الجواب على حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : خرجَ رجلانِ في سفَرٍ ؛ وحضرتِ الصَّلاةُ وليسَ معَهُما ماءٌ ؛ فتيمَّما فصلَّيا ، ثمَّ وجدَ الماءَ في الوقتِ ، فأعادَ أحدُهُما الصَّلاةَ ، ولم يُعِدِ الآخرُ ، ثمَّ أتَيا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فذَكَرَا ذلِك ، فقالَ للَّذي لم يُعِدْ : ( أصبتَ السُّنَّةَ ، وأجزأتكَ صلاتُكَ ) ، وقالَ للَّذي تَوضَّأ وأعادَ : ( لَكَ الأجرُ مرَّتَينِ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : أما السؤال عن الرجلين اللذين تيمَّما وصلَّيَا ثم وجدا الماء ، فأحدهما أعادَ الصلاة بعدما توضَّأ ، والآخر لم يُعِدِ الصلاة ، فالرسول - صلوات الله وسلامه عليه - قال للذي لم يُعِدِ الصلاة : ( أصبْتَ السنة ) ، وقال للذي أعادَ الصلاة : ( لكَ أجرُك مرَّتين ) ، أما هذه اللفظة التي حُشِرَت في هذا الحديث : " فلك مثل سهم جمع " ؛ يعني هذه اللفظة غريبة .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام .
أوَّلًا : لا أعرف ورودها في حديث صحيح ، وثانيًا : لا أعرف معنى هذا الكلام ، أما الحديث في " سنن أبي داود " وغيره أنه - عليه الصلاة والسلام - قال للذي أعادَ الصلاة بعدما وجد الماء وتوضَّأ : ( لك أجرك مرَّتين ) .
هذا الحديث يتوهَّم بعض الناس كما جاء في آخر السؤال أن الحقَّ يتعدَّد ، نحن نقول : ليس في هذا الحديث شيء من ذلك إطلاقًا ، وإنما فيه تأكيد لمبادئ إسلامية قواعد شرعية ، من ذلك قوله - تبارك وتعالى - : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )) ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا حَكَمَ الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ) ؛ يعني المجتهد إذا اجتهد في شيء ولو كان على خطأ فهو مأجور ، فهنا نجد نحن شخصين كانا رفيقَين في السفر فأدرَكَتْهم الصلاة ، فتيمَّما وصَلَّيا ؛ لأنهما لم يجدا الماء ، فلما وَجَدَا الماء أحدهما اقتصر على صلاته تيمُّمًا ، والآخر توضَّأ وأعاد الصلاة ، فنحن لا نشك بأن هذا الآخر جاء بعملٍ لم يأتِ به الأول ، هذا الذي أعاد الصلاة بالوضوء جاء بعملٍ لم يأت به الأول ، فهل ربُّنا - عز وجل - يضيِّع على هذا الإنسان عملَه ؟ قد ذكرنا الآية السابقة : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )) ، ماذا فعل هذا الإنسان ؟ صلى وتوضَّأ ، هذا كله خير ؛ لا سيما وهو ليس عنده وحي ينزل عليه ويُخبره بما ينبغي أن يكون موقفه ، فاجتهد الرجل وقال : ما دام أنا وجدت الماء الآن فأتوضَّأ وأصلي ، فصلى ، فالله لا يضيِّع عمل المحسنين ، هذا الرجل أحسن ؛ لذلك قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( لك أجرك مرَّتين ) ، المرة الأولى لما لم تجد الماء تيمَّمت ، وهذا بنصِّ القرآن : (( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً )) ، فأنت نفَّذت النَّصَّ القرآني ، في المرَّة الأخرى اجتهدت ، فرأيت أنك تؤدي الصلاة في ظنِّك أنت على أكمل وجه ، فتوضَّأت وصليت ، ( لك أجرك مرَّتين ) ؛ مرَّة على صلاتك متيمِّمًا ، ومرة أخرى على صلاتك متوضِّئًا ، لكنه - عليه الصلاة والسلام - قال للرجل الأول : ( أصبْتَ السنة ) .
