التنبيه على مسألة حلق اللحى في هذا الباب ، وعلى تشبُّه الرجال بالنساء وتشبُّه النساء بالرجال ، وذلك سبب ظاهر لحصول التشبُّه الظاهر .
A-
A=
A+
الشيخ : كذلك - وهذا الذي يهمُّني أن أصل إليه - أيضًا - بعد التنبيه على أدب الاستماع للدروس الدينية - ؛ أن الرجل حينما يتأنَّق في لباسه ويتشبَّه في ذلك بنسائه ، بل حينما يتشبَّه بأخصِّ خصائص النساء في الظاهر - ألا وهو حلق اللحية - ، فيتشبَّه بالمرأة ؛ فيجب أن نعلم أن حلق هذه اللحية ؛ لا أريد أن أدخل في موضوع حكم اللحية فأظنُّ أنكم على علم بذلك ، لكن أريد أن أُلفِتَ النظر بأن هذه المعصية التي يرتكبها الرجل في نفسه حين يحلق أو يأخذ من لحيته ويتشبَّه بالمرأة ؛ لا شك أن هذه المعصية ستجعل في نفسه طبيعة الالتهاء بتوافه الأمور وعدم الاهتمام بعزائم الأمور ؛ لأن هذا هو طبيعة النساء اللَّاتي طبعهنَّ الله - عز وجل - ليحقِّقْنَ هدفًا من الحياة ، ومن ذلك أن تكون زوجةً لهذا الزوج أو لهذا الرجل ، وأن يسكن إليها وتسكن إليه ، لكن الله خَصَّها بمهمَّة لم يكلِّفها بمهمَّة الرجال ؛ كما هو معروف - مثلًا - بأن الجهاد إنما فُرِضَ على الرجال دون النساء ، والعمل خارج البيوت إنما فُرِضَ على الرجال دون النساء ، وكما قيل :
" كُتِبَ القَتْلُ والقتالُ علينا *** وعلى الغانياتِ جرُّ الذُّيولِ "
فهذا الرجل الذي يتشبَّه بالمرأة ويحلق لحيته ، وقد يزيد على ذلك بأنه يستأصل شأفة شاربه - أيضًا - ، فتتمُّ المشابهة بينَه وبين النساء بصورة عامة ، وحين ذاك لا نعجب من حديث ابن عباس الذي رواه الإمام البخاري في " صحيحه " عن عُقالة : ( لَعَنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المتشبِّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبِّهات من النساء بالرجال ) . وفي حديث آخر : ( لعن الله الرَّجُلَة من النساء ) ، وهو بمعنى المتشبِّهات من النساء .
وكما نلاحظ في المتشبِّهين من الرجال بالنساء شيء من النعومة والالتهاء بتوافه الأمور مما لا يليق بالرجال ؛ كذلك نشعر بل نلمس في النساء اللَّاتي يتشبَّهن بالرجال أنهنَّ يستأسدْنَ ويصبحْنَ كالرجال قوَّةً وترجُّلًا ، فينسيْنَ أنوثتهنَّ ونعومتهنَّ بسبب التشبُّه بالرجال ، وهذا كله يلتقي مع أن الظاهر مرتبط بالباطن ؛ ولذلك فالذي أريد أن أنتهِيَ إليه هو أن نتذكَّر دائمًا وأبدًا أن لا نستهينَ بإصلاح الظاهر ، ويدخل في ذلك غير التشبُّه تشبُّه الرجال بالنساء يدخل في ذلك - أيضًا - تشبُّه المسلمين بالكفار ، وهذا التشبُّه - أيضًا - من آثاره الملموسة أنه يصبح هذا المتشبِّه بالكافر لا يبقى عنده تلك العزَّة والقوَّة الإسلامية التي تحمِلُه على محاربة أعداء الله - عز وجل - ولو فكريًّا ؛ لأنه يتشبَّه بهم .
ومن الثابت في فلسفة التاريخ التي تحدَّثَ عنها الإمام المؤرِّخ الشهير " ابن خلدون " في " مقدمته " أنما يتشبَّه الضعيف بالقوي ، هذه حقيقة واقعة ؛ الذي يتشبَّه بالآخر هو الضعيف يتشبَّه بالقوي ؛ ولذلك لا يجوز - أيضًا - أن يتشبَّه المسلم بالكافر لأنه سيأخذ من طبائع هذا الكافر ، وحينئذٍ كأنه تمهيد لاحتلال الكفار لتلك البلاد التي استساغَتْ عادات الكفار واستهوَنَتْها ، بل استحلَتْها .
