الذي يجمع جميع الصلوات بعد الفراغ من العمل بسبب الخوف من مدير عمله هل يصحُّ منه ؟
A-
A=
A+
السائل : ناس عمَّال كنت عم أتحدَّث معهم بالمحافظة على الصلاة ، ففُوجئت برجل كبير بنصحه بالمحافظة على الصلاة قال لي : أنا يا عمي بصلي . قلت له : كيف بتصلي ؟ ما بشوفك يعني بتصلي . فقال : بعد ما أروح من عملي المغرب أصلي الظهر والعصر وبعدين المغرب ، لأنُّو أنا صعب أن أوقف عملي وأقف أصلي ؛ حتَّى المعلم ما يزعل !! فهل هذه الصلاة صحيحة وتجوز يعني ترك الصلاة الظهر والعصر والمغرب حتى يجمعَهم مرَّة واحدة ... المغرب يصليها العشاء بعد ما يروح على بيته ؟
الشيخ : هذا - ما شاء الله عليه ! - جمع ما لم يجمَعْه الأولون والآخرون !!
سائل آخر : والله عملها واحد بهالحي حجي ، قال : أنا ما عندي .
سائل آخر : ذاك مش عامل !!
الشيخ : لاحِظْ معي كيف بيقول وكيف يهتم بزعل المخلوق هو معلمه ، أما اللي خلقه وخلق معلمه ما يهتم يزعله إذا صحَّ التعبير ؟ التعبير ... ما يهتم بغضبه ربِّ العالمين !! فهذا معناها أنهم يُؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، المشكلة أنَّ شباب اليوم وبصورة أخصّ ما قبل اليوم كانوا تائهين ، ما كان في هناك دعاة يبصِّرون الشعب وينوروه ويوعوه على دينهم يفهموهم ؛ ولذلك أصبحوا كالعجائز ؛ يعني شو بيخطر في بال واحد منهم هو يتقرَّب إلى الله ويتعبَّد لله ، أما (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) هذا ما يخطر على بالهم ؛ فضلًا عن أن يخطر على بال أحدهم الوعيد الشديد الذي جاء في حقِّ مَن يضيِّع صلاةً ويخرجها عن وقتها بدون عذر النوم والنسيان كمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من ترك صلاةً متعمِّدًا فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله ) ، في الحديث الآخر : ( من فاتَتْه صلاة العصر فقد وُتِرَ أهله وماله ) ، وُتر يعني أهلك ، مثله مثل هاللي احترق بيته بما فيه من أهل ومال ، فاتته صلاة العصر فقط ، فتصوَّر بقى غفلة هؤلاء الناس عن دينهم وعن عبادة ربِّهم هاللي ما خلقهم ليعملوا لأسيادهم حتى يعتبر بزعل معلمه ، بزعل سيده يعني ، وربنا يقول في صريح القرآن الكريم : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )) ، انقلبت الحقائق عند الناس ، الأسباب التي لا بدَّ منها يُهملونها ، والأسباب التي ليست من باب لا بدَّ منها ؛ لكن فيها مشروعة الأخذ بها ، يرفعونها ويحلُّونها مقام الأسباب التي لا بدَّ منها .
إن الجنة محرَّمة على الكافرين ومحرَّمة على الفاسقين ، ولا يدخلها إلا المؤمنون ، وكان من مناداة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لمَّا أرسله الرسول - عليه السلام - بين يدي سنة حجَّته - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة في موسم الحج اللي قبل حجة الرسول ، أمره بأن يعلن إعلانات لهداك الموسم لأنُّو في مشركون لا يزالون ؛ أنه لا يطوف بالبيت عريان ؛ لأنهم كانوا يطوفون عراةً ، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة ، وهكذا ربنا - عز وجل - ... خلقهم منشان يهتموا بالرزق !! لأنه قال - تعالى - : (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )) ، وفي الحديث الصحيح : ( يا عبادي ، كلُّكم جائعٌ إلا من أطعَمْته فاستطعموني أُطعِمْكم ، يا عبادي ، كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسُكم ، يا عبادي ، كلُّكم ضالٌّ إلا من هديتُه فاستهدوني ) يعني اطلبوا الهداية مني ( أهدكم ) ما بيطلبوا هؤلاء الناس الهداية ، فبيعكسوا مبدأ الأخذ بالأسباب خاصَّة ما كان منها من الأسباب الشرعية .