الآن هنا البحث ، أيُّهما كان الصواب معه ؛ آلذي قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( أصبْتَ السنة ) أم الذي قال له : ( لك أجرك مرَّتين ) ؟ هنا يختلط الأمر على بعض الناس ، منهم مَن يقول : والله الحق الصواب كان مع الأول الذي قال له - عليه السلام - : ( أصبْتَ السنة ) ؛ لأنه مَن أصاب السنة فمُخالفه قد أصاب البدعة ؛ خالف السنة ، الذي أصاب السنة فالذي يُخالفه صراحةً قد خالف السنة ، لكن نحن نجد الرسول - عليه السلام - قال للثاني ما قال له : خالفت السنة ، والسبب واضح جدًّا ؛ لأن هذا الثاني لم تكن عنده سنة ساعتئذٍ ، لم تكن سنة لديه حتى يُقال له : خالفت السنة ، وإنما هو اجتهد كما اجتهد الأول ، لكننا نحن اليوم يجب أن نطبِّق هذه الحادثة على أنفسنا ، تُرى لو أننا نحن في سفر فأدرَكَنا وقت الصلاة ولم نجد الماء فتيمَّمْنا ، ثم عمَّا قريب وجدنا الماء ؛ هل نُعيد الصلاة ؟ إذا تذكَّرنا الرسول قال للذي لم يُعِدْ : ( أصبْتَ السنة ) ؛ إذًا نحن نريد أن نصيب السنة لا نعيد الصلاة .
طيب الآخر الثاني قد يقول ، يتوضَّأ ويعيد الصلاة يقول : أنا لي أسوة بالثاني الذي قال له الرسول - عليه السلام - : ( لك أجرك مرَّتين ) ؛ نقول : لا ، أنت ليس لك أسوة أن تأتسي بذلك المجتهد ؛ لأنه " لا اجتهاد في مورد النَّصِّ " ، لما بيجتهد الإنسان ولا نصَّ بين يديه فهو مأجور ؛ إن أصاب أجرين ، وإن أخطأ أجر واحد ، لكن لما يوجد النَّصُّ بين يديه فلا اجتهاد في مورد النَّصِّ ، ونحن - والحمد لله - قد وَصَلَتْنا السنة الآن ، وعرفنا أن مَن صلى بالتيمُّم في الوقت فقد أدَّى الواجب عليه ، وليس عليه أن يعيد الصلاة بالوضوء ؛ لأن الله - عز وجل - شَرَعَ على لسان النبي - عليه الصلاة والسلام - حديثين اثنين ؛ الحديث الأول : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) ، فأنت لما صليت متيمِّمًا هل قُمْتَ بما فرَضَ الله عليك ؟ الجواب : نعم ، (( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا )) ، طيب ، إذا كنت تعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) ؛ فلماذا تعيد هذه الصلاة بدون إذن من الله أو رسوله ؟ هذا الحديث الأول .
