هل يقال بعد سماع المؤذن : ( اللهمَّ ربَّ هذه الدَّعوة التامة ) ؟ وهل هذا يشمل المؤذِّن نفسه ؟
A-
A=
A+
السائل : نرى كثيرًا من الناس عندما ينتهي المؤذن رأسًا يقولون : " اللهم رب هذه الدعوة التامة " إلى آخره ، ولكن قرأت حديث و ... إذا انتهى المؤذن من ، - فيما معناه - يقول : ( قولوا كما يقول المؤذِّن ، ثم صلوا عليَّ ، ثم سلوا لي الوسيلة ) ، فما هو القول الصحيح في هذه المسألة ؟ بارك الله فيكم .
الشيخ : هو في الحديث الذي قرأه هو حديث صحيح ، وأيضًا ذكرناه أكثر من مرة ، وهو مما أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلُّوا عليَّ ؛ فإنه من صلَّى عليَّ مرَّة واحدة صلَّى الله عليه بها عشرًا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ؛ فإنها درجة في الجنة أو منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لرجل ؛ فمن سأل لي الوسيلة حلَّت له شفاعتي يوم القيامة ) ، هذا حديث - كما ذكرنا - حديث صحيح رواه الإمام مسلم في " صحيحه " وهو يأمر بثلاثة أمور :
الأول : أن يقول مثل ما يقول المؤذن تمامًا ، كأنه يؤذِّن ، ولكنه لا يرفع صوته بالإجابة .
والأمر الثاني : أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والصلاة إما أن تكون الصلاة الإبراهيمية ، وهي الأفضل ، ولها صيغ كثيرة ، ويُمكنه أن يختار منها ما كان أوجزَ عبارة ، ويجوز أن يقتصر على أيِّ عبارة أخرى كما هو المعتاد في الكتب وفي رواية الحديث أن يقول : اللهم صلِّ على محمد وسلم ، هذا الأمر الثاني .
والأمر الثالث : أن يطلب من الله - تبارك وتعالى - للنبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - تلك الوسيلة ، وذلك باللفظ والدعاء الذي حضَّ عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في " صحيحه " من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( من قال حين يسمع النداء : اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته ؛ حلَّت له شفاعتي يوم القيامة ) ، فهذه أوامر ثلاثة على التسلسل ؛ الأمر الأول إجابة ، والأمر الثاني الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والأمر الثالث الدعاء له في حديث جابر .
وهنا لا بد من التنبيه على بعض الفوائد ، منها أن الأمر المذكور في هذا الحديث ليس للوجوب ، وهذا له علاقة بسؤالٍ سبق ، ذلك لقيام بعض القرائن الدالة على عدم الوجوب ؛ أهمُّها - في اعتقادي - ما جاء في " موطأ الإمام مالك " - رحمه الله - بالسند الصحيح " أن الصحابة كانوا يوم الجمعة إذا صعد عمر المنبر ، وأخذ المؤذِّن بالأذان ؛ أخذنا بالحديث ، فإذا سكت المؤذِّن سكتنا ، وخطب عمر بن الخطاب " .
هذا فِعْلٌ يقع على مشهد من عمر بن الخطاب وهو على المنبر يرى الناس يتكلَّمون والمؤذِّن يؤذِّن ، ولا يُسكِّتهم ، ولا يُنكر عليهم ؛ فكان ذلك السكوت دليلًا على أن عملهم ليس مستنكرًا ، وإلا لَمَا سكت عمر ، وأنتم تعلمون جيدًا من هو عمر ، عمر الفاروق الذي كان يخطب في يوم الجمعة حينما دخل رجلٌ فقال له - منكرًا عليه تأخُّرَه - قال : " ما كان إلا أن سمعتُ الأذان فتوضَّأت ، ثم جئت " ، فقال له : آلوضوء أيضًا ؟ وقد قال أو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( من أتى الجمعة فليغتسل ) .
فهذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رأى رجلًا تأخَّر عن الحضور في أول الخطبة ، ومع ذلك لم يسكت عليه ؛ فكيف يسكت على الناس الذين هم بين يديه ، وهم يتكلمون ، والمؤذِّن يؤذِّن على افتراض أن إجابته واجبة ، فدلَّ هذا العمل من سكوت عمر على فعل أولئك الناس الحاضرين في المسجد أن الإجابة ليست واجبة .
ومن ذلك - أيضًا - أنه جاء في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سمع المؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ فلم يزد على قوله : ( وأنا أشهد ) ، لم يقل العبارة بكاملها ، إلى غير ذلك مما لا يحضرني من القرائن .