يتوهَّم أحدهم أنه إذا جلس في البيت ما يأتيه الرزق ، لكن ما يتصوَّر أنه إذا عصى ربَّه ما تأتيه الجنة ؛ لأن الجنة ثمنها غالية ، ثمنها الإيمان والعمل الصالح ؛ ولذلك قال - تعالى - في القرآن الكريم : (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )) ؛ أي : الجنة (( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )) .
فالمحافظة على الصلاة أمر هام جدًّا ، وأهمية المحافظة على الصلاة تعود إلى شيئين ذكرتُ آنفًا أحدهما ؛ وهو أن الله - عز وجل - خلقنا لنعبدَه ، وأمر عباده من بعد الإيمان بالله هو الركن الثاني وهو المحافظة على الصلاة ، لكن الأهمية الثانية لهذه الصلوات أنها تطهِّر الإنسان من آثار ذنوبه وأوضار هذه الذُّنوب التي تتراكم على الإنسان ليلًا نهارًا ، كما قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : ( تحترقون تحترقون ، ثم تصلون الظهر تُغفَرْ لكم ذنوبكم ، ثم تحترقون تحترقون ، ثم تصلون العصر فتُغفَرْ لكم ذنوبكم ) ، هكذا ما بين الصلاة والصلاة كفارات لأهلها ، وكما في الحديث الصحيح الآخر وهو قوله - عليه السلام - : ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ غَمْرٍ يغتسل فيه أحدكم كلَّ يومٍ خمس مرات ؛ أَتَرونَه يبقى على بدنه من درنه شيء ؟ ) . قالوا : لا ، يا رسول الله . خمس مرات يغتسل بنهر عميق جاري دفَّاق لا يبقى من درنه على بدنه شيء . قال : ( فذلك مَثَلُ الصلوات الخمس يكفِّر الله بهنَّ الخطايا ) .
فنحن مهما كنا صالحين مهما كنا متَّقين فلا بد أن تزلَّ بنا القدم قليلًا أو كثيرًا ، كل إنسان على حسبه ، خاصة الشباب اللي تكون إيش ؟ شهوتهم عارمة قوية شديدة كما قال - عليه السلام - : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ) ، حظه من الزنا ؛ لأن الزنا درجات ومراتب كما ذكر الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ) ؛ أي : اللمس ، أي : المصافحة التي صارت اليوم عادة ، وما كانت هذه العادة في بلاد الإسلام ، وإنما دخلتها بسبب استعمار الكفَّار لبلاد الإسلام ، ( واليد تزني وزناها البطش ، والرجل تزني وزناها المشي ، والفرج يصدِّق ذلك كلَّه أو يكذبه ) . هاللي ممكن الإنسان ينجو منه هو ثمرة هذه المقدِّمات وهو الزنا ، أما نظرة هيك غادرة لا ينجو منها إلا أن أقول الأنبياء والصديقين وأمثالهم ، فإذًا هذه الذنوب التي يقع فيها الإنسان من صغائر فضلًا عن قد يكون هناك شيء من الكبائر ، شو تطهيرها شو كفَّارتها ؟ كفارتها الصلاة ، فإذًا مثل المسلم الذي لا يصلي كمثل المريض ماديًّا الذي لا يتداوى ، فهذا مثله مصيره الهلاك ؛ لأنُّو تتراكم عليه الجراثيم والميكروبات وتكون خاتمة أمره الهلاك ، كذلك من الناحية المعنوية الروحية المسلم الذي لا يصلي فهو حتمًا غرقان في المعاصي والذنوب ، وليس كما نسمع أحيانًا من بعض الشباب ، تقول له : يا أخي ، صلِّ ، يقول لك : شو شيء بالصلاة ؟ لكان شيء بترك الصلاة ؟ شيء عجيب يعني منطق غريب ، شيء بالصلاة ؟ لكان بإيش بيكون الشي ؟ يقول لك : بما في القلب . فمعنى هذه مجادلة بالباطل أوحاها الشيطان إلى أوليائه من الإنس ؛ لأن الرسول - عليه السلام - يقول في الحديث الصحيح : ( ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) ؛ فكيف نستطيع أن نتصوَّر مسلمًا قلبه أبيض وهو لا يصلي ؟ لا ، هو مفحِّم قلبه !! ولذلك ما ينظر بهذه الحياة الروحية أبدًا ، فيقول لك هذا الشاب المفتتن المسكين : شيء بالصلاة ؟ نعم ، شيء بالصلاة ؛ لأنَّ الله حكى عن الكفار في جهنَّم حينما يتحسَّرون أنَّ أحدهم يقول : "" ولم أكُ من المصلين ، ولم أك أطعم المسكين ، (( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ )) . نعم ؟
سائل آخر : ... .
