رجوع الشيخ إلى شرح حديث أنس وبيان عظيم فائدة الدعاء وأنه من أعظم العبادات .
A-
A=
A+
الشيخ : لكن يُقابل هذا أحاديث قدسية صحيحة بعضها في " الصحيحين " وبعضها في السنن ، ومن هذا القسم حديثنا في هذه الليلة يرويه أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( قال الله - تعالى - : يا ابن آدم ، إنَّك ما دعوتَني ورجَوتَنِي غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي ) .
هذا الحديث فيه ترغيب للمسلم على أن يكون دائمًا ظنُّه بالله - عز وجل - حَسَنًا راجيًا منه أن يعامله بفضله ولا أن يعامله بعدله - تبارك وتعالى - ، ولكن هنا شيء يقول : ( ما دَعَوتَني ورَجَوتَنِي ) هذا الشيء ينبغي أن نقف عنده وأن ندندن حوله شيئًا قليلًا ، ( ما دَعَوتَنِي ) فيجب أن نعلم أنَّ توجُّه المسلم إلى الله - عز وجل - متضرِّعًا خاشعًا بين يديه في دعائه هو من أعظم العبادات التي جاء بها الإسلام ، كما قال ربُّنا - عز وجل - في القرآن : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) . قال علماء التفسير بناء على هذا الحديث الصحيح : (( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي )) أي : عن دعائي ؛ ذلك لأن استنكاف الإنسان عن دعاء الله - عز وجل - هو استكبار عليه واستغناء عن رحمته ومغفرته ، وهذا لا يفعله إلا أكفر الكافرين .
ولذلك استشهَدَ - عليه الصلاة والسلام - بهذه الآية على قوله حين قال : ( الدعاء هو العبادة ) ، وتلا هذه الآية : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) إلى آخرها ، وليس صحيحًا هذا الحديث باللفظ المشهور على ألسنة الناس : " الدعاء مخُّ العبادة " ؛ هذا ليس صحيحًا ، وإنما الصحيح الثابت عن الرسول - عليه السلام - هو اللفظ الأول : ( الدعاء هو العبادة ) ، وهذا أبلغ من اللفظ الضعيف غير الصحيح خلافًا لما يظنُّه بعض الناس ؛ لأن قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( الدعاء هو العبادة ) هو على وِزَان أو نحو قوله : ( الحجُّ عرفة ) ؛ يعني كأن العبادة كلها هي الدعاء ، وكأن الحج كله هو الوقوف بعرفة ؛ فهذه مبالغة عظيمة جدًّا في تقدير وزن الدعاء من حيث كونه عبادة ، ومن حيث وزن الحجِّ من كون أن الوقوف بعرفة ركن أساسي في الحج ، وليس كذلك الحديث الضعيف " الدعاء مخُّ العبادة " ، فهو يجعل العبادة قسمين ؛ مخ وقشر ، وكان هذا بلاءً لكثير من الناس اليوم في هذا العصر حينما تُلفِتُ نظره إلى بعض الأمور الهامة ؛ إما أن يكون مما أمر الله أو رسوله بها أو نهى عنها ؛ يقول لك : يا أخي ، اتركونا بقى من القشور هذه ! شيء جاء به ربُّ العالمين وتحدَّثَ به رسوله الكريم يُوصف بأنه قشر أوَّلًا !! وبناءً على هذا الوصف الباطل يُقال : دعونا منه ثانيًا !! هذا انحراف عن الإسلام خطير جدًّا .
لذلك نحن لا نسلِّم بأن في الإسلام قشرًا ولبًّا وإن كنَّا نعرف أن أحكام الإسلام ليست تُساق مساقًا واحدًا ؛ هذا لا شكَّ فيه ، لأنُّو نعرف - مثلًا - في هناك فيما يتقرَّب به الإنسان إلى الله - عز وجل - ما هو فرض وما هو نفل ، هذا الفرض إذا قصَّرَ فيه عُذِّب يوم القيامة بمقدار تقصيره فيه ، ومقابل هذا الفرض النفل ، فإذا لم يأتِ بشيء من النفل لا يُؤاخذ عليه ، كذلك هناك محرَّمات وهناك مكروهات ، في هذا التفاوت ، لكن لا يصح أن نسمِّي أقل حكم مرغوب فيه إسلاميًّا بأنه قشر ؛ لأن هذا اللفظ فيه إهانة لهذا الحكم الشرعي مهما كان إيش ؟ حكمه يسيرًا ، كيف لا وقد ذكرتُ لكم مرارًا وتكرارًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( أول ما يُحاسب العبد يوم القيامة الصلاة ؛ فإن تمَّت فقد أفلح وأنجح ، وإن نقصت فقد خاب وخسر ) . في الحديث الآخر عن أبي هريرة : ( فإن نقصت قال الله - عز وجل - لملائكته : انظروا ؛ هل لعبدي من تطوُّع فتتمُّوا له به فريضته ؟! ) .
