هل بول الإنسان وبول الحيوان نجس ؟ وكم مقدار كلٍّ من النجاستين ؟
A-
A=
A+
الشيخ : هنا عديد من الأسئلة ، الأول : النجاسة - أي : نجاسة البول ، بول الإنسان وبول الحيوان - ، وكم مقدار كلٍّ من النجاستين ؟
كأنه - السَّائل يعني - هل البول بول الإنسان نجس ؟ وكذلك بول الحيوان ؟
الجواب : بول الإنسان نجس قطعًا ، وهذا لا خلاف فيه بينَ علماء المسلمين ، ومن أجل ذلك شُرِعَ الاستبراء كالاستنجاء لإزالة آثار النجاسة من القُبُل والدُّبر ، وأكَّد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أحاديث كثيرة ؛ منها قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( استنزِهُوا من البول ؛ فإنَّ أكثر عذاب القبر منه ) . ( استنزهوا ) أي : تنظَّفوا واحترزوا من أن يُصاب أحدكم برشاش بوله ؛ ذلك لأن أكثر عذاب القبر من هذا النجس البول ، وعلى ذلك جاء حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في " صحيح البخاري ومسلم " أن النبي - عليه الصلاة والسلام - مرَّ بقبرَين ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أما إنهما لَيُعذَّبان ، وما يعذَّبان في كبير ؛ بلى إنه لكبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستنزه - وفي رواية : لا يستتر - من البول ، وأما الآخر فكان يسعى بالنميمة ) . ثم أخذ - عليه الصلاة والسلام - غصنًا من نخيل فشقَّه شقَّين ، ووضع كل شقٍّ منهما على قبر ، فسألوه عن ذلك ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( لعل الله - تبارك وتعالى - أن يخفِّف عنهما ما داما رطبَين ) ؛ لذلك أجمع علماء المسلمين على أن بول الإنسان نجس يجب التنزُّه والتطهُّر منه .
أما بول الحيوان ففيه تفصيل على أرجح قولي العلماء ، التفصيل هو : إذا كان الحيوان غير مأكول اللحم حرام أكله فحينئذٍ بوله ودمه نجس ، أما إذا كان مأكول اللحم أحلَّه الله - عز وجل - لعباده فحينئذٍ بوله ورَوثه طاهر ليس بنجس ، وليس معنى كون روث وبول الحيوان المأكول اللحم أنه طاهر يعني طيِّب ، ما في ترابط ولا في تلازم بينهما ، كثير من الناس يتوهَّم تلازم ، تلازمًا ما بين أمرين ما وهو واهم = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = فلا يلزم من كون الشيء طاهرًا أن يكون طيِّبًا ، فالدخان - مثلًا - طاهر ، لكنه مو طيب ، كذلك الروث والبول طاهر ، لكنه ما هو طيب ، بل هو مُستقذر ، ونستطيع أن نذكِّر بما هو أمس بحياة الإنسان من البول والروث من الحيوان المأكول لحمه ، فهذا نخاع نخاعة الإنسان - يعني البلغم - ، بل هذا بصاق الإنسان فهذا طاهر ، لكنه مستقذر ؛ يعني إذا بصقَ إنسان قد يكون صديقك وحميمك في إناء فيه ماء ، فهذا الماء لا يتنجَّس ، لكنه يصبح مستقذرًا تعافه النفس ، لكن لو أردت أن تتوضَّأ به لا سيما إذا لم تجد ماء غيره فحينئذٍ لا يجوز أن تدعه وأن تتيمَّم بحجة أنُّو لا تجد ماء طاهرًا ، لا ؛ هذا ماء طاهر ومطهِّر ، نفسك بتعافه لا تشربه ، لكن يجب أن تتوضأ به .
