موعظة في تقوى الله عز وجل .
A-
A=
A+
السائل : ... هذه ... ، والضيف يكرم ، ولكن نحن لحينا عليه فلعله يتفضل مشكورا ، في كلمة بصيرة من آيات الله سبحانه وتعالى وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وشكر الله له ووفق الله الجميع والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الشيخ : ... معليش نحن ضيوف معكم .
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) ، (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
من المعلوم لدى عامة المسلمين قول رب العالمين في كتابه الكريم (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، مع شهرة هذه الآية لدى عامة المسلمين ، فنقول آسفين ،إن أكثر هؤلاء المسلمين ، لا يتأثرون بها، ولا يقفون عند معناها ، ولا يتجاوبون مع نصها الصريح ، الذي يقول : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ومن أشهرها وأطمها وأعمها ابتلاء الأغنياء من المسلمين بإيداعهم لأموالهم في البنوك ، سواء ما كان منها يسمى ، بالبنوك الإسلامية أو غيرها ، ويزعمون بأنهم لا يستطيعون أن يودعوا أموالهم ، إلا في هذه البنوك محافظة عليها فأين هم وهذه الآية الكريمة ، (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، والكلام في هذا الصدد طويل الذيل ، لكني أريد أن أذكر إخواننا الحاضرين لبعض الأحاديث الصحيحة التي يمكن اعتبارها تفسيرا لهذه الآية الكريمة ، كنماذج كيف يظهر أثر التقوى في صاحبها ، وكيف أن الله عز وجل ، يجد لصاحبها مخرجا ، من ذلك مثلا حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما وحديث النعمان بن بشير ، وغيرهما ، في الصحيحين وغيرهما أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال بينما ثلاثة نفر ، ممن كان قبلكم يمشون ) وقبل أن أتم لكم هذا الحديث وربنا إذا ساعدنا الوقت تابعناه أو أتبعناه بحديث آخر ، قبل ذلك أريد أن أذكر بأن القصص التي تتعلق بمن قبلنا من النصارى واليهود ممن يعرفون بأهل الكتاب وتعرف القصص التي تتعلق بهم بأنها إسرائيليات ، يجب أن نعلم أن هذه الإسرائيليات تنقسم إلى قسمين : قسم منها تحدث بها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والقسم الآخر تحدث بها الناس سواء كانوا من الذين أسلموا من أهل الكتاب أو من غيرهم ، هذا القسم الثاني ، هو الذي يعنيه الرسول عليه السلام بقوله ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) لكن القسم الأول الذي حدث به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو من أحاديثه التي ينبغي لنا بعد أن ثبتت لدينا بالأسانيد الصحيحة ، أن نتلقاها بالقبول ، ولا يجوز لنا أن نتردد في روايتها ، بخلاف روايات الإسرائيليات الأخرى التي ليست تنسب إلى نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في صحيح البخاري كما في صحيح البخاري من حديث ابن عمرو ايضا رضي الله عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية ... ) ، بلغوا عني أي حدثوا عني ولو آية ، وليس المقصود بلفظ الآية هنا ، الآية في العرف العام أي الآية الكريمة وإنما المقصود بها، ما هو أعم من ذلك أي الجملة، التي جاءتنا من طريق رسولنا صلى الله عليه وسلم ، سواء كانت آية كريمة ، أو حديثا نبويا ، فالحديث عام ، بكل ما يتعلق بالإسلام كتابا وسنة ، ( بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار ) ، إعمالا وتجاوبا منا مع هذا الحديث الصحيح ( بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ... ) ، فنحن نتحدث إليكم ببعض هذه القصص ، التي صحت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، منها قصة الثلاثة ، وهي في صحيح البخاري ومسلم ، قال عليه الصلاة والسلام ،( بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم ، يمشون إذ أصابهم المطر فآووا إلى غار في جبل ، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض يا هؤلاء انظروا أعمالا صالحة عملتموها لله ) ، ويشترط في هذه الأعمال شرطان اثنان : صالحة أي مشروعة ، والشرط الثاني خالصة لله تبارك وتعالى،
(انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها ) ، أي توسلوا إلى الله بعمل صالح تعلمونه من أنفسكم ، أنه خرج من قلوبكم ، لوجه الله تبارك وتعالى ، لا تريدون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا ، فقام أحدهم وقال : ( ورفع يديه ، اللهم إن كنت تعلم ، أنه كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأتي وكان لي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت حلبت ، فبدأت بأبوي قبل بنيّ ، فنأى بي ذات يوم الشجر ، فما رجعت إلا وقد أمسيت ، فجئت إلى أبوي وحلبت كما كنت أحلب ، وجئت أبوي فوجدتهما قد ناما ، فقمت على رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما ، والصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي ) - تصور ما هذه الحالة وكيف كانت قال حتى أصبح الصباح ، وهو قائم عند رأس أبويه ، والحلاب يعني وعاء الحليب في يديه لا يتجرأ أن يوقظهما ويزعجهما بالإيقاظ ، ولا يتجرأ أن يسقي الصبية ، فيقدمهم على أبويه ، قال ( فلم يزل ذلك دأبي ، ودأبهم حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا منها ، فرجة نرى منها السماء ، فانزاحت الصخرة ) ما تفهمون صخرة حجر صغير ، جبل انحط على الغار قطعة من الجبل لا يمكن لأحد أن يزحزحه إلا الله تبارك وتعالى ، لما أتم هذا الرجل دعاءه بقوله ( اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنها منها فرجة، نرى منها السماء فانزاحت الصخرة شيئا قليلا ، ولكن لا يستطيعون الخروج ، حتى قام الرجل الثاني فقال اللهم إنك تعلم أنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت منها نفسها فأبت ، حتى آتيها بمائة دينار ، فتعبت حتى جمعت لها مائة دينار ، فلما وقعت بين رجليها، قالت يا عبد الله اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ) ... تصوروا هذه الحالة الرجل ليس غنيا، ليس من هؤلاء الأغنياء البطرين ، الذين تخرج منهم الملايين ، ولا يحسون ولا يشعرون بها لكثرة أموالهم ، إنما هو رجل فقير ، لأنه يقول: فتعبت حتى جمعت لها مائة دينار ، يجب أن تلاحظوا معي هذا التعب الذي أشار إليه لتعرفوا قيمة تركه لهذا المال وإعراضه عن قضاء شهوته التي اشتراها بهذا المال ، ( لما قالت له المرأة اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، وتركت لها المائة دينار ، فإن كنت اللهم تعلم ، أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ، ففرج عنا منها فرجة ، فانزاحت الصخرة ، بقدرة الله عز وجل ، شيئا قليلا ، لكن لما يستطيعوا الخروج حتى قام الرجل الثالث ، فقال اللهم إنك كنت تعلم أني كنت استأجرت أجيرا على فرق من أرز كيل ، من أرز فلما قضى عمله ، عرضت عليه فرقه فرغب عنه ، في بعض الروايات الأخرى استقله ، وطلب أكثر مما سبق اتفق مع صاحب العمل ، قال هذا الرجل ، فلم أزل أزرعه ، أخذ هذا الفرق من الأرز ، قال فلم أزل أزرعه ، حتى جمعت منه بقرا ورعاءها ثم جاءني ، ألمت به سنة جدب فتذكر أن له عند فلان فرقا من أرز فجاءه بعد سنين طويلة ، قال: يا فلان اتق الله ، وأعطني حقي ، يعني الفرق من الأرز ، قال : انظر إلى تلك البقر اذهب وخذها ، قال : يا عبد الله اتق الله ولا تستهزئ بي فإنما لي عندك فرق من أرز، قال: اذهب وخذها ، فإنما تلك البقر من ذاك الفرق، فذهب واستاقها لقمة سائغة بقر ورعيان من أثر فرق من أرز ، قال: اللهم إن كنت تعلم ، أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ، ففرج عنا ما بقي ، ففرج الله عنهم ما بقي وخرجوا من ذلك الغار ) ، هذا (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، حديث آخر من هذه الأحاديث التي تحدث بها نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، عن من كانوا من قبلنا من اليهود والنصارى ، قال عليه السلام ، والحديث هذا في صحيح البخاري ، ( جاء رجل ممن قبلكم إلى غني ، فقال له أقرضني مائة دينار ، قال هات الكفيل ، قال الله الكفيل ، قال هات الشهيد ، قال الله الشهيد ، فنقده مائة دينار ذهب أحمر ) ، بناء على هذه الكلمة ، هذه الكلمة في بعض البلاد العربية كسوريا والأردن يعبرون عنها بالدروشة ، أو جذبة أو ما أدري ماذا تقولون عنها، .