إذًا هذا التطوُّع هو إن كان هناك حكم في الشرع يصح ويجوز لمسلم أن يسمِّيَه قشرًا فهو هذا التطوُّع ؛ لأنُّو لو تركته ما عليك من مسؤولية يوم القيامة ، لكن لم يأتِ هذا الاصطلاح أوَّلًا ، وثانيًا رأيتم قيمة هذا التطوُّع الذي قد يسمِّيه بدون أيِّ مبالغة بعض الناس اليوم أن هذا قشر ، إن قيمته أن الله - عز وجل - يكمِّل نقص الفريضة التي يكون المسلم المكلَّف بها قد قصَّرَ فيها إما كمًّا - أي : من حيث الأداء - ؛ فقد فاته كثير من الفرائض ، وإما كيفًا - أي : من حيث صورة الأداء ؛ فهو قد يستعجل في صلاته ؛ قد ينقرها نقر الغراب ، قد لا يخشع فيها إلا قليلًا إلى آخره - ؛ فهذه النواقص كلها تُستدرك من التطوع ؛ إذًا ليس في الإسلام شيء يصح أن نسمِّيه قشرًا .
على أنني أقول لمثل هؤلاء الناس الذين انحرفوا في فهم الإسلام بعيدًا فجعلوه قسمين لبًّا وقشرًا ؛ نقول : لا يمكن المحافظة على اللُّبِّ إلا بسلامة القشر ؛ فإذًا لا بد من هذا القشر إن صح تسميته ، وهذه الحقيقة نلمسها في الأمور المادية ؛ إذًا الإسلام يمكن أن يُقال هو له سياج يحيط بالإنسان ويحفظه ، وهذا مما جاء الإشارة إليه في حديث النعمان بن بشير قال : سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( إن الحلال بيِّن ، والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس ؛ فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، أَلَا وإن لكلِّ ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومَن حام حول الحمى يُوشك أن يقع فيه ) . أي : هذه الأمور المتشابهة التي تُشكل على بعض الناس ، فلا يظهر له أَهِيَ من المحرَّمات أم من المحلَّلات فعليه أن يجتَنِبَها ؛ لأنه مَن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه .
إذًا ( ما دَعَوتَنِي ) الدعاء هنا هو العبادة كما سمعتم في حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيجب على المسلم أن يكون دائمًا متوجِّهًا بقلبه وقالبه إلى ربِّه - عز وجل - يدعوه أن يغفر له .
هذا الحديث فيه ترغيب للمسلم على أن يكون دائمًا ظنُّه بالله - عز وجل - حَسَنًا راجيًا منه أن يعامله بفضله ولا أن يعامله بعدله - تبارك وتعالى - ، ولكن هنا شيء يقول : ( ما دَعَوتَني ورَجَوتَنِي ) هذا الشيء ينبغي أن نقف عنده وأن ندندن حوله شيئًا قليلًا ، ( ما دَعَوتَنِي ) فيجب أن نعلم أنَّ توجُّه المسلم إلى الله - عز وجل - متضرِّعًا خاشعًا بين يديه في دعائه هو من أعظم العبادات التي جاء بها الإسلام ، كما قال ربُّنا - عز وجل - في القرآن : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) . قال علماء التفسير بناء على هذا الحديث الصحيح : (( إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي )) أي : عن دعائي ؛ ذلك لأن استنكاف الإنسان عن دعاء الله - عز وجل - هو استكبار عليه واستغناء عن رحمته ومغفرته ، وهذا لا يفعله إلا أكفر الكافرين .
ولذلك استشهَدَ - عليه الصلاة والسلام - بهذه الآية على قوله حين قال : ( الدعاء هو العبادة ) ، وتلا هذه الآية : (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )) إلى آخرها ، وليس صحيحًا هذا الحديث باللفظ المشهور على ألسنة الناس : " الدعاء مخُّ العبادة " ؛ هذا ليس صحيحًا ، وإنما الصحيح الثابت عن الرسول - عليه السلام - هو اللفظ الأول : ( الدعاء هو العبادة ) ، وهذا أبلغ من اللفظ الضعيف غير الصحيح خلافًا لما يظنُّه بعض الناس ؛ لأن قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( الدعاء هو العبادة ) هو على وِزَان أو نحو قوله : ( الحجُّ عرفة ) ؛ يعني كأن العبادة كلها هي الدعاء ، وكأن الحج كله هو الوقوف بعرفة ؛ فهذه مبالغة عظيمة جدًّا في تقدير وزن الدعاء من حيث كونه عبادة ، ومن حيث وزن الحجِّ من كون أن الوقوف بعرفة ركن أساسي في الحج ، وليس كذلك الحديث الضعيف " الدعاء مخُّ العبادة " ، فهو يجعل العبادة قسمين ؛ مخ وقشر ، وكان هذا بلاءً لكثير من الناس اليوم في هذا العصر حينما تُلفِتُ نظره إلى بعض الأمور الهامة ؛ إما أن يكون مما أمر الله أو رسوله بها أو نهى عنها ؛ يقول لك : يا أخي ، اتركونا بقى من القشور هذه ! شيء جاء به ربُّ العالمين وتحدَّثَ به رسوله الكريم يُوصف بأنه قشر أوَّلًا !! وبناءً على هذا الوصف الباطل يُقال : دعونا منه ثانيًا !! هذا انحراف عن الإسلام خطير جدًّا .
