هل يجوز الدعاء الجماعي بعد الانتهاء من الصلاة المفروضة ؟
A-
A=
A+
السائل : هل يجوز الدعاء بعد الصلاة المفروضة بهيئة اجتماعية أو جماعية ؟ وبعض الناس يستدل بحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الفجر ، ثم انحرف ورفع يديه ودعا .
الشيخ : أعد السؤال .
السائل : هل يجوز الدعاء بعد الصلاة المفروضة بهيئة اجتماعية أو جماعية ؟ وبعض الناس يستدل بحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الفجر ، ثم انحرف ورفع يديه ودعا .
الشيخ : مثل هذا الحديث لا نعرف له أصلًا في كتب السنة التي وقفنا عليها ، ومن المعروف أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا سلم من الصلاة لم يربط ولم يقيِّد المقتدين بما يفعله هو بعد ذلك من الأذكار أو الدعاء ، هذا شيء ، وشيء آخر لا يوجد هناك أحاديث تدل على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يدعو مثل هذا الدعاء الطويل العريض الذي يأتي به بعض أئمة المساجد ، وإنما هناك بعض الأدعية المختصرة جدًّا جدًّا كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ) ، هذا الورد الذي هو من أوراد النوم ثبت - أيضًا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوله بعد الفريضة ، ومثل قوله - عليه السلام - في الورد المعروف لدى المصلين جميعًا : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ، مثل هذه الأدعية الموجزة المختصرة هو الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، أما الدعاء الطويل فهذا لا وجود له في السنة ، هذا من جهة ، من جهة أخرى لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه كان يرفع يديه في مثل هذا الدعاء الموجز المختصر ، فالسنة إذًا يجب أن تُتبّع حذو القذَّة بالقذَّة ؛ لأن الرسول - عليه السلام - هو القدوة ، فما كان من الدّعاء مشروعًا دعونا ، وما كان من الدعاء رفع فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يديه رفعنا ، وما كان من الدعاء دعا الرسول - عليه السلام - ، ولم يرفع فلا نرفع ، هذا هو مقتضى قول ربنا - تبارك وتعالى - : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) ، هأنتم مثلًا تدعون في الجلسة التي بين السجدتين : ( رب اغفر لي ، وارحمني ، واجبرني ، وارفعني ، واهدني ، وعافني ، وارزقني ) ، لكن لا ترفعون أيديكم لماذا ؟
اتباعًا لسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ، فإننا منه تلقَّينا هذا الدعاء ، ولكننا ما تلقَّينا منه رفع اليدين لهذا الدعاء ، وهكذا قِسْ على ذلك الدعاء في التشهّد ، فلا يجلس أحدنا ويرفع يديه عند بدئه بالثناء على ربه - تبارك وتعالى - : ( التّحيات لله ) ، ثم يأتي بعد ذلك الدعاء الصريح بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ثم يأتي بعد ذلك الاستعاذة بالله من أربع ، ثم كما قال - عليه السلام - : ( ليتخيَّر من الدّعاء ما شاء ) ما نرفع أيدينا في هذا الدّعاء كلّه ، لماذا ؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك ، خلاف ذلك في قنوت النوازل ، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رفع يديه في قنوت النازلة ، فهنا - مع أننا في الصلاة - نرفع أيدينا - أيضًا - اتباعًا للرسول - عليه السلام - ، من هذا التفصيل في هذه المسألة الجزئية وأمثالها جاءت قاعدة فقهية هامة جدًّا ، من عرفها وتفقَّه بها التزم السنة وحاد عن البدعة ، تلك القاعدة هي التي تقول بأن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنقسم إلى قسمين : سنة فعلية وسنّة تركية ، وحذار أن يقول أحد سنة تُركية ، وإنما هي سنّة تَركية نقيض الفعلية ، فالسنة سنتان : سنة فعلية وسنة تَركية ، معنى هذا ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العبادات والطاعات فسنَّة لنا أن نفعل ذلك كله ، وما ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطاعات والعبادات فالسنة في حقِّنا أن نترك ذلك اتباعًا لنبينا - صلوات الله وسلامه عليه - ، سنة فعلية وسنة تَركيّة .
نحن - مثلًا - نؤذن للصلوات الخمس ، لا نؤذن لصلاة العيدين ، ولا لصلاة الاستسقاء ، ولا لصلاة الكسوف ، مع أن الأمر لو رُفع فيه إلى العقلِ - العقل البشري القاصر - لَقال إن حاجة الناس للأذان لمثل صلاة الاستسقاء - مثلًا - أو صلاة الكسوف والخسوف ، هم بحاجة إلى مثل هذا الأذان أكثر من أذان الصلوات الخمس ، لأن الصلوات الخمس أمور رتيبة نظامية في كل يوم خمس صلوات ، ولذلك فالمسلم قد يشعر باقتراب وقت الظهر ، باقتراب وقت العصر ، فيتهيَّأ لذلك ، أما حينما يُفاجأ بأن إمام المسلمين أو نائبه يريد أن يصلي صلاة الاستسقاء ، أو صلاة الكسوف ، أو الخسوف ، فالناس في هذه الحالة بحاجة إلى إعلان ، وخير إعلان إنما هو الأذان ، مع ذلك لم يُشرع للمسلمين الأذان في غير الصلوات الخمس ، ومع ذلك تجد بعض المسلمين اليوم ابتدعوا أذانًا ليت كان ذلك كان للأحياء ، بل بمناسبة الأموات ، فحينما يُدفنون ويُنزلون الميت في القبر تجد أحد هؤلاء الأحياء بل الأموات يؤذِّن ، فلمن يؤذن ؟ هكذا زُيِّن له سوء عمله ، فهذا الأذان بدعة لم يفعله الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ، فما دام أنه تركه فالسنة الترك .