السائل : ... .
الشيخ : آه ، .... تمام لا شهيد ولا كفيل إلا الله ، تبارك وتعالى يبدوا أن كلا من المستقرض والمقرض ، على قاعدة الطيبون للطيبين، إن الطيور على أشكالها تقع في عندنا رجل غني ، تجاوب مع هذا القول ، ونقده مائة دينار ، لا كفيل ولا شهيد إلا رب العالمين ، تبارك وتعالى ، ( وافترقا على ميعاد يوم معلوم للوفاء ، وانطلق المستقرض في البحر ضاربا ، وعمل ما شاء الله وحل اليوم الموعود ، وهو لا يستطيع أن يحضر البلد التي فيها الغني ، فماذا فعل أخذ خشبة ونقرها وحفرها ، ودك فيها مائة دينار ذهب أحمر ، ثم حشرها حشرا ، ثم جاء إلى ساحل البحر ، فقال اللهم أنت كنت الكفيل ، وأنت كنت الشهيد ، ورمى الخشبة في البحر ) ، من يفعل هذا ؟ هو المتوكل على الله ، اتكالا ليس بعده اتكال ، ( الله تبارك وتعالى بقدرته ، وحكمته أمر الأمواج أن تسوق هذه الخشبة، حتى تصل إلى البلدة التي فيها الغني ، ويخرج الغني لتلقى المستقرض منه، في اليوم الموعود ، وينتظر وينتظر عبثا ، لكنه يرى الخشبة ، تتقاذفها الأمواج بين يديه ، وتتلاعب بها فألهم أن يأخذها بيده وإذا هي ثقيلة وازنة، لما أخذها إلى داره وكسرها ، إنهار أمامه مائة دينار ، ذهب فعجب لهذا الأمر ، ثم جاءه الرجل المستقرض - تأملوا الآن كيف هذا الرجل مخلص- وأنه يعلم أنه عمل عملا فوق الأسباب الكونية هو فعل هذا وليس عنده وحي يوحى إليه ، بأننا نحن نضمن أن نوصل هذه المائة دينار إلى الدائن ولهذا تجاهل كل ما فعل ، ومائة دينار ، ونقده مائة دينار يدا بيد ، فعجب ذلك الرجل فقص عليه قصة الخشبة وكيف أنه تلقاها من البحر ، قال له والله أنا الذي فعلت ذلك ، ولأني لما شعرت بأن الموعد قد حان ، وحل الأجل وإني عاجز عن الوفاء بالوعد ، فعلت ما فعلت ، وتوكلت على الله تبارك وتعالى قال له) -انظروا كيف الطيبون للطيبين- ، ( بارك الله لك في مالك ، وأعاد عليه المائة دينار ، واكتفي بالمئة دينار التي أرسلها الله إليه ) ، معجزة من معجزات الله الباقية، أليس هذا مثال واضح للآية السابقة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، هذا الحديث الصحيح في البخاري معناه أن الله عز وجل سخر البحر ، لهذا المؤمن التقي الورع ، مثل هذا الحديث الثالث وبه ننهي هذه الكلمة ، هذا الحديث الثالث رواه الإمام مسلم في صحيحه ، الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة بحمد الله وفضله ، الحديث الأول ، متفق عليه بين الشيخين ، البخاري ومسلم ، حديث الغار ، الحديث الثاني رواه البخاري الحديث الثالث الآتي ، رواه مسلم قال بإسناده الصحيح ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بينما رجل ممن كان قبلكم، يمشي في فلاة من الأرض صحراء ، إذ سمع صوتا من السحاب ، يخاطب السحاب يقول له ، اسق أرض فلان، فلان بن فلان - اسم من أسماء بني آدم في ذلك الزمان- صوت خارق للعادات من السماء ، ولاحظ هذا الرجل بأن السحاب اتجه وجهة معينة ، فسار والسحاب ، إلى أن وجد السحاب يلقي مشحونه من المطر في حديقة ، فأطل فيها ، فوجد رجلا يعمل فيها بالمنكاش أو المسحاة ، فسلم عليه فرد عليه السلام وتعجب منه ، لأنه ليس من تلك البلاد ، هو رجل غريب، فسأله كيف عرفت ، فقص عليه القصة أنه بينما يمشي ، سمع صوتا من السحاب ، اسق أرض فلان فسرت والسحاب ، حتى وصلت إليك فعرفت أنك أنت المقصود بذاك الخطاب ، فبما نلت هذه المنقبة، وحظيت بهذه الفضيلة ، قال لا أدري ، إنما أنا عندي هذه الأرض ، أزرعها ثم أحصدها، فأجعل حصيدها ، ثلاثة أثلاثا ، ثلث ، أنفقه على نفسي وأهلي ، ثلث أعيده إلى أرضي ، والثلث الثالث أتصدق به ، على جيراني والفقراء الذين من حولي ، قال فبهذا استحققت هذه الفضيلة من الله تبارك وتعالى ) ، فانظروا الآن ، كيف الله عز وجل سخر السحاب لهذا المؤمن ولأنه يقوم بواجب نفسه وأهله وواجب أرضه وواجب جيرانه ، نحن اليوم ضعف إيماننا ،ولم نعد نثق بأن المسلم إذا كان عنده ألوف مؤلفة من الدراهم أو الدنانير ، أن الله عز وجل يحفظها له ، بطريقة من الطرق التي هو أدرى بها من البشر عادة ، وهذا لا يعني أن لا يتخذ المسلم الأسباب ، أسباب صيانة ماله والمحافظة عليه وكما أقول في كثير من المناسبات كهذه المناسبة ، هل من الضروري أن الغني يرفع راية ، حيث وضع ماله وحفظه ليعرف الناس أن هنا مال مكنوز بالملايين ، حتى يأتي ، عليه أن يتعاطى الأسباب ويتوكل على رب الأرباب ، كهذا الرجل الذي ادّراكه الوقت ولم يستطع أن يأتي في اليوم الموعود ليفي ما عليه من الدين ، لم يقل هكذا اللهم وفيّ عني الدين ، لكن تحرك وتعاطى السبب ولو كان السبب هذا غير سبب كوني طبيعي ، فالله عز وجل وفى عنه بهذه الطريقة العجيبة ، لذلك نحن بحاجة إلى أن نحيي الإيمان ، الذي مات أو كاد أن يموت من قلوبنا ، لنتمكن من الاستغناء عن التعامل بالربا ، والتعامل مع البنوك ، ولكي نستغني عن الاعتذار ، بإيداعنا لأموالنا ، في هذه البنوك فنستحق بذلك لعنة الله والعياذ بالله ، الذي تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الصحيح ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) ، فلا ينبغي للمسلم الغني أن يظن أنه لا مسؤولية عليه إذا أودع ماله في البنك ، أي بنك كان ، ويظن أنه يحسن صنعا حين ، يقول أنا لا آخذ الربا ، هو ينسى أنه يوكل الربا غيره ، فسواء أكل أو أطعم ، كل ذلك محرم أشد التحريم ، بدليل هذا الحديث ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) ، نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا لاتباع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يحلينا بحلية التقوى، ونكون بذلك يومئذ من الناجين ، يوم نلقى الله تبارك وتعالى ،يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، والحمد لله رب العالمين .
