ما حكم سرقة الموظف من أموال الدولة بموافقة المدير ؟
A-
A=
A+
السائل : إنسان سأل إنسان آخر ؛ أنُّو ما حكم السرقة من عمل إنسان ... عمل ما ، وخاصَّة إذا كان هذا الإنسان موظف في الدولة ، فأجاب إنسان آخر أنُّو يجوز له أن يأخذ ما شاء ، وما عليه إثم شيء ، فنرجو أن توضِّح لنا ... هذه المسألة ... ؟
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
في سؤالك كأنُّو .
عيد عباسي : ما واضح .
الشيخ : يتضمَّن ، لا ، يتضمَّن سؤالين أو صورتين ؛ أنُّو هون إذا كان فيه عمل لا سيَّما إذا كان عمل الدولة ... مقصود ؟ ولَّا المقصود عمل الدولة فقط ؟
السائل : هو الكلام مقصود سواء كان هذا الإنسان موظف أو غير موظف ، المهم يسرق من هالدولة .
الشيخ : السرقة من الدولة فقط ؛ لأنُّو كلامك الأول قد يفيد صورة أخرى ؛ وهو إنسان موظف في معمل كبير لإنسان ، لإنسان ليس موظَّفًا في الدولة ، رجل غني عنده معمل ، ولديه موظف ، فهالموظف هاد يسرق من هذا المعمل ، هذا ما تقصده في السؤال .
السائل : لا ، هذا ... .
الشيخ : إذًا السؤال محدَّد بأنُّو موظف في الدولة ، وأن ذاك المجيب أجاب بأنه يجوز بأن يسرق من الدولة .
السائل : نعم .
الشيخ : لا نشك بأنُّو هذا الجواب خطأ ؛ لأن السرقة محرَّمة بنصِّ الكتاب والسنة ، والأمر ما يحتاج إلى ذكر الأدلة ، فالقرآن يقول : (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا )) ، والحديث يقول : ( لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ) إلى آخره ، فهذه الأحاديث الواردة في بيان أن السارق ليس مؤمنًا كامل الإيمان ، والآية التي تبيِّن أن مَن يسرق يستحقُّ قطع اليد سواء كان ذكرًا أو أنثى ، هذه الأحاديث والآيات بعمومها تحرِّم السرقة ؛ سواءً كانت السرقة من فرد أو من فرد من الدولة ، وما مَثَل مَن يقول بإباحة هذه السرقة وجوازها إلا كمثل مَن يقول : يجوز أن تسرق مال اليهودي أو مال النصراني أو مال المجوسي ، هذا مثل هذا تمامًا ، ولو أردنا أن نستدلَّ على تحريم سرقة المسلم لمال غير المسلم سواء كان يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا لَمَا وجدنا بطبيعة الحال نصوص خاصة في الكتاب والسنة تقول : لا يجوز للمسلم أن يسرق مال اليهودي أو النصراني أو المجوسي ، ما فيه هيك نصوص طبعًا ، وإنما يُؤخذ تحريم هذا النوع من السرقةِ السرقة من المسلم من الكافر إنما تُؤخذ من الأدلة العامة التي أشرنا إليها ، فكذلك الجواب عن السؤال السابق وهو السرقة من مال الدولة لا يجوز ؛ لدخول هذا النوع من السرقة في الأدلة العامة التي ذكرناها كدخول تلك الأجزاء والأنواع الأخرى من السرقة ، هذا كهذا تمامًا .
وظني أن الذي يفتي بجواز مثل هذه السرقة أنه ينظر إلى أن الدولة التي قد يبيح هو السرقة من مالها يراها دولة تأخذ أموال الشعب ظلمًا وبغيًا وعدوانًا .
السائل : هذا ما قاله بالضبط .
