شرح الخصلة الثانية المبيحة للغيبة وهو المعرِّف ، وذكر الدليل عليها .
A-
A=
A+
الشيخ : والنوع الثاني " ومعرِّفٍ " ، وهذا فيما يقع كثيرًا وكثيرًا ، ويخلُّ كثير من الناس بالقيام به ، المعرِّف له أمثله من واقع حياتنا كما ذكرنا آنفًا ، ولكن السنة لا بد من الاستشهاد بها لا سيَّما في مثل هذه النقطة الحسَّاسة التي هي تقييد لمبدأ العام : الغيبة ( ذكرُكَ أخاك بما يكره ) إلا في كذا وكذا ؛ الستة المواطن التي سمعتموها ، فمنها المعرِّف ، فالسنة حفظَتْ لنا مثالًا صالحًا لِمَا نحن فيه ؛ حيث جاء في " صحيح البخاري " وغيره أن امرأةً جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن أبا جهم - بالميم - أبا جهم ، ولا يختلطنَّ على أسماعكم بأبي جهل ، وإنما هو أبو جهم هو من أصحاب الرسول - عليه السلام - الذين آمنوا به ، قالت هذه المرأة : " إن أبا جهم ومعاوية خَطَبَاني " ؛ كأنها تقول : فبِمَ تنصح يا رسول الله ؟ فرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ينصَحْها بأحدهما ، ولكنه ذَكَرَ لها ما لا بد من ذكره مما نحن في صدده ، ممَّا يمكن أن يعتبرَ ذلك بعض الجَهَلة أو بعض المتنطِّعين غيبة ، فالرسول - عليه السلام - استغاب ، لكن استغاب الاستغابة الجائزة بل الواجبة ؛ لماذا ؟ لأنه - عليه الصلاة والسلام - كان جوابه لها وصف كلٍّ من الخاطبين لها ، أو بالأحرى : بيان عيب كلٍّ من الرجلين بالنسبة لِعُرف النساء عادةً ؛ قال - عليه الصلاة والسلام - : ( أما أبو جهم فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ) ، وهذا طبعًا ما يسرُّ النساء على التفسيرين المذكورين عند العلماء ؛ لأن هذه الجملة فسَّروها بمعنيَين ، أوَّلهما أقوى عندنا من الآخر ، المعنى الأول أنه ضرَّاب للنساء ، فهو لمَّا قال - عليه السلام - : ( لا يضع العصا عن عاتقه ) كناية أنه مستعد لأن يضرب زوجته لأقل إيه ؟ خطيئة تبدر منها ، وهو بالطبع هذا شيء لا يرغب فيه النساء ، فكأنه يقول : الرجل لا عيب فيه إلا هذا ، فإذا كان عندك استعداد تتحمليه فهو نعم الرجل .
( وأما معاوية فرجلٌ صعلوك ) .
سائل آخر : ... .
الشيخ : إي عفوًا .
فاتَني ذكر التفسير الثاني لقوله - عليه السلام - : ( فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ) ؛ أي : إنه كناية على أنه كثير الأسفار ؛ لأن العرب عادةً يضعون المحجن العصا على كتفهم ، ويعلِّقون الزاد على رأس العصا ، ويمشون ويسافرون ؛ فهذا كناية على أن الرجل كثير الأسفار ، وهذا - أيضًا - عيب بالنسبة للنساء ؛ لأن النساء إلا القليلات منهنَّ يرغبْنَ في أزواجهنَّ أن يكونوا مثلهنَّ من قواعد البيوت ، وأن لا يخرجوا لا سيَّما في مرات وفي أيام كثيرة وكثيرة في الأسفار ولو بسبب إيه ؟ طلب الرزق ، فهذا - أيضًا - عيب بالنسبة للنساء ، لكن جاءت روايات أخرى فحدَّدت أن المراد بهذه الجملة اللطيفة - ( لا يضع العصا عن عاتقه ) - أنه يضرب النساء لِأتفَهِ الأسباب .