السائل : شكر الله لكم .
الشيخ : ... معليش نحن ضيوف معكم .
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) ، (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )) . أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
من المعلوم لدى عامة المسلمين قول رب العالمين في كتابه الكريم (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، مع شهرة هذه الآية لدى عامة المسلمين ، فنقول آسفين ،إن أكثر هؤلاء المسلمين ، لا يتأثرون بها، ولا يقفون عند معناها ، ولا يتجاوبون مع نصها الصريح ، الذي يقول : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ومن أشهرها وأطمها وأعمها ابتلاء الأغنياء من المسلمين بإيداعهم لأموالهم في البنوك ، سواء ما كان منها يسمى ، بالبنوك الإسلامية أو غيرها ، ويزعمون بأنهم لا يستطيعون أن يودعوا أموالهم ، إلا في هذه البنوك محافظة عليها فأين هم وهذه الآية الكريمة ، (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، والكلام في هذا الصدد طويل الذيل ، لكني أريد أن أذكر إخواننا الحاضرين لبعض الأحاديث الصحيحة التي يمكن اعتبارها تفسيرا لهذه الآية الكريمة ، كنماذج كيف يظهر أثر التقوى في صاحبها ، وكيف أن الله عز وجل ، يجد لصاحبها مخرجا ، من ذلك مثلا حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما وحديث النعمان بن بشير ، وغيرهما ، في الصحيحين وغيرهما أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال بينما ثلاثة نفر ، ممن كان قبلكم يمشون ) وقبل أن أتم لكم هذا الحديث وربنا إذا ساعدنا الوقت تابعناه أو أتبعناه بحديث آخر ، قبل ذلك أريد أن أذكر بأن القصص التي تتعلق بمن قبلنا من النصارى واليهود ممن يعرفون بأهل الكتاب وتعرف القصص التي تتعلق بهم بأنها إسرائيليات ، يجب أن نعلم أن هذه الإسرائيليات تنقسم إلى قسمين : قسم منها تحدث بها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والقسم الآخر تحدث بها الناس سواء كانوا من الذين أسلموا من أهل الكتاب أو من غيرهم ، هذا القسم الثاني ، هو الذي يعنيه الرسول عليه السلام بقوله ( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ) لكن القسم الأول الذي حدث به الرسول عليه الصلاة والسلام فهو من أحاديثه التي ينبغي لنا بعد أن ثبتت لدينا بالأسانيد الصحيحة ، أن نتلقاها بالقبول ، ولا يجوز لنا أن نتردد في روايتها ، بخلاف روايات الإسرائيليات الأخرى التي ليست تنسب إلى نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في صحيح البخاري كما في صحيح البخاري من حديث ابن عمرو ايضا رضي الله عنه ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية ... ) ، بلغوا عني أي حدثوا عني ولو آية ، وليس المقصود بلفظ الآية هنا ، الآية في العرف العام أي الآية الكريمة وإنما المقصود بها، ما هو أعم من ذلك أي الجملة، التي جاءتنا من طريق رسولنا صلى الله عليه وسلم ، سواء كانت آية كريمة ، أو حديثا نبويا ، فالحديث عام ، بكل ما يتعلق بالإسلام كتابا وسنة ، ( بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار ) ، إعمالا وتجاوبا منا مع هذا الحديث الصحيح ( بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ... ) ، فنحن نتحدث إليكم ببعض هذه القصص ، التي صحت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، منها قصة الثلاثة ، وهي في صحيح البخاري ومسلم ، قال عليه الصلاة والسلام ،( بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم ، يمشون إذ أصابهم المطر فآووا إلى غار في جبل ، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض يا هؤلاء انظروا أعمالا صالحة عملتموها لله ) ، ويشترط في هذه الأعمال شرطان اثنان : صالحة أي مشروعة ، والشرط الثاني خالصة لله تبارك وتعالى،
(انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا الله بها ) ، أي توسلوا إلى الله بعمل صالح تعلمونه من أنفسكم ، أنه خرج من قلوبكم ، لوجه الله تبارك وتعالى ، لا تريدون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا ، فقام أحدهم وقال : ( ورفع يديه ، اللهم إن كنت تعلم ، أنه كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأتي وكان لي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت حلبت ، فبدأت بأبوي قبل بنيّ ، فنأى بي ذات يوم الشجر ، فما رجعت إلا وقد أمسيت ، فجئت إلى أبوي وحلبت كما كنت أحلب ، وجئت أبوي فوجدتهما قد ناما ، فقمت على رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما ، والصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي ) - تصور ما هذه الحالة وكيف كانت قال حتى أصبح الصباح ، وهو قائم عند رأس أبويه ، والحلاب يعني وعاء الحليب في يديه لا يتجرأ أن يوقظهما ويزعجهما بالإيقاظ ، ولا يتجرأ أن يسقي الصبية ، فيقدمهم على أبويه ، قال ( فلم يزل ذلك دأبي ، ودأبهم حتى طلع الفجر ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا منها ، فرجة نرى منها السماء ، فانزاحت الصخرة ) ما تفهمون صخرة حجر صغير ، جبل انحط على الغار قطعة من الجبل لا يمكن لأحد أن يزحزحه إلا الله تبارك وتعالى ، لما أتم هذا الرجل دعاءه بقوله ( اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنها منها فرجة، نرى منها السماء فانزاحت الصخرة شيئا قليلا ، ولكن لا يستطيعون الخروج ، حتى قام الرجل الثاني فقال اللهم إنك تعلم أنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت منها نفسها فأبت ، حتى آتيها بمائة دينار ، فتعبت حتى جمعت لها مائة دينار ، فلما وقعت بين رجليها، قالت يا عبد الله اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ) ... تصوروا هذه الحالة الرجل ليس غنيا، ليس من هؤلاء الأغنياء البطرين ، الذين تخرج منهم الملايين ، ولا يحسون ولا يشعرون بها لكثرة أموالهم ، إنما هو رجل فقير ، لأنه يقول: فتعبت حتى جمعت لها مائة دينار ، يجب أن تلاحظوا معي هذا التعب الذي أشار إليه لتعرفوا قيمة تركه لهذا المال وإعراضه عن قضاء شهوته التي اشتراها بهذا المال ، ( لما قالت له المرأة اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، وتركت لها المائة دينار ، فإن كنت اللهم تعلم ، أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ، ففرج عنا منها فرجة ، فانزاحت الصخرة ، بقدرة الله عز وجل ، شيئا قليلا ، لكن لما يستطيعوا الخروج حتى قام الرجل الثالث ، فقال اللهم إنك كنت تعلم أني كنت استأجرت أجيرا على فرق من أرز كيل ، من أرز فلما قضى عمله ، عرضت عليه فرقه فرغب عنه ، في بعض الروايات الأخرى استقله ، وطلب أكثر مما سبق اتفق مع صاحب العمل ، قال هذا الرجل ، فلم أزل أزرعه ، أخذ هذا الفرق من الأرز ، قال فلم أزل أزرعه ، حتى جمعت منه بقرا ورعاءها ثم جاءني ، ألمت به سنة جدب فتذكر أن له عند فلان فرقا من أرز فجاءه بعد سنين طويلة ، قال: يا فلان اتق الله ، وأعطني حقي ، يعني الفرق من الأرز ، قال : انظر إلى تلك البقر اذهب وخذها ، قال : يا عبد الله اتق الله ولا تستهزئ بي فإنما لي عندك فرق من أرز، قال: اذهب وخذها ، فإنما تلك البقر من ذاك الفرق، فذهب واستاقها لقمة سائغة بقر ورعيان من أثر فرق من أرز ، قال: اللهم إن كنت تعلم ، أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ، ففرج عنا ما بقي ، ففرج الله عنهم ما بقي وخرجوا من ذلك الغار ) ، هذا (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، حديث آخر من هذه الأحاديث التي تحدث بها نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، عن من كانوا من قبلنا من اليهود والنصارى ، قال عليه السلام ، والحديث هذا في صحيح البخاري ، ( جاء رجل ممن قبلكم إلى غني ، فقال له أقرضني مائة دينار ، قال هات الكفيل ، قال الله الكفيل ، قال هات الشهيد ، قال الله الشهيد ، فنقده مائة دينار ذهب أحمر ) ، بناء على هذه الكلمة ، هذه الكلمة في بعض البلاد العربية كسوريا والأردن يعبرون عنها بالدروشة ، أو جذبة أو ما أدري ماذا تقولون عنها، .