هذا شيء والشيء الآخر ألا وهو : أن دعاء جابر ينتهي بقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( آت محمَّدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدْتَه ) ، أما زيادة : " إنك لا تخلف الميعاد " فهي شاذَّة إن لم تكن منكرة ؛ لأن الإمام البخاري والإمام أحمد كلاهما رَوَيَا هذا الحديث عن جابر من طريق شيخ لهما ، وهو علي بن عيَّاش بإسناده الصحيح ، إلى محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عندهما هذه الزيادة : " إنك لا تخلف الميعاد " ، وإنما تفرَّد بروايتها من بين كتب السنن المشهورة الإمام أبو بكر البيهقي في كتابه المعروف بـ " السنن الكبرى " ، رواها - أيضًا - من طريق علي بن عيَّاش ، ولا يشك باحثٌ على أن رواية الإمام أحمد زايد رواية الإمام البخاري عن نفس هذا الشيخ أتقن وأضبط وأحفظ من رواية الشيخ الذي رواه عن علي بن عيَّاش ، وعنه أبو بكر البيهقي بالواسطة ؛ ولذلك فلا ينبغي أن يزيد الداعي بهذا الدعاء على ما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - به كما ذكرت آنفًا .
إيش عندك ؟
السائل : هل ممكن أن يجمع السامع للأذان على أن يقول : " وأنا أشهد " عندما يقول : " أشهد أن لا إله إلا الله " ؛ يعني يذكر الدعاء في الأخير ؟
الشيخ : إي يمكن ، وهذا ما ذكرته آنفًا .
السائل : ممكن بالنسبة لمن سمع ؛ الحديث يقول للمؤذن : ( إذا سمعتم ) .
الشيخ : ( إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا : مثل ما يقول ) .
السائل : هل يشمل المؤذن نفسه مثلًا في الدعاء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ؟
الشيخ : لا ، لا يشمل ؛ لأنه لو كان يشمله لَكان يجب عليه أن يُؤذِّن مرتين ، وهذا لا يقول به عالم مطلقًا ، ومن هنا نستدل على خطأ المبتدعة الذين يُحاولون أن يمرِّروا وأن يُسلِّكوا دائمًا وأبدًا بعضَ بدعِهم بأوهن الأدلة ، بل بتكلُّفات بارزة ؛ منها أنهم يقولون : إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خاطب السَّامعين بقوله : ( إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلُّوا عليَّ ) إلى آخر الحديث ، فلماذا أخرجتم المؤذِّن من هذا الخطاب الموجَّه إلى السامعين ؟ أليس المؤذن سامعًا لأذانه ؟ نقول : نعم ، هو سامع لأذانه ، ولكن هل هو داخل في هذا الأذان ؟ الجواب : لا ، والسبب أن علماء المسلمين قاطبة لا يرون من المشروع للمؤذِّن أن يقول :
الله أكبر الله أكبر .
الله أكبر الله أكبر [ بصوت خافت يردِّد ما قاله كما يفعل السامع للأذان ] .
الله أكبر الله أكبر .
الله أكبر الله أكبر [ بصوت خافت يردِّد ما قاله كما يفعل السامع للأذان ] .
إلى أن ينتهي من الأذان ، ما أحد يقول هذا ، ولذلك كان هذا اتفاقًا عمليًّا بين العلماء على أن خطاب ( إذا سمعتم ) إنما يُقصد به غير المؤذِّن ؛ هذا أولًا ، وثانيًا هل يُشرع للسامعين أن يرفعوا أصواتهم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يرفع المؤذِّن صوته بالأذان ؟ الجواب : لا .
إذًا نعود لنقول هل ، نفترض أنه داخل في عموم : ( إذا سمعتم ) ؛ فمن أين جاؤوا بجهر المؤذِّن بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يجهر بالأذان ؟ حسبه أن يُقال له أن يصلِّي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد فراغه من الأذان ؛ هذا على افتراض أن المؤذِّن يدخل في عموم : ( إذا سمعتم ) ، لكننا قد قلنا أن هذا العموم هنا ليس صوابًا ؛ لأن المقصود به المُخاطبين ؛ فإذًا هنا من بعض المؤذِّنين في بعض البلاد العربية خطآن اثنان :
الأول : أنهم أدخلوا في عموم قوله : ( إذا سمعتم ) المؤذِّن ، واستلزموا من ذلك أنه يصلِّي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والخطأ الثاني أنهم جوَّزوا له أن يرفع صوته بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فألحقوا بالأذان ما لم يكن منه طيلة القرون المشهود لها بالخيريَّة .