أما الرجل الآخر الذي خَطَبَها ؛ فقد قال - عليه الصلاة والسلام - فيه : ( أما معاوية فرجل صعلوك ) ؛ طبعًا لا يذهبَنَّ وَهَلُ وبالِ أحدكم إلى معاوية حينما صار ملك الملوك وخليفة المسلمين ؛ فهذه الدنيا يكون الإنسان في أول الأمر صعلوكًا ، ثم تدور الدنيا يدور دولابها ، وإذا يصبح بحقٍّ أو بباطل هذا بحث ثاني يصبح رئيسًا ، فمعاوية يوم خطب تلك المرأة كان رجلًا فقيرًا ، كان رجلًا صعلوكًا لا يُؤبه له ولا أحد يلتفت إليه ، وهذا - أيضًا - عيب بالنسبة للنساء ، النساء بدهم الرجل الحسيب النسيب الجميل ، الوجيه إلى آخره ، هكذا فعل الرسول - عليه السلام - ذَكَرَ لها عيبَ كلٍّ من الخاطبين ، وهنا الشاهد ؛ فهل هذه غيبة ؟
الجواب : لا ، أوَّلًا : لأن الرسول حاشاه أن يقع فيما نهى الناس عنه ، وثانيًا : لأن الغيبة المحرَّمة هي التي ينال الإنسان من غيره دون أن يبتغي من وراء ذلك مصلحة خاصَّة لمسلم أو عامة لمسلمين .
وههنا بدهي جدًّا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما وصفَ كلًّا من الرجلين لتلك المرأة لم يقصِدِ النيل منهما ، ولم يكن بينه وبين أحدٍ منهما أيُّ عدواة مطلقًا ، ولكنه ذكر ذلك نصحًا للسَّائلة حين قالت : " إن أبا جهم ومعاوية خَطَبَاني " . قال - عليه الصلاة والسلام - : ( أما أبو جهم فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ، وأما معاوية فرجلٌ صعلوكٌ ) .
ماذا كان عاقبة هذه الاستشارة من هذه المرأة وتوضيح الرسول - عليه السلام - لها ؟ ما سمعتم أن انصرفت عن كلٍّ من الرجلين ، فدلَّها الرسول - عليه السلام - على رجل من الصحابة من أفاضل الصحابة ، أظنُّه إن لم تخنِّي ذاكرتي أنه أسامة بن زيد ، قالت : فوجدتُ منه الرجل الصالح - أو كما قالت - ، تزوَّجته وجدته هو البغية وهو المقصد .
لو أن مثل هذا الأمر وقع اليوم ويقع كثيرًا وكثيرًا ، وسمع أحدُ أولئك الجاهلين أو المتنطِّعين رجلًا يقول لفلانة التي استنصَحَتْه : أما فلان فعيبه كذا وكذا ، وفلان عيبه كذا . يا أخي ، ليش عم تقطع برزقها ؟ هكذا يقولون !! يجهلون أن الدين النصيحة ؛ ولذلك فالعلماء - جزاهم الله خيرًا - جمعوا لنا الموضوع من جميع جوانبه ، فما تركوا حديث الرسول - عليه السلام - : ( الغيبة ذكرُك أخاك بما يكره ) هكذا على الإطلاق حتى يعيش المسلمون دون أن يتناصحوا ، بل وضَّحوا أن هناك أمورًا داخلة في معنى الغيبة بصورة عامة لكنها مُستثناة من حكم التحريم فيها ، فقد تبيَّن معنا الآن النوع الأول المتظلِّم ، والنوع الثاني المعرِّف ، ومعرِّف ، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرِّف تلك المرأة بحال خطيبَيها .
( وأما معاوية فرجلٌ صعلوك ) .
سائل آخر : ... .
الشيخ : إي عفوًا .
فاتَني ذكر التفسير الثاني لقوله - عليه السلام - : ( فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ) ؛ أي : إنه كناية على أنه كثير الأسفار ؛ لأن العرب عادةً يضعون المحجن العصا على كتفهم ، ويعلِّقون الزاد على رأس العصا ، ويمشون ويسافرون ؛ فهذا كناية على أن الرجل كثير الأسفار ، وهذا - أيضًا - عيب بالنسبة للنساء ؛ لأن النساء إلا القليلات منهنَّ يرغبْنَ في أزواجهنَّ أن يكونوا مثلهنَّ من قواعد البيوت ، وأن لا يخرجوا لا سيَّما في مرات وفي أيام كثيرة وكثيرة في الأسفار ولو بسبب إيه ؟ طلب الرزق ، فهذا - أيضًا - عيب بالنسبة للنساء ، لكن جاءت روايات أخرى فحدَّدت أن المراد بهذه الجملة اللطيفة - ( لا يضع العصا عن عاتقه ) - أنه يضرب النساء لِأتفَهِ الأسباب .