فإذًا ينبغي أن نقف عند توجيهات الإسلام في أن الظاهر - كما يقول العلماء - عنوان الباطن ؛ الظاهر إنما كان عنوان الباطن لِارتباط كلٍّ منهما صحَّة وضعفًا ، وأولى مَن يتمسَّك بهذا التوجيه الإسلامي إنما هم العلماء وطلاب العلم والمدرِّسين منهم الذين يُرجى أن يكونوا قدوةً صالحةً للأمة الحائرة اليوم والضَّائعة ما بين جهل المسلمين بالإسلام وتقليدهم للغربيِّين ، فعلينا أن نتفقَّه في ديننا ، وأن ندعو الناس إلى العمل بما فيهما من الهدى والنور لِيُكتَبَ لنا عند الله - تبارك وتعالى - أجر من اتَّبعنا ومن اقتدى بنا إلى يوم الدين ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( من دُعِيَ إلى هدًى كان له أجره وأجر مَن عمل به إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقُصَ من أجورهم شيء ) .
ولعل في هذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
" كُتِبَ القَتْلُ والقتالُ علينا *** وعلى الغانياتِ جرُّ الذُّيولِ "
فهذا الرجل الذي يتشبَّه بالمرأة ويحلق لحيته ، وقد يزيد على ذلك بأنه يستأصل شأفة شاربه - أيضًا - ، فتتمُّ المشابهة بينَه وبين النساء بصورة عامة ، وحين ذاك لا نعجب من حديث ابن عباس الذي رواه الإمام البخاري في " صحيحه " عن عُقالة : ( لَعَنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - المتشبِّهين من الرجال بالنساء ، والمتشبِّهات من النساء بالرجال ) . وفي حديث آخر : ( لعن الله الرَّجُلَة من النساء ) ، وهو بمعنى المتشبِّهات من النساء .
وكما نلاحظ في المتشبِّهين من الرجال بالنساء شيء من النعومة والالتهاء بتوافه الأمور مما لا يليق بالرجال ؛ كذلك نشعر بل نلمس في النساء اللَّاتي يتشبَّهن بالرجال أنهنَّ يستأسدْنَ ويصبحْنَ كالرجال قوَّةً وترجُّلًا ، فينسيْنَ أنوثتهنَّ ونعومتهنَّ بسبب التشبُّه بالرجال ، وهذا كله يلتقي مع أن الظاهر مرتبط بالباطن ؛ ولذلك فالذي أريد أن أنتهِيَ إليه هو أن نتذكَّر دائمًا وأبدًا أن لا نستهينَ بإصلاح الظاهر ، ويدخل في ذلك غير التشبُّه تشبُّه الرجال بالنساء يدخل في ذلك - أيضًا - تشبُّه المسلمين بالكفار ، وهذا التشبُّه - أيضًا - من آثاره الملموسة أنه يصبح هذا المتشبِّه بالكافر لا يبقى عنده تلك العزَّة والقوَّة الإسلامية التي تحمِلُه على محاربة أعداء الله - عز وجل - ولو فكريًّا ؛ لأنه يتشبَّه بهم .
ومن الثابت في فلسفة التاريخ التي تحدَّثَ عنها الإمام المؤرِّخ الشهير " ابن خلدون " في " مقدمته " أنما يتشبَّه الضعيف بالقوي ، هذه حقيقة واقعة ؛ الذي يتشبَّه بالآخر هو الضعيف يتشبَّه بالقوي ؛ ولذلك لا يجوز - أيضًا - أن يتشبَّه المسلم بالكافر لأنه سيأخذ من طبائع هذا الكافر ، وحينئذٍ كأنه تمهيد لاحتلال الكفار لتلك البلاد التي استساغَتْ عادات الكفار واستهوَنَتْها ، بل استحلَتْها .
فإذًا ينبغي أن نقف عند توجيهات الإسلام في أن الظاهر - كما يقول العلماء - عنوان الباطن ؛ الظاهر إنما كان عنوان الباطن لِارتباط كلٍّ منهما صحَّة وضعفًا ، وأولى مَن يتمسَّك بهذا التوجيه الإسلامي إنما هم العلماء وطلاب العلم والمدرِّسين منهم الذين يُرجى أن يكونوا قدوةً صالحةً للأمة الحائرة اليوم والضَّائعة ما بين جهل المسلمين بالإسلام وتقليدهم للغربيِّين ، فعلينا أن نتفقَّه في ديننا ، وأن ندعو الناس إلى العمل بما فيهما من الهدى والنور لِيُكتَبَ لنا عند الله - تبارك وتعالى - أجر من اتَّبعنا ومن اقتدى بنا إلى يوم الدين ، كما قال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( من دُعِيَ إلى هدًى كان له أجره وأجر مَن عمل به إلى يوم القيامة ؛ دون أن ينقُصَ من أجورهم شيء ) .
ولعل في هذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 205
- توقيت الفهرسة : 00:21:22
- نسخة مدققة إملائيًّا