ذكر شبهة هؤلاء المتوسِّلين بذوات الأنبياء وجاههم وجاه الصالحين . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ذكر شبهة هؤلاء المتوسِّلين بذوات الأنبياء وجاههم وجاه الصالحين .
A-
A=
A+
الشيخ : إذا أردنا أن نرشد الناس إلى هذا التوسل المشروع ، وأن يَدَعُوا هذا التوسل غير المشروع ؛ بادرونا بقولهم - وهنا العجب العجاب - قالوا : يا أخي ، أنت إذا كان لك حاجة عند ملك أو أمير أو وزير هل تستطيع أن تُخاطبه وجهًا لوجه أم لا بد لك من أن تُدخِلَ واسطة بينك وبينه ؟ فأقول أنا ... متغافلًا : لا بد من هذه الواسطة ، فيظلُّ المسكين لِغَباوته وغفلته وجهالته أن الحجة قد أُقِيمَت علينا نحن ، فإذا رجعنا لنقول له : يا أخي ، أنا أسألك الآن ؛ إذا كان عندك أميران ، أو وزيران ، أو أو من هؤلاء الرؤوس الكبار الذين أكثرهم وضعوا الحجب الكثار بينهم وبين الشعب ، إذا كان ... كأمير لا يمكن لعامة الشعب أو فرد من أفراد الشعب أن يكلِّمه وجهًا لوجه كما كان أصحاب النبيِّ يفعلون مع الرسول - عليه السلام - ، وكما كان الناس في زمن عمر بن الخطاب يخاطبونه - أيضًا - وجهًا لوجه ؛ حتى قال بعض المعاصرين خطأً : إنه أول ديموقراطي في الإسلام ، تعبير أجنبي وغير صحيح تطبيقه على المسلم ، المهم تُرى فهذا الأمير الذي تخاطبه مباشرة بدون واسطة خيرٌ عندك أم أميرك ذاك ؟ لا يستطيع المسكين إلا أن يقول الحق في الواقع ، يقول هذا هو الأمير الذي نكلِّمه كفاحًا بدون واسطة بدون حجاب هو خير لنا .

إذًا لنعود فنقول : يا مسكين ، أنت لا ترضى أن تشبِّهَ الله بالأمير العادل الذي تكلِّمه الرعية وكلُّ فرد من أفرادها بدون واسطة ، تأبى أن تشبِّه الله بهذا الأمير العادل ، ولو أنك شبَّهته كفرت ، مع ذلك تأبى أن تشبِّهَه بالأمير العادل ، فتلجأ إلى أن تشبِّهَه بالأمير الظالم .

إذا اقترن بالتوسل مثل هذا التشبيه فلا شك أنه شرك ، والآن في العالم الإسلامي أدعية مكتوبة في كتب تسمَّى بعضها بـ " دلائل الخيرات " ، وبعضها بـ " أدل الدلائل " وما شابه ذلك من الأسماء الكثيرة فيها توسُّل إلى الله - تبارك وتعالى - بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، ما هو نوع التوسل الذي يعنونه ، آلتوسل الذي وقف عنده الإمام الشوكاني وأمثاله ؟ جاء النَّصُّ يا أخي هكذا ، فنحن نتقرَّب إلى الله وبس ، أم يعنون هذا التوسل الذي نسمعه منهم دائمًا وأبدًا : مش ممكن الإنسان أنُّو يتكلم مع الأمير إلا بواسطة ، فربُّ العالمين لا سيما أنهم يُضيفون أحيانًا إلى ذلك التعبير الباطل : نحن أهل ذنوب ومعاصي ، نحن ما نستطيع أن نكلِّم الله إلا بدنا واسطة رجل صالح ؛ نقول لهم حين ذاك : أين أنتم من قول الله - تبارك وتعالى - : (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )) ؟

ذكر علماء التفسير في سبب نزول هذه الآية أن أعرابيًّا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، ربُّنا قريبٌ فنناجيه أم بعيدٌ فنناديه ؟ فجاء الجواب : (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )) إلى آخر الآية .

وهذا القرب قد جاء ذكره - أيضًا - في حديث أبي موسى الأشعري الذي أخرجه البخاري ومسلم في " صحيحيهما " أن الصحابة كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرهم ، فكانوا إذا عَلَوا شَرَفًا كبَّروا الله ، وإذا هبطوا واديًا سبَّحوا الله ورفعوا بذلك أصواتهم ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( يا أيها الناس ، اربَعُوا على أنفسكم ) ، ( اربَعُوا ) اشفقوا على أنفسكم ، ( إنَّ مَن تدعونه ليس بأصمَّ ولا غائب ، إنما تدعون سميعًا بصيرًا ، إنما تدعون مَن هو أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته ) ؛ فمَن كان من عباده بهذا القرب هل هو بحاجة إلى وساطة المتوسِّط ؟ حاشا لله !

إذًا باختصار نقول : التوسل نوعان ؛ نوع يُختَلَفُ فيه ، والصواب أنه غير مشروع ؛ لأنه خلاف السنة ، ونوع هو الشرك بعينه ؛ وهو الذي يقترن تعليل تجويزه بقياس الخالق على المخلوق الفاجر ، وليته كان قياسًا على المخلوق الصالح !! وكله كفر ؛ لأن الله يقول : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )) .

...

... والصلاة القائمة ، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة .

مواضيع متعلقة