لذلك نحن لا نسلِّم بأن في الإسلام قشرًا ولبًّا وإن كنَّا نعرف أن أحكام الإسلام ليست تُساق مساقًا واحدًا ؛ هذا لا شكَّ فيه ، لأنُّو نعرف - مثلًا - في هناك فيما يتقرَّب به الإنسان إلى الله - عز وجل - ما هو فرض وما هو نفل ، هذا الفرض إذا قصَّرَ فيه عُذِّب يوم القيامة بمقدار تقصيره فيه ، ومقابل هذا الفرض النفل ، فإذا لم يأتِ بشيء من النفل لا يُؤاخذ عليه ، كذلك هناك محرَّمات وهناك مكروهات ، في هذا التفاوت ، لكن لا يصح أن نسمِّي أقل حكم مرغوب فيه إسلاميًّا بأنه قشر ؛ لأن هذا اللفظ فيه إهانة لهذا الحكم الشرعي مهما كان إيش ؟ حكمه يسيرًا ، كيف لا وقد ذكرتُ لكم مرارًا وتكرارًا قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( أول ما يُحاسب العبد يوم القيامة الصلاة ؛ فإن تمَّت فقد أفلح وأنجح ، وإن نقصت فقد خاب وخسر ) . في الحديث الآخر عن أبي هريرة : ( فإن نقصت قال الله - عز وجل - لملائكته : انظروا ؛ هل لعبدي من تطوُّع فتتمُّوا له به فريضته ؟! ) .
إذًا هذا التطوُّع هو إن كان هناك حكم في الشرع يصح ويجوز لمسلم أن يسمِّيَه قشرًا فهو هذا التطوُّع ؛ لأنُّو لو تركته ما عليك من مسؤولية يوم القيامة ، لكن لم يأتِ هذا الاصطلاح أوَّلًا ، وثانيًا رأيتم قيمة هذا التطوُّع الذي قد يسمِّيه بدون أيِّ مبالغة بعض الناس اليوم أن هذا قشر ، إن قيمته أن الله - عز وجل - يكمِّل نقص الفريضة التي يكون المسلم المكلَّف بها قد قصَّرَ فيها إما كمًّا - أي : من حيث الأداء - ؛ فقد فاته كثير من الفرائض ، وإما كيفًا - أي : من حيث صورة الأداء ؛ فهو قد يستعجل في صلاته ؛ قد ينقرها نقر الغراب ، قد لا يخشع فيها إلا قليلًا إلى آخره - ؛ فهذه النواقص كلها تُستدرك من التطوع ؛ إذًا ليس في الإسلام شيء يصح أن نسمِّيه قشرًا .
على أنني أقول لمثل هؤلاء الناس الذين انحرفوا في فهم الإسلام بعيدًا فجعلوه قسمين لبًّا وقشرًا ؛ نقول : لا يمكن المحافظة على اللُّبِّ إلا بسلامة القشر ؛ فإذًا لا بد من هذا القشر إن صح تسميته ، وهذه الحقيقة نلمسها في الأمور المادية ؛ إذًا الإسلام يمكن أن يُقال هو له سياج يحيط بالإنسان ويحفظه ، وهذا مما جاء الإشارة إليه في حديث النعمان بن بشير قال : سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( إن الحلال بيِّن ، والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس ؛ فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، أَلَا وإن لكلِّ ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومَن حام حول الحمى يُوشك أن يقع فيه ) . أي : هذه الأمور المتشابهة التي تُشكل على بعض الناس ، فلا يظهر له أَهِيَ من المحرَّمات أم من المحلَّلات فعليه أن يجتَنِبَها ؛ لأنه مَن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه .
إذًا ( ما دَعَوتَنِي ) الدعاء هنا هو العبادة كما سمعتم في حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فيجب على المسلم أن يكون دائمًا متوجِّهًا بقلبه وقالبه إلى ربِّه - عز وجل - يدعوه أن يغفر له .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 166
- توقيت الفهرسة : 00:15:59
- نسخة مدققة إملائيًّا