الشيخ : أظن أن هذا وجهة نظره ، إي نعم ، وفي هذه الحالة هو يقول : فما دام هي تسرق وتأخذ وتغتصب المال فيجوز للفرد منَّا أن يقابل هذه الدولة بمثل عملها ؛ فأنا أقول أن هناك فرقًا كبيرًا بين ما تفعله الدولة حينما تكون غاصبة وآخذة بمال الشعب بغير حقٍّ ، وبين ما يفعله فرد من أفراد الشعب حينما يأخذ المال من الدولة خلسةً وسرقةً ونحو ذلك ، الفرق هو أن الدولة حينما تأخذ المال من الشعب تأخذه من هذا وذاك من أنواع من ذوات متعدِّدة ؛ هذا العمل طبعًا لا يجوز في الإسلام ، لا يجوز للدولة لأن تظلم أفراد الأمة ؛ هذا أمر مفروغ منه ، ولكن الفرد من أفراد الشعب حينما يعود على دولته لِيُعاملها بنفس العمل السَّيِّئ التي تعامل الدولةُ أفرادَ الشعب فهذا السارق أوَّلًا هو يظن أنه يسرق مال الدولة ، والواقع أنه يسرق مال الشعب ؛ لأنُّو هذا المال الذي أخَذَتْه الدولة بطريق غير مشروع هو مال الشعب ، فالسارق حينما يسرق هو لا يسرق من الدولة ، وإنما يسرق مال الشعب . بمعنى أبسط وأوضح وأظهر أن الذي ينقُمُه هذا السارق على الدولة هو يقع فيه تمامًا ، لعله هذا واضح ؟
السائل : نعم ، واضح .
الشيخ : الذي ينقُمُه وينكره هذا السارق على الدولة هو يقع فيه تمامًا ؛ ذلك لأن الدولة لا تملك ، وكل ما تملكه هو مال الشعب ، ثم قد يأخذ هو - أي : هذا السارق - من مال الدولة الذي لا تكون الدولة أخَذَتْه من طريق غير مشروع ؛ لأن مال الدولة بلا شك فيه ما هو جائز وفيه ما هو غير جائز ، كمال أيِّ غنيٍّ في الدنيا ، فالمال - مثلًا - الذي يتاجر بأشياء محرَّمة ، لكن هو في الوقت نفسه يتاجر بأشياء مباحة ، فهذا المال ليس كله محرَّمًا ، فبعضه حرام وبعضه حلال ، كذلك الدولة المال الذي يوجد عندها ليس كله مباح ، لو فرضنا - مثلًا - هذه الأموال التي تأتي من بعض الدول كإعانة أو هبة أو دعم مشاريع اقتصادية أو إلى آخره ؛ هذا لا نستطيع أن نقول أنُّو هذا مال أخَذَتْه الدولة بطريق غير مشروع ، فأنا آخذ منه بنفس الطريق طريق غير مشروع .
لذلك فهذا الإنسان الذي يعود بالسرقة على مال الدولة لا يكون حكمه إلا كحكم الدولة حينما تبغي وتأخذ المال من الشعب أو الأمة .
وأخيرًا أقول : إن المسألة في وجهة نظر الإسلام أهم مما سبق ؛ لأننا نفترض أن شخصًا سرق مني مالًا ؛ فهل يجوز إسلاميًّا أن أسرق أنا منه ؟ يأتي الجواب صراحةً بقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( أدِّ الأمانة إلى مَن ائتَمَنَك ، ولا تَخُنْ مَن خَانَك ) ، فإذا أنا سرقت منك فأنت لا تُعاملني بمثل عملي ؛ فلا تسرق مني ، فكذلك إذا كانت دولة ما تأخذ من الشعب أموالهم بغير حقٍّ فلا يجوز لفرد من أفراد الشعب أن يعود على الدولة ، فيعاملها بنفس المعاملة لأنها معاملة غير مشروعة .
وأخيرًا : بعد بيان عدم جواز هذه السرقة أقول : إن الإفتاء بإباحة هذه السرقة فيه تشويه للإسلام ولشريعة الإسلام ، وفيه فتح باب أمام خصوم الإسلام لمهاجمة الإسلام بكلام المسلمين أنفسهم الذين يفتون بإباحة ما حرَّم الله من السرقة بدعوى أن السارق يسرق من الدولة .
