأصاب الشريعة الإسلامية ما أصاب الشرائع السابقة من اليهودية والنصرانية ، والآن يأتي دور المثال الثاني في تزويري وتفكيري ، والثالث الذي نطق به صاحبنا " أبو مالك " . العلم فيما قرأتُ في بعض الكتب التي كنت أقرؤها وكنت أتفرَّغ لها قديمًا العلم يقول - وقد يعارضني معارض لأني لست متخصِّصًا ، ولكن في ظني أن لا معارض ، حينما نرى الشمس هكذا نحو الغرب على قمَّة الجبل طالعة ؛ يعني دائرة كبيرة جدًّا - العلم يقول : الشمس الآن وراء الأفق ، وإنما الذي نراه نحن هذا بسبب فلسفة طبعًا علمية لا نفقهها نحن أنُّو الأشعة هي تعكس .
السائل : تنكسر .
الشيخ : نعم ؟
السائل : تنكسر .
الشيخ : تنكسر وتعكس إلينا ، فنرى الشمس على قمة الجبل وهي في حقيقة واقع الأمر وراء الجبل .
الآن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( ولا صلاة بعد العصر حتى تغربَ الشمس ) ، رجل زيد من الناس تأخَّر بصلاة الفجر حتى رأى الشمس على قمة الجبل ببصره ، لكن بعلمه الخاص يراه وراء الأفق ، فالآن هذا يجوز له أن يصلي أم لا يصلي ؟ إذا طبَّقنا الحكم الشرعي المُرتبط بالبصر الشخصي هذا يصلي ؛ لأنُّو لا تزال الشمس طالعة ، لكن علميًّا هي وراء الأفق لا تُرى ، وهكذا : ( لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ) ، طلعت الشمس على قمة الجبل ، علميًّا ما طلعت ؛ هل يجوز أن تصلي الفجر ؟ الجواب : لا يجوز ، انظروا كيف تختلف الأحكام الشرعية بين أن نبنيها على النظر العادي وبين أن نبنيها على الفكر العلمي ؛ لهذا نقول ينبغي على المسلم أن يكون مطَّردًا ومستقيمًا بطبيعة الحال في اطِّراد فكره ، ولا يتبلبل ؛ فتارةً يأخذ بنظرية علمية ولو خالفت الحقيقة الشرعية ، وتارةً لا يأخذ بها !
إذا عرفنا هذه النماذج من الأمثلة وآخرها ما ذكر الأستاذ " أبو مالك " أن علم الفلك يقول : الصبح والفجر يطلع قبل الفجر الذي نراه نحن بأعيننا بنحو ثلث ساعة ، وهذا تمامًا يلتقي مع النظرية التي ذكرتُها آنفًا حينما تكون الشمس على قمة الجبل علميًّا ما طلعت ، كذلك الفجر علميًّا ما طلع ، لكن نظريًّا نحن نراه بأمِّ أعيننا .
سائل آخر : ... الفجر الكاذب ... .
الشيخ : على كل حال اصطلاح هذا ، المهم فنحن لا نبني أحكامَنا الشرعية على النَّظرات العلمية حتى ولو صارت حقائق علمية ؛ ليه ؟ لأنُّو الآن إذا كان هناك ضباب وسحاب في الأفق .
سائل آخر : ... .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : ... .
سائل آخر : لا لا لا ، لا ما له علاقة .
الشيخ : إذا كان في الأفق سحاب والعين الباصرة القوية أقوى نظر في الإنسان لا يرى الهلال ، لكن أنت بالمنظار مكبِّر مكبِّر أضعاف مضاعفة فسيكشف الهلال من وراء السحاب .