الشيخ : أيوا ، فإذًا الصلاة لا بد منها لسببين اثنين ؛ أوَّلًا أنها فريضة فَرَضَها الله ، فنحن نعبد الله بها ، والشيء الثاني أنها دواء لهذه الذنوب التي تحيط بالإنسان ولا بد منها ، فالصلاة عمود الدين ورأس الدين ، ويكفي ما سمعناه آنفًا من قوله - عليه السلام - : ( مَن ترك صلاةً - يعني واحدةً - فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله ) ، أما جمع الصلوات خمسة في وقت واحد فهذا الذي لا يفعل هذه الصلوات يعني أقل ضلالًا ، كدت أن قول أهدى سبيلًا ، لكن طبعًا ما هو بالمهتدي ، لكنه أقل ضلالًا ، أما الذي يجمع هذه الصلوات فهو أشدُّ ضلالًا ؛ لماذا ؟ لأن هذا يظن أنه يصلي والحقيقة أنه لا يصلي ؛ لأن الصلاة كما قال - تعالى - : (( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )) ، فهو لا يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها ، فإذًا هذه ليست بصلاة ، ثانيًا هو يشرِّع ، فيقع في الشرك ، يشرِّع ما لم يشرَعْه الله ، قال - تعالى - : (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )) ، فعلى هؤلاء الشباب الذين يُؤثِرُون الحياة الدنيا على الآخرة أن يحافظوا على الصلوات في أوقاتها ، وألَّا يعملوا مع معلِّم أو ريِّس يشرط ويفرض عليهم خلاف ما فرض الله عليهم ، الصلاة ما في عندنا صلاة ، مشيخة ما في عندنا ، فلمَّا يُفاجأ الشاب المسلم بمثل هذه الشرط فشرط الله - عز وجل - أحقُّ ، وشرط غيره باطل ، وكلُّ شرط كما قال - عليه السلام - في غير هذه المناسبة : ( كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ ولو كان مئة شرط ) . إذًا هؤلاء يجب أن يُنصحوا ويُذكَّروا ويُعرَّفوا بدينهم .
السائل : رجل ... خبز ، والخبز شحيح بالناس ... سيُطرد ويموت جوع ... معاك يعني معاك ، ولكن الله قال : "" ولا تلقوا أنفسكم في التهلكة "" ... شخص ... .
سائل آخر : ... الله رزاق .
سائل آخر : ما إحنا عارفين أن الله الرَّزَّاق ، (( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ )) ... بدك تمد يديك لتأكل .
الشيخ : هَيْ لها سابقة من عندك ، الظاهر في أمثلتك كثيرة ، نحن ما عم نقول : لا يسعى وراء الرزق ، عم نقول : لا يسعى وراء الرزق بمعصية الله - عز وجل - ؛ بمعنى قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : ( يا أيها الناس ، اتَّقوا الله ؛ فإنَّ أحدكم لن يموتَ حتى يستكمل رزقه وأجله ؛ فأجملوا في الطَّلب ؛ فإنَّ ما عند الله لا يُنال بالحرام ) ، نحن نقول للشاب : عليك أن تسعى وراء الرزق الرزق الحلال مش الرزق الحرام ، الرزق الحلال ، ولا نقول له : لا تشتغل ، اشتغل كما في القرآن في آيات كثيرة منها ما أشرت إليها ، ومنها يوم الجمعة الذي جعله المسلمين خطأً وتقليدًا منهم للكفار : (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ، يوم الجمعة ، اليوم يُعَدُّ تشبُّهًا بالنصارى وباليهود ، هدول عندهم يوم السبت اليهود ، والنصارى عندهم الأحد ، وليه نحن ما يكون عندما يوم مثل اليهود والنصارى ؟ ما شاء الله ! ربنا يقول بصريح القرآن الكريم : (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ، شو بدو بقى المسلم أكثر من هذه الآية حضًّا على السعي وراء الرزق ، لكن هذا ليس معناه اطلب الرزق بالحرام ، اترك الصلاة منشان ترضي معلمك ، لا ، فموضوع السعي وراء الرزق شيء وموضوع المحافظة على العبادات والصلاة في أثناء تعاطي سبب الرزق شيءٌ آخر .