هذا ما عندي ، ولعل المسألة وضحت إن شاء الله .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
في سؤالك كأنُّو .
عيد عباسي : ما واضح .
الشيخ : يتضمَّن ، لا ، يتضمَّن سؤالين أو صورتين ؛ أنُّو هون إذا كان فيه عمل لا سيَّما إذا كان عمل الدولة ... مقصود ؟ ولَّا المقصود عمل الدولة فقط ؟
السائل : هو الكلام مقصود سواء كان هذا الإنسان موظف أو غير موظف ، المهم يسرق من هالدولة .
الشيخ : السرقة من الدولة فقط ؛ لأنُّو كلامك الأول قد يفيد صورة أخرى ؛ وهو إنسان موظف في معمل كبير لإنسان ، لإنسان ليس موظَّفًا في الدولة ، رجل غني عنده معمل ، ولديه موظف ، فهالموظف هاد يسرق من هذا المعمل ، هذا ما تقصده في السؤال .
السائل : لا ، هذا ... .
الشيخ : إذًا السؤال محدَّد بأنُّو موظف في الدولة ، وأن ذاك المجيب أجاب بأنه يجوز بأن يسرق من الدولة .
السائل : نعم .
الشيخ : لا نشك بأنُّو هذا الجواب خطأ ؛ لأن السرقة محرَّمة بنصِّ الكتاب والسنة ، والأمر ما يحتاج إلى ذكر الأدلة ، فالقرآن يقول : (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا )) ، والحديث يقول : ( لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ) إلى آخره ، فهذه الأحاديث الواردة في بيان أن السارق ليس مؤمنًا كامل الإيمان ، والآية التي تبيِّن أن مَن يسرق يستحقُّ قطع اليد سواء كان ذكرًا أو أنثى ، هذه الأحاديث والآيات بعمومها تحرِّم السرقة ؛ سواءً كانت السرقة من فرد أو من فرد من الدولة ، وما مَثَل مَن يقول بإباحة هذه السرقة وجوازها إلا كمثل مَن يقول : يجوز أن تسرق مال اليهودي أو مال النصراني أو مال المجوسي ، هذا مثل هذا تمامًا ، ولو أردنا أن نستدلَّ على تحريم سرقة المسلم لمال غير المسلم سواء كان يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مجوسيًّا لَمَا وجدنا بطبيعة الحال نصوص خاصة في الكتاب والسنة تقول : لا يجوز للمسلم أن يسرق مال اليهودي أو النصراني أو المجوسي ، ما فيه هيك نصوص طبعًا ، وإنما يُؤخذ تحريم هذا النوع من السرقةِ السرقة من المسلم من الكافر إنما تُؤخذ من الأدلة العامة التي أشرنا إليها ، فكذلك الجواب عن السؤال السابق وهو السرقة من مال الدولة لا يجوز ؛ لدخول هذا النوع من السرقة في الأدلة العامة التي ذكرناها كدخول تلك الأجزاء والأنواع الأخرى من السرقة ، هذا كهذا تمامًا .
وظني أن الذي يفتي بجواز مثل هذه السرقة أنه ينظر إلى أن الدولة التي قد يبيح هو السرقة من مالها يراها دولة تأخذ أموال الشعب ظلمًا وبغيًا وعدوانًا .
السائل : هذا ما قاله بالضبط .