الحديث الثاني : لما الرسول - عليه الصلاة والسلام - في إحدى غزواته - ولعلها غزوة خيبر - لما نزلوا في الوادي مُتعبين ، وناموا ، ووكَّلَ بلالًا أن يُوقِظَه لصلاة الفجر ، وبلال - رضي الله عنه - حرصًا منه على القيام بهذه الوظيفة التي وكَّلَها الرسول - عليه السلام - عليها استَنَدَ إلى ظهر ناقته ، ووجهه إلى المشرق ؛ حتى إذا انبَلَجَ الفجر ضوء الصبح أحسَّ به ، وقام وأيقظ الناس ، ولكن اقتضت حكمة الله - عز وجل - ومشيئته أن أحدًا من أهل العسكر لم يستيقظ إلا بعد أن ضربت الشمس ظهورهم ، الشاهد من الحديث طويل ومعروف ، وإنما لما استيقظوا جميعًا بعد طلوع الشمس أمَرَ الرسول - عليه السلام - بالأذان والإقامة ، وصلُّوا سنة الفجر وصلُّوا الفرض ، لكن رأى على ملامح الناس شيئًا من الأسى ، لعلهم مؤاخذون عند الله - تبارك وتعالى - ؛ حيث أنهم صلوا الصلاة بغير وقتها ، فقال لهم - عليه الصلاة والسلام - : ( ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط في أن يُخرِجَ الرجلُ الصلاةَ عن وقتها ) أي : عامدًا أو متعمِّدًا ، أو كما قال - عليه السلام - . هنا جاء السؤال - وهنا الشاهد - قالوا له : يا رسول الله ، هل نصلِّيها بالغد ؟ يعني مرَّة أخرى ؟ قال : ( نهاكم عن الربا ، ويأمركم بالربا ؟! ) ، ( نهاكم عن الربا ، ويأمركم بالربا ؟! ) ؛ يعني يأمركم الآن منشان تصلوا الصلاة مرَّتين ، ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) ، هذا الحديث الأول ، وهذا الحديث الثاني .
فإذًا هذا الذي صلى الصلاة متيمِّمًا لأنه لم يجد الماء قد أدَّى ما فَرَضَ الله عليه ؛ ولذلك فلا يجوز له أن يُعيدَ هذه الصلاة ؛ لأنه عرف السنة ، وأنها تقول : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) .
فإذًا هذا الحديث لا يعني أن الرسول أقَرَّ اجتهاد هذا وهذا ؛ لا ، وإنما يعني أن الرسول - عليه السلام - بيَّنَ الصواب لكلٍّ منهما ، ولكنه بيَّن في الوقت نفسه أن الله لا يضيع أجر مَن أحسن عملًا ، هذا الرجل الثاني اجتهد ، فسُجِّل له أجر هذه الصلاة بالإضافة إلى صلاته الأولى ؛ فلا يجوز إذًا الاستدلال بهذه الحادثة على أن الشارع الحكيم الحق عنده متعدِّد كما تعدَّدت هذه الحادثة على وجهين مختلفين ؛ أحدهما لم يصلِّ ، والآخر صلى ، قلنا : إن الرسول قد حَكَمَ حكمًا صريحًا ، قال للذي لم يُعِدْ : ( أصبْتَ السنة ) ، وخلاف السنة هو البدعة ، فلا يجوز إعادة الصلاة بالنسبة لِمَن صلَّى متيمِّمًا ، ذاك أعاد لأنه كان على غير علمٍ بالسنة ؛ ولذلك قالوا : " لا اجتهاد في مورد النَّصِّ " .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام .
أوَّلًا : لا أعرف ورودها في حديث صحيح ، وثانيًا : لا أعرف معنى هذا الكلام ، أما الحديث في " سنن أبي داود " وغيره أنه - عليه الصلاة والسلام - قال للذي أعادَ الصلاة بعدما وجد الماء وتوضَّأ : ( لك أجرك مرَّتين ) .