كذلك بول وروث الحيوان المأكول اللحم فهو طاهر ، وعندنا أدلة كثيرة على ذلك ، ممَّا يحضرني من ذلك الآن حديثان اثنان :
الحديث الأول : قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( صلوا في مبارك الغنم ، ولا تصلوا في معاطن الإبل ) . مبارك الغنم ومعاطن الإبل هي المواطن التي تبرك فيها هذه الحيوانات عادةً ، ولا شك أنها تبول وتروث فيها ، فحينما نجد الرسول - عليه الصلاة والسلام - يأمر بالصلاة في هذه المواطن معنى هذا التصريح بأن هذه المواطن طاهرة ، ومعنى ذلك أن البول والروث من هذا الحيوان المأكول اللحم طاهر غير نجس .
أما الحديث الآخر الذي يحضرني بهذه المناسبة فهو حديث العرنيِّين ، الحديث الذي أخرجه الشَّيخان في " صحيحيهما " من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن جماعة من العرنيين أتوا الرسول - عليه السلام - وقد ... وأمرهم أن يخرجوا ... وأن يشربوا من ألبانها وأن يتداووا بأبوالها ، فخرجوا ، وسرعان ما صحُّوا وقووا ، فلما شعروا بأنفسهم وقوَّتهم قتلوا الراعي واستاقوا الإبل ؛ يعني سرقوها ، وأرادوا الهرب بها ، وسرعان ما جاء النَّذير إلى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يخبروه بما فعل هؤلاء العرنيون ؛ حيث قتلوا الراعي واستاقوا الإبل ، فأرسل الرسول - عليه السلام - الطَّلب خلفهم ، فأُتِيَ بهم ، وقتلهم شرَّ قتلة ، وألقى بهم في الحرَّة حتى ماتوا جوعًا وعطشًا جزاء غدرهم بنبيِّهم - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي أحسن إليهم بأن أعطاهم خمسة رؤوس من الإبل ومعهم خادم راعي يخدمهم ويرعى إبلهم ، فقتلوا الراعي وأرادوا أن يستاقوا الإبل .
الشاهد من هذه القصة أن الرسول - عليه السلام - أمرهم أن يتداووا بأبوال الإبل ، فدلَّ هذا على طهارة بول الحيوان المأكول اللحم ، دلَّ هذا - أيضًا - على هذه الطهارة ، فلا يقولَنَّ أحد : لعل أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - لهؤلاء بأن يتداووا بأبوال الإبل لا يعني لطهارتها ، وإنما لوجود الضَّرورة بالتداوي بها ؛ حينئذٍ إن صح هذا الكلام لا يصح الاستدلال بالحديث على طهارة أبوال الإبل ، لا يقولنَّ هذا أحد ؛ لأننا نقول أنه من الثابت عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنه نهى عن الدواء الخبيث ، فإن قيل بأن بول الإبل حرام فهو خبيث ؛ فكيف يأمرهم بأن يتداووا بالخبيث وهو نهى عن التداوي بالخبيث ؟
كذلك فالاستدلال بهذا الحديث سليم لا غبار عليه ؛ لا سيَّما إذا انضمَّ إليه منطوق الشِّقِّ الأول من الحديث الأول ، ومفهوم الشِّقِّ الثاني منه ، منطوقه قال : ( صلوا في مبارك الغنم ، ولا تصلوا في معاطن الإبل ) ، ليس يعني في الشطر الثاني من الحديث لأنها نجسة ، لا ؛ لأن العلة جاءت مصرَّحة في بعض الأحاديث الصحيحة حيث قال : ( فإنها خُلِقَت من الجنِّ ) . فلم يعلِّل الرسول - عليه السلام - النهي عن الصلاة في معاطن الإبل بعلَّة نجاسة أبوالها وأرواثها ، وإنما بعلة غيبيَّة أخرى وهي أنها خُلِقَت من الجن . هذا جواب الطرف الأول من السؤال ، وخلاصته أن بول الإنسان والحيوان المحرَّم أكله كلُّ ذلك نجس .