الشيخ : أظن أن هذا وجهة نظره ، إي نعم ، وفي هذه الحالة هو يقول : فما دام هي تسرق وتأخذ وتغتصب المال فيجوز للفرد منَّا أن يقابل هذه الدولة بمثل عملها ؛ فأنا أقول أن هناك فرقًا كبيرًا بين ما تفعله الدولة حينما تكون غاصبة وآخذة بمال الشعب بغير حقٍّ ، وبين ما يفعله فرد من أفراد الشعب حينما يأخذ المال من الدولة خلسةً وسرقةً ونحو ذلك ، الفرق هو أن الدولة حينما تأخذ المال من الشعب تأخذه من هذا وذاك من أنواع من ذوات متعدِّدة ؛ هذا العمل طبعًا لا يجوز في الإسلام ، لا يجوز للدولة لأن تظلم أفراد الأمة ؛ هذا أمر مفروغ منه ، ولكن الفرد من أفراد الشعب حينما يعود على دولته لِيُعاملها بنفس العمل السَّيِّئ التي تعامل الدولةُ أفرادَ الشعب فهذا السارق أوَّلًا هو يظن أنه يسرق مال الدولة ، والواقع أنه يسرق مال الشعب ؛ لأنُّو هذا المال الذي أخَذَتْه الدولة بطريق غير مشروع هو مال الشعب ، فالسارق حينما يسرق هو لا يسرق من الدولة ، وإنما يسرق مال الشعب . بمعنى أبسط وأوضح وأظهر أن الذي ينقُمُه هذا السارق على الدولة هو يقع فيه تمامًا ، لعله هذا واضح ؟
السائل : نعم ، واضح .
الشيخ : الذي ينقُمُه وينكره هذا السارق على الدولة هو يقع فيه تمامًا ؛ ذلك لأن الدولة لا تملك ، وكل ما تملكه هو مال الشعب ، ثم قد يأخذ هو - أي : هذا السارق - من مال الدولة الذي لا تكون الدولة أخَذَتْه من طريق غير مشروع ؛ لأن مال الدولة بلا شك فيه ما هو جائز وفيه ما هو غير جائز ، كمال أيِّ غنيٍّ في الدنيا ، فالمال - مثلًا - الذي يتاجر بأشياء محرَّمة ، لكن هو في الوقت نفسه يتاجر بأشياء مباحة ، فهذا المال ليس كله محرَّمًا ، فبعضه حرام وبعضه حلال ، كذلك الدولة المال الذي يوجد عندها ليس كله مباح ، لو فرضنا - مثلًا - هذه الأموال التي تأتي من بعض الدول كإعانة أو هبة أو دعم مشاريع اقتصادية أو إلى آخره ؛ هذا لا نستطيع أن نقول أنُّو هذا مال أخَذَتْه الدولة بطريق غير مشروع ، فأنا آخذ منه بنفس الطريق طريق غير مشروع .
لذلك فهذا الإنسان الذي يعود بالسرقة على مال الدولة لا يكون حكمه إلا كحكم الدولة حينما تبغي وتأخذ المال من الشعب أو الأمة .
وأخيرًا أقول : إن المسألة في وجهة نظر الإسلام أهم مما سبق ؛ لأننا نفترض أن شخصًا سرق مني مالًا ؛ فهل يجوز إسلاميًّا أن أسرق أنا منه ؟ يأتي الجواب صراحةً بقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( أدِّ الأمانة إلى مَن ائتَمَنَك ، ولا تَخُنْ مَن خَانَك ) ، فإذا أنا سرقت منك فأنت لا تُعاملني بمثل عملي ؛ فلا تسرق مني ، فكذلك إذا كانت دولة ما تأخذ من الشعب أموالهم بغير حقٍّ فلا يجوز لفرد من أفراد الشعب أن يعود على الدولة ، فيعاملها بنفس المعاملة لأنها معاملة غير مشروعة .
وأخيرًا : بعد بيان عدم جواز هذه السرقة أقول : إن الإفتاء بإباحة هذه السرقة فيه تشويه للإسلام ولشريعة الإسلام ، وفيه فتح باب أمام خصوم الإسلام لمهاجمة الإسلام بكلام المسلمين أنفسهم الذين يفتون بإباحة ما حرَّم الله من السرقة بدعوى أن السارق يسرق من الدولة .
هذا ما عندي ، ولعل المسألة وضحت إن شاء الله .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 280
- توقيت الفهرسة : 01:06:42
- نسخة مدققة إملائيًّا