تفضل يا أخي شو عندك ؟
الشيخ : هذا - ما شاء الله عليه ! - جمع ما لم يجمَعْه الأولون والآخرون !!
سائل آخر : والله عملها واحد بهالحي حجي ، قال : أنا ما عندي .
سائل آخر : ذاك مش عامل !!
الشيخ : لاحِظْ معي كيف بيقول وكيف يهتم بزعل المخلوق هو معلمه ، أما اللي خلقه وخلق معلمه ما يهتم يزعله إذا صحَّ التعبير ؟ التعبير ... ما يهتم بغضبه ربِّ العالمين !! فهذا معناها أنهم يُؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، المشكلة أنَّ شباب اليوم وبصورة أخصّ ما قبل اليوم كانوا تائهين ، ما كان في هناك دعاة يبصِّرون الشعب وينوروه ويوعوه على دينهم يفهموهم ؛ ولذلك أصبحوا كالعجائز ؛ يعني شو بيخطر في بال واحد منهم هو يتقرَّب إلى الله ويتعبَّد لله ، أما (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )) هذا ما يخطر على بالهم ؛ فضلًا عن أن يخطر على بال أحدهم الوعيد الشديد الذي جاء في حقِّ مَن يضيِّع صلاةً ويخرجها عن وقتها بدون عذر النوم والنسيان كمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( من ترك صلاةً متعمِّدًا فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله ) ، في الحديث الآخر : ( من فاتَتْه صلاة العصر فقد وُتِرَ أهله وماله ) ، وُتر يعني أهلك ، مثله مثل هاللي احترق بيته بما فيه من أهل ومال ، فاتته صلاة العصر فقط ، فتصوَّر بقى غفلة هؤلاء الناس عن دينهم وعن عبادة ربِّهم هاللي ما خلقهم ليعملوا لأسيادهم حتى يعتبر بزعل معلمه ، بزعل سيده يعني ، وربنا يقول في صريح القرآن الكريم : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )) ، انقلبت الحقائق عند الناس ، الأسباب التي لا بدَّ منها يُهملونها ، والأسباب التي ليست من باب لا بدَّ منها ؛ لكن فيها مشروعة الأخذ بها ، يرفعونها ويحلُّونها مقام الأسباب التي لا بدَّ منها .
إن الجنة محرَّمة على الكافرين ومحرَّمة على الفاسقين ، ولا يدخلها إلا المؤمنون ، وكان من مناداة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لمَّا أرسله الرسول - عليه السلام - بين يدي سنة حجَّته - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة في موسم الحج اللي قبل حجة الرسول ، أمره بأن يعلن إعلانات لهداك الموسم لأنُّو في مشركون لا يزالون ؛ أنه لا يطوف بالبيت عريان ؛ لأنهم كانوا يطوفون عراةً ، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة ، وهكذا ربنا - عز وجل - ... خلقهم منشان يهتموا بالرزق !! لأنه قال - تعالى - : (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ )) ، وفي الحديث الصحيح : ( يا عبادي ، كلُّكم جائعٌ إلا من أطعَمْته فاستطعموني أُطعِمْكم ، يا عبادي ، كلكم عارٍ إلا من كسوته فاستكسوني أكسُكم ، يا عبادي ، كلُّكم ضالٌّ إلا من هديتُه فاستهدوني ) يعني اطلبوا الهداية مني ( أهدكم ) ما بيطلبوا هؤلاء الناس الهداية ، فبيعكسوا مبدأ الأخذ بالأسباب خاصَّة ما كان منها من الأسباب الشرعية .
يتوهَّم أحدهم أنه إذا جلس في البيت ما يأتيه الرزق ، لكن ما يتصوَّر أنه إذا عصى ربَّه ما تأتيه الجنة ؛ لأن الجنة ثمنها غالية ، ثمنها الإيمان والعمل الصالح ؛ ولذلك قال - تعالى - في القرآن الكريم : (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى )) ؛ أي : الجنة (( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )) .