هذه حقيقة علمية لا ريب فيها ، لكن هذه النظرة لسنا مكلَّفين فيها ، نحن مكلَّفون بما نراه بالبصر العادي ؛ لذلك فالأحكام الشرعية لا تُبنى على الحقائق العلمية ، وإنما تُبنى على النظريات العادية الطبيعية ، ولذلك نحن ما يهمُّنا أنُّو العلم أثبت أن الأرض تدور ، ولها دورتان معروفتان ، ما بيهمنا هذا ؛ لأن أحكام الشريعة بُنِيَت على أنُّو الأرض مستوية ... أما هي من حيث الواقع العلمي تدور ، وأنها كروية ، لا يضرُّنا هذا في ديننا إطلاقًا ؛ لأنُّو الأحكام الشرعية التي قرَّرها الشارع الحكيم قرَّرها بالنسبة لناس عاديين لهم طاقة بصرية وعقلية محدَّدة ، فهم كُلِّفوا بذلك وليس بأكثر من ذلك .
إذا عرفنا هذا فهذا الرجل الذي لا يزال قلبه ينبض ؛ هذا في عرف الأطباء حكموا عليه بأنه مات ، لكن في حكم النظر العادي البشري أنه لم يمُتْ ، ولذلك لا يُبادرون إلى دفنه إلا بعد التأكُّد من موته بوسائلهم العادية . على هذا لا أرى أنا تجويز قتل هذا الإنسان لأنُّو في رأي الطب أصبح ميِّتًا ، فلا ندعه يموت حتى يبرد قلبه ولا ينبض نبضة منه ، لا أرى هذا ؛ لأنُّو في حكم الشرع لا يزال غير ميِّت أقل ما يقال . هذا رأيي الذي أردتُ أن أوضِّحَه لكم ، ونسأل الله - عز وجل - أن يلهمنا الصواب فيما نقول وفيما نعتقد .
هذا المثال صار في حسابي وفي ترتيبي السابق في فكري الذي زوَّرته وعزمْتُ على عرضه صار معنا مثال ثالث ، المثال الأول ذكرتُه لكم ؛ وهو إثبات هلال رمضان بالحسابات الفلكية أو بالرؤى في المنظارية ، ولا شك أنني أنا شخصيًّا لا أرجِّح قول بعض العلماء الذين يُثبتون الهلال بهذه الرؤية العلمية ، وذلك لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - المعروف في " الصحيحين " : ( نحن أمَّة أمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا ، والشهر هكذا وهكذا وهكذا ) ؛ يعني قد يكون الشهر ثلاثين ، وقد يكون ناقص واحد .
لهذا لا أرى إثبات الهلال إلا بالرؤية البصرية ؛ لأنُّو هكذا صرَّح الرسول - عليه السلام - في هذا الحكم خاصَّة ، ثم أقول : لو فُتِح باب إثبات الأحكام الشرعية بالنظريات العلمية لَأصاب الشريعة الإسلامية ما أصاب الشرائع السابقة من اليهودية والنصرانية ، والآن يأتي دور المثال الثاني في تزويري وتفكيري ، والثالث الذي نطق به صاحبنا " أبو مالك " . العلم فيما قرأتُ في بعض الكتب التي كنت أقرؤها وكنت أتفرَّغ لها قديمًا العلم يقول - وقد يعارضني معارض لأني لست متخصِّصًا ، ولكن في ظني أن لا معارض ، حينما نرى الشمس هكذا نحو الغرب على قمَّة الجبل طالعة ؛ يعني دائرة كبيرة جدًّا - العلم يقول : الشمس الآن وراء الأفق ، وإنما الذي نراه نحن هذا بسبب فلسفة طبعًا علمية لا نفقهها نحن أنُّو الأشعة هي تعكس .
السائل : تنكسر .
الشيخ : نعم ؟
السائل : تنكسر .
الشيخ : تنكسر وتعكس إلينا ، فنرى الشمس على قمة الجبل وهي في حقيقة واقع الأمر وراء الجبل .