هذا الحديث يتوهَّم بعض الناس كما جاء في آخر السؤال أن الحقَّ يتعدَّد ، نحن نقول : ليس في هذا الحديث شيء من ذلك إطلاقًا ، وإنما فيه تأكيد لمبادئ إسلامية قواعد شرعية ، من ذلك قوله - تبارك وتعالى - : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )) ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا حَكَمَ الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ) ؛ يعني المجتهد إذا اجتهد في شيء ولو كان على خطأ فهو مأجور ، فهنا نجد نحن شخصين كانا رفيقَين في السفر فأدرَكَتْهم الصلاة ، فتيمَّما وصَلَّيا ؛ لأنهما لم يجدا الماء ، فلما وَجَدَا الماء أحدهما اقتصر على صلاته تيمُّمًا ، والآخر توضَّأ وأعاد الصلاة ، فنحن لا نشك بأن هذا الآخر جاء بعملٍ لم يأتِ به الأول ، هذا الذي أعاد الصلاة بالوضوء جاء بعملٍ لم يأت به الأول ، فهل ربُّنا - عز وجل - يضيِّع على هذا الإنسان عملَه ؟ قد ذكرنا الآية السابقة : (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )) ، ماذا فعل هذا الإنسان ؟ صلى وتوضَّأ ، هذا كله خير ؛ لا سيما وهو ليس عنده وحي ينزل عليه ويُخبره بما ينبغي أن يكون موقفه ، فاجتهد الرجل وقال : ما دام أنا وجدت الماء الآن فأتوضَّأ وأصلي ، فصلى ، فالله لا يضيِّع عمل المحسنين ، هذا الرجل أحسن ؛ لذلك قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( لك أجرك مرَّتين ) ، المرة الأولى لما لم تجد الماء تيمَّمت ، وهذا بنصِّ القرآن : (( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً )) ، فأنت نفَّذت النَّصَّ القرآني ، في المرَّة الأخرى اجتهدت ، فرأيت أنك تؤدي الصلاة في ظنِّك أنت على أكمل وجه ، فتوضَّأت وصليت ، ( لك أجرك مرَّتين ) ؛ مرَّة على صلاتك متيمِّمًا ، ومرة أخرى على صلاتك متوضِّئًا ، لكنه - عليه الصلاة والسلام - قال للرجل الأول : ( أصبْتَ السنة ) .
الآن هنا البحث ، أيُّهما كان الصواب معه ؛ آلذي قال له - عليه الصلاة والسلام - : ( أصبْتَ السنة ) أم الذي قال له : ( لك أجرك مرَّتين ) ؟ هنا يختلط الأمر على بعض الناس ، منهم مَن يقول : والله الحق الصواب كان مع الأول الذي قال له - عليه السلام - : ( أصبْتَ السنة ) ؛ لأنه مَن أصاب السنة فمُخالفه قد أصاب البدعة ؛ خالف السنة ، الذي أصاب السنة فالذي يُخالفه صراحةً قد خالف السنة ، لكن نحن نجد الرسول - عليه السلام - قال للثاني ما قال له : خالفت السنة ، والسبب واضح جدًّا ؛ لأن هذا الثاني لم تكن عنده سنة ساعتئذٍ ، لم تكن سنة لديه حتى يُقال له : خالفت السنة ، وإنما هو اجتهد كما اجتهد الأول ، لكننا نحن اليوم يجب أن نطبِّق هذه الحادثة على أنفسنا ، تُرى لو أننا نحن في سفر فأدرَكَنا وقت الصلاة ولم نجد الماء فتيمَّمْنا ، ثم عمَّا قريب وجدنا الماء ؛ هل نُعيد الصلاة ؟ إذا تذكَّرنا الرسول قال للذي لم يُعِدْ : ( أصبْتَ السنة ) ؛ إذًا نحن نريد أن نصيب السنة لا نعيد الصلاة .
طيب الآخر الثاني قد يقول ، يتوضَّأ ويعيد الصلاة يقول : أنا لي أسوة بالثاني الذي قال له الرسول - عليه السلام - : ( لك أجرك مرَّتين ) ؛ نقول : لا ، أنت ليس لك أسوة أن تأتسي بذلك المجتهد ؛ لأنه " لا اجتهاد في مورد النَّصِّ " ، لما بيجتهد الإنسان ولا نصَّ بين يديه فهو مأجور ؛ إن أصاب أجرين ، وإن أخطأ أجر واحد ، لكن لما يوجد النَّصُّ بين يديه فلا اجتهاد في مورد النَّصِّ ، ونحن - والحمد لله - قد وَصَلَتْنا السنة الآن ، وعرفنا أن مَن صلى بالتيمُّم في الوقت فقد أدَّى الواجب عليه ، وليس عليه أن يعيد الصلاة بالوضوء ؛ لأن الله - عز وجل - شَرَعَ على لسان النبي - عليه الصلاة والسلام - حديثين اثنين ؛ الحديث الأول : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) ، فأنت لما صليت متيمِّمًا هل قُمْتَ بما فرَضَ الله عليك ؟ الجواب : نعم ، (( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا )) ، طيب ، إذا كنت تعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) ؛ فلماذا تعيد هذه الصلاة بدون إذن من الله أو رسوله ؟ هذا الحديث الأول .