الشيخ : أعد السؤال .
السائل : هل يجوز الدعاء بعد الصلاة المفروضة بهيئة اجتماعية أو جماعية ؟ وبعض الناس يستدل بحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى صلاة الفجر ، ثم انحرف ورفع يديه ودعا .
الشيخ : مثل هذا الحديث لا نعرف له أصلًا في كتب السنة التي وقفنا عليها ، ومن المعروف أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان إذا سلم من الصلاة لم يربط ولم يقيِّد المقتدين بما يفعله هو بعد ذلك من الأذكار أو الدعاء ، هذا شيء ، وشيء آخر لا يوجد هناك أحاديث تدل على أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يدعو مثل هذا الدعاء الطويل العريض الذي يأتي به بعض أئمة المساجد ، وإنما هناك بعض الأدعية المختصرة جدًّا جدًّا كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ) ، هذا الورد الذي هو من أوراد النوم ثبت - أيضًا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوله بعد الفريضة ، ومثل قوله - عليه السلام - في الورد المعروف لدى المصلين جميعًا : ( اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ، مثل هذه الأدعية الموجزة المختصرة هو الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، أما الدعاء الطويل فهذا لا وجود له في السنة ، هذا من جهة ، من جهة أخرى لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه كان يرفع يديه في مثل هذا الدعاء الموجز المختصر ، فالسنة إذًا يجب أن تُتبّع حذو القذَّة بالقذَّة ؛ لأن الرسول - عليه السلام - هو القدوة ، فما كان من الدّعاء مشروعًا دعونا ، وما كان من الدعاء رفع فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يديه رفعنا ، وما كان من الدعاء دعا الرسول - عليه السلام - ، ولم يرفع فلا نرفع ، هذا هو مقتضى قول ربنا - تبارك وتعالى - : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) ، هأنتم مثلًا تدعون في الجلسة التي بين السجدتين : ( رب اغفر لي ، وارحمني ، واجبرني ، وارفعني ، واهدني ، وعافني ، وارزقني ) ، لكن لا ترفعون أيديكم لماذا ؟
اتباعًا لسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ، فإننا منه تلقَّينا هذا الدعاء ، ولكننا ما تلقَّينا منه رفع اليدين لهذا الدعاء ، وهكذا قِسْ على ذلك الدعاء في التشهّد ، فلا يجلس أحدنا ويرفع يديه عند بدئه بالثناء على ربه - تبارك وتعالى - : ( التّحيات لله ) ، ثم يأتي بعد ذلك الدعاء الصريح بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ثم يأتي بعد ذلك الاستعاذة بالله من أربع ، ثم كما قال - عليه السلام - : ( ليتخيَّر من الدّعاء ما شاء ) ما نرفع أيدينا في هذا الدّعاء كلّه ، لماذا ؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك ، خلاف ذلك في قنوت النوازل ، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - رفع يديه في قنوت النازلة ، فهنا - مع أننا في الصلاة - نرفع أيدينا - أيضًا - اتباعًا للرسول - عليه السلام - ، من هذا التفصيل في هذه المسألة الجزئية وأمثالها جاءت قاعدة فقهية هامة جدًّا ، من عرفها وتفقَّه بها التزم السنة وحاد عن البدعة ، تلك القاعدة هي التي تقول بأن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تنقسم إلى قسمين : سنة فعلية وسنّة تركية ، وحذار أن يقول أحد سنة تُركية ، وإنما هي سنّة تَركية نقيض الفعلية ، فالسنة سنتان : سنة فعلية وسنة تَركية ، معنى هذا ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العبادات والطاعات فسنَّة لنا أن نفعل ذلك كله ، وما ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطاعات والعبادات فالسنة في حقِّنا أن نترك ذلك اتباعًا لنبينا - صلوات الله وسلامه عليه - ، سنة فعلية وسنة تَركيّة .
نحن - مثلًا - نؤذن للصلوات الخمس ، لا نؤذن لصلاة العيدين ، ولا لصلاة الاستسقاء ، ولا لصلاة الكسوف ، مع أن الأمر لو رُفع فيه إلى العقلِ - العقل البشري القاصر - لَقال إن حاجة الناس للأذان لمثل صلاة الاستسقاء - مثلًا - أو صلاة الكسوف والخسوف ، هم بحاجة إلى مثل هذا الأذان أكثر من أذان الصلوات الخمس ، لأن الصلوات الخمس أمور رتيبة نظامية في كل يوم خمس صلوات ، ولذلك فالمسلم قد يشعر باقتراب وقت الظهر ، باقتراب وقت العصر ، فيتهيَّأ لذلك ، أما حينما يُفاجأ بأن إمام المسلمين أو نائبه يريد أن يصلي صلاة الاستسقاء ، أو صلاة الكسوف ، أو الخسوف ، فالناس في هذه الحالة بحاجة إلى إعلان ، وخير إعلان إنما هو الأذان ، مع ذلك لم يُشرع للمسلمين الأذان في غير الصلوات الخمس ، ومع ذلك تجد بعض المسلمين اليوم ابتدعوا أذانًا ليت كان ذلك كان للأحياء ، بل بمناسبة الأموات ، فحينما يُدفنون ويُنزلون الميت في القبر تجد أحد هؤلاء الأحياء بل الأموات يؤذِّن ، فلمن يؤذن ؟ هكذا زُيِّن له سوء عمله ، فهذا الأذان بدعة لم يفعله الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ، فما دام أنه تركه فالسنة الترك .
- الفتاوى الإماراتية - شريط : 8
- توقيت الفهرسة : 00:29:06
- نسخة مدققة إملائيًّا