أما الشطر الثاني من هذا السؤال وهو المقدار الذي إيش قال ؟ مقدار كلٍّ من النجاستين ؟
فنقول : ليس هناك نصٌّ في السنة فضلًا عن الكتاب تحديد النجاسة المحرَّمة ، وبالتالي النجاسة المعفوّ عنها ، وإنما هناك أوامر مطلقة كقوله - تعالى - : (( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ )) ، فيجب على كلِّ مَن أُصِيبَ بنجاسة من هذه النجاسات الثابتة نجاستها في الشرع أن يتطهَّرَ منها تطهُّرًا مطلقًا ، لا يقل هذا قليل والقليل معفو عنه ؛ لأن هذا المعفو عنه ليس له أصل في الشريعة مطلقًا لا كتابًا ولا سنَّة ، وإنما كما ذكرنا نصوص مطلقة وعامة ، فيجب أن يتطهَّر الإنسان عن كلِّ نجاسة سواء صغرت أو كبرت ، كلُّ ما يمكن أن يُقال في مثل هذا الصدد هو أنه ممكن أن يُغتفر شيء من النجاسة إذا كان المرء يكثر ابتلاؤه به ؛ بحيث أنه إذا كُلِّف بالتنزُّه منه وقع في الحرج ، فدفعًا للحرج يُغتفر حين ذاك ، لا لأنه قليل أو ليس بقليل ؛ وإنما للحرج . مثاله من الأحكام المعروفة عند الفقهاء المرأة الحائض ، عفوًا المستحاضة ، والرجل المُصاب بسلس البول ، فهذا وتلك كلاهما يصلي أحيانًا كثيرة وهو حامل لنجاسة من دم الاستحاضة أو من البول ؛ لماذا ؟ لأنه هذه دائمًا يصيبها دم الاستحاضة ، فلو قيل لها : تطهَّري تطهَّري تطهَّري لَوقعت في الحرج ، (( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) ؛ كذلك لو قيل للمُصاب بسلس البول فإذًا يقع في الحرج .
الخلاصة : يجب على الناس الطبيعيين في أبدانهم وفي أوضاعهم العامة أن يتطهَّروا من النجاسة تطهُّرًا كاملًا لا يُستثنى منه شيء ، إلا ما أدى إلى الحرج .
كأنه - السَّائل يعني - هل البول بول الإنسان نجس ؟ وكذلك بول الحيوان ؟
الجواب : بول الإنسان نجس قطعًا ، وهذا لا خلاف فيه بينَ علماء المسلمين ، ومن أجل ذلك شُرِعَ الاستبراء كالاستنجاء لإزالة آثار النجاسة من القُبُل والدُّبر ، وأكَّد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أحاديث كثيرة ؛ منها قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( استنزِهُوا من البول ؛ فإنَّ أكثر عذاب القبر منه ) . ( استنزهوا ) أي : تنظَّفوا واحترزوا من أن يُصاب أحدكم برشاش بوله ؛ ذلك لأن أكثر عذاب القبر من هذا النجس البول ، وعلى ذلك جاء حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في " صحيح البخاري ومسلم " أن النبي - عليه الصلاة والسلام - مرَّ بقبرَين ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( أما إنهما لَيُعذَّبان ، وما يعذَّبان في كبير ؛ بلى إنه لكبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستنزه - وفي رواية : لا يستتر - من البول ، وأما الآخر فكان يسعى بالنميمة ) . ثم أخذ - عليه الصلاة والسلام - غصنًا من نخيل فشقَّه شقَّين ، ووضع كل شقٍّ منهما على قبر ، فسألوه عن ذلك ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( لعل الله - تبارك وتعالى - أن يخفِّف عنهما ما داما رطبَين ) ؛ لذلك أجمع علماء المسلمين على أن بول الإنسان نجس يجب التنزُّه والتطهُّر منه .