الحديث الثاني : لما الرسول - عليه الصلاة والسلام - في إحدى غزواته - ولعلها غزوة خيبر - لما نزلوا في الوادي مُتعبين ، وناموا ، ووكَّلَ بلالًا أن يُوقِظَه لصلاة الفجر ، وبلال - رضي الله عنه - حرصًا منه على القيام بهذه الوظيفة التي وكَّلَها الرسول - عليه السلام - عليها استَنَدَ إلى ظهر ناقته ، ووجهه إلى المشرق ؛ حتى إذا انبَلَجَ الفجر ضوء الصبح أحسَّ به ، وقام وأيقظ الناس ، ولكن اقتضت حكمة الله - عز وجل - ومشيئته أن أحدًا من أهل العسكر لم يستيقظ إلا بعد أن ضربت الشمس ظهورهم ، الشاهد من الحديث طويل ومعروف ، وإنما لما استيقظوا جميعًا بعد طلوع الشمس أمَرَ الرسول - عليه السلام - بالأذان والإقامة ، وصلُّوا سنة الفجر وصلُّوا الفرض ، لكن رأى على ملامح الناس شيئًا من الأسى ، لعلهم مؤاخذون عند الله - تبارك وتعالى - ؛ حيث أنهم صلوا الصلاة بغير وقتها ، فقال لهم - عليه الصلاة والسلام - : ( ليس في النوم تفريط ، إنما التفريط في أن يُخرِجَ الرجلُ الصلاةَ عن وقتها ) أي : عامدًا أو متعمِّدًا ، أو كما قال - عليه السلام - . هنا جاء السؤال - وهنا الشاهد - قالوا له : يا رسول الله ، هل نصلِّيها بالغد ؟ يعني مرَّة أخرى ؟ قال : ( نهاكم عن الربا ، ويأمركم بالربا ؟! ) ، ( نهاكم عن الربا ، ويأمركم بالربا ؟! ) ؛ يعني يأمركم الآن منشان تصلوا الصلاة مرَّتين ، ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) ، هذا الحديث الأول ، وهذا الحديث الثاني .
فإذًا هذا الذي صلى الصلاة متيمِّمًا لأنه لم يجد الماء قد أدَّى ما فَرَضَ الله عليه ؛ ولذلك فلا يجوز له أن يُعيدَ هذه الصلاة ؛ لأنه عرف السنة ، وأنها تقول : ( لا صلاة في يوم مرَّتين ) .
فإذًا هذا الحديث لا يعني أن الرسول أقَرَّ اجتهاد هذا وهذا ؛ لا ، وإنما يعني أن الرسول - عليه السلام - بيَّنَ الصواب لكلٍّ منهما ، ولكنه بيَّن في الوقت نفسه أن الله لا يضيع أجر مَن أحسن عملًا ، هذا الرجل الثاني اجتهد ، فسُجِّل له أجر هذه الصلاة بالإضافة إلى صلاته الأولى ؛ فلا يجوز إذًا الاستدلال بهذه الحادثة على أن الشارع الحكيم الحق عنده متعدِّد كما تعدَّدت هذه الحادثة على وجهين مختلفين ؛ أحدهما لم يصلِّ ، والآخر صلى ، قلنا : إن الرسول قد حَكَمَ حكمًا صريحًا ، قال للذي لم يُعِدْ : ( أصبْتَ السنة ) ، وخلاف السنة هو البدعة ، فلا يجوز إعادة الصلاة بالنسبة لِمَن صلَّى متيمِّمًا ، ذاك أعاد لأنه كان على غير علمٍ بالسنة ؛ ولذلك قالوا : " لا اجتهاد في مورد النَّصِّ " .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 249
- توقيت الفهرسة : 00:28:17
- نسخة مدققة إملائيًّا