بيان ثمرة الخلاف وبيان أثره ، وضرب أمثلة من واقع الصحابة في بيان معنى التوسل الحقيقي .
A-
A=
A+
الشيخ : إذا كان الأمر هكذا - وهو كذلك يقينًا - ؛ ما ثمرة الخلاف بين هذا التفسير الصحيح الراجح وبين ذاك التفسير الضعيف المرجوح ؟
ثمرة الخلاف أنه على القول الضعيف إذا كان الأعمى توسل بذات الرسول وشخصه فذات الرسول وشخصه باقية إلى يوم يُبعثون كما هي ؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة ؛ فإن صلاتكم تبلُغُني ) قالوا : كيف ذاك وقد أرمْتَ ؟ قال : ( إن الله حرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ، فذات الرسول وشخصه لا يزال كما هو ، فإذا كان الأعمى توسَّلَ بذاته فهي موجودة ؛ ولذلك يعمِّمون الحكم إلى يوم يبعثون . أما على التفسير الآخر وهو التفسير الراجح الصحيح ؛ فإذا كان التوسل بدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ فلا مجال الآن إلى أن يتوسَّل المسلم بدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأسماء كثيرة ، منها أننا لا نستطيع أن نَصِلَ إليه كما استطاع الأعمى أن يصل إليه ، وهذا هو من فوارق الحياة الدنيوية عن الحياة البرزخية . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمُّ الناس في مسجده ، وكان لا يجرؤ أحد من أصحابه أن يتقدَّم بين يديه ، والآن مَن يصلي في مسجده ؟ أمثالنا من المسلمين ، كيف يصلي ورسول الله بجانبه حيٌّ في قبره ؟ لأن حياته - عليه الصلاة والسلام - في قبره حياة برزخية لا يعرف حقيقتها إلا الله - تبارك وتعالى - ؛ لهذا ما دام ليس من الإمكان أن يأتِيَ الإنسان إلى الرسول - عليه السلام - ، وأن يسأله الدعاء كما فعل الأعمى ، ثم يستمع هل وافَقَ الرسول على طلبَتِه ووَعَدَه خيرًا أن يدعوَ له ، فيرجع هذا الطَّالب الجديد ، فيتوسل بدعائه - عليه السلام - ؟ هذا غير ممكن .
من هنا جاء التفريق الذي يذهب إليه علماء السلف ، ثم يتأوَّله الخلف تأويلًا باطلًا ، ويتَّهمونهم بما هم براء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، السلف يقولون : ما دام أن التوسل هذا كان بدعاء - عليه السلام - ، وهذا لا يمكن الآن بسبب أنه انتقل إلى الرفيق الأعلى ، يتأوَّل قولَهم هذا المخالفون لهم بعناد وبغي واعتداء ، ها ؛ يقولون : إن الرسول مات ، ومن الذي يقول أنه لم يمُتْ ؟ والله يقول : (( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ )) ، لكن مع ذلك يُثبتون له - عليه الصلاة والسلام - من الحياة البرزخية الروحية ما لا مثلَ لها عند غيره - عليه السلام - ، فمِن خصوصياته كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إنَّ لله ملائكة سيَّاحين يبلِّغوني عن أمَّتي السلام ) ، فللرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في قبره أسمى حياة برزخية لغيره من إخوانه الرسل والأنبياء ، ولكن هذه الحياة منفصلة تمامًا بين حياتنا ، فلا نستطيع أن نعامِلَ نبيَّنا بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى كما عامَلَه أصحابه الكرام ، من ذلك ذلك الضرير .