أما بول الحيوان ففيه تفصيل على أرجح قولي العلماء ، التفصيل هو : إذا كان الحيوان غير مأكول اللحم حرام أكله فحينئذٍ بوله ودمه نجس ، أما إذا كان مأكول اللحم أحلَّه الله - عز وجل - لعباده فحينئذٍ بوله ورَوثه طاهر ليس بنجس ، وليس معنى كون روث وبول الحيوان المأكول اللحم أنه طاهر يعني طيِّب ، ما في ترابط ولا في تلازم بينهما ، كثير من الناس يتوهَّم تلازم ، تلازمًا ما بين أمرين ما وهو واهم = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = فلا يلزم من كون الشيء طاهرًا أن يكون طيِّبًا ، فالدخان - مثلًا - طاهر ، لكنه مو طيب ، كذلك الروث والبول طاهر ، لكنه ما هو طيب ، بل هو مُستقذر ، ونستطيع أن نذكِّر بما هو أمس بحياة الإنسان من البول والروث من الحيوان المأكول لحمه ، فهذا نخاع نخاعة الإنسان - يعني البلغم - ، بل هذا بصاق الإنسان فهذا طاهر ، لكنه مستقذر ؛ يعني إذا بصقَ إنسان قد يكون صديقك وحميمك في إناء فيه ماء ، فهذا الماء لا يتنجَّس ، لكنه يصبح مستقذرًا تعافه النفس ، لكن لو أردت أن تتوضَّأ به لا سيما إذا لم تجد ماء غيره فحينئذٍ لا يجوز أن تدعه وأن تتيمَّم بحجة أنُّو لا تجد ماء طاهرًا ، لا ؛ هذا ماء طاهر ومطهِّر ، نفسك بتعافه لا تشربه ، لكن يجب أن تتوضأ به .
كذلك بول وروث الحيوان المأكول اللحم فهو طاهر ، وعندنا أدلة كثيرة على ذلك ، ممَّا يحضرني من ذلك الآن حديثان اثنان :
الحديث الأول : قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( صلوا في مبارك الغنم ، ولا تصلوا في معاطن الإبل ) . مبارك الغنم ومعاطن الإبل هي المواطن التي تبرك فيها هذه الحيوانات عادةً ، ولا شك أنها تبول وتروث فيها ، فحينما نجد الرسول - عليه الصلاة والسلام - يأمر بالصلاة في هذه المواطن معنى هذا التصريح بأن هذه المواطن طاهرة ، ومعنى ذلك أن البول والروث من هذا الحيوان المأكول اللحم طاهر غير نجس .
أما الحديث الآخر الذي يحضرني بهذه المناسبة فهو حديث العرنيِّين ، الحديث الذي أخرجه الشَّيخان في " صحيحيهما " من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن جماعة من العرنيين أتوا الرسول - عليه السلام - وقد ... وأمرهم أن يخرجوا ... وأن يشربوا من ألبانها وأن يتداووا بأبوالها ، فخرجوا ، وسرعان ما صحُّوا وقووا ، فلما شعروا بأنفسهم وقوَّتهم قتلوا الراعي واستاقوا الإبل ؛ يعني سرقوها ، وأرادوا الهرب بها ، وسرعان ما جاء النَّذير إلى الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يخبروه بما فعل هؤلاء العرنيون ؛ حيث قتلوا الراعي واستاقوا الإبل ، فأرسل الرسول - عليه السلام - الطَّلب خلفهم ، فأُتِيَ بهم ، وقتلهم شرَّ قتلة ، وألقى بهم في الحرَّة حتى ماتوا جوعًا وعطشًا جزاء غدرهم بنبيِّهم - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي أحسن إليهم بأن أعطاهم خمسة رؤوس من الإبل ومعهم خادم راعي يخدمهم ويرعى إبلهم ، فقتلوا الراعي وأرادوا أن يستاقوا الإبل .