أما الرجل الآخر الذي خَطَبَها ؛ فقد قال - عليه الصلاة والسلام - فيه : ( أما معاوية فرجل صعلوك ) ؛ طبعًا لا يذهبَنَّ وَهَلُ وبالِ أحدكم إلى معاوية حينما صار ملك الملوك وخليفة المسلمين ؛ فهذه الدنيا يكون الإنسان في أول الأمر صعلوكًا ، ثم تدور الدنيا يدور دولابها ، وإذا يصبح بحقٍّ أو بباطل هذا بحث ثاني يصبح رئيسًا ، فمعاوية يوم خطب تلك المرأة كان رجلًا فقيرًا ، كان رجلًا صعلوكًا لا يُؤبه له ولا أحد يلتفت إليه ، وهذا - أيضًا - عيب بالنسبة للنساء ، النساء بدهم الرجل الحسيب النسيب الجميل ، الوجيه إلى آخره ، هكذا فعل الرسول - عليه السلام - ذَكَرَ لها عيبَ كلٍّ من الخاطبين ، وهنا الشاهد ؛ فهل هذه غيبة ؟
الجواب : لا ، أوَّلًا : لأن الرسول حاشاه أن يقع فيما نهى الناس عنه ، وثانيًا : لأن الغيبة المحرَّمة هي التي ينال الإنسان من غيره دون أن يبتغي من وراء ذلك مصلحة خاصَّة لمسلم أو عامة لمسلمين .
وههنا بدهي جدًّا أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما وصفَ كلًّا من الرجلين لتلك المرأة لم يقصِدِ النيل منهما ، ولم يكن بينه وبين أحدٍ منهما أيُّ عدواة مطلقًا ، ولكنه ذكر ذلك نصحًا للسَّائلة حين قالت : " إن أبا جهم ومعاوية خَطَبَاني " . قال - عليه الصلاة والسلام - : ( أما أبو جهم فرجلٌ لا يضع العصا عن عاتقه ، وأما معاوية فرجلٌ صعلوكٌ ) .
ماذا كان عاقبة هذه الاستشارة من هذه المرأة وتوضيح الرسول - عليه السلام - لها ؟ ما سمعتم أن انصرفت عن كلٍّ من الرجلين ، فدلَّها الرسول - عليه السلام - على رجل من الصحابة من أفاضل الصحابة ، أظنُّه إن لم تخنِّي ذاكرتي أنه أسامة بن زيد ، قالت : فوجدتُ منه الرجل الصالح - أو كما قالت - ، تزوَّجته وجدته هو البغية وهو المقصد .
لو أن مثل هذا الأمر وقع اليوم ويقع كثيرًا وكثيرًا ، وسمع أحدُ أولئك الجاهلين أو المتنطِّعين رجلًا يقول لفلانة التي استنصَحَتْه : أما فلان فعيبه كذا وكذا ، وفلان عيبه كذا . يا أخي ، ليش عم تقطع برزقها ؟ هكذا يقولون !! يجهلون أن الدين النصيحة ؛ ولذلك فالعلماء - جزاهم الله خيرًا - جمعوا لنا الموضوع من جميع جوانبه ، فما تركوا حديث الرسول - عليه السلام - : ( الغيبة ذكرُك أخاك بما يكره ) هكذا على الإطلاق حتى يعيش المسلمون دون أن يتناصحوا ، بل وضَّحوا أن هناك أمورًا داخلة في معنى الغيبة بصورة عامة لكنها مُستثناة من حكم التحريم فيها ، فقد تبيَّن معنا الآن النوع الأول المتظلِّم ، والنوع الثاني المعرِّف ، ومعرِّف ، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرِّف تلك المرأة بحال خطيبَيها .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 177
- توقيت الفهرسة : 00:17:27
- نسخة مدققة إملائيًّا