السائل : ... .
الشيخ : آه ، .... تمام لا شهيد ولا كفيل إلا الله ، تبارك وتعالى يبدوا أن كلا من المستقرض والمقرض ، على قاعدة الطيبون للطيبين، إن الطيور على أشكالها تقع في عندنا رجل غني ، تجاوب مع هذا القول ، ونقده مائة دينار ، لا كفيل ولا شهيد إلا رب العالمين ، تبارك وتعالى ، ( وافترقا على ميعاد يوم معلوم للوفاء ، وانطلق المستقرض في البحر ضاربا ، وعمل ما شاء الله وحل اليوم الموعود ، وهو لا يستطيع أن يحضر البلد التي فيها الغني ، فماذا فعل أخذ خشبة ونقرها وحفرها ، ودك فيها مائة دينار ذهب أحمر ، ثم حشرها حشرا ، ثم جاء إلى ساحل البحر ، فقال اللهم أنت كنت الكفيل ، وأنت كنت الشهيد ، ورمى الخشبة في البحر ) ، من يفعل هذا ؟ هو المتوكل على الله ، اتكالا ليس بعده اتكال ، ( الله تبارك وتعالى بقدرته ، وحكمته أمر الأمواج أن تسوق هذه الخشبة، حتى تصل إلى البلدة التي فيها الغني ، ويخرج الغني لتلقى المستقرض منه، في اليوم الموعود ، وينتظر وينتظر عبثا ، لكنه يرى الخشبة ، تتقاذفها الأمواج بين يديه ، وتتلاعب بها فألهم أن يأخذها بيده وإذا هي ثقيلة وازنة، لما أخذها إلى داره وكسرها ، إنهار أمامه مائة دينار ، ذهب فعجب لهذا الأمر ، ثم جاءه الرجل المستقرض - تأملوا الآن كيف هذا الرجل مخلص- وأنه يعلم أنه عمل عملا فوق الأسباب الكونية هو فعل هذا وليس عنده وحي يوحى إليه ، بأننا نحن نضمن أن نوصل هذه المائة دينار إلى الدائن ولهذا تجاهل كل ما فعل ، ومائة دينار ، ونقده مائة دينار يدا بيد ، فعجب ذلك الرجل فقص عليه قصة الخشبة وكيف أنه تلقاها من البحر ، قال له والله أنا الذي فعلت ذلك ، ولأني لما شعرت بأن الموعد قد حان ، وحل الأجل وإني عاجز عن الوفاء بالوعد ، فعلت ما فعلت ، وتوكلت على الله تبارك وتعالى قال له) -انظروا كيف الطيبون للطيبين- ، ( بارك الله لك في مالك ، وأعاد عليه المائة دينار ، واكتفي بالمئة دينار التي أرسلها الله إليه ) ، معجزة من معجزات الله الباقية، أليس هذا مثال واضح للآية السابقة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، هذا الحديث الصحيح في البخاري معناه أن الله عز وجل سخر البحر ، لهذا المؤمن التقي الورع ، مثل هذا الحديث الثالث وبه ننهي هذه الكلمة ، هذا الحديث الثالث رواه الإمام مسلم في صحيحه ، الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة بحمد الله وفضله ، الحديث الأول ، متفق عليه بين الشيخين ، البخاري ومسلم ، حديث الغار ، الحديث الثاني رواه البخاري الحديث الثالث الآتي ، رواه مسلم قال بإسناده الصحيح ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بينما رجل ممن كان قبلكم، يمشي في فلاة من الأرض صحراء ، إذ سمع صوتا من السحاب ، يخاطب السحاب يقول له ، اسق أرض فلان، فلان بن فلان - اسم من أسماء بني آدم في ذلك الزمان- صوت خارق للعادات من السماء ، ولاحظ هذا الرجل بأن السحاب اتجه وجهة معينة ، فسار والسحاب ، إلى أن وجد