فالمحافظة على الصلاة أمر هام جدًّا ، وأهمية المحافظة على الصلاة تعود إلى شيئين ذكرتُ آنفًا أحدهما ؛ وهو أن الله - عز وجل - خلقنا لنعبدَه ، وأمر عباده من بعد الإيمان بالله هو الركن الثاني وهو المحافظة على الصلاة ، لكن الأهمية الثانية لهذه الصلوات أنها تطهِّر الإنسان من آثار ذنوبه وأوضار هذه الذُّنوب التي تتراكم على الإنسان ليلًا نهارًا ، كما قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : ( تحترقون تحترقون ، ثم تصلون الظهر تُغفَرْ لكم ذنوبكم ، ثم تحترقون تحترقون ، ثم تصلون العصر فتُغفَرْ لكم ذنوبكم ) ، هكذا ما بين الصلاة والصلاة كفارات لأهلها ، وكما في الحديث الصحيح الآخر وهو قوله - عليه السلام - : ( مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ غَمْرٍ يغتسل فيه أحدكم كلَّ يومٍ خمس مرات ؛ أَتَرونَه يبقى على بدنه من درنه شيء ؟ ) . قالوا : لا ، يا رسول الله . خمس مرات يغتسل بنهر عميق جاري دفَّاق لا يبقى من درنه على بدنه شيء . قال : ( فذلك مَثَلُ الصلوات الخمس يكفِّر الله بهنَّ الخطايا ) .
فنحن مهما كنا صالحين مهما كنا متَّقين فلا بد أن تزلَّ بنا القدم قليلًا أو كثيرًا ، كل إنسان على حسبه ، خاصة الشباب اللي تكون إيش ؟ شهوتهم عارمة قوية شديدة كما قال - عليه السلام - : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ) ، حظه من الزنا ؛ لأن الزنا درجات ومراتب كما ذكر الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث : ( كُتِبَ على ابن آدم حظُّه من الزنا ؛ فهو مدركه لا محالة ، فالعين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ) ؛ أي : اللمس ، أي : المصافحة التي صارت اليوم عادة ، وما كانت هذه العادة في بلاد الإسلام ، وإنما دخلتها بسبب استعمار الكفَّار لبلاد الإسلام ، ( واليد تزني وزناها البطش ، والرجل تزني وزناها المشي ، والفرج يصدِّق ذلك كلَّه أو يكذبه ) . هاللي ممكن الإنسان ينجو منه هو ثمرة هذه المقدِّمات وهو الزنا ، أما نظرة هيك غادرة لا ينجو منها إلا أن أقول الأنبياء والصديقين وأمثالهم ، فإذًا هذه الذنوب التي يقع فيها الإنسان من صغائر فضلًا عن قد يكون هناك شيء من الكبائر ، شو تطهيرها شو كفَّارتها ؟ كفارتها الصلاة ، فإذًا مثل المسلم الذي لا يصلي كمثل المريض ماديًّا الذي لا يتداوى ، فهذا مثله مصيره الهلاك ؛ لأنُّو تتراكم عليه الجراثيم والميكروبات وتكون خاتمة أمره الهلاك ، كذلك من الناحية المعنوية الروحية المسلم الذي لا يصلي فهو حتمًا غرقان في المعاصي والذنوب ، وليس كما نسمع أحيانًا من بعض الشباب ، تقول له : يا أخي ، صلِّ ، يقول لك : شو شيء بالصلاة ؟ لكان شيء بترك الصلاة ؟ شيء عجيب يعني منطق غريب ، شيء بالصلاة ؟ لكان بإيش بيكون الشي ؟ يقول لك : بما في القلب . فمعنى هذه مجادلة بالباطل أوحاها الشيطان إلى أوليائه من الإنس ؛ لأن الرسول - عليه السلام - يقول في الحديث الصحيح : ( ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) ؛ فكيف نستطيع أن نتصوَّر مسلمًا قلبه أبيض وهو لا يصلي ؟ لا ، هو مفحِّم قلبه !! ولذلك ما ينظر بهذه الحياة الروحية أبدًا ، فيقول لك هذا الشاب المفتتن المسكين : شيء بالصلاة ؟ نعم ، شيء بالصلاة ؛ لأنَّ الله حكى عن الكفار في جهنَّم حينما يتحسَّرون أنَّ أحدهم يقول : "" ولم أكُ من المصلين ، ولم أك أطعم المسكين ، (( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ )) . نعم ؟
سائل آخر : ... .