إذًا حديث الأعمى يدور حول التوسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى هذا جرى السلف الصالح ، كما جاء في " صحيح البخاري " لمَّا أُصِيبَ الناس بالقحط في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج بالناس لِيستسقِيَ ، وفيهم العباس عمُّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال عمر : اللهم إنا كنَّا إذا أجدَبْنا توسَّلنا إليك بنبيِّك فتسقينا ، وإنا نتوسَّل إليك الآن بعمِّ نبيِّك فَاسْقِنا ، يا عباس ادع الله لنا . فيدعوا فيُسقَون . هذا عمر وصحبه الكرام كلهم يقرُّون عمر بن الخطاب على قوله : " اللهم إنا كنَّا إذا أجدَبْنا - في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - توسَّلنا إليك بنبيِّنا فتسقينا " ، والآن كأنه يقول : لا مجال للتوسل بنبيِّنا ؛ لأن التوسل بالنبيِّ وضَحَ لكم أن المقصود توسُّل بدعائه ، فَهُم حينما كانوا يتوسلون بالنبي في الاستسقاء هل كانوا يضعون الشخص ، شخص الرسول أمامهم وانتهى الأمر ، أم فعلوا به كما فعل عمر بن الخطاب وصحبه مع عمِّه العباس حيث قال له : " ادعُ الله لنا " ؟
وهذا ما كان الرسول يفعله كما جاء في " صحيح البخاري ومسلم " من حديث أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يخطب يومًا يوم الجمعة لما دخل رجل أعرابي من باب من أبواب المسجد ، فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال والعيال من قلَّة الأمطار ؛ فادعُ الله لنا . فقول هذا الرجل : " فادع الله لنا " هو توسُّله بنبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فرَفَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه حتى بانَ إبطاه ، وقال : ( اللهم اسقِنا اللهم اسقِنا ) ، وفي رواية : ( اللهم أغِثْنا اللهم أغِثْنا ) ، فسُقُوا سَبْتًا ، وكانت السماء تمطر كأفواه القُرَب ، إلى آخر الحديث .
والخلاصة : إذا كان الإمام الشوكاني يقول بجواز التوسل توهُّمًا منه وفهمًا خطأً لحديث الأعمى فهذا هو مأجور عليه ، ولا يُضلَّل لا هو ولا مَن يرى رأيه ؛ فضلًا عن أنه لا يُكفَّر ، ولكن وهذه النقطة الحساسة والتي تتعلَّق بمنافاتها للشرك أو بمنافاة التوسل هذا للتوحيد ووقوع صاحبه في الشرك حينما يقترن به ما يأتي : حينما نناقش الناس ونحاول أن ندلَّهم على التوسل المشروع الذي كان عليه سلفنا الصالح ومنهم الأئمة ، وعلى رأسهم الإمام الأول من الأربعة أبو حنيفة النعمان بن ثابت الذي قال : " أكرَهُ أن يُسألَ الله إلا بالله " ، " أكره أن يُسألَ الله إلا بالله " ، والتوسل المشروع هو توسل بمثل قوله - تعالى - : (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) ، هذا التوسُّل هو توسُّل الإنسان باسم من أسماء الله ، أو بصفة من صفات الله ، أو بعمله الصالح ، أو بدعاء رجل صالح ، وهذا له أدلته ، ولسنا الآن في صددها .
ثمرة الخلاف أنه على القول الضعيف إذا كان الأعمى توسل بذات الرسول وشخصه فذات الرسول وشخصه باقية إلى يوم يُبعثون كما هي ؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة ؛ فإن صلاتكم تبلُغُني ) قالوا : كيف ذاك وقد أرمْتَ ؟ قال : ( إن الله حرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) ، فذات الرسول وشخصه لا يزال كما هو ، فإذا كان الأعمى توسَّلَ بذاته فهي موجودة ؛ ولذلك يعمِّمون الحكم إلى يوم يبعثون . أما على التفسير الآخر وهو التفسير الراجح الصحيح ؛ فإذا كان التوسل بدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ فلا مجال الآن إلى أن يتوسَّل المسلم بدعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأسماء كثيرة ، منها أننا لا نستطيع أن نَصِلَ إليه كما استطاع الأعمى أن يصل إليه ، وهذا هو من فوارق الحياة الدنيوية عن الحياة البرزخية . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمُّ الناس في مسجده ، وكان لا يجرؤ أحد من أصحابه أن يتقدَّم بين يديه ، والآن مَن يصلي في مسجده ؟ أمثالنا من المسلمين ، كيف يصلي ورسول الله بجانبه حيٌّ في قبره ؟ لأن حياته - عليه الصلاة والسلام - في قبره حياة برزخية لا يعرف حقيقتها إلا الله - تبارك وتعالى - ؛ لهذا ما دام ليس من الإمكان أن يأتِيَ الإنسان إلى الرسول - عليه السلام - ، وأن يسأله الدعاء كما فعل الأعمى ، ثم يستمع هل وافَقَ الرسول على طلبَتِه ووَعَدَه خيرًا أن يدعوَ له ، فيرجع هذا الطَّالب الجديد ، فيتوسل بدعائه - عليه السلام - ؟ هذا غير ممكن .