السحاب يلقي مشحونه من المطر في حديقة ، فأطل فيها ، فوجد رجلا يعمل فيها بالمنكاش أو المسحاة ، فسلم عليه فرد عليه السلام وتعجب منه ، لأنه ليس من تلك البلاد ، هو رجل غريب، فسأله كيف عرفت ، فقص عليه القصة أنه بينما يمشي ، سمع صوتا من السحاب ، اسق أرض فلان فسرت والسحاب ، حتى وصلت إليك فعرفت أنك أنت المقصود بذاك الخطاب ، فبما نلت هذه المنقبة، وحظيت بهذه الفضيلة ، قال لا أدري ، إنما أنا عندي هذه الأرض ، أزرعها ثم أحصدها، فأجعل حصيدها ، ثلاثة أثلاثا ، ثلث ، أنفقه على نفسي وأهلي ، ثلث أعيده إلى أرضي ، والثلث الثالث أتصدق به ، على جيراني والفقراء الذين من حولي ، قال فبهذا استحققت هذه الفضيلة من الله تبارك وتعالى ) ، فانظروا الآن ، كيف الله عز وجل سخر السحاب لهذا المؤمن ولأنه يقوم بواجب نفسه وأهله وواجب أرضه وواجب جيرانه ، نحن اليوم ضعف إيماننا ،ولم نعد نثق بأن المسلم إذا كان عنده ألوف مؤلفة من الدراهم أو الدنانير ، أن الله عز وجل يحفظها له ، بطريقة من الطرق التي هو أدرى بها من البشر عادة ، وهذا لا يعني أن لا يتخذ المسلم الأسباب ، أسباب صيانة ماله والمحافظة عليه وكما أقول في كثير من المناسبات كهذه المناسبة ، هل من الضروري أن الغني يرفع راية ، حيث وضع ماله وحفظه ليعرف الناس أن هنا مال مكنوز بالملايين ، حتى يأتي ، عليه أن يتعاطى الأسباب ويتوكل على رب الأرباب ، كهذا الرجل الذي ادّراكه الوقت ولم يستطع أن يأتي في اليوم الموعود ليفي ما عليه من الدين ، لم يقل هكذا اللهم وفيّ عني الدين ، لكن تحرك وتعاطى السبب ولو كان السبب هذا غير سبب كوني طبيعي ، فالله عز وجل وفى عنه بهذه الطريقة العجيبة ، لذلك نحن بحاجة إلى أن نحيي الإيمان ، الذي مات أو كاد أن يموت من قلوبنا ، لنتمكن من الاستغناء عن التعامل بالربا ، والتعامل مع البنوك ، ولكي نستغني عن الاعتذار ، بإيداعنا لأموالنا ، في هذه البنوك فنستحق بذلك لعنة الله والعياذ بالله ، الذي تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الصحيح ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) ، فلا ينبغي للمسلم الغني أن يظن أنه لا مسؤولية عليه إذا أودع ماله في البنك ، أي بنك كان ، ويظن أنه يحسن صنعا حين ، يقول أنا لا آخذ الربا ، هو ينسى أنه يوكل الربا غيره ، فسواء أكل أو أطعم ، كل ذلك محرم أشد التحريم ، بدليل هذا الحديث ( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ) ، نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا رشدنا وأن يوفقنا لاتباع كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يحلينا بحلية التقوى، ونكون بذلك يومئذ من الناجين ، يوم نلقى الله تبارك وتعالى ،يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، والحمد لله رب العالمين .
السائل : شكر الله لكم .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 84
- توقيت الفهرسة : 00:02:04
- نسخة مدققة إملائيًّا