الشيخ : أيوا ، فإذًا الصلاة لا بد منها لسببين اثنين ؛ أوَّلًا أنها فريضة فَرَضَها الله ، فنحن نعبد الله بها ، والشيء الثاني أنها دواء لهذه الذنوب التي تحيط بالإنسان ولا بد منها ، فالصلاة عمود الدين ورأس الدين ، ويكفي ما سمعناه آنفًا من قوله - عليه السلام - : ( مَن ترك صلاةً - يعني واحدةً - فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله ) ، أما جمع الصلوات خمسة في وقت واحد فهذا الذي لا يفعل هذه الصلوات يعني أقل ضلالًا ، كدت أن قول أهدى سبيلًا ، لكن طبعًا ما هو بالمهتدي ، لكنه أقل ضلالًا ، أما الذي يجمع هذه الصلوات فهو أشدُّ ضلالًا ؛ لماذا ؟ لأن هذا يظن أنه يصلي والحقيقة أنه لا يصلي ؛ لأن الصلاة كما قال - تعالى - : (( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )) ، فهو لا يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها ، فإذًا هذه ليست بصلاة ، ثانيًا هو يشرِّع ، فيقع في الشرك ، يشرِّع ما لم يشرَعْه الله ، قال - تعالى - : (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )) ، فعلى هؤلاء الشباب الذين يُؤثِرُون الحياة الدنيا على الآخرة أن يحافظوا على الصلوات في أوقاتها ، وألَّا يعملوا مع معلِّم أو ريِّس يشرط ويفرض عليهم خلاف ما فرض الله عليهم ، الصلاة ما في عندنا صلاة ، مشيخة ما في عندنا ، فلمَّا يُفاجأ الشاب المسلم بمثل هذه الشرط فشرط الله - عز وجل - أحقُّ ، وشرط غيره باطل ، وكلُّ شرط كما قال - عليه السلام - في غير هذه المناسبة : ( كلُّ شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطلٌ ولو كان مئة شرط ) . إذًا هؤلاء يجب أن يُنصحوا ويُذكَّروا ويُعرَّفوا بدينهم .
السائل : رجل ... خبز ، والخبز شحيح بالناس ... سيُطرد ويموت جوع ... معاك يعني معاك ، ولكن الله قال : "" ولا تلقوا أنفسكم في التهلكة "" ... شخص ... .
سائل آخر : ... الله رزاق .
سائل آخر : ما إحنا عارفين أن الله الرَّزَّاق ، (( فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ )) ... بدك تمد يديك لتأكل .
الشيخ : هَيْ لها سابقة من عندك ، الظاهر في أمثلتك كثيرة ، نحن ما عم نقول : لا يسعى وراء الرزق ، عم نقول : لا يسعى وراء الرزق بمعصية الله - عز وجل - ؛ بمعنى قال - عليه السلام - في الحديث الصحيح : ( يا أيها الناس ، اتَّقوا الله ؛ فإنَّ أحدكم لن يموتَ حتى يستكمل رزقه وأجله ؛ فأجملوا في الطَّلب ؛ فإنَّ ما عند الله لا يُنال بالحرام ) ، نحن نقول للشاب : عليك أن تسعى وراء الرزق الرزق الحلال مش الرزق الحرام ، الرزق الحلال ، ولا نقول له : لا تشتغل ، اشتغل كما في القرآن في آيات كثيرة منها ما أشرت إليها ، ومنها يوم الجمعة الذي جعله المسلمين خطأً وتقليدًا منهم للكفار : (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ، يوم الجمعة ، اليوم يُعَدُّ تشبُّهًا بالنصارى وباليهود ، هدول عندهم يوم السبت اليهود ، والنصارى عندهم الأحد ، وليه نحن ما يكون عندما يوم مثل اليهود والنصارى ؟ ما شاء الله ! ربنا يقول بصريح القرآن الكريم : (( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ )) ، شو بدو بقى المسلم أكثر من هذه الآية حضًّا على السعي وراء الرزق ، لكن هذا ليس معناه اطلب الرزق بالحرام ، اترك الصلاة منشان ترضي معلمك ، لا ، فموضوع السعي وراء الرزق شيء وموضوع المحافظة على العبادات والصلاة في أثناء تعاطي سبب الرزق شيءٌ آخر .
تفضل يا أخي شو عندك ؟
- تسجيلات متفرقة - شريط : 41
- توقيت الفهرسة : 00:15:41
- نسخة مدققة إملائيًّا