وأنا أعتقد أن من لازم المتكلِّفين لتسويغ بدعهم أن يقعوا فيما لا يقولون به ، وهذا هو الشاهد ؛ إذا قالوا : له أن يصلي قلنا لهم إذًا المؤذِّن له أن يؤذِّن مرتين ؛ مرَّة جهرًا ومرَّة سرًّا ؛ لأن ذلك مقتضى قولهم : ( إذا سمعتم المؤذِّن ) ؛ أي : حتى دخل المؤذِّن في ذلك .
الشيخ : هو في الحديث الذي قرأه هو حديث صحيح ، وأيضًا ذكرناه أكثر من مرة ، وهو مما أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلُّوا عليَّ ؛ فإنه من صلَّى عليَّ مرَّة واحدة صلَّى الله عليه بها عشرًا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ؛ فإنها درجة في الجنة أو منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لرجل ؛ فمن سأل لي الوسيلة حلَّت له شفاعتي يوم القيامة ) ، هذا حديث - كما ذكرنا - حديث صحيح رواه الإمام مسلم في " صحيحه " وهو يأمر بثلاثة أمور :
الأول : أن يقول مثل ما يقول المؤذن تمامًا ، كأنه يؤذِّن ، ولكنه لا يرفع صوته بالإجابة .
والأمر الثاني : أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والصلاة إما أن تكون الصلاة الإبراهيمية ، وهي الأفضل ، ولها صيغ كثيرة ، ويُمكنه أن يختار منها ما كان أوجزَ عبارة ، ويجوز أن يقتصر على أيِّ عبارة أخرى كما هو المعتاد في الكتب وفي رواية الحديث أن يقول : اللهم صلِّ على محمد وسلم ، هذا الأمر الثاني .
والأمر الثالث : أن يطلب من الله - تبارك وتعالى - للنبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - تلك الوسيلة ، وذلك باللفظ والدعاء الذي حضَّ عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في " صحيحه " من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( من قال حين يسمع النداء : اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته ؛ حلَّت له شفاعتي يوم القيامة ) ، فهذه أوامر ثلاثة على التسلسل ؛ الأمر الأول إجابة ، والأمر الثاني الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والأمر الثالث الدعاء له في حديث جابر .
وهنا لا بد من التنبيه على بعض الفوائد ، منها أن الأمر المذكور في هذا الحديث ليس للوجوب ، وهذا له علاقة بسؤالٍ سبق ، ذلك لقيام بعض القرائن الدالة على عدم الوجوب ؛ أهمُّها - في اعتقادي - ما جاء في " موطأ الإمام مالك " - رحمه الله - بالسند الصحيح " أن الصحابة كانوا يوم الجمعة إذا صعد عمر المنبر ، وأخذ المؤذِّن بالأذان ؛ أخذنا بالحديث ، فإذا سكت المؤذِّن سكتنا ، وخطب عمر بن الخطاب " .
هذا فِعْلٌ يقع على مشهد من عمر بن الخطاب وهو على المنبر يرى الناس يتكلَّمون والمؤذِّن يؤذِّن ، ولا يُسكِّتهم ، ولا يُنكر عليهم ؛ فكان ذلك السكوت دليلًا على أن عملهم ليس مستنكرًا ، وإلا لَمَا سكت عمر ، وأنتم تعلمون جيدًا من هو عمر ، عمر الفاروق الذي كان يخطب في يوم الجمعة حينما دخل رجلٌ فقال له - منكرًا عليه تأخُّرَه - قال : " ما كان إلا أن سمعتُ الأذان فتوضَّأت ، ثم جئت " ، فقال له : آلوضوء أيضًا ؟ وقد قال أو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( من أتى الجمعة فليغتسل ) .
فهذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رأى رجلًا تأخَّر عن الحضور في أول الخطبة ، ومع ذلك لم يسكت عليه ؛ فكيف يسكت على الناس الذين هم بين يديه ، وهم يتكلمون ، والمؤذِّن يؤذِّن على افتراض أن إجابته واجبة ، فدلَّ هذا العمل من سكوت عمر على فعل أولئك الناس الحاضرين في المسجد أن الإجابة ليست واجبة .
ومن ذلك - أيضًا - أنه جاء في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سمع المؤذن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ؛ فلم يزد على قوله : ( وأنا أشهد ) ، لم يقل العبارة بكاملها ، إلى غير ذلك مما لا يحضرني من القرائن .