الآن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( ولا صلاة بعد العصر حتى تغربَ الشمس ) ، رجل زيد من الناس تأخَّر بصلاة الفجر حتى رأى الشمس على قمة الجبل ببصره ، لكن بعلمه الخاص يراه وراء الأفق ، فالآن هذا يجوز له أن يصلي أم لا يصلي ؟ إذا طبَّقنا الحكم الشرعي المُرتبط بالبصر الشخصي هذا يصلي ؛ لأنُّو لا تزال الشمس طالعة ، لكن علميًّا هي وراء الأفق لا تُرى ، وهكذا : ( لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ) ، طلعت الشمس على قمة الجبل ، علميًّا ما طلعت ؛ هل يجوز أن تصلي الفجر ؟ الجواب : لا يجوز ، انظروا كيف تختلف الأحكام الشرعية بين أن نبنيها على النظر العادي وبين أن نبنيها على الفكر العلمي ؛ لهذا نقول ينبغي على المسلم أن يكون مطَّردًا ومستقيمًا بطبيعة الحال في اطِّراد فكره ، ولا يتبلبل ؛ فتارةً يأخذ بنظرية علمية ولو خالفت الحقيقة الشرعية ، وتارةً لا يأخذ بها !
إذا عرفنا هذه النماذج من الأمثلة وآخرها ما ذكر الأستاذ " أبو مالك " أن علم الفلك يقول : الصبح والفجر يطلع قبل الفجر الذي نراه نحن بأعيننا بنحو ثلث ساعة ، وهذا تمامًا يلتقي مع النظرية التي ذكرتُها آنفًا حينما تكون الشمس على قمة الجبل علميًّا ما طلعت ، كذلك الفجر علميًّا ما طلع ، لكن نظريًّا نحن نراه بأمِّ أعيننا .
سائل آخر : ... الفجر الكاذب ... .
الشيخ : على كل حال اصطلاح هذا ، المهم فنحن لا نبني أحكامَنا الشرعية على النَّظرات العلمية حتى ولو صارت حقائق علمية ؛ ليه ؟ لأنُّو الآن إذا كان هناك ضباب وسحاب في الأفق .
سائل آخر : ... .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : ... .
سائل آخر : لا لا لا ، لا ما له علاقة .
الشيخ : إذا كان في الأفق سحاب والعين الباصرة القوية أقوى نظر في الإنسان لا يرى الهلال ، لكن أنت بالمنظار مكبِّر مكبِّر أضعاف مضاعفة فسيكشف الهلال من وراء السحاب .
هذه حقيقة علمية لا ريب فيها ، لكن هذه النظرة لسنا مكلَّفين فيها ، نحن مكلَّفون بما نراه بالبصر العادي ؛ لذلك فالأحكام الشرعية لا تُبنى على الحقائق العلمية ، وإنما تُبنى على النظريات العادية الطبيعية ، ولذلك نحن ما يهمُّنا أنُّو العلم أثبت أن الأرض تدور ، ولها دورتان معروفتان ، ما بيهمنا هذا ؛ لأن أحكام الشريعة بُنِيَت على أنُّو الأرض مستوية ... أما هي من حيث الواقع العلمي تدور ، وأنها كروية ، لا يضرُّنا هذا في ديننا إطلاقًا ؛ لأنُّو الأحكام الشرعية التي قرَّرها الشارع الحكيم قرَّرها بالنسبة لناس عاديين لهم طاقة بصرية وعقلية محدَّدة ، فهم كُلِّفوا بذلك وليس بأكثر من ذلك .
إذا عرفنا هذا فهذا الرجل الذي لا يزال قلبه ينبض ؛ هذا في عرف الأطباء حكموا عليه بأنه مات ، لكن في حكم النظر العادي البشري أنه لم يمُتْ ، ولذلك لا يُبادرون إلى دفنه إلا بعد التأكُّد من موته بوسائلهم العادية . على هذا لا أرى أنا تجويز قتل هذا الإنسان لأنُّو في رأي الطب أصبح ميِّتًا ، فلا ندعه يموت حتى يبرد قلبه ولا ينبض نبضة منه ، لا أرى هذا ؛ لأنُّو في حكم الشرع لا يزال غير ميِّت أقل ما يقال . هذا رأيي الذي أردتُ أن أوضِّحَه لكم ، ونسأل الله - عز وجل - أن يلهمنا الصواب فيما نقول وفيما نعتقد .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 93
- توقيت الفهرسة : 00:09:02
- نسخة مدققة إملائيًّا