من هنا جاء التفريق الذي يذهب إليه علماء السلف ، ثم يتأوَّله الخلف تأويلًا باطلًا ، ويتَّهمونهم بما هم براء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، السلف يقولون : ما دام أن التوسل هذا كان بدعاء - عليه السلام - ، وهذا لا يمكن الآن بسبب أنه انتقل إلى الرفيق الأعلى ، يتأوَّل قولَهم هذا المخالفون لهم بعناد وبغي واعتداء ، ها ؛ يقولون : إن الرسول مات ، ومن الذي يقول أنه لم يمُتْ ؟ والله يقول : (( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ )) ، لكن مع ذلك يُثبتون له - عليه الصلاة والسلام - من الحياة البرزخية الروحية ما لا مثلَ لها عند غيره - عليه السلام - ، فمِن خصوصياته كما قال - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إنَّ لله ملائكة سيَّاحين يبلِّغوني عن أمَّتي السلام ) ، فللرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في قبره أسمى حياة برزخية لغيره من إخوانه الرسل والأنبياء ، ولكن هذه الحياة منفصلة تمامًا بين حياتنا ، فلا نستطيع أن نعامِلَ نبيَّنا بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى كما عامَلَه أصحابه الكرام ، من ذلك ذلك الضرير .
إذًا حديث الأعمى يدور حول التوسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى هذا جرى السلف الصالح ، كما جاء في " صحيح البخاري " لمَّا أُصِيبَ الناس بالقحط في عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج بالناس لِيستسقِيَ ، وفيهم العباس عمُّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فقال عمر : اللهم إنا كنَّا إذا أجدَبْنا توسَّلنا إليك بنبيِّك فتسقينا ، وإنا نتوسَّل إليك الآن بعمِّ نبيِّك فَاسْقِنا ، يا عباس ادع الله لنا . فيدعوا فيُسقَون . هذا عمر وصحبه الكرام كلهم يقرُّون عمر بن الخطاب على قوله : " اللهم إنا كنَّا إذا أجدَبْنا - في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - توسَّلنا إليك بنبيِّنا فتسقينا " ، والآن كأنه يقول : لا مجال للتوسل بنبيِّنا ؛ لأن التوسل بالنبيِّ وضَحَ لكم أن المقصود توسُّل بدعائه ، فَهُم حينما كانوا يتوسلون بالنبي في الاستسقاء هل كانوا يضعون الشخص ، شخص الرسول أمامهم وانتهى الأمر ، أم فعلوا به كما فعل عمر بن الخطاب وصحبه مع عمِّه العباس حيث قال له : " ادعُ الله لنا " ؟
وهذا ما كان الرسول يفعله كما جاء في " صحيح البخاري ومسلم " من حديث أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يخطب يومًا يوم الجمعة لما دخل رجل أعرابي من باب من أبواب المسجد ، فقال : يا رسول الله ، هلكت الأموال والعيال من قلَّة الأمطار ؛ فادعُ الله لنا . فقول هذا الرجل : " فادع الله لنا " هو توسُّله بنبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فرَفَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه حتى بانَ إبطاه ، وقال : ( اللهم اسقِنا اللهم اسقِنا ) ، وفي رواية : ( اللهم أغِثْنا اللهم أغِثْنا ) ، فسُقُوا سَبْتًا ، وكانت السماء تمطر كأفواه القُرَب ، إلى آخر الحديث .
والخلاصة : إذا كان الإمام الشوكاني يقول بجواز التوسل توهُّمًا منه وفهمًا خطأً لحديث الأعمى فهذا هو مأجور عليه ، ولا يُضلَّل لا هو ولا مَن يرى رأيه ؛ فضلًا عن أنه لا يُكفَّر ، ولكن وهذه النقطة الحساسة والتي تتعلَّق بمنافاتها للشرك أو بمنافاة التوسل هذا للتوحيد ووقوع صاحبه في الشرك حينما يقترن به ما يأتي : حينما نناقش الناس ونحاول أن ندلَّهم على التوسل المشروع الذي كان عليه سلفنا الصالح ومنهم الأئمة ، وعلى رأسهم الإمام الأول من الأربعة أبو حنيفة النعمان بن ثابت الذي قال : " أكرَهُ أن يُسألَ الله إلا بالله " ، " أكره أن يُسألَ الله إلا بالله " ، والتوسل المشروع هو توسل بمثل قوله - تعالى - : (( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )) ، هذا التوسُّل هو توسُّل الإنسان باسم من أسماء الله ، أو بصفة من صفات الله ، أو بعمله الصالح ، أو بدعاء رجل صالح ، وهذا له أدلته ، ولسنا الآن في صددها .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 231
- توقيت الفهرسة : 00:57:52
- نسخة مدققة إملائيًّا