هذا شيء والشيء الآخر ألا وهو : أن دعاء جابر ينتهي بقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( آت محمَّدًا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدْتَه ) ، أما زيادة : " إنك لا تخلف الميعاد " فهي شاذَّة إن لم تكن منكرة ؛ لأن الإمام البخاري والإمام أحمد كلاهما رَوَيَا هذا الحديث عن جابر من طريق شيخ لهما ، وهو علي بن عيَّاش بإسناده الصحيح ، إلى محمد بن المنكدر ، عن جابر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عندهما هذه الزيادة : " إنك لا تخلف الميعاد " ، وإنما تفرَّد بروايتها من بين كتب السنن المشهورة الإمام أبو بكر البيهقي في كتابه المعروف بـ " السنن الكبرى " ، رواها - أيضًا - من طريق علي بن عيَّاش ، ولا يشك باحثٌ على أن رواية الإمام أحمد زايد رواية الإمام البخاري عن نفس هذا الشيخ أتقن وأضبط وأحفظ من رواية الشيخ الذي رواه عن علي بن عيَّاش ، وعنه أبو بكر البيهقي بالواسطة ؛ ولذلك فلا ينبغي أن يزيد الداعي بهذا الدعاء على ما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - به كما ذكرت آنفًا .
إيش عندك ؟
السائل : هل ممكن أن يجمع السامع للأذان على أن يقول : " وأنا أشهد " عندما يقول : " أشهد أن لا إله إلا الله " ؛ يعني يذكر الدعاء في الأخير ؟
الشيخ : إي يمكن ، وهذا ما ذكرته آنفًا .
السائل : ممكن بالنسبة لمن سمع ؛ الحديث يقول للمؤذن : ( إذا سمعتم ) .
الشيخ : ( إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا : مثل ما يقول ) .
السائل : هل يشمل المؤذن نفسه مثلًا في الدعاء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ؟
الشيخ : لا ، لا يشمل ؛ لأنه لو كان يشمله لَكان يجب عليه أن يُؤذِّن مرتين ، وهذا لا يقول به عالم مطلقًا ، ومن هنا نستدل على خطأ المبتدعة الذين يُحاولون أن يمرِّروا وأن يُسلِّكوا دائمًا وأبدًا بعضَ بدعِهم بأوهن الأدلة ، بل بتكلُّفات بارزة ؛ منها أنهم يقولون : إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خاطب السَّامعين بقوله : ( إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلُّوا عليَّ ) إلى آخر الحديث ، فلماذا أخرجتم المؤذِّن من هذا الخطاب الموجَّه إلى السامعين ؟ أليس المؤذن سامعًا لأذانه ؟ نقول : نعم ، هو سامع لأذانه ، ولكن هل هو داخل في هذا الأذان ؟ الجواب : لا ، والسبب أن علماء المسلمين قاطبة لا يرون من المشروع للمؤذِّن أن يقول :
الله أكبر الله أكبر .
الله أكبر الله أكبر [ بصوت خافت يردِّد ما قاله كما يفعل السامع للأذان ] .
الله أكبر الله أكبر .
الله أكبر الله أكبر [ بصوت خافت يردِّد ما قاله كما يفعل السامع للأذان ] .
إلى أن ينتهي من الأذان ، ما أحد يقول هذا ، ولذلك كان هذا اتفاقًا عمليًّا بين العلماء على أن خطاب ( إذا سمعتم ) إنما يُقصد به غير المؤذِّن ؛ هذا أولًا ، وثانيًا هل يُشرع للسامعين أن يرفعوا أصواتهم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يرفع المؤذِّن صوته بالأذان ؟ الجواب : لا .
إذًا نعود لنقول هل ، نفترض أنه داخل في عموم : ( إذا سمعتم ) ؛ فمن أين جاؤوا بجهر المؤذِّن بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما يجهر بالأذان ؟ حسبه أن يُقال له أن يصلِّي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد فراغه من الأذان ؛ هذا على افتراض أن المؤذِّن يدخل في عموم : ( إذا سمعتم ) ، لكننا قد قلنا أن هذا العموم هنا ليس صوابًا ؛ لأن المقصود به المُخاطبين ؛ فإذًا هنا من بعض المؤذِّنين في بعض البلاد العربية خطآن اثنان :
الأول : أنهم أدخلوا في عموم قوله : ( إذا سمعتم ) المؤذِّن ، واستلزموا من ذلك أنه يصلِّي على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، والخطأ الثاني أنهم جوَّزوا له أن يرفع صوته بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فألحقوا بالأذان ما لم يكن منه طيلة القرون المشهود لها بالخيريَّة .
وأنا أعتقد أن من لازم المتكلِّفين لتسويغ بدعهم أن يقعوا فيما لا يقولون به ، وهذا هو الشاهد ؛ إذا قالوا : له أن يصلي قلنا لهم إذًا المؤذِّن له أن يؤذِّن مرتين ؛ مرَّة جهرًا ومرَّة سرًّا ؛ لأن ذلك مقتضى قولهم : ( إذا سمعتم المؤذِّن ) ؛ أي : حتى دخل المؤذِّن في ذلك .