الشاهد من هذه القصة أن الرسول - عليه السلام - أمرهم أن يتداووا بأبوال الإبل ، فدلَّ هذا على طهارة بول الحيوان المأكول اللحم ، دلَّ هذا - أيضًا - على هذه الطهارة ، فلا يقولَنَّ أحد : لعل أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - لهؤلاء بأن يتداووا بأبوال الإبل لا يعني لطهارتها ، وإنما لوجود الضَّرورة بالتداوي بها ؛ حينئذٍ إن صح هذا الكلام لا يصح الاستدلال بالحديث على طهارة أبوال الإبل ، لا يقولنَّ هذا أحد ؛ لأننا نقول أنه من الثابت عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنه نهى عن الدواء الخبيث ، فإن قيل بأن بول الإبل حرام فهو خبيث ؛ فكيف يأمرهم بأن يتداووا بالخبيث وهو نهى عن التداوي بالخبيث ؟
كذلك فالاستدلال بهذا الحديث سليم لا غبار عليه ؛ لا سيَّما إذا انضمَّ إليه منطوق الشِّقِّ الأول من الحديث الأول ، ومفهوم الشِّقِّ الثاني منه ، منطوقه قال : ( صلوا في مبارك الغنم ، ولا تصلوا في معاطن الإبل ) ، ليس يعني في الشطر الثاني من الحديث لأنها نجسة ، لا ؛ لأن العلة جاءت مصرَّحة في بعض الأحاديث الصحيحة حيث قال : ( فإنها خُلِقَت من الجنِّ ) . فلم يعلِّل الرسول - عليه السلام - النهي عن الصلاة في معاطن الإبل بعلَّة نجاسة أبوالها وأرواثها ، وإنما بعلة غيبيَّة أخرى وهي أنها خُلِقَت من الجن . هذا جواب الطرف الأول من السؤال ، وخلاصته أن بول الإنسان والحيوان المحرَّم أكله كلُّ ذلك نجس .
أما الشطر الثاني من هذا السؤال وهو المقدار الذي إيش قال ؟ مقدار كلٍّ من النجاستين ؟
فنقول : ليس هناك نصٌّ في السنة فضلًا عن الكتاب تحديد النجاسة المحرَّمة ، وبالتالي النجاسة المعفوّ عنها ، وإنما هناك أوامر مطلقة كقوله - تعالى - : (( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ )) ، فيجب على كلِّ مَن أُصِيبَ بنجاسة من هذه النجاسات الثابتة نجاستها في الشرع أن يتطهَّرَ منها تطهُّرًا مطلقًا ، لا يقل هذا قليل والقليل معفو عنه ؛ لأن هذا المعفو عنه ليس له أصل في الشريعة مطلقًا لا كتابًا ولا سنَّة ، وإنما كما ذكرنا نصوص مطلقة وعامة ، فيجب أن يتطهَّر الإنسان عن كلِّ نجاسة سواء صغرت أو كبرت ، كلُّ ما يمكن أن يُقال في مثل هذا الصدد هو أنه ممكن أن يُغتفر شيء من النجاسة إذا كان المرء يكثر ابتلاؤه به ؛ بحيث أنه إذا كُلِّف بالتنزُّه منه وقع في الحرج ، فدفعًا للحرج يُغتفر حين ذاك ، لا لأنه قليل أو ليس بقليل ؛ وإنما للحرج . مثاله من الأحكام المعروفة عند الفقهاء المرأة الحائض ، عفوًا المستحاضة ، والرجل المُصاب بسلس البول ، فهذا وتلك كلاهما يصلي أحيانًا كثيرة وهو حامل لنجاسة من دم الاستحاضة أو من البول ؛ لماذا ؟ لأنه هذه دائمًا يصيبها دم الاستحاضة ، فلو قيل لها : تطهَّري تطهَّري تطهَّري لَوقعت في الحرج ، (( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )) ؛ كذلك لو قيل للمُصاب بسلس البول فإذًا يقع في الحرج .
الخلاصة : يجب على الناس الطبيعيين في أبدانهم وفي أوضاعهم العامة أن يتطهَّروا من النجاسة تطهُّرًا كاملًا لا يُستثنى منه شيء ، إلا ما أدى إلى الحرج .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 127
- توقيت الفهرسة : 00:34:12
- نسخة